صفحة الكاتب : محمود كريم الموسوي

الدكتور عبد العظيم الجوذري ونفحاته الإيمانية
محمود كريم الموسوي


لم تكن الكتابة عن الأبطال ، وعن الشهداء عملية سهلة ، أو بسيطة ، ذلك أن الكتابة عنهم تحتاج إلى دقة في الوصف ، وتمكين للكاتب من المفردة التي يختارها لتجسيد بطولاتهم وكيفية استشهادهم ، مع إيضاح برؤية ثاقبة في الأسباب والمسببات ، فكيف والإبطال شهداء من الدوحة المحمدية ، ومن آل بيت النبوة ، التي اتصفت حياتهم بما يعتبره البعض خارج نطاق المألوف الحياتي ، ويعده من الخوارق في مجابهة ضروب الحياة كافة ، فكانت طرفي الحالة إصرارهم على ضخ العلم على وفق الأصول الدينية الصحيحة إلى المسلمين ، يقابل ذلك إصرار الحكومات المتعاقبة على منعهم من ذلك ، واعتباره تحريضا على وجود النظام ، فكانت الأنظمة التسلطية الجائرة تطاردهم في كل البقاع للنيل منهم والقضاء عليهم ودثر علومهم ، وبهذا نجد سببا مقنعا لتناثر أماكن استشهادهم في أماكن متباعدة من بقاع الدولة الإسلامية ، وعلى سبيل المثال نجد مرقد الإمام على الرضا بن موسى الكاظم عليهم السلام في مدينة مشهد في إيران و مرقد شقيقه القاسم في مدينة الحلة في العراق في منطقة تسمى سورى ، والتي سميت بعدئذ مدينة القاسم تيمنا بدفن جثمانه الطاهر فيها 0
وأمام هذه الأحداث والتراكمات ، وجد الدكتور عبد العظيم عباس الجوذر وهو الساكن بالقرب من مرقد الإمام القاسم عليه السلام أن يكرس طاقته التاليفية ويسخر قلمه الرفيع للكتابة عن أولئك العظام بعد أن امتحن قدرته التاليفية بإصداره كتاب ( آل جوذر : تاريخ عميق وصفحات مشرقة ) عام 1993م ، الذي نال من خلاله استحسان الجهات المعنية به كافة إضافة إلى رأي القارئ والمتتبع فيقول فيه الناشر : ( يتناول المؤلف الأعراف الاجتماعية بأسلوب شيق ومحاولة جادة لمعرفة التقاضي العشائري في العراق ) ، فامتحن خزينه المعرفي ومتابعته الجادة في بطون كتب التاريخ فأصدر أول نفحة من نفحاته الإيمانية بعنوان (القاسم نجل الإمام موسى الكاظم عليهم السلام ــ سيرة إمام وتاريخ مدينة ) عام 1998م ، بتقديم الشيخ بافر شريف القريشي ، ولأهمية ما تضمنه الكتاب من معلومات ، طبع أربع طبعات آخرها عام 2013م وقد ورد بالرقم ( 1 ) في سلسلة ( تراث القاسم ) الذي تبنى إصدارها ، فاستضافه ملتقى الغد الأدبي في آب 2010 للحديث عن منجزه المذكور وتسليط الضوء على تاريخ المدينة وتسميتها ومرقد القاسم الذي سميت باسمه ، وقد وجدت فيه من المعلومات ما جدد الوارد بكتاب ( القاسم بن الإمام موسى بن جعفر عليهم السلام وتاريخ الروضة القاسمية) الصادر من مطبعة النعمان في النجف عام 1974م ، للحاج جبار حسين الصـﮔر ، وأضاف من المعلومات ما كان خافيا 0   
ولم يمض عام الا ونفحته الثانية ( ومضات من تاريخ مدينة القاسم ) تنسمها القراء ، وطبع الكتاب بأربع طبعات كانت الأخيرة عام 2012 وقد أرخ فيه للمدينة كل مناحي الحياة بعين مصور بارع وهو الذي يقول عن التاريخ في إجابة عن سؤال المحاور عبد الأمير خليل مراد الذي نشر محاورته في جريدة بابليون بعددها (22 ) الصادر في 12 تموز 2011م : ( علم التاريخ يعتمد على البحث والنقد والتحليل والتعليل والاستنتاج لتقصي الحقائق والتعمق بالدراسة للحادثة الواحدة او الواقعة المعروفة بحالها التاريخي وأسباب قيامها والمؤثرات المختلفة فيها ) 0
وفي عام 2000م اصدر نفحته الثالثة وهي (شذرات من حياة الإمام القاسم عليه السلام)  لينقطع عن التواصل في الإصدار ، ويتفرغ للقراءة والمتابعة في نبش الكتب التاريخية إلى ما بعد تغيير النظام في نيسان 2003م ، قيقول فيه الدكتور إبراهيم خليل العلاف : ( كانت القراءة هاجسه الأول فقد أولع بالقراءة متأثرا بوالده الذي كان مواظبا على قراءة القرآن الكريم ) ، وأرى انه ألمح لأسباب ذلك التوقف عندما أجاب عن سؤال : (ما هو رأيكم بالدعوات التي ظهرت حول إعادة كتابة التاريخ ؟ ) في المحاورة آنفة الذكر اذ قال : ( أنا مع إعادة كتابة التاريخ .. مع إعادة الحق للذين غبنوا سابقا لأسباب معروفة ، يأتي في مقدمتها الرغبة لإرضاء السلطات حيث غيرت الأدوار بناء على ذلك ) ، فأصدر عام 2005م نفحتين الأولى : ( ما قاله الشعراء في قاسم العطاء ) والذي حصلنا على طبعته الرابعة عام 2013م إهداءً من الدكتور الجوذري تضمنت قصائد في حب الإمام القاسم عليه السلام ، وفي مكانته وكراماته لـ ( 52 ) شاعرا سبقها بمقدمة فيما عاناه من جهد في لملمة قصائدهم ، مشيرا إلى أن ما حصل عليه ليس هو كل ما قيل في الإمام عليه السلام ، بعدها نبذة عن حياة الإمام عليه السلام ، والثانية ( كرامات الإمام القاسم ) التي لم أحصل عليها ، ولكنني في تأكيد من أنها تحمل من الكرامات ما يعدّها البعض من المبالغات الخارقية التي تخرج عن نطاق قوانين الحياة 0
وفي نفحة الدكتور الجوذري السادسة ( مراقد السادة النجباء جنوب الحلة الفيحاء عام 2007م نظر إلى مراقد أولئك النجباء نظرة تأريخية وهو عضو اتحاد المؤرخين العرب الذي عرف مسالك قراءة التاريخ وتفحص معلوماتها 0
وما إن حلّ عام 2008م حتى تنسمنا نفحتين من نفحات الدكتور الجوذري هما : ( ذو الكفل نبي الله المرسل ) ، و ( قبسات من السيرة النبوية الشريفة ) 0
وعن أئمة أهل البيت في ظل الدولة العباسية اصدر الدكتور الجوذري نفحته : ( أئمة أهل البيت وعلاقتهم بالدولة العباسية ) عام 2009م 0
ونشط الجوذري في مسعاه الإيماني  بنفض غبار الزمن عن كثير من المعلومات المهمة في التاريخ وردها إلى أصولها الحقيقة بعد تمزيقه لصور الزيف فأصدر سنة  2010م ثلاث نفحات هي ( الثائر زيد الشهيد ، و المختار الثقفي الثائر المنتقم ، والسيدة أسماء بنت عميس )
وفي عام 2011 م نزل الدكتور الجوذري بنفحتين : ( السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر عليهم السلام ) و ( مشهد رد الشمس للإمام علي بن أبي طالب عليه السلام في الحلة ) معتمدا في ترصين معلوماته على ( 37 ) مصدرا ومرجعا 0
ويمكن أن نعد عام 2012م عام الخصب في نتاج الجوذري التأريخي اذ أمطرنا بأربع نفحات غاية في الأهمية فيما احتوت من معلومات تاريخية هي : ( الصحابي الجليل رشيد الهجري ، و السفير مسلم بن عقيل وولديه محمد وإبراهيم ، والسيدة زينب عقيلة بني هاشم ، والسيدة أم البنين سيرة حياتها وجهادها )  0    
أما في عامنا هذا 2013م فللدكتور الجوذري نفحتين ( في رحاب السيد شاكر الموسوي ) الذي يقول فيه : ( السيد شاكر الموسوي من الشخصيات اللامعة في المجتمع العراقي وأصبح بوزنه الاجتماعي رمزا للناس يهرعون إليه كلما ادلهم بهم الخطب ) ، و ( أهل البيت وعلاقتهم بالدولة الاموية ) ربما يلحقهما بنفحات أخرى قبل أن يزف لنا عام 2014م حضوره 0
وربما يقول القارئ العزيز  إن ما أصدره الجوذري من عناوين هي ليست جديدة ، وإنما سبقه في ذلك كثير من المؤرخين الذين أمدوا المكتبة التاريخية الدينية بكثير من الإصدارات التي احتوت على دراسات ، وبحوث ، وتراجم ، وتأرخة لأولئك الذين تناول سيرهم الجوذري ، فنقول نعم ان ذلك عين الصواب ، ولكن الفارق الملموس هو ذلك الأسلوب الشائق المريح الذي استخدمه الجوذري ، وذلك التتابع المعلوماتي ، وسعة تمحيص الحدث وسلخ التشويه عنه والحقبة الزمنية التي كتب فيها كلها أسباب جعلت الأستاذ وزير التعليم العالي والبحث العلمي يقوم بتكريمه قي شباط 2013 بدرع الإبداع 0
مزيدا من الإبداع أيها الدكتور الجوذري الأصيل بأصالة رؤيتك فيما أجاد به تفكيرك وسطره قلمك فنحن بانتظار نفحاتك الإيمانية العبقة والله الموفق  0




 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمود كريم الموسوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/07



كتابة تعليق لموضوع : الدكتور عبد العظيم الجوذري ونفحاته الإيمانية
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net