صفحة الكاتب : ابو فاطمة العذاري

وقفة بين يدي جواد الائمة ( ع ) في ذكرى استشهاده القسم الثالث
ابو فاطمة العذاري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
نعيش هذه الأيام ذكرى شهادة الإمام محمد الجواد سلام الله عليه وهو شمس من شموس الإيمان وبدر من بدور التقى تألق في سماء العصمة وورث عن جده الرسول وجدته فاطمة وأجداده الأئمة كل صفات الكمال والرفعة حتى دان له بالفضل العدو قبل الصديق .
عندما نتحدث عن جواد الأئمة نشعر بالتصاغر امام شخصه الكريم فلا قيمة لخطابنا ولا لأقلامنا أمام تلك الروح الكبيرة فهو كالبحر من اين جئت اليه تغترف هديا وعلما وجهادا هذا مع قلة عمره الشريف حيث أنه الإمام الوحيد الذي قبض عن عمر لا يناهز الخامسة والعشرين عاما.
وهو كما اشتهر على المشهور التاريخي انه الابن الوحيد للإمام الرضا ( ع ) وأمه السيدة سبيكة وسماها الإمام الرضا (ع) الخيزران وكانت من أهل بيت ينحدرون إلى ماريه القبطية أم إبراهيم ابن الرسول (ص) وهي من أفضل نساء زمانها وقد أشار إليها النبي (ص) بقوله : 
( بأبي ابن خيرة الإماء النوبية الطيِّبة )
لقد استشهد الإمام الجواد عليه السلام ببغداد مسموماً بأمر الخليفة العباسي المعتصم الذي تأمر مع زوجه الإمام ( ع ) أم الفضل بنت المأمون .
 
ولنكمل مع القارئ ما ابتدئ من الوقفات :
 
الوقفة العاشرة :حادثة الولادة المباركة
يشير المؤرخون انه كان قد مرَّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) - أكثر من أربعين سنة لم يُرزق بولد فكان هذا الأمر يثير قلق الشيعة لأنهم كانوا ينتظرون أن يَمُنَّ الله عزَّ وجلَّ على الإمام الرضا ( عليه السلام ) بولد يكون امتدادا لورثة الرسول من المعصومين  فكانوا يذهبون إلى الإمام ( عليه السلام ) ويسالوه متى يرزقه الله سبحانه ولداً ، فكان الرضا يبشرهم ويقول لهم : ( إنَّ اللهَ سوف يَرزُقني ولداً يكون الوارث والإمام من بعدي ) .
حتى ولد الامام محمد الجواد في العاشر من رجب 195 هـ ، وقد سُمِّي بِـ( مُحَمَّد ) ، وكُنيتُه ( أبو جَعفَر ) الثاني  .
فقد ورد في ( مناقب آل أبي طالب ) لابن شهر آشوب : 
تروي السيدة حكيمة بنت أبي الحسن موسى بن جعفر كيفية المولد العظيم ، وما لازَمَتْه من الكرامات ، فتقول : لما حضرت ولادة أم أبي جعفر ( عليه السلام ) دعاني الإمام الرضا ( عليه السلام ) فقال : ( يا حَكيمة ، اِحضَري ولادتَها ) .
وأدْخَلَني ( عليه السلام ) وإيّاها والقابلة بيتاً ، ووضعَ لنا مصباحاً ، وأغلق الباب علينا .
فلما أخذها الطلق طَفئَ المصباحُ ، وكان بين يديها طست ، فاغتممتُ لانطفاءِ المصباحِ ، فبينما نحن كذلك إذْ بَدْر أبو جعفر ( عليه السلام ) في الطست ، وإذا عليه شيءٌ رقيق كهيئة الثوب ، يسطع نوره حتى أضاء البيت فأبصرناه .
فأخذتُه فوضعتُه في حِجري ، ونزعتُ عنه ذلك الغشاء ، فجاء الإمام الرضا ( عليه السلام ) وفتح الباب ، وقد فرغنا من أمره ، فأخذه ( عليه السلام ) ووضعه في المهد وقال لي : ( يَا حَكيمة ، الزمي مَهدَه ) .
فلما كان في اليوم الثالث رفع ( عليه السلام ) بصره إلى السماء ، ثم نظر يمينه ويساره ، ثم قال ( عليه السلام ) : ( أشهدُ أنْ لا إِلَه إلاَّ الله ، وأشهدُ أنَّ مُحمَّداً رسولُ الله ) .
فقمتُ ذعرة فزِعةً ، فأتيتُ أبا الحسن ( عليه السلام ) فقلت : سَمِعْتُ مِنْ هذا الصبي عَجَباً .
فقال ( عليه السلام ) : ( ومَا ذَاكَ ) ؟ فأخبرتُهُ الخبر .
فقال ( عليه السلام ) : ( يَا حَكيمة ، مَا تَرَوْنَ مِنْ عجائبهِ أكثر ) 
 
الوقفة الحادية عشر :
من سجايا الإمام الجواد ( عليه السلام )الإحسان والبرّ إلى الناس حتى نقل الرواة قصص كثيرة في هذا المجال منها:
عن أحمد بن زكريّا الصيدلاني ، عن رجل من بني حنيفة من أهالي سَجِستان قال : رافقت أبا جعفر ( عليه السلام ) في السنة التي حجّ فيها في أوّل خلافة المعتصم ، فقلت له وأنا على المائدة : إنّ والينا جعلت فداك يتولاّكم أهل البيت ويحبّكم وعليّ في ديوانه خراج ، فإن رأيتَ جعلني الله فداك أن تكتب إليه بالإحسان إلي .
فقال ( عليه السلام ) : ( لا أعرفه ) .
فقلت : جعلت فداك إنّه على ما قلت ، من محبّيكم أهل البيت ، وكتابك ينفعني .
فاستجاب له الإمام ( عليه السلام ) فكتب إليه بعد البسملة : ( أمّا بعد : فإنّ موصل كتابي هذا ذكر عنك مذهباً جميلاً ، وإن ما لك من عملك إلا ما أحسنت فيه ، فأحسن إلى إخوانك ، واعلم أنّ الله عزّ وجلّ سائلك عن مثاقيل الذرة والخردل ) .
ولما ورد إلى سجستان عرف الوالي ـ وهو الحسين بن عبد الله النيسابوري ـ أن الإمام قد أرسل إليه رسالة ، فاستقبله من مسافة فرسخين ، وأخذ الكتاب فقبّله ، واعتبر ذلك شرفاً له ، وسأله عن حاجته فأخبره بها .
فقال له : لا تؤدّ لي خراجاً ما دام لي عمل ، ثم سأله عن عياله فأخبره بعددهم .
فأمر له ولهم بصلة ، وظل الرجل لا يؤدي الخراج ما دام الوالي حيّاً ، كما أنه لم يقطع صلته عنه .
ومن مواساته ( عليه السلام ) للناس ما روي :
أن رجلاً من شيعته كتب إليه يشكو ما ألمَّ به من الحزن والأسى لفقد ولده ، فأجابه الإمام ( عليه السلام ) برسالة تعزية جاء فيها : ( أمَا علمتَ أن الله عزّ وجلّ يختار من مال المؤمن ، ومن ولده أنفسه ، ليؤجره على ذلك ) .
ومن ذلك ايضا ....
جرت على إبراهيم بن محمد الهمداني مظلمة من قِبل الوالي ، فكتب إلى الإمام الجواد ( عليه السلام ) يخبره بما جرى عليه ، فتألم الإمام ( عليه السلام ) وأجابه بهذه الرسالة : ( عَجّل الله نُصرتك على من ظلمك ، وكفاك مؤنته ، وأبشِرْ بنصر الله عاجلاً إن شاء الله ، وبالآخرة آجلاً ، وأكثِر من حمد الله ) .
 
الوقفة الثانية عشر :
الإمامة موهِبَة إلهيَّة يَمنحُها الله سبحانه لِمَنْ يستحقها من عِبَاده الصالحين من الكبار او حتى الطفل الصغير لان الإمامة والنبوَّة مرتبطان بإرادة الله عزَّ وجلَّ .
قال الله تعالى : ( يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا ) مريم : 11 .
وقال تعالى : ( قَالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا ) مريم : 29 - 30 .
كانت إمامة الإمام الجواد ( عليه السلام ) وهو صبيٍّ في الثامنة أو التاسعة من عمره  فتولَّى الجواد ( عليه السلام ) الإمامة ، بعد استشهاد أبيه الرضا ( عليه السلام )  ولاجل صِغَر عمره ( عليه السلام ) تعرَّض للاختبار من قبل الكثيرين فكان متميزا حتى جعل أعداؤه يُذعِنون قبل الموالين .
فقد ورد عن يحيى بن أكثم ، قاضي سامراء ، قال : بَيْنَا أنا ذات يوم دخلت أطوفُ بقبر رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فرأيت محمد الجواد ( عليه السلام ) يطوف به ، فناظرته في مسائل عندي ، فأخرجها إلي ، فقلت له : والله إني أريد أن أسألك مسألة وإني لأستحي من ذلك .
فقال ( عليه السلام ) لي : ( أنَا أُخْبِرُكَ قَبلَ أنْ تَسْألَني ، تَسْألُني عَنِ الإمَامِ ؟ ) .
فقلت : هو والله هذا .
فقال ( عليه السلام ) : ( أنَا هُوَ ) .
فقلتُ : ما هي العَلامة ؟
فكان في يده ( عليه السلام ) عَصَا ، فنطَقَتْ وقالَتْ : إنَّ مولاي إمَامُ هَذَا الزَّمَان ، وهو الحُجَّة .
فكان الجواد ( عليه السلام ) من تلك الكوكبة الطاهرة من ال الرسول  فكان ملجأ للموالين في فهم القران فعن أبي هاشم الجعفري الذي قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) سائلاً عن معنى : ( لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ ) الأنعام : 103 . 
فقال ( عليه السلام ) : ( يا أبا هاشم ، أوهام القلوب أدَقُ مِنْ أبْصار العيون ، أنت قد تدرك بوهمك السند والهند ، والبلدان التي لم تدخلها ، ولا تدركها ببصرك ، وأوهام القلوب لا تدركه ، فكيف أبصار العيون ) ؟ 
 
سلام الله عليك يا جواد الأئمة منا أبدا ما بقي الليل والنهار وجعلنا الله ممن يستحقون شفاعتك يوم لا ينفع مال و لا بنون الا من اتى الله بقلب سليم عامر بحبكم اهل البيت 
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ابو فاطمة العذاري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2010/11/03



كتابة تعليق لموضوع : وقفة بين يدي جواد الائمة ( ع ) في ذكرى استشهاده القسم الثالث
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net