صفحة الكاتب : عبد الصاحب الناصر

وتبقى مسيرة العراق على الطريق الصحيح
عبد الصاحب الناصر

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.


 تتسارع الاحداث في منطقة الشرق الاوسط ومعها سقوط سياسيين و مؤازريهم من وعاظ السلاطين الذين نصبوا أنفسهم كمحللين و متبجحين على السواء. اطلعت على مقالة  مهمة في مجلة السياسة الخارجية التي طلعت علينا في عددها الأخير بمقال بعنوان التالي (نهاية اردوغان  The End of Erdogan).
و قبلها  مقالات عن الانقلاب القطري، و عن قرب سقوط العائلة الحاكمة في المملكة السعودية، و اخرى عن فشل سياسة الولايات المتحدة في معالجة قضية حق استخدام الطاقة النووية الإيرانية للاغراض السلمية التي انتهت باتفاق سلمي. كما وفشلت السعودية وقطر في فرض حالهما على القضية السورية، فأمريكا ومعها الوحدة الأوربين توصلت إلى استنتاج أن بديل بشار الأسد هو حكم القاعدة المتمثلة بجبهة النصرة  وداعش...الخ، ولهذا نتوقع نتائج مؤتمر جنيف الثاني القادم غير مسرة للسعودية وقطر.

علق احدهم يسابق الاحداث، وكانه رسول ملهم و منزل، يمتلك علم الغيب، علق في ثاني يوم انتخاب الشعب الايراني للسيد ولايتي بأنه انقلاب امريكي على البطل احمدي نجاد. يا لها من عبقرية و بعد نظر!!
ورغم كل هذه التغيرات السياسية المتسارعة في المنطقة، الا إن بعض العراقيين في غفلة منها بسبب طريقة تفكيرهم، و ومحاولاتهم اليائسة والبائسة في معالجة القضايا العراقية الأساسية وفق أوهامهم. فