صفحة الكاتب : سلام محمد البناي

عوالم الشاعرة زينب محمد رضا الخفاجي في (الكتمان أنثى والبوح ذكر)
سلام محمد البناي

إن التصاق الشاعر بوطنه وبيئته ومراسيمه اليومية له ما يبرره لأنها حاضنته الأولى للذعة الشعر، لذلك عندما قرئت نصوص الشاعرة المبدعة زينب محمد رضا الخفاجي في مجموعتها الشعرية الاولى (الكتمان أنثى والبوح ذكر) وجدت أن لغة الشعر لديها تنبع من بيئتها اليومية التي تقترب من السرد الحكائي، وتعبر عن عفوية المرأة وصدقها وتمنح المتلقي فرصة العودة إلى باحة نفتقدها كثيرا في خضم الهموم الحياتية وهي باحة العائلة التي يؤطرها قلب الأم، فهي تكتب بلغة لها قاموسها الطفولي الذي لا يشيخ وهي لغة الأم الموجوعة ، وفي عوالمها الأنثوية تنتفض لغة الاحتجاج كأنها صرخات طال رقادها على جدران المسلات التاريخية ، فتتسع مساحة البوح لديها و هي مساحات مفتوحة نحو أفق لا يقف عند حدود البناء الشعري المؤطر بالرموز والإيحاءات بل يتعدى ذلك وصولا إلى مجسات أحاسيسها المتوزعة على خارطة الطيف اللوني لإنسانيتها فتقوم بإشعال كوامن وجدانيتها لكي تلامس معاناة الآخرين على الرغم من طغيان العمق الذاتي في قصائدها ..

وفي عوالمها الأنثوية ثمة شجن فطري له ألوانه الخاصة ومفرداته المعبرة عن الذات والذي من خلاله تحاكي الألم بلغة الابتسامة وتعاتب الغدر والجحود بلغة التسامح وترتقي بالفشل إلى قمة النجاح ، شجن يحمل طراوة الطفولة ،و الصَلَدُ عنوان لصموده بوجه الألحان النشاز . وهنا تنفجر مفاخرة بقوتها التي انشأتها لنفسها تحديا للمجهول :

 أبقى استجمعُ قواي ...

وحينما أقولُ عسايَ أحملُ الرعشةَ قطافاً ...

أقصدُ بالفعلِ تحريرَ يديَّ منْ سطوةِ قماطٍ  أثول ...

وضمناً رُبما أعني صرختي العابرةْ ....

وعندما أتجول بين نصوصها لا أجهد كثيرا في العثور على الحبل السري الذي يربطها بالواقع المرير المتوج بالتشرد والتشظي على أرصفة اللاشيء، و أصابع اللوعة لديها تأن من وجع لا ينتهي ذلك الوجع الذي ينبيء عن ولادة الأحلام والشوق المرير لصرخة الحياة :

التي تستدرجُ اللغةَ المكتومةَ بين شفتيَّ وأروقةِ الصمت ...

وهيَ تسألُ الواثبينَ إلى مصائر اليقين ....

ما سرُ العلاقةِ بينَ المهدِ والتابوت ؟ ...

والشاعرة زينب الخفاجي تكتب بعفوية وبمشاكسة وبراءة عالية وان ما قرأته هو ما لا تستطيع المرأة أن تعلنه  بسهولة من مشاعر الحب،  الرفض ،  الاحتجاج ، التمرد ، الحنين ، الألم ، الغدر، وهنا اختلفت المعادلة فأصبح البوح أنثى ، وأنا لا ألوم الشاعرة عندما تبوح بكل هذا الوجع وفي ذاكرتها تدور أسئلة عتيقة تبحث لها عن أجوبة .

 ولكن يبقى سؤالها الكبير هو الوطن ذلك الحلم الذي توارى عن أنظارها في لحظة لم تستطع معها أن تمسك  بما تساقط من دموعها وهي تغادر ه .نحو عوالم جديدة باحثة عن ركن يضمها ساعة تتشظى المسافات وهي تحمل ذكرياتها بما فيها من حزن وأسى وقد أسست لها وطنا تحتفل معه كل يوم وهي تذرف دموع الغربة حاملة كل أمنياتها التي لا بديل عن بيتها الأول لتحقيقها حتى آخر نعاس من حياتها .....

* شاعر وصحفي


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


سلام محمد البناي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/08



كتابة تعليق لموضوع : عوالم الشاعرة زينب محمد رضا الخفاجي في (الكتمان أنثى والبوح ذكر)
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net