مسرح الطفل الثقافي الجزء الأول
هديل خيري حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
هديل خيري حسين
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
يزود المسرح الأطفال بالخبرات الجديدة، فمن المسلّم به أن الفرد سواء أكان كبيراً أم صغيراً يعيش حياة ضعيفة نسبياً ما لم يمر بخبرات ويخوض عدداً من التجارب المثمرة، ويتطلع إلى تجارب جديدة، وقد يكون تحقيق عدد منها مستحيلاً، والكثير منا يعيش حياته محصوراً في آفاق محدودة، ما لم يوسعها ويثريها بقراءاته وأسفاره ومشاهداته للمسرحيات، أو باحتكاكه الفطري مع معارفه وأصدقائه أو من يقابلهم ويتعامل معهم في الحياة العادية، أو على صفحات الكتب والمجلات..
ومن هذه الزاوية، نجد أن مسرح الطفل وسيلة لإيصال التجارب والخبرات إلى الأطفال، فتوسع مداركهم، وتجعلهم أكثر قدرة على فهم أنفسهم وذويهم بفضل ما تثير فيهم من التساؤلات التي تنمّي فيهم روح البحث والتنقيب والكشف والاستطلاع ما يشكل عليهم فهمه، وإذا كانت هذه الغاية بنسب متفاوتة، فإن تجارب الطفل وتفاعله مع شخصيات المسرحية لا يمكن أن تكون على درجة الحيوية نفسها، والإثارة التي تبدو عليها، إذا عُرضت على المسرح عرضاً متقناً.
وقد أثبتت التجارب الجديدة أن التطبيقات المنهجية والتجريبية التي ينبغي تيسيرها للطفل وسط ظروف البيئة الاجتماعية بغية إنتاج كشوفاته وبناء شخصيته، تظل قاصرة إلى حدّ ما إزاء فعل المسرح وتأثيراته، بوصفه نشاطاً ضرورياً ومكاناً مباشراً للتمييز بين الواقع والوهم، والقيم الخيرة والقيم الشريرة؛ وحين يعجز الكاتب عن تقديم القيم المتناقضة في قصصه المكتوبة أو برامجه المعدة، نجد المسرح بإمكاناته التي يسرها إلى استقطاب وسائل الجذب بما يؤدي ذلك إلى خلق وعي نقدي تحليلي عند الطفل المشاهد، وهو يرقب الشخصيات، وتعاقب الأحداث، وتناقضات النوازع والأهداف التي تقدمها المسرحية.
يقوم المسرح بدور مهم في تنمية ذكاء الطفل، إذا قُدم بشكل جيد بحيث يكون جيد الإخراج، مع ذوق أدبي ورسم وإخراج جميل، وهذا يضيف نوعاً من الحساسية لدى الطفل في تذوق الجمال للأشياء، فهو ينمّي الذاكرة وهي قدرة من القدرات العقلية، حيث يثير حيويتهم العقلية عن طريق إثارة الخيال على أهمية الخيال للاختراع والابتكار والاكتشاف، فالخيال المرن والجامح من خصائص نفس الطفل، ووجوده في مسرحه هو استجابة لطبيعته.
ولمسرح الطفل ومسرحيات الأطفال دور مهم في تنمية الذكاء لدى الأطفال، وهذا الدور ينبع من أن استماع الطفل إلى الحكايات والروايات والممارسة للألعاب القائمة على المشاهدة الخيالية، من شأنها جميعاً أن تنمي قدراته على التفكير، فظهور ونمو هذه الأداء المتخصصة الاتصال – أي اللغة – من شأنها إثراء أنماط التفكير إلى حد كبير ومتنوع، وتتفرع هذه الأنماط وتتطور أكثر سرعة وأكثر دقة.
ومن هذا فالمسرح قادر على تنمية اللغة، ومن ثم تنمية الذكاء لدى الطفل، فهو يساعد الأطفال على أن يبرز لديهم اللعب التخيلي، ومن ثم يمتع الأطفال الذين يذهبون إلى المسرح أو يشتركون فيه، بقدر من التفوق ويتمتعون بدرجة عالية من الذكاء، والقدرة اللغوية أو حس التوافق الاجتماعي، كما أن لديهم قدرات إبداعية متفوقة.
وتسهم مسرحية الطفل إسهاماً ملموساً وكبيراً في نضوج شخصية الأطفال، فهي تعتبر وسيلة من وسائل الاتصال المؤثرة في تكوين اتجاهات الطفل وميوله وقيمه، ونمط شخصيته، ولهذا فالمسرح بأنواعه مهم جداً لتنمية ذكاء الطفل.
يساعد المسرح على تنمية قوة الملاحظة عند الطفل، وتدريب الذاكرة، وتنمية قدرة الطفل على الحركة والمشاركة، وتنمية حاسة التخيل لديه، وتنمية قدرة الإبداع عنده، كما يتيح له تذوق الموسيقى إذا تم استخدامها بمصاحبة التمثيل الصادق.
يتأثر الطفل بما يدور في المسرحية من أفكار، إذ يتفاعل مع أحداثها وشخصياتها، فطالما يلتقي الخير والشر وجهاً لوجه في مسرح الطفل، ويجسدان في أشخاص يأتون أفعالاً مستمدة من الحياة الواقعية، ومن الطبيعة البشرية، وهذه الازدواجية تبلور المشكلة الأخلاقية التي ينبغي على الطفل الإنسان أن يكافح من أجلها، والعقاب أو الخوف من العقاب في مسرح الطفل له تأثير ضئيل في الوقاية من الجريمة، ولكن إدراك الطفل أن الجريمة لا تفيد مرتكبيها في النهاية هو المفهوم الأكثر فعالية في النفس البشرية عامة وفي الطفل الإنسان خاصة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat