صفحة الكاتب : ا . د . حسين حامد

ألجزء الثاني ... ألمالكي ...والانتخابات القادمة ... والاماني التي قد لا تتحقق ...
ا . د . حسين حامد

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بعد ان اشتعلت الرؤوس شيبا خلال هذه العشرة سنين التي مرت على العراقيين والتي لاتزال تقطر دما ، باعتقادنا انه من الضروري جدا ان يتعرف الناخب على هوية المرشح لعضوية البرلمان في الانتخابات القادمة، ويخرج بفهم عن انتمائه ومعتقده السياسي وكتلته . وهل أن من بين هؤلاء المرشحين من سيضع العراق وشعبه في اولويات حساباته بعد فوزه أم ان من يفوز هذه المرة أيضا سيزيد في كوارث العراق والعراقيين؟  أوهل أن من بين هؤلاء المرشحين ومن خلال خلفايتهم السياسية او الاجتماعية ، ما يتوقع ان تكون لهم قلوبا وضمائر سليمة تنظر نحو مصلحة شعبنا ، وتحترم الوطن العراقي وشعبنا ؟ أو هل ان المرشح يدرك انه أمام مهام أكثر صعوبة من الحياة نفسها وهو مستعد ان يتفانى في مهامه ومسؤولياته من اجل خلق حياة كريمة لشعبه ، حتى وان اقتضى الامر التضحية بحياته ؟ وهل بالامكان ان نجد المرشح شهما خلوقا وفيا شجاعا جسورا من اجل احقاق الحق ووضعه في نصابه الصحيح ، وانه قد رضع من ثدي زكي مبارك لامهاتنا العراقيات النجيبات ؟ وهل نشأ على مخافة الله تعالى وتقواه ، وأمن به و يستطيع ان يكون وفيا لربه أولا، لكي يكون وفيا لشعبه؟ 

ان هذا الوفاء والاخلاص الذي نتحدث عنه، سيكون من شأنه ان يجسد دوافع تفاني المرشح في حماية  شعبنا ، ويجعل من مسألة توفير الامن والاستقرار و ضمان الحقوق ، ووضع مصلحة الشعب والوطن قبل مصلحته الشخصية، أمرا مضمونا. ولكن هل في العراق ومن بين شعبنا نماذجا بشرية كهذه ؟ وهل هناك من لا يزال يحيا من اجل هذه القيم ؟ او على الاقل يؤمن بها على المستوى الشخصي ، ليستطيع خلق علاقات من الثقة بينه وبين شعبه ، فتكون بدايات طيبة لعودة المحبة والوئام ، وتعود الابتسامة وفرح الاعياد وقهقهاتنا العراقية المجنونة من اجل عودة حياة نستنا ونسيناها؟ وهل سيصلح العطار ما افسده الدهر؟؟!!

لقد كانت محاولات مسخ الديمقراطية من قبل الكتل السياسية وتكرار مواقف تحديها لكرامة شعبنا، هي بداية النهاية التي قادت الى خسران شعبنا ثقته وأماله بحكومته الضعيفة.  ونحن اليوم حينما نطالب شعبنا وننتخي الضمائر العراقية الحية ، ان لا تخطأ في اختيارها الجديد لمن نتطلع اليهم لاعادة كرامة شعبنا ، بسبب ان الاختيار الخاطئ في هذه المرة لايعني فقط تدميرالعراق بشكل كامل ، بل ووأد البقية الباقية من كل النوايا الخيرة والتي لا تزال جرذان الكتل السياسية قادرة ومستمرة بقضم نسيج الترابط الاجتماعي وتهديد انهيار جدار الاخلاق والقيم لكي يتهاوى على الرؤوس ويطمر الجميع تحت انقاضه ، عند ذاك ، سيكون من الصعب جدا اعادة بناء الحياة من جديد. فالزمن ضنين في عمومياته، وليس من السهل ان يمنح فرصه بسهولة . وأمام بخل الزمن وانتفاء الولاء لوطن محطم ، سوف لن يستطيع شعبنا ان يستعيد نهوضه على قدميه الا بمعجزة. 

