صفحة الكاتب : ربى جواد عباس

امتشقت صبرا
ربى جواد عباس

 أول أمرٍ يَتراوَدُ إلى أذهانِنا هيَ السيدةُ زَينَب (سَلامُ رَبي عَليها), وَمَواقِفها البُطُولية, هذهِ العَظيمةُ الَتي كانت مِثالاً لِلمَرأَةِ المُؤمِنةِ بَعْدَ أُمِها فاطِمَة الزَهراء (عليها السلام), فَكَيفَ لا تَكونُ كَذلِكَ! وَهيَ المَرأَةُ الَتي كانَ جَدُها رَسُول اللهِ(ص), وَتَرَبتْ في بَيتِ إمامٍ مَعصومٍ, أَبوها عَليُ بن أَبي طالِبٍ, وَأُمها الطاهِرة فاطمةُ الزهراء, وَأخوَاها المَعصومَان الحسن والحسين(عليهما السلام),.
 تَبَيَنتْ تِلكَ النَشأَةُ في رِحلَةِ السَبيِّ وَما جَرى فِيها مِن أَحداثٍ, فَرَأَتْ إخوَتَها, وَأَبناءها مُضَرّجينَ بِدِمائِهم, مُثخَنينَ بِالطَعَناتِ, وَحَوافِر الخيولِ التي فَرَت أَشلاءهمُ حَتى لا تَكادُ تمَيّزُ بَينَ جَسَدٍ وَآخر .
 فَعِندَما نَأتي إلى حَقيقَةِ قَلبِ المَرأةِ عِندَ فَقدِها لِأَحدِ الأشخاصِ المُقَرّبينَ مِنها تَتَأثرُ أَياماً, شُهوراً, وَقَد تَصِلُ المُدةُ إلى سَنَواتٍ؛ لِأَنَ قَلبَ المَرأةِ مَعروُفٌ بِالضعفِ, وَالمَشاعرِ الجَياشةِ أَمامَ أَغْلَبِ المَواقفِ, إلا أنَّ الحَوراء زَينب وَقَفت شَامِخَةً رافِعَةً جَسَدَ المَولى (سَلامُ رَبي عَليه) قائِلةً: «فَخُذْ حَتى تَرَضى, وَما رَأَيتُ إلا جَميلاً».
 أي أنَها تَرى كُلَ ما حَصَلَ هو في سَبِيلِ الله, مُسلِمَةً أَمَرها إلى العَليِّ القَديرِ, وَتَتَكفَلُ طيلَة تِلكَ الرِحلَةِ بِبَناتِ الاِمامِ المَعصومِ, وَنِسائِهِ, وَحَرائِرِهِ, وَهي كانتْ كَالأَسَدِ الجَريحِ, يُعينها في تِلكَ الرِحلةِ ابْن أَخيها الحُسينِ, الإمام السَجاد(عليه السلام), فَإذا كانتْ تَميلُ كَأنَّ العاَلم كُلَهُ يَميلُ مَعَها مِنْ صَبرِها.
 تَرى أنَّ القافِلَةَ يُسَّيرُها أَعداءُ أَهلِ البَيَتِ, وَقاتلو أَهَلها, وَيَضرِبونَ بِالسياطِ على مِتونِهم, وَهي في كُلِ ذلِكَ تَرعى وَتَحمي الهاشِمياتِ, حَتى بَعدَ وِصولِها إلى قَصرِ يَزيد في الشامِ تَتَوالى عَلَيها الآلآمُ, وَتَفقِدُ عَزيزَةَ الحُسينِ رُقَيَة(عليها السلام), وَتَقِفُ في قَصرِ يَزيد, وَكُلُ مَنْ كانَ مَوجُوداً مِن الناسِ الصالِح وَالسَيء مِنْهُم, لَمْ يَكُن أَحَدٌ مِنهُمُ يَتَجَرأُ لِيُسكِتَ يَزيدَ عَلى تِلكَ الفاجِعَةِ الأليمَةِ أَلتي أَحَدثَها بِآلِ بَيتِ النَبيِّ مُحَمَدٍ (ص), وَلكن السَيدَة زَينَب(عليها السلام) ما لَبِثت حَتى نَطَقَت بِلِسانِ أَبيها عَليٍ(عليه السلام), وَشَجاعَةِ أَخيها الحُسينِ(عليه السلام), فَأَثبَتت لِلتارِيخِ بِأَنَّ يَزيد كان قَد ارتَكَبَ أَفظعَ, وَأَشنَعَ المآسي ِبآلِ بَيتِ الرِسالَةِ, وَهَتَكَ حُرمَةَ بَناتِ النَبيِّ وَسِتر الهاشِمياتِ, حَتى انتَهت تِلكَ الرِحلَةُ بِالعَودَةِ إلى كَربَلاءَ مَرةً أُخرى لِتُجَدِدَ الألَمَ مِن بَعدِ شَوقٍ وَفِراقٍ .
وَلكن بأيّ حَالٍ يُعادون إلى تِلكَ الأرض التي دَفَنوا فِيها فَلذات أَكبادِهم وَأَحِبائِهم!
أَيَعودون مِن بَعدِ ما شُرِدوا, وسلبوا, وأسروا!, أَنْ تَعُودَ زَينَب(عليه السلام) حاملةً صَبرَها وَما جَرى مِن المآسيَ؛ لِتَقِفَ شامِخَةً, وَهي بِروحِها أَشدّ العالَمينَ انجِراحَاً.
في بَعضِ الرواياتِ يَذكَرُ أَنَها كانت تَحمِلُ مَعَها حِينَ عَودَتِها رَأسَ أَخيها الحُسين(عليه السلام), هَذا المَوقِفُ عِندَما نُحيطُهُ بِتَفكيرِنا, يُمكن أَنْ نَرى هَولَ ما مَرت بِهِ وَكَيّفَ أنَها كانت تَحمِلُ رَأسَ حَبيبِها وَأَخيها الحُسين!, فَإلى رُوحِها وَصَبرِها كُل السَلامِ .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ربى جواد عباس
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2022/02/23


  أحدث مشاركات الكاتب :

    • سليل المجد  (المقالات)



كتابة تعليق لموضوع : امتشقت صبرا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net