هناك مجموعة من الناس ، لا شغل لهم ولا شاغل سوى الاعتراض ، خصوصا في مسألة الوضع العراقي وتدخل المرجعية فيه ، فهو لا يقبل بأي تصرف تقوم به المرجعية ، ولا يريد ان يفهم ما هو أسلوبها في التعامل مع الأوضاع .
مع اني متأكد ان الكثير منهم يفهم ما تريده المرجعية ، لكنه يسعى لمعارضتها سعيا منه لخروجها من العراق نهائيا ، معنويا ووجوديا .
كانت الناس كثيرا ما تسأل عن موقف السيد السيستاني في شكل ونهج الدولة التي يريدها في العراق ، وكانت إجابته واضحة ودقيقة ومنذ أول شهر من سقوط صدام لعنه الله ، أجاب بالتفصيل على ما يريده في الحكومة وكيفية نظام الحكم ، وأجاب سماحته بان الحكم هو حكم مدني قائم على ثوابت الإسلام الأصيل ، وعدم إقرار القوانين التي تخالفه ، لان غالبية الشعب العراقي من المسلمين ، أي لا يكون العراق دولة دينية كإيران أو السعودية ، ولا دولة علمانية خالصة تهاجم الدين وتحاربه.
وكانت الناس تسأل ايضا عن موقف المرجعية من التدخل في السياسة من عدمها ، ومتى وكيف يكون التدخل ؟ ، وكانت إجابات هذه الأسئلة أيضا مبينة ومعطاة للناس ولأكثر من مرة ، ولقد أفردنا لها مقالا خاصا لمن اراد ان يتعرف على وضعها السياسي في العراق ، أسميناه : (وضع المرجعية السياسي ، في الماضي والحاضر والمستقبل) ،(
http://www.kitabat.info/subject.php?id=73025) .
ألان جاء سؤال مكرر أيضا ، وكالعادة إجابته موجودة منذ زمن طويل ، لكن الذين يسألون ، أما انهم لم يبحثوا عن الجواب أصلا ، أو يكونوا معاندين ، ولنحملهم على محمل حسن ، وهو أنهم لم يبحثوا عن الإجابة من خلال عدم متابعة كلام المرجعية ، فهو يعتبر عيبا للسائل ، حيث يعترض على سؤال ، فلو بحث عنه بكبسة زر واحدة ، لوجد إجابته أمام عينه ! ، ومع هذا سنعيد إجابة المرجعية له ولأمثاله ، ليكون أمام الأمر الواقع .
إجابة هذا السؤال ينقسم لقسمين حسب إطلاق السؤال :
القسم الاول :
ماذا تريد منا بالنسبة للجانب الاجتماعي والحياة العامة للناس ؟
والقسم الثاني :
ماذا تريد المرجعية منا بالنسبة للجانب السياسي ؟
أما بالنسبة للجانب الاجتماعي ، فالمرجعية لا تريد من الناس سوى الهداية ، وما فناء عمرها الشريف إلا لإنقاذ الناس من الجهالة ، وحيرة الضلالة ، ولم نرى أحدا منها منذ تأسيسها قد طالب بأجر مقابل ذلك ، بل العكس ، يحرمون أنفسهم من كل ما لذ وطاب في سبيل تأليف كتاب يكون لي ولغيري حصنا منيعا من هجمات الأفكار الأخرى .
وخير مثال على ذلك ما صدر حديثا من المرجعية العليا ، نصوصا ونصائح للشباب بصورة خاصة ، تبين لهم نهجا قويما يسيرون فيه بمختلف المجالات ، العقائدية والأخلاقية والمهنية أيضا .
أما على الجانب السياسي :
فالمرجعية واضحة كوضوح الشمس في ما تريده من الناس ، فهي لا تبحث عن موقع لها في السلطة إطلاقا ، ولقد قالتها المرجعية لكثير من الوفود الذي حظروا عندها ، ان العراق هو بلدكم انتم ، وهذه ارضكم ووطنكم هذا ، استخرجوا خيراته بخبراتكم انتم ، (ولا أريد من العراق سوى موضع قبر ادفن فيه !) .
وقالت المرجعية بلسان عربي فصيح : لا نتدخل في السياسة الا اذا طلب منا الاستشارة لأمر ما ، او يكون الوضع مصيريا للبلد بأكمله كما حصل في اجبار الاحتلال الامريكي على ان يكتب الدستور بأيدي عراقية منتخبة ، لا ان يأتي به الاحتلال جاهزا ، إضافة الى تقديم المشورة والنصيحة لمن يريدها منا ، ويبقى اختيار البرلمان ورئاساته الثلاثة منوط بالشعب العراقي ، فهو الذي يقرر ماذا يختار ، ومن هم الذي يريد ان يمثلهم فيها ، لكنها أعطت نصائح كثيرة ، منها عدم انتخاب الفاسدين والمفسدين ، وعدم تكرار الأخطاء السابقة بإعادتهم للمناصب مرة أخرى ، لكن الكثير من الشعب لم يستمع الى النصيحة ، بل البعض عاندها وقام بالتزوير لينتخب الفاسدين !
وبعدما حلت الكوارث ، يقول لماذا لم تتكلم المرجعية ؟!
وقالت عندما خرجت الناس الى التظاهر والمطالبة بالاصلاح ، ان الشعب من حقه ان يطالبه بحقه ، لكن لابد ان يكون المطلب جوهريا وحقيقيا ، ويستحق التضحية والخروج من اجله ، فأوعزت الى اهم مطلبين في العراق ، لو تحقق واحد منهما لقطعنا نصف الشوط في معركة الاصلاح ، وهما : (اصلاح مؤسسة القضاء ونزاهته ، وكذلك تفعيل ومهنية واستقلالية لجنة النزاهة) ،لكن لعمري كيف كان هتاف السواد الأعظم من المتظاهرين أشياء وصل بعضها الى التفاهة ، أو يمكن للحكومة التحايل عليها وتخدير الشعب فيها بسهولة ، أو رفضها بشكل قاطع وبالقانون ايضا ، كأن يطالب البعض من أهالي الناصرية ، باستقالة محافظ السماوة !؟ او يطالب متظاهر آخر من الناصرية بإقالة محافظ الديوانية ؟!
أو يريد ان يحل الحكومة والبرلمان ورئاسة الجمهورية بساعة واحدة ، ويأتي بفريق كامل بدلا عنهم !؟ وكأن الوضع عندنا كما هو في غير مكان ، وإلا فكم من الوقت يحتاجه الساسة ليتفقوا على البديل ؟ ثم يا ترى من يكون هذا البديل ؟ وهل تسكت الأحزاب عن هذا الامر ؟
نحن في انتخابات نقول عنها نزيهة نوعا ما، والكل مستعد لها ، وتطلب إعلان الحكومة سنة كاملة !
فكم من الوقت نحتاج يا ترى لتشكيل حكومة وإجراء انتخابات سريعة أخرى ؟! ونحن نمر بحرب ضروس مع داعش .
لا اقول عدم التظاهر ، لكن ليكون المطلب جوهريا وحقيقيا ، لكي نرتقي بانفسنا قليلا ، ولتكن الحكومة على علم بصدق وجهوزية نوايانا اذا لم تلبى المطالب .
هذا ما أرادته المرجعية من الناس بعجالة ، فهل هناك احد لم يسمع نصائح المرجعية بهذا الصدد ؟
لا اعتقد ان احد في العراق خصوصا ، لم يسمع او لم تصل اليه هذه الكلمات التي هدفها خدمة الشعب العراقي لا اكثر .
أخيرا ، وبعدما اجبنا على سؤالكم ، سؤالنا لكم الان ، كم من هذه النصائح طبقتم على ارض الواقع ؟ او كم الذين قاموا بتطبيق هذا الكلام على ارض الواقع ؟
من لم يطبق كل توصيات المرجعية ، ويأتي يعترض عليها بعد ذلك ما هو إلا الحمق بعينه .