ضرر الفساد في أمثلة مع آيات قرآنية (ح 36)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

حسابات عن فساد تخطيط فاشل: انشأت وزارة خدمية واحدة تتضمن اسكان وطرق وبلديات لبلد خدماته متهالكة بعد دمج ثلاث وزارات سابقة وهي وزارة الإسكان ووزارة الطرق ووزارة البلديات، مع العلم أن تخصيص الوزارة الجديدة 1 مليار دولار في السنة بينما تخصيص كل وزارة من الوزارات الثلاثة السابقة ثلث مليار دولار، ولكن خدمات الوزارة الجديدة نصف خدمات الوزارات الثلاثة مجتمعة، فكم دولار خسرت الدولة لجلب مساهمين آخرين للوصول الى نفس انتاجية خدمات الوزارات الثلاث مع العلم أن المساهمين يطلبون نفس مبلغ الوزارة الجديدة وهو مليار دولار؟
الجواب: عند دمج الوزارات الثلاث 1/3+1/3+1/3 = 1 مليار دولار بقي نفس عدد الموظفين في الوزارة الجديدة المخصص لها 1 مليار دولار ولكن انتاجها تباطأ الى النصف وحتى نصل الى نفس الانتاج السنوي السابق جلبت الحكومة شركات أهلية مساهمة لتغطية الارباك الحاصل بعد الدمج فكلفت الدولة مليار دولار اعطتها للشركات وبقى الموظفون يستلمون رواتبهم المليار دولار مع المواد والمعدات المختلفة بدون الدخول بالأسباب التي بمحصلتها التخطيط الفاشل في الوزارة أو المؤسسة عن التخطيط في الدولة.
وردت كلمة الفساد نحو 49 مرة في القرآن الكريم. والفساد مرافق للتكبر والطغيان "تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ" (القصص 83). والفساد في حقيقته مجابهة وحرب مع الله تعالى "الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا" (المائدة 33) فإذا سعيت للفساد كانك تحارب الله. والقيادة الفاسدة يعني البلاء والهلاك"وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ ثُمَّ لَنَقُولَنَّ لِوَلِيِّهِ مَا شَهِدْنَا مَهْلِكَ أَهْلِهِ وَإِنَّا لَصَادِقُونَ" (النمل 48-49).
بين الله خطورة تولي الرعية شخص فاسد مثل والي او حاكم فاسد "وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205)، و "فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِالْمُفْسِدِينَ" (ال عمران 63)، و "قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا" (النمل 34)، و"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ" (محمد 22). الحاكم من بدايته اذا سعى او بتعبير اخر اراد الفساد على الرعاية ان يقفوا ضده قبل ان يستفحل في الفساد"وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا" (البقرة 205). ربط الله تعالى الفساد بالارض في ايات عديدة منها "وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ" (الرعد 25). و "لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ" (الاسراء 4) وربما يتكرر الفساد من الشخص او المجموعة اكثر من مرة. و (الكهف 94)، و "وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ" (المؤمنون 71) لم يذكر الفساد في السماوات الا قليلا، و "الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" (الشعراء 152)، و"وَكَانَ فِي الْمَدِينَةِ تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ" (النمل 48). و "وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ" (القصص 77) وعليك ان لا تبغي الفساد في الارض. و "نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا" (القصص 83)، و"ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ" (الروم 41)، و"أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ" (ص 28)، و"إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ" (غافر 26)، و"فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ" (محمد 22). ومن الادعية القرآنية على المفسدين "اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ" (الاعراف 142)، و"إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ" (يونس 81) والله يبطل عمل المفسدين بالدعاء عليهم. و "قَالَ رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ" (العنكبوت 30).
جاء في موقع كتابات عن (ولا تعثوا في الأرض مفسدين) الفساد ماذا يعني؟ للكاتب مصطفى الهادي: الفساد أحد ادوات الشر، وإذا تعاظم الفساد ولم يجد له رادعا اصبح (عثوا) كما قال تعالى: "ولا تعثوا في الأرض مفسدين" (الأعراف 74) (هود 85) (الشعراء 183) (العنكبوت 36). في المعاجم قالوا: أن العثو كثرة الفساد وأصله. وفي معجم المعاني الجامع قال: (عثِي الظالمُ، أفسد أشد الإفساد وبالغ في ظلمه وتكبره وكفره). وفي تفسير آخر لقوله تعالى "ظهر الفساد في البر والبحر" (الروم 41) اي الاضطراب في الطبيعة المؤدي إلى نقص في الزراعة والموارد بسبب إفراط الناس وفسادهم في استهلاكها مما تسبب في انحباس المطر و تصحر الأرض، وازمة مياه خطيرة، ومجاعات وأمراض وزلازل والقحط والجفاف ونقص الثمرات. وكل هذه المؤشرات رسائل الطبيعة للإنسان لكي يُعيد حساباته ومن هنا قال تعالى: "ليُذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون" (الروم 41).أي يُراجعوا حساباتهم ويروا صنيع أيديهم لعلهم يتداركون أمرهم وينقذوا أنفسهم بسبب جشعهم، فعبّر تعالى عن ذلك بقوله: "بما كسبت أيدي الناس" (الروم 41) "وما اصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم" (الشورى 30) في معجم اللغة العربية المعاصرة، شرح مفردة فساد قال: (الفساد المقصود هو: جدب وقحط وكوارث).وهو الحاق الضرر المتعمد بالأرض وذلك لقوله تعالى: "ويسعون في الأرض فسادا" (المائدة 33). وقد جعل الله تعالى للفساد عقوبتين، فقال: "خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم" (المائدة 33) أما عذاب الآخرة فمعروف، ولكن قوله تعالى (خزي في الدنيا). هو كشف مزاعمهم من أن العلم وليس الدين هو أحد أهم أسباب رفع الظلم والتقدم والازدهار المصاحبان لرفاه البشرية وازدهار الأرض.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat