صفحة الكاتب : الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

العشق الأعمى.. وتقديس الرِّجال!
الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم
 
فلانٌ هو إمام زماني ومَهديُّه! لا يُحبُّه إلا مؤمنٌ ولا يبغضه إلا منافق!
 
فلانٌ إمامي حَيَّاً وميِّتاً! أطيعه حياً وأزور قبره ميتاً، فيغنيني عن زيارة المراقد الشريفة للأطهار!
فلان أرسله الله رحمة للعالمين! ولو قُدِّرَ لله الاختيار من جديد لاختاره بديلاً لرسوله!
 
هذه كلماتٌ صادمةٌ تصدر من بعض جُهلاء الشيعة اليوم! وإن كانوا قلَّةً قليلة، يؤذون بها إمام زمانهم المهديّ عليه السلام، وسائر إخوانهم المؤمنين الذين يتألمون لحالهم!
 
فقد خرج في التوقيع الصادر عن الإمام الحجة عجل الله فرجه نصٌّ في بعض الذين انحرفوا عن العقيدة الحقَّة من الشيعة، فقال عليه السلام:
قَدْ آذَانَا جُهَلَاءُ الشِّيعَةِ وَحُمَقَاؤُهُمْ! وَمَنْ دِينُهُ جَنَاحُ البَعُوضَةِ أَرْجَحُ مِنْه‏! (الاحتجاج للطبرسي ج2 ص474).
 
لقد كان هؤلاء شيعةً قبل أن ينحرفوا عن الإمام ويؤذوه بعقيدتهم الفاسدة فيبرأ عليه السلام منهم، ولقد كانت فتنتهم في ذلك الزمن أنَّهم أحلوا الأئمة محلاً سوى المحل الذي رضيه الله لهم.
 
أما فتنتنا اليوم.. فَمِن صورها أنّ بعضنا يحلّ غير الأئمة محلاً ما ارتضاه الله لهم، فيجعلهم أئمة أو يكاد!
 
إنَّ بعضَ المؤمنين اليوم يعيشُ (الصنميَّة) والتقديس الأعمى للرجال، فيضعف دينه حتى يصيرَ جناحُ البعوضة أرجحَ من دينه!
والسرُّ في ذلك ضعفُ العقل، وقلَّة الفهم والمعرفة!
 
لقد دلَّت الأحاديث الشريفة على أنَّ الله تعالى أوجد ارتباطاً وصلةً وموازنةً بين رجاحة العقل وقوَّته وبين قوَّة الارتباط بالإمام المهدي عليه السلام في غيبته، فكلَّما عقلَ الرَّجلُ عن الله أمره وأدرك مكانة إمامه وعظيم منزلته عند الله عَظُمَ ارتباطه بإمامه، وصَغُرَ ما دونه في عينه.
 
أما لو جهلَ حقيقة إمامه، فإنَّه يُعَظِّمُ من هو دونه، ويجعله بمثابة الإمام!
ففي الحديث الشريف عن الإمام السجاد عليه السلام أنَّ الله تعالى فَضَّلَ أهل زمن الغيبة المنتظرين على سائر الناس، حيث أنَّه: أَعْطَاهُمْ مِنَ العُقُولِ وَالأَفْهَامِ وَالمَعْرِفَةِ مَا صَارَتْ بِهِ الغَيْبَةُ عِنْدَهُمْ بِمَنْزِلَةِ المُشَاهَدَة (كمال الدين وتمام النعمة ج‏1 ص319).
 
فكلُّ مَن رأيته يعتقد بالإمام الحجة كأنه يراه، ويؤمن به حقَّاً، ويلحظه ويرقبه في فعاله وتروكه، ويمتثل أمره، عرفت رجاحة عقله وغزارة علمه!
وكلُّ من لم يكن بهذه المثابة، ووجدته باحثاً عن قائدٍ سوى الإمام ينزله منزلته عرفت سخافة عقله وجهله وحمقه!
 
لا يمكن لك أن تُعَظِّمَ أحجار البناء وتجعلها كالأحجار الكريمة إلا أن تكون جاهلاً بقيمة الأحجار الكريمة.
ولا يمكن أن تساوي بين التِّبر والتُّراب إن عرفت قيمة التِّبر.
 
