التشبيك في سوريا ، او الأشتباك في كل مكان
د . سمير ايوب
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . سمير ايوب

قبل ان ترتدي روسيا بِزَّتَها العسكرية الميدانية ، وقبل ان تَضبط إيقاع رعد اول صواريخها في سماء سورية ، كانت تعلم حق اليقين أكثر مما يلي :
أولا - انها ستقاتل في الحَيِّز الحيوي لها ، من اجل مصالحها في الأساس . فسوريا خط دفاع أول عن جدران الكرملين . مما يبقيها ملفا روسيا داخليا .
ثانيا - انها في الصبر الجميل الحذر ، باتت تستطيع تشبيك كل الملفات ، وبنفس القدر تستطيع الأشتباك معها .
ثالثا - ان منطقة الشرق الاوسط ، بالغة الهشاشة والتعقيد . وانها في حضن اكثر من بركان ومستنقع .
رابعا - ان الفكر السلفي الظلامي المُسَرْطِن ، لا يُقتَلع خطره بالحديد والنار وحدهما . ولا يُطارد إرهابه ، عشوائيا بالأنتقاء ولا بالتقسيط . بل بتحالف القوة المادية ، مع قوى قومية عربية جديدة شابة ، لمحاصرة ولتفكيك مستدام للثقافة الطائفية والمذهبية .
فأرسلت روسيا إلى جُلِّ المجتمع الدولي ، رسائل إستراتيجية كثيرة ، مشفرة واخرى حاسرة جلية لا تتأتأ ، منها :
- لا احادية في إدارة ملفات المنطقة . روسيا شريك اساسي في رسم خرائط تسوياتها .
- يمنع التوسل بالأرهاب والتآمر ( المالي او الطائفي او المذهبي ) ، أو بالحروب بالواسطة ( الشركات الأمنية ، والحراكات الوردية المشبوهة ) ، لأسقاط من لم يعد يعجب المعسكر الصهيوامريكي ، او من لا يسايرهم من انظمة المنطقه .
- النيران الروسية ليست مجرد غارات جوية ، بل كسر عظم ، يتصدى للحرب الكونية الأرهابية على سورية . وتتعداها من اجل اقامة دائمة في كل المنطقة بما فيها ليبيا وسيناء . إقامة تتمرد على الخرائط القائمة .عبر حرب استباقية ، تمنع سقوط المنطقة برمتها ، في حضن امريكا ومن يواليها من الغرب ، ومن يتبعهم من صهاينة العرب ، المعتمرين لكوفية و عقال ولحى مُدجَّنَةً، باتت علانية تحارب مع العدو الأسرائيلي .
- من اجل ان يبقى مصير مَواطِنِ المنطقة ، بيد الشعوب بكل اطيافها ، لتقرر وحدها مصيرها وانظمتها وقادتها ، ستُجاوِرُ روسيا السعودية وأمثالها ، بكل اشكال المُجاوَرَة . وستكون بطبيعة موازين القوى المادية والناعمة ، ديناصورا غضوبا بعيون حمراء ، مفتوحة على اتساعها ، تراقب التوظيف القذر للقدرات المالية النفطية ، المستخدم من اكثر من سبعين عاما في ضرب الامن القومي العربي والتآمر على الأمن الدولي
- ولتؤكد لمن بهم صمم وسفه ، في المنظور ، لم يعد هناك مكان على الأطلاق ، لخلافة إرهابية عثمانية أو وهابية . ولن يصلي في المسجد الاموي الا سيد سوريا من اهلها ومن يحق لهم من ضيوفه. فلا مكان في الأموي، لا ردوغان ولا لغيره . وسيكون لرحيل أردوغان وشظاياه عما قريب ، دوي غير مسبوق . الوهم العثماني ذاهب مع أردوغان ومع الارهاب المدحور ، ذاهب او ذاهب ، لا ثالث ابدا .
في الزمن الروسي المتدحرج ، تَغَيَّر عبر وقائعِ الميادين ولهيبها ، المشهد الأقليمي برمته . وسرعان ما تبدلت فيه ، أوزان القوى وأدوارها ، بشكل نوعي في وقت قياسي . فروسيا ما جاءت الا لتنتصر هي وحلفاؤها . نصر يشتبك عبره الوطني السوري بالاقليمي مع العالمي .
ايها الواهمون ، الثأريون ، الحاقدون ، اصحاب العقد النفسية من المقصرين ومن المتواطئين ، أتدرون لم كان الرئيس الأسد ( كما وصفه رئيس وزراء روسيا ) : هادئا ومتزنا ، تماما كما كان عليه قبل خمس سنوات ؟
لأن ما عجزتم عن أخذه بالقوة الارهابية التدميرية ، طيلة السنين السابقة ، لن تأخذوه بالتسويات الغرضية التوافقية القادمة . سورية باقية كوطن وكنظام وكمؤسسات فقط لأهلها .
فشلت كل سيناريوهاتكم لشيطنة سوريا ، وتدميرها وتعهير هوياتها ، كما فعلتم وتفعلون في العر اق العظيم وفي ليبيا وفي فلسطين ، خدمة مجانية لحليفكم الصهيوني . التسويات التوافقية الغرضية ممر اجباري ، الى مخارج للمنتصرين وللمهزومين .
ايها السوريون في الوطن وخارج حدوده ، من حقكم ممارسة شئ من الفرح والنشوة ، بما يحصل الان على الارض ، بفضل صمودكم مع جيشكم العظيم . الآن ابتدأت الحرب الفعلية المُطَمْئنة ، حرب الربع ساعة الاخيرة . فهي الأهم في تعزيز المواقع الميدانية ، قبل الجلوس الى طاولة المفاوضات . في حرب الأستعادة لكل شئ ، المعارك القتالية والسياسية الاشرس قادمة . فالميدان يرسم بالنار كل شئ . بدءا من ضرب الوهم الوهابي والوهم العثماني .
كمجتمع حرب ، تكاتفوا أيها السوريون اكثر وبإتقان وعزم أكثر ، مع جيشكم البطل ، لمواكبة المخاطر والنتائج . فكما تكون سورية ، ستكون المنطقة برمتها ، وفي المقدمة فلسطين .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat