تعليق (ناقد) وشيء من بيتنا القديم
محمد جعفر الكيشوان الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
محمد جعفر الكيشوان الموسوي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الأدارة الموفقة للموقع المبارك كتابات في الميزان.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
نبارك لكم الذكرى العطرة لولادة السيدة الطاهرة زينب الكبرى صلوات الله عليها.
كما نبارك لكم وللسادة الكتّاب المحترمين والقرّاء والمتصفحين أعزهم الله الذكرى السنوية الثالثة لتأسيس هذا الصرح الثقافي الرائع وكلّ عام وأنتم جميعا بألف خير..
واقعا أعجبني ـ أنا أقل العباد ـ النجاح الكبير والتطور السريع للموقع المتألق والذي يدل بلا أدنى ريب أن الإخلاص في العمل وصدق النية هما رائدا السادة الأفاضل في هذا الموقع الناجح.
أمّا مايخص الأخ (ناقد) الذي وصف الموقع ومعظم رواده بكلام لايليق بهم ولا به فأقول:
يااخ كان الأجدر أن تكتب عن ظلاماتك ـ إن وُجدتْ ـ فها أنت الآن قد لفظت بضعة كلمات جارحات ورميت أناسا بما ليس فيهم، ما الذي جنيته؟
أشفيت غليلك وحسب!!
هل ذهبت لتنام ليلتك سعيدا مسرورا!!
وهؤلاء الذين رميتهم بسهام كلماتك الجارحة وأرّقت جفونهم لأنهم ربما إختلفوا معك في رأي أو في توجه معين، ألا يحق لهؤلاء أن يناموا ليلتهم كما أنت!!
لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم
تنام عينك والمظلـوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم
كان أحدهم يقول: "ما هبت أحدا قط هيبتي لرجل ظلمته وأنا أعلم أنه لا ناصر له إلا الله وهو يقول لي: حسبي الله، والله بيني وبينك".
لست من المداّحين بغير الحق ـ على الأقل الذي أراه حقا على قدر تفكيري البسيط. ولستُ من الذين يتخندوق (فزّاعة) إذا تكلم أحدهم أو كبيرهم (ذو الجاه والمنزلة الدنيوية عند الناس) أيدوه ورموا الناس بألسنة حداد. ولست ممن يطلب من هذا الجاه الزائف(المتغير بأهله). بل أتمنى صادقا أن أكون خادما صغيرا للمؤمنين. أتذكر أني كتبت مثل هذا الكلام لمن سلك نفس سلوك هذا الأخ(ناقد) فما كان على الرجل ـ كان يبدو من إسمه أنه رجل ـ إلاّ أن يرسل لي رسالة على بريدي الألكتروني، وقبل أن أقرا الرسالة ظننت أنه ـ هداه الله ـ سوف يشرح لي الموقف ويعبر عن ندمه عن تلك الكلمات النابيات الجارحات فسبحان من لا يخطأ وأنا العبد الفقير أول الخاطئين وأكثرهم زللا، وإذا به يصفني بأني وأهل بيتي بـ "أنتم كلاب عراقية". رددتُ عليه قائلا:"ياأخ لقد قلنا الذي عندنا وقلت الذي عندك وإعلم باننا سوف لن نقول غير هذا وإن وصفتنا بذلك وسنبقى ندعو لك بظهر الغيب إلى أن تعود إلينا معتذرا. ياأخ نحن لسنا بحاجة لإعتذارك لأننا لم نتأذَّ منك مهما قلت فينا ، ولكن إعتذارك لنا هو تعبيرك عن التوبة لله تعالى والله يحب التوابين، ندعوا لك لتكون قريبا من الله وتذكرنا بالخيرعند إقبال قلبك على الرحمان الرحيم.(وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ).
لم تمضِ ساعات من ردي على ذلك الأخ الكريم وإذا به يرسل لي رسالة إعتذاره وندمه وأنه قد قال ما قال فينا بعد أن غلبه هواه وإستزله الشيطان اللعين الرجيم.
نأمل من الأخ (ناقد) أن يعتذر عما قاله بحق الموقع والكتّاب المحترمين قبل أن يرفع أحدٌ يديه إلى السماء ويشكوه إلى الحاكم بين عباده بالحق. الإعتراف بالخطأ فضيلة أيها الناقد.
