صفحة الكاتب : حيدر الحد راوي

تأملات في القرآن الكريم ح15
حيدر الحد راوي

 سورة البقرة

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ{141} سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{142} وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{143} قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{144} وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{145} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{146} الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{147} وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{148} وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{149} وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{150}
ان القران الكريم يدعوا عامة الناس للنظر في التاريخ  والاطلاع على حال ما سبق من الامم والشعوب , فيتفكر المؤمن في حال المؤمنين الاوائل , ويتفكر الفاسق في حال الفاسقين الاوائل , ويميل المؤمن في تفكره في حال الفاسقين الاوائل , ويعرج الفاسق بدوره للتأمل في حال المؤمنين الاوائل , فينظر كل منهما في حال من سبقه , حياتهم ومماتهم , حسناتهم وسيئاتهم , ما نالوا من الثواب , وما نالهم من العقاب في الدنيا , وما ينتظرهم في الحياة الاخرة . 
يلاحظ المتأمل ان لكل حسناته وعليه سيئاته , فلا يثاب احد بحسنات غيره , ولا يعقاب احد بذنوب اخر , فلكل امرء ما عمل ! . 
سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا قُل لِّلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{142}
تربص اعداء الدين الجديد ( الاسلام ) به الدوائر , وتحينوا الفرص من اجل التشنيع عليه (ص واله) وعلى دينه , فوجدوا لهم املا يائسا في امر تغيير القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة , وظنوا ان في ذلك مرادهم , لعلهم يجهزون على الاسلام ببث روح الفرقة بين المسلمين , وحثهم على التمسك بالقبلة الاولى , و رفض القبلة الثانية ( الكعبة ) فقد كانت تحوي على اوثان القوم ! . 
غير ان الرد منه جل وعلا كان بالمرصاد , لله المشرق والمغرب وما بينهما , {وَلِلّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللّهِ إِنَّ اللّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ }البقرة115
وهناك امر ضروري , وهو ان الامر لله , وما ينبغي لنا الا الطاعة .  
وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلاَّ عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللّهُ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ إِنَّ اللّهَ بِالنَّاسِ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ{143}
الايمان بنبوة الخاتم (ص واله) يوجب الايمان بكافة الانبياء والرسل , وكتبهم السماوية , حيث لا يجوز التفريق والتمييز بينهم , كما فعل اليهود والنصارى , فأمنوا ببعض الانبياء والرسل وكفروا بالبعض الاخر , وبهذا يكون المسلمون وسطا بين الامم , فتقع عليهم مسئولية الشهادة , لكن امة بحجم امة الاسلام لابد من شهيدا عليها , ولا يوجد افضل منه (ص واله) لهذه المهمة ! . 
تعود الاية الكريمة الى ذكر امر تغيير القبلة , فيما يبدوا انها كانت ثقيلة على المسلمين , الى درجة ان بعضا منهم ارتد وانقلب على عقبيه , لما فيها من الاوثان من جهة , ومن جهة اخرى وقعوا تحت تأثير اليهود , والبعض الاخر استجاب وامتثل للامر الالهي وبدون تردد , لما لها من اهمية لدى العرب , لانها قبلة ابراهيم (ع)  .        
قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ{144}
كان لدى اليهود والنصارى خبرا مؤكدا , عن النبي الموعود , ولديهم علامات كثيرة عنه , وقد تعرفوا عليها في شخص النبي محمد (ص واله) , واستيقنوا بما لا يقبل الشك , انه  هو النبي الموعود ,  ومن العلامات المؤكدة لديهم , ان يحول القبلة من بيت المقدس الى الكعبة المشرفة , وهذا ما حدث بعد نزول هذه الايات الكريمة . 
يروي لنا القران الكريم , ان النبي محمد (ص واله) كان يضمر في قلبه امر القبلة , ولعله كان ينتظر , وربما يستعجل الامر بتحويلها الى الكعبة , والطريف انه لم يخبر احدا من المسلمين برغبته تلك , او من المحتمل انه (ص واله) قد اخبر المقربين اليه , فكشف الباري عز وجل عما يدور في خلده (ص واله) , فنزل الامر له ( ص واله ) , (فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) ثم اعقبه امر اخر معطوفا موجه الى كافة المسلمين ( وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ ) . 
هنالك عدة اسئلة تخطر في قلب المتأمل , هل ان الله تعالى امر بتحويل القبلة ارضاءا لرسوله الكريم (ص واله) ؟ , ام انه عز وجل امر بتحويل القبلة الى الكعبة المشرفة لما لموقعها الجغرافي من اهمية ؟ , ام ان هناك شأن اخر ؟ . 
ربما لاجل ذلك جميعا , اضافة الى اسباب اخرى غير معلومة في العصر الحاضر ! . 
وَلَئِنْ أَتَيْتَ الَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ بِكُلِّ آيَةٍ مَّا تَبِعُواْ قِبْلَتَكَ وَمَا أَنتَ بِتَابِعٍ قِبْلَتَهُمْ وَمَا بَعْضُهُم بِتَابِعٍ قِبْلَةَ بَعْضٍ وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ{145} 
من المفارقات الجميلة في القران الكريم , انه يخبر عما يضمر في القلوب , فيخبرنا عما يضمره اليهود والنصارى للاسلام , وما يضمره اليهود ضد النصارى , وما يضمره النصارى ضد اليهود . 
فيخاطب جل من قائل نبيه الكريم ( ص واله ) , انك لو اتيت اليهود والنصارى بكل علامة من علامات النبي الموعود المسطورة في كتبهم , فلن يؤمنوا بك , ولن يتبعوا قبلتك , ولن يتبع اليهود قبلة النصارى , ولا النصارى سيتبعون قبلة اليهود , وهذا امر محتوم . 
( وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم مِّن بَعْدِ مَا جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ إِنَّكَ إِذَاً لَّمِنَ الظَّالِمِينَ ) , من غير المعقول ابدا ان يتبع النبي ( ص واله )  اهواء اليهود والنصارى , او حتى يخطر ذلك في باله ( ص واله ) , ولكن المقصود فيها المسلمين , وما اكثر من يتبع اهواء اليهود والنصارى من المسلمين في هذا الزمان ! . 
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ وَإِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ{146}
اروع ما في القران الكريم , كشفه اسرار اعداء الاسلام , فيشعرهم بالاحباط , حيث لا يمكنهم اخفاء اسرارهم منه , الكبيرة والصغيرة . 
احبار اليهود وعلماء النصارى كانوا على معرفة تامة به ( ص واله ) وبدينه , الى درجة يصفهم الباري عز وجل بأنهم (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءهُمْ ) , فكتموا الامر عن اتباعهم وعامة الناس , وحاولوا إخفائه عنهم قدر ما يستطيعون . 
فكشف القران الكريم ما يخفون عن الناس , وأكد على علمهم بالنبي ( ص واله ) ورسالته , واكد القران الكريم على (إِنَّ فَرِيقاً مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ) , وفي ذلك دلالة على انهم ليسوا جميعا قد كتموا الحق رغم علمهم به , بل ان هناك فريقا اخر قد صدق وآمن به . 
الْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلاَ تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ{147}
المخاطب في هذه الاية الكريمة هو عامة المسلمين , فكثير منهم قد وقعت في قلبه الشكوك , حول بعثته ( ص واله ) ورسالته , بسبب ما يبثه اليهود والنصارى من اشاعات واكاذيب منمقة بأساليب شيطانية . 
وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ{148}
في كل دين او مذهب او طريقة , هناك قبلة , يتوجه اليها الاتباع , لغرض العبادة  او للتقرب الى المعبود زلفى , او طلبا لحلول البركة . 
ايها المسلمون (  فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ ) , وبادروا الى الطاعات , ولكل ما من شأنه ان يقربكم الى الله زلفى , ومن ضمنها الامر بالمعروف والنهي عن المنكر , كي تكون امة الاسلام في مقدمة الامم في فعل الخيرات , والاحسان الى الغير , وفي ذلك لفته لا يفطن لها الا المتأملون .
( أَيْنَ مَا تَكُونُواْ يَأْتِ بِكُمُ اللّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) , ايها المسلمون , اين ما كنتم في ارجاء هذه المعمورة , أنشروا الخير والاحسان بين الامم , وكونوا على قدر كبير من المسئولية في ذلك , فأن الله سيأتي بكم جميعا و (اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) . 
 وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ وَمَا اللّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ{149}   
يخاطب القران الكريم النبي محمد ( ص واله ) , عندما تكون مسافرا , وقد حضر وقت الصلاة , فتوجه الى المسجد الحرام , وهذا هو الحق الثابت , ولا يتصور احد منكم ايها المسلمون , ان الله لا يعلم ما تفعلون . 
وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ{150}  
تكرر قوله تعالى (  وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ) بغرض التأكيد , ايها النبي , عندما تجوب الاقطار والبلدان مسافرا , أين ما كنت , فتوجه صوب المسجد الحرام , وكذلك انتم ايها المسلمون , اين ما كنتم , في أي بلد او مدينة , بعيدة او قريبة من المسجد الحرام فتوجهوا صوبه , امتثالا وتمسكا لاوامره تعالى .
ان تمسك المسلمين بالتوجه الى الكعبة , سوف يفوت الفرصة على اليهود والنصارى و المشركين للطعن بدينكم , مثلا تتقول اليهود ( يرفض ديننا ويتبع قبلتنا ) , ويقول المشركين ( يتبع ملة ابراهيم ويتجه الى غير قبلته ) . 
(  إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنْهُمْ فَلاَ تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي ) , هؤلاء فئة من الناس , تقول ان النبي ( ص واله ) حول القبلة الى الكعبة لا لشيء الا ميلا الى دين ابائه واجداده , وما حولها بأمر الله تعالى , (فَلاَ تَخْشَوْهُمْ ) , فلا تخافوهم ايها المسلمون , و خافوا من الله وامتثلوا لامره جل وعلا . 
المسلمون في ذلك الوقت كانوا تحت تأثير ثلاث نيران ( جوانب ) اشعلها ضدهم الاعداء هي : 
1- اذا توجهوا نحو بيت المقدس , قال اليهود (يرفض ديننا ويتبع قبلتنا ) . 
2- المشركون  ( يتبع ملة ابراهيم ويتجه الى غير قبلته ) . 
3- اما اذا توجه المسلمون الى الكعبة قالت الفئة الثالثة وهم ( الذين ظلموا ) : انما محمد توجه نحو الكعبة ميلا وتعاطفا مع دين ابائه واجداده .  
فما الحل اذا ؟ , الحل قد ذكرته الاية الكريمة وهو ( وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ) , التمسك والاصرار على التقييد والامتثال لامره تعالى . 
 (وَلأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُم تَهْتَدُونَ ْ ) , يعدّ الحق تعالى , المؤمنون ان يتم عليهم نعمته , بتمام الشريعة , لعلكم تهتدون اليها و لا يلتبس عليكم امرها .    

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حيدر الحد راوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/11/02



كتابة تعليق لموضوع : تأملات في القرآن الكريم ح15
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net