وهكذا لا يمكن أن ترفع أحداً إلى مرتبة التقديس المطلق والتعظيم الكامل إن لم يكن معصوماً إلا عن جهلٍ ووهم!
وقد نَبَّه الإمام الصادق عليه السلام إلى ذلك فقال: إِيَّاكَ أَنْ تَنْصِبَ رَجُلًا دُونَ الحُجَّةِ فَتُصَدِّقَهُ فِي كُلِّ مَا قَال‏ (الكافي ج‏2 ص298).
 
فلا يصحُّ اتباع أي رجلٍ اتباعاً مطلقاً أعمى ما لم يكن معصوماً، إلا أن يكون ذلك عن حبٍّ أعمى وهوى طائش، فنكون مصداقاً لكلام أمير المؤمنين عليه السلام: مَنْ عَشِقَ شَيْئاً أَعْشَى بَصَرَهُ وَأَمْرَضَ قَلْبَهُ، فَهُوَ يَنْظُرُ بِعَيْنٍ غَيْرِ صَحِيحَةٍ، وَيَسْمَعُ بِأُذُنٍ غَيْرِ سَمِيعَة (نهج البلاغة الخطبة109).
 
لقد سقط كثيرٌ من الشيعة الأوائل في بَدو الغيبة الكبرى عندما امتحنهم الله تعالى، فأصابهم شكٌّ في إمامهم (حتى أدَّاهم ذلك إلى التيه والحيرة، والعمى والضلالة، ولم يبق منهم إلا القليل!)، كما ينقل الشيخ النعماني أحد أبرز تلامذة الشيخ الكليني رحمهما الله (الغيبة للنعماني ص21).
 
وكان الجهلُ سبباً لذلك، كما هو الحال اليوم.
فالجهلُ بابٌ من أبواب الضلال والانحراف، لكنَّك ترى اليوم من نصب رجالاً دون الحجَّة وأوكل إليهم أمر التفكير عنه! فكأنه استغنى عن عقله الذي هو (دعامة الإنسان) وحجة الله الباطنة، وقد قال الإمام عليه السلام: لَا يُعْبَأُ بِأَهْلِ الدِّينِ مِمَّنْ لَا عَقْلَ لَه‏ (الكافي ج1 ص27).
 
إنَّ ما يجري اليوم يُعدُّ أمراً خطيراً جداً من جهات ثلاثة:
 
الجهة الأولى: خطورة التشبيه بالمعصوم
 
إنَّ التشبيه بالإمام المعصوم صار أمراً مستساغاً جداً في أيامنا، بحيثُ تَزَايَدَ يوماً بعد يوم حتى غدا أمراً مألوفاً غير ممجوج!
وهو يؤدي إلى تشويش عقيدة المؤمنين في إمامهم، وتوهُّمهم أن من سوى الإمام قد يقرب من مرتبة الإمام أو يدانيه.
 
والحال أنَّ التشبيه قد يصحُّ فيما لو كان ما به الاشتراك زائداً عمَّا به الافتراق أو قريباً منه، أما لو كان ما به الافتراق أضعاف أضعافه فلا يصح التشبيه.
 
مثاله التشبيه في الارتفاع: فلا يصحُّ تشبيه بناءٍ يرتفع خمسة أمتار بآخر يرتفع مئات الأمتار، لأنَّ اشتراك الأول مع الثاني في خمسةٍ يقابله افتراقه في أضعافها.
 
ونحن لا نرضى بأن نشبِّهَ أحداً بالإمام في أيامنا من أي جهةٍ من الجهات، لأنَّ عقول كل البشرية اليوم بعظمائها وحكمائها وخطبائها تعجز عن وصف شأنٍ واحدٍ من شؤون الإمام أو فضيلة من فضائله، كما ينصُّ الإمام الرضا عليه السلام:
ضَلَّتِ العُقُولُ وَتَاهَتِ الحُلُومُ وَحَارَتِ الالبَابُ وَخَسَأَتِ العُيُونُ وَتَصَاغَرَتِ العُظَمَاءُ وَتَحَيَّرَتِ الحُكَمَاءُ وَتَقَاصَرَتِ الحُلَمَاءُ وَحَصِرَتِ الخُطَبَاءُ وَجَهِلَتِ الأَلِبَّاءُ وَكَلَّتِ الشُّعَرَاءُ وَعَجَزَتِ الأُدَبَاءُ وَعَيِيَتِ البُلَغَاءُ عَنْ وَصْفِ شَأْنٍ مِنْ شَأْنِهِ أَوْ فَضِيلَةٍ مِنْ فَضَائِلِه‏، وَأَقَرَّتْ بِالعَجْزِ وَالتَّقْصِيرِ (الكافي ج‏1 ص201).
 
فالإمام: لَا يُدَانِيهِ أَحَدٌ، وَلَا يُعَادِلُهُ عَالِمٌ، وَلَا يُوجَدُ مِنْهُ بَدَلٌ، وَلَا لَهُ مِثْلٌ وَلَا نَظِيرٌ (الكافي ج‏1 ص201).
 
والسرُّ في ذلك أنَّ من شروط التشبيه تحقُّقُ التناسب بين المشبَّه والمشبَّه به، فلا يصحُّ تشبيه صلابة الإبرة مثلاً بصلابة الجبل وإن كان كلٌّ منهما صلباً!
أو صلابة الاسفنج بالحديد!
أو حرارة الشمعة بحرارة الشمس!
أو عمق البحيرة بعمق المحيط!
أو قيمة الحديد بقيمة الذهب!
كما لا يصحُّ تشبيه صوت الهمس بصوت الرَّعد، رغم أن كليهما صوتٌ، وهكذا..
 
فكيف نشبِّه أحداً بالإمام؟! وهو الذي لا مثلَ له ولا نظير؟! ولا يدانيه أحدٌ أبداً في شيءٍ من أموره؟!
وقد نصَّ بعضُ العلماء على حرمة تشبيه غير المعصوم بالمعصوم، لأنَّ التشبيه يُستفاد منه تنزيل غير المعصوم منزلة المعصوم.
 
نعم ورد في بعض النصوص تشبيه النبيِّ لأمير المؤمنين عليه السلام بعيسى عليه السلام: إِنَّهُ يَدْخُلُ عَلَيْكُمُ السَّاعَةَ شَبِيهُ عِيسَى ابْنِ مَرْيَم‏.. فَدَخَلَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) (تفسير القمي ج‏2 ص286).
 
وتشبيه الإمام الصادق للحجة عليه السلام بموسى عليه السلام وأنه: شَبِيهُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، عَلَيْهِ جُيُوبُ النُّورِ، يَتَوَقَّدُ مِنْ شُعَاعِ ضِيَاءِ الْقُدُس (الإمامة والتبصرة ص114).
 
وتشبيه الإمام الصادق لابنه الجواد بهما عليهما السلام: قد ولد لي شبيه موسى بن عمران (ع) فالق‏ البحار، وشبيه عيسى بن مريم (ع) (عيون المعجزات ص119).
 
ولولا عصمة الأئمة عليهم السلام وأفضليتهم لما صحَّ هذا التشبيه.
قال السيد الميلاني حفظه الله: تشبيه غير المعصوم بالمعصوم غير جائز.. فلو لم يكن سيدنا أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام معصوماً وأفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لم يشبهه النبي بالأنبياء السابقين عليهم السلام في تلك الصفات الجليلة، لأنه مع عدم العصمة والأفضلية غير جائز قطعاً.
فثبت دلالة تشبيه الإمام عليه السلام بالأنبياء في صفاتهم على العصمة والأفضلية.
 
ومن المعلوم أنه لو جاز حمل تشبيه الإمام عليه السلام بالأنبياء عليهم السلام على التشبيهات الشعرية المجازية، لجاز تشبيه ابن مسعود بل الأول فكيف الثاني والثالث.. بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم.. بلا مضائقة ولا توقف.. (نفحات الأزهار ج١٩ ص٣١٥-316).
 