لقد بعث الله الأنبياء والرسل لهداية الناس ولم يبعثهم ليفوزوا بالجنة فقط. مع ذلك لم يسلم الرسل والأولياء من شغب المشاغبين ومكر الماكرين وكيدهم وتطيرهم وتربصهم، كفرعون وهامان وجنودهما وأبي لهب ومعه مشركي قريش. فموسى عليه السلام وصفوه بالساحر ومحمد بن عبد الله(ص) قالوا عنه شاعر ومجنون ومفتري، وولي الله علي بن ابي طالب قالوا عنه خارجي ونوح وإبراهيم وعيسى عليهم السلام من قبل.
نكتب أحيانا لتذكير بعض إدارات بعض المواقع المحترمة ونسجل ملاحظاتنا ولكننا لانتمنى لهم الفشل والتقهقر لا سمح الله. إن فشل أو ضعف أداء تلك المواقع المحترمة التي لم نذكرها بالأسم هو فشل وإضعاف لنا جميعا. ألا يدل عدم ذكر الأسماء على صدق النية فيما نقول. فنحن "كالجسد الواحد" ولا نتمنى إلاّ الخير والتوفيق حتى من المواقع التي لاتنصفنا أحيانا. لم أكتب ذلك بلغة الدبلوماسية فلست من عائلة دبلوماسية مراوغة تعاقدت مع الشيطان وعملت معه بموجب العقد المبرم بينهما. كتبتُ لأحد الأخوان ذات مرّة:
"أنا من عائلة بسيطة ومتواضعة جدا. كانت مساحة بيتنا لاتتجاوز الخمسين مترا مربعا. هو أصغر بيت في ذلك الزقاق المعروف عند أهالي النجف الأشرف غن لم يكن أصغر بيت في عموم النجف وضواحيها. بيت جدي لأمي في كربلاء المقدسة هو كذلك أصغر بيت في باب الطاق وتحديدا محلة الجيّة الطيبة بأهلها. كنت إلى أن أنهيت دراستي الإعدادية أسكن مع أخوين توأمين أصغر مني سنا وأكبر مني عقلا وفهما وإيمانا وأخلاقا بل وأكثر صدقا ونصحا هما السيد باقر والسيد كاظم.الغرفة الثانية كانت لأخواتي الثلاث. أمّا باحة البيت فكانت من حصة والديَّ اللذين أصرا على عدم إستبدالها يوما حينما كنا نطلب منهما فعل ذلك بين الفينة والأخرى. خزانة كتبي كانت عبارة عن صندوق كارتوني(يشبه صندوق الموز ولكنه أعمق قليلا) أضع فيه كتبي المدرسية أمّا كتبي الأخرى فكنت أضعها تحت فراشي(الدوشك). صالون الطعام ـ كما يسمونه ـ كان لا يسعنا جميعا فكان يقف قسم منا منتظرا دوره للجلوس على المائدة(السفرة) ليتناول ما قسمه الرزاق العليم من رزق في ذلك اليوم. لم يكن لدينا مكواة حتى تلك التي كنت أراها عند الخياطين والتي كانت تعمل على الفحم فكنا نكوي ثيابنا بتسخين القدر على النار. كما لم يكن عندنا كراسي فقد كان والدي إلى أن إنتقل إلى رحمة ربه يحرّم على نفسه الجلوس على الكرسي رغم أوجاع الظهر والرجلين التي كان يعاني منها. كان يقول أخشى أن أتكبر عليكم لو جلست أعلى منكم.
الحرامي وبيتنا:
أتذكر أن أحد السرّاق(الحرامية) حاول أن يكسر باب بيتنا فإنتبه والدي من النوم بعد سماع أصوات أدوات ذلك السارق وقال له: لا تضيّع وقتك يارجل فليس عندنا ماتسرقه وإن أبين أن تعود بخفيّ حنين فخذ باب البيت فهي أغلى شيء في البيت وقد وهبناها لك حلالا تلالا. سمعت صوت قهقهة ذلك (الحرامي) وهويقول:( يمعود آني مو نذل إلى هذه الدرجة) وولى هاربا وقد كفانا الله شره.