أن الاختيار الخاطئ لمن سيمثل شعبنا في البرلمان في دورته القادمة ، سيعني أيضا العودة النهائية لمأسي الحياة نفسها في عهد المقبور، وربما باكثر تعاسة . فاذا كان العالم في عهد صدام يرى في مأساة شعبنا هي مأساة الانسانية المضيعة التي يقودها رجل شريروأحمق وغير شريف، فان العالم نفسه في هذه المرة سيدرك أن الديمقراطيات والحريات في بعض الاوطان لا تستطيع لوحدها ان تخلق مجتمعا ساميا بدون الارادة الشعبية ، وان المجتمع العراقي هو نموذجا لتلك الاوطان ، ويتأكد له أن مسألة حكمه وادارته لا تتحقق الا من خلال حاكم على شاكلة صدام ، فهل نحن العراقيون بهذا الوصف، لا اعتقد ذلك؟ فتبا وتعسا وترحا ، ولعنة الله على لكل من لا يريد لشعبنا ان يحيا بحرية وكرامة وشموخ من هؤلاء الين يرومون الترشيح للانتخابات القادمة. لان شعبنا هذه المرة ، ينبغي عليه ان يدفع ثمنا باهضا جدا في اختياره لمن ينوي تدميره بشكل تام هذه المرة. فشعبنا يطمح في الانتخابات القادمة باذن الله تعالى ان لا تتكرر تجربة المحاصصات وتشويه الديمقراطية والضحك على الذقون  .  

فعندما اضطرت الجماهير وفي حيرة من أمرها ، للانسحاب والنأي بنفسها عن كل ما يمكن ان يسجل لها موقفا مشاركا في التعبيرعن ثقتها بحكومة السيد المالكي، بسبب ان الحكومة اثبتت عدم قدرتها على الوقوف بوجه الازمات أو الاعتماد على شعبها، علما ان المالكي يمتلك من الصلاحيات والشخصية المعنوية كرئيس للسلطة التنفيذية ، ما كان يمكن ان يجعله قادرا على وقف من يتحدى الحكومة عند حده ، أوعلى الاقل ، ان يمارس وثيقة الائتلاف الوطني في ما ينبغي بعدم الولاء لغير الائتلاف نفسه ، لكن المالكي ، وكالعادة ، لم يفعل شيئا هاما في هذا الشأن. ومع استمرا ر صمت الجماهير، كانت ذلك لا يعني سوى ان تكون النتيجة ، أن تم الطلاق بين الجماهير وبين الحكومة وتلك الكتل معا.

وكانت من نتائج ذلك الطلاق مردودات كبيرة النفع لبعض الكتل الاسلامية المتأخية مع البعث ( كالتيار الصدري والمجلس الاعلى الاسلامي وبراثا والحزب الاسلامي وغيرها ) على الرغم من عدم تطابق الايدولوجيات ، ولكن ظلت علاقاتها مع بعضها تمثل مواقفا علنية ساندة لكل ما من شأنه الابقاء على حيادية شعبنا وصمته على ما كان يجري، سواءا في ضعف الحكومة في الوقوف بوجه التحديات ، او في استمرار تلك الكتل في استفرادها وفرضها ما كانت تعتبره فوزا ساحقا على النظام الجديد الذي كان لم يكن بمقدوره معالجة الاوضاع السياسية وغير السياسية ، وبذلك كانت خسارة الجماهير لدورها خسارة  فادحة في انعزالها عن الواقع السياسي وترك الامور على عواهينها.   

لقد ساهم صمت جماهير شعبنا والذي اختارته كأضعف الايمان ، وكموقف حيادي كردود أفعال غاضبة على مسيرة اوضاع النظام الجديد وضعف وسلبية حكومة المالكي التي اصبحت لا تجيد سوى خلق التبريرات للدفاع عن نفسها من اجل مزيدا من العطاء الضعيف أوالعاجزعن حماية الشعب والوقوف بحزم ضد الفساد وعدم جدوى اصلاح الحياة السياسية، عندما بدأ سلوك الكتل يتكشف من خلال محاولاتها المتفانية للسيطرة على مجريات الامورفي البرلمان . وكان ذلك التحرك مدعوما بالتصريحات المجاهرة من قبل رؤساء واعضاء الكتل في وقوفها امام الفضائيات ووسائل الاعلام ، في تعاطف وولاء شديد مع أعداء العراق من انظمة الجوار . وراحت الامور تتفاقم بنفس السلوك اللامبالي ، من خلال علاقات وزيارات لتلك الانظمة من قبل الكتل السياسية التي تمثل اتجاهاتها وخلفياتها السياسية في أغلبها ، الاسلام السياسي والبعثي من كلا الطائفتين ، علما ان الكتل الاسلامية الشيعية كانت في نفس الوقت منضوية تحت لواء الإئتلاف الوطني . ولكن ذلك لم يكن يمنعها من سلوكها السلبي مع ائتلافها ، بل وكانت تبالغ في التعاطف مع البعث وازلامه في السلطة والبرلمان . 

وفي المثل الاتي ، قد نجد عبرة ونموذج لمن يريد أن يعتبر. فهو مثل متوفر في مجتمعنا ويرمز لحالة الدفاع عن عدم استقامة الذات والضلال البعيد تماما عن اي حق .  

قبل ايام قليلة قرأت خبرا منشورا في احدى المواقع الالكترونية ، عن تعليق للسيد مقتدى الصدر ، على خبر يتعلق بترشيح السيد المالكي لنفسه لولاية ثالثة قائلا: (أعوذ بالله من نفس لا تشبع) ، عندها حضرتني الاية الكريمة من سورة الصف : بسمه تعالى : (يا أيها الذين أمنوا لم تقولون مالا تفعلون كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون) صدق الله العظيم ، ولم املك الا ان فوضت أمري الى الله تعالى، فالله هو خير الناصرين.  

واني هنا لست بصدد الدفاع عن المالكي، ولا التشهير بالسيد مقتدى، بقدرما هي حالة شائعة في مجتمعنا العراقي توضح حقيقة أن الكثير من العراقيين اصبح حالهم بائسا ومزريا نتيجة عدم مخافة الله تعالى وخشيته . فكلا الرجلين باعتقادنا يتحملان نتائج ما خلص اليه شعبنا من نتائج سيئة . وكلا الرجلين يمثلان جزءا من مشكلة تتلخص بعدم توفرالثقة بينهما وبين شعبنا. فما نريد ان نقوله هنا، هو ملاحظة من اجل شعبنا ، ليدرك هذا الشعب كبر المسؤلية التي تقع على كليهما ، فيتعلم شعبنا كيف يمكن له فتح عينيه جيدا لما يجري من حوله. فبودي أن أسأل السيد مقتدى الصدر نفسه عما اذا كان هو نفسه قد (شبع) من هذا الذي لا يقبله لغيره،حتى نجده يستعيذ بالله من شر النفس التي لا تشبع كنفس السيد المالكي؟ نعم ، باعتقادنا أن السيد المالكي يتجاوز على تطبيقات مباديئ الديمقراطية التي تؤكد على وجوب التداول السلمي للسلطة ، في ترشيحه لنفسه لدورة ثالثة ، فانه يشجع الاخرين على قضم مباديئ اخرى من الديمقراطية ، وبذلك ، سيتحول المزاج العام في الحكم الى انفلات وعدم التزام بمبادئ الدستور، وان كان الامر هكذا ، فلماذا نلوم حكم صدام حينما كان يقول ان القانون هو (جرة قلم) ؟   

وختاما ، اننا لانريد منكم أيها السياسيون، اسلاميون كنتم أو غير اسلاميين ، سوى أن تأمروا بالمعروف وتنهوا عن المنكرمن اجل شعبنا، وتكفون عن الامر من اجل مصالحكم الشخصية والفؤية فقط . نريد كم يا زعماء الكتل السياسية الشيعية  بالذات، ان تتوحدوا للرد على اعداء شعبنا تتصافوا أمام العالم ، يا من لا تجيدون السياسة ولا تحسنونها ، لكنكم تجيدون وتحسنون (الفخفخة) الفارغة.  ألم يكفكم دجل عشر سنوات وافترائاتها على حساب حياة  شعبنا؟  


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ا . د . حسين حامد
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/11/02



كتابة تعليق لموضوع : ألجزء الثاني ... ألمالكي ...والانتخابات القادمة ... والاماني التي قد لا تتحقق ...
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net