والوجه في ذلك ما ذكره العلماء من أنَّ التشبيه (محمولٌ على العموم في كل محلٍ يحتمله)، وأنَّ تنزيل أحدٍ مكان أحدٍ أو شيءٍ مكان شيءٍ يرتب أحكام المنزَّل عليه على المنزل، ويثبت المساواة بينهما في الجهات التي يمكن تنزيلها، إلا أن يقوم دليل على المنع.
 
بهذا صار قول النبيِّ صلى الله عليه وآله لعليٍّ عليه السلام: أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلَّا أَنَّهُ لَا نَبِيَّ بَعْدِي‏ (الكافي ج8 ص107) دليلاً على خلافة عليٍّ عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله كما كان هارون خليفةً لموسى لو ظلَّ حياً، ولولا الاستثناء لكان النصُّ دالاً على نبوَّته عليه السلام.
 
وأنت إذا تأمَّلت في كلمات المعصومين عليهم السلام (وهم أعلم بما قالوا) وجدتهم في غاية الدقة في تشابيههم، فما قال الحسين عليه السلام أنَّ عليَّ الأكبر كرسول الله، أو بمنزلته، أو محمد عصره، كي يُتوَهَّمَ معنىً فاسد، بل ذكر وجه الشَّبه مع رسول الله، وأقام قرينةً على المُراد فقال: اللَّهُمَّ اشْهَدْ فَقَدْ بَرَزَ إِلَيْهِمْ غُلَامٌ أَشْبَهُ النَّاسِ خَلْقاً وَخُلُقاً وَمَنْطِقاً بِرَسُولِكَ (ص) (اللهوف ص113).
 
من ثَمَّ كشف النص عن مكانةٍ عظيمة جداً لعليٍّ الأكبر عليه السلام، لصدوره عن الإمام المعصوم عليه السلام، أمَّا نحن فليس لنا أن نثبت مثلها لأحدٍ من الناس دون تنصيصٍ من المعصوم.
 
لذا قال السيد الميلاني بعد نقل كلمات أهل اللغة والأصول في ذلك: فثبت أن التشبيه يثبت المساواة، وأنه تترتب أحكام المشبه به للمشبه بلا كلام، فثبت مساواة أمير المؤمنين مع آدم عليهما السلام في العلم، وترتب أحكام علم آدم لعلم أمير المؤمنين (نفحات الأزهار ج١٩ ص324).
 
ونحن عندما ارتضينا تشبيه الإمام عليه السلام بأحد الأنبياء فمن باب إثبات كل فضائل هؤلاء الأنبياء للإمام، ومساواته لهم فيما عندهم، ثم قام دليل آخر على تفضيله عليهم جميعاً، بل على كون ما عندهم ليس إلا كقطرة في علمه، كما في قول موسى بن عمران للخضر عليهما السلام عن علم عليٍّ عليه السلام: مَا عِلْمُنَا وَعِلْمُ سَائِرِ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ فِي عِلْمِ وَصِيِّ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ إِلَّا كَهَذِهِ الْقَطْرَةِ فِي هَذَا الْبَحْرِ (بحار الأنوار ج‏40 ص186).
 
فلا يقاس بآل محمدٍ أحد، ولا يشبَّه بهم في علمٍ أو حلمٍ أو شجاعة أو بأسٍ أحدٌ ممَّن جرت نعمتهم عليه.
 
ومثل هذه التشابيه تورث تشويشاً للعقيدة، وتغييراً في الموازين، بحيث تصيرُ موالاة الأشخاص غير المعصومين ميزاناً للإيمان والنفاق!!
ويصير للحسين نماذج في كلِّ عصرٍ ومِصر!
ويشترك المعصومون مع غيرهم فيما خصَّهم الله به!
فتصير الحرارة في القلوب غير مختصَّة بالحسين عليه السلام!
ويصير يوم الحسين كسائر الأيام!
ويصير لعصرنا كربلاؤه التي لا يشبهها شيء!
وتصير زيارة أضرحة سواهم بديلاً عن زيارتهم وعن حجِّ بيت الله!
وهذا كلُّه فاسدٌ باطلٌ بلا ريب.
 
الجهة الثانية: الخروج عن المذهب
 
ثم كانت الطَّفرة الثانية عند قلَّة قليلة وهي الجرأة على التصريح بإمامة من لم يكن إماماً!
وهذا الكلام لو كان عن اعتقادٍ فعلاً فإنَّه يعني الخروج عن المذهب، لأنَّ كلُّ من اعتقد بإمامة من لم ينصبهم الله تعالى أئمة لم يكن شيعياً.
 
وما يُخشى منه هو ابتداع مذهبٍ جديدٍ بين المؤمنين كما فعل أتباع (أحمد الحسن اليماني المنحرف) الذي زعم أنَّه إمامٌ معصومٌ وأنه ابن الامام المهديّ عليه السلام وأنَّ طاعته واجبة كطاعة الإمام! فأتباعه ليسوا شيعة إثني عشريَّة ولو آمنوا بالأئمة الاثني عشر.
 
وهذه العقيدة قد يصرَّحُ بها قولاً، وقد تُمارَسُ فِعلاً، فيصير صاحبُها مصداقاً لجهلاء الشيعة الذين شكا منهم الإمام ثم تبرَّأ منهم!
 
الجهة الثالثة: الفتنة بين المؤمنين
 
إنَّ انتشار بعض هذه الكلمات المتقدِّمة حتى التي لا تُخرجُ من المذهب يثير فتنةً بين المؤمنين، سيَّما إذا ما لحظنا التحريض الشديد على المؤمنين الذين لا يقبلون بهذه الأوصاف، والجرأة في الطعن عليهم من قبل عوام الناس، الذين هتكوا أنفسهم بكلامهم، فإن صمت الجاهل ستره، وما أكثر الجهلاء المتكلمين في أيامنا!
 
إنَّ الغيور على دينه يوضح ويصوِّبُ ويُبيِّن، لكنَّه لا ينجرُّ إلى فتنةٍ مع الجُهَّال الذين يحترفون السب والشتم والطعن والإهانة لكلِّ من خالفهم.
إنَّ العقل (غِطاءٌ ستِّير) كما في الحديث، ومن كان كما وصفنا مِن قلَّة العقل ظهرت عوراته، فكان مؤذياً لنفسه قبل إيذائه لغيره.
 
إنَّ ما يثير العجب أكثر من كلام هؤلاء الجهلة هو صمتُ القَيِّمين عليهم، والمتصدِّين لوعظهم وإرشادهم، فإنَّ المسؤولية عليهم مضاعَفة.
 
لقد نبَّهنا مراراً من خطورة السكوت عن كلِّ تجاوزٍ بحق العقيدة، وبحقِّ المؤمنين، وما لم يتمَّ تدارُكُ الأمر من قبل أصحاب الشأن فإن هذا الإنحدار السريع خلال المدة القصيرة الفائتة قد يتزايد يوماً بعد يوم، حتى يعظُمَ البلاء.
 
لسنا نعرف كم نبعد عن مرحلةٍ خطيرةٍ قبل الظهور المبارك، وصفها الإمام الصادق عليه السلام بقوله: وَكَذَلِكَ الْقَائِمُ فَإِنَّهُ تَمْتَدُّ أَيَّامُ غَيْبَتِهِ لِيُصَرِّحَ الْحَقُّ عَنْ مَحْضِهِ، وَيَصْفُوَ الْإِيمَانُ مِنَ الْكَدَرِ بِارْتِدَادِ كُلِّ مَنْ كَانَتْ طِينَتُهُ خَبِيثَةً مِنَ الشِّيعَةِ! الَّذِينَ يُخْشَى عَلَيْهِمُ النِّفَاقُ إِذَا أَحَسُّوا بِالاسْتِخْلَافِ وَالتَّمْكِينِ وَالْأَمْنِ المُنْتَشِرِ فِي عَهْدِ الْقَائِمِ (ع‏)! (كمال الدين ج2 ص356).
 
نسأل الله تعالى أن يحفظنا واخوتنا وأحبتنا من تلك الفتنة الدهماء الخطيرة.
 
والحمد لله رب العالمين.
الجمعة 29 شعبان 1446 هـ الموافق 28 – 2 – 2025 م


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ محمد مصطفى مصري العاملي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2025/02/28



كتابة تعليق لموضوع : العشق الأعمى.. وتقديس الرِّجال!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net