بيتنا المتواضع:
كشاهد على صغر مساحة بيتنا وتواضعه وبساطته وتآكل جدرانه الخارجية والداخلية أقول أنه كان بجوار بيت العلاّمة السيد محمد علي الحمّامي طاب ثراه، ومقابلا لبيت المحقق العلامة الشيخ باقر شريف القرشي وعلى بعد بضعة أمتار من بيت العلاّمة المرحوم السيد حسن القبانجي والد العلاّمة السيد صدر الدين القبانجي، كما كان في صدارة هذا الزقاق بيت العلاّمة الورع السيد احمد المستنبط أخو السيد نصر الله المستنبط، ويجاورنا كذلك المرحوم المربي الكبير السيد عبود الرفيعي وبجانبه بيت الشيخ العلامة السيد أبو الحسن الأصفهاني الموسوي والذي يسمى زقاقنا بإسمه أعلى الله مقامه في الجنّة، كما يبعد قليلا عنا بيت العلاّمة الأستاذ السيد جعفر المرّوج وبيت العلامة المرحوم السيد جعفر المرعشي. على الجانب الآخر كان بيت العلاّمة السيد الطهراني تغمده الله برحمته الواسعة وهو والد السيد عبدالله الطهراني والسيد الورع المجاهد السيد محمود الحسيني الطهراني رحمة الله عليهم أجمعين.كنت أسميه زقاق أهل العلم وكنت أنا الجاهل الوحيد بينهم ولم أزل. كان هذا وصفا دقيقا لمنزلنا المتواضع المتآكل البنيان. كان والدي متمسكا به كثيرا. سألته يوما: لم أعرفك محبا للدنيا رغم أنها مدبرة عنك أساسا، ولكن تمسكك بهذا البيت القديم الصغير المتواضع يثير عندي علامات إستفهام؟ أجابني"
تمسكي ياجعفر بهذا البيت يعني تمسكي بمجاورة جدك أمير المؤمنين عليه السلام، فهو لا يبعد سوى أمتار معدودة عن صحنه الشريف وأنا كما تعلم ياولدي لم أصلِّ الفجر يوما في بيتي. هكذا كان بيتنا القديم في النجف. كتب لي بعض الأخوان قائلا:" ياسيد، الناس يتباهون بقصورهم وبيوتهم وأنت تكتب عن بيتكم القديم وأحوال ساكنيه. ألاّ تخشى أن تصغر بأعين الناس مثلا؟". قلت:
"ياسيد، مَن قال أن أولئك الناس قد تباهوا بقصورهم، ربما وصفوها وبينوا أحوال ساكنيها كما وصفتُ بيتنا وبيّنت، ثم إن وصفي لبيتنا فيه موعظة لي وليس لأحد غيري، إني أتذكره دوما كي لا أتكبر على أحدٍ يوما وكي يعلم الأولاد من بعدي أن أباهم لم يكن يملك صندوقا خشبيا يضع فيه كتبه المدرسية.
كتبنا هذا لندفع عنا النفاق الذي وصفه بنا ذلك الأخ(ناقد) كوني أحد وأصغر قرّاء هذا الموقع المبارك.
أجل أيها السادة إنا لا نتمنى الفشل لبعض المواقع التي ننقدها، ليس في صالحنا فشل أيّ أحد لا سمح الله.
ولو تمنينا ذلك لأعدنا لهم العدّة ومثلي ليس له سوى الله من عدّة فهو عدتي في شدتي وكهفي حين تعنيعني المذاهب وتسلمني الأقارب. هو تعالى حسبي وعدتي والعدد . يؤسفني واقعا إستمرار تلك المواقع المحترمة على عدم الأخذ بملاحظات القرّاء والمتصفحين المنصفين لما فيه الخير والصلاح للجميع.اخشى أن نفشل فشلا ذريعا فلا زلنا نرواح مكاننا ولا نحب دوام التوفيق لمن نجح في الإختبار ونجى من الفتن التي تعصف بنا من حين لآخر مستهدفة(كلّنا وليس بعضنا) وإنما هي مراحل وأطوار.
أرجوا أن نعيش اليوم الذي تتسع فيه صدورنا لتقبل الرأي الآخر فعلا وليس فقط علنا وفي السر يكره بعضنا بعضا.
أرجو أن نعيش اليوم الذي نتخلص فيه من تركة الجاهليات والجهالات، يغتب بعضنا بعضا ويسب بعضنا بعضا ونتنابز بالإسم الفسوق بعد الإيمان.
أرجو من الأخ الذي وصفنا بالمنافقين أن يطهّر فمه ويتوظأ ويستقبل القبلة ويستغفر ربه تعالى.
أتمنى ألاّ يصفنا هذا الأخ(ناقد) بـ (الكلاب العراقية) كما وصفنا أخٌ له من قبل.
كتب لي احد الأدباء المحترمين:"ياسيد ليست الصفحات الأدبية مساجد وحسينيات ودور عبادة"
قلت:" وليست الصفحات الأدبية بارات وحانات لأحتساء الخمر ودور ونوادي ليلية ياسيد".
أقل العباد
محمد جعفر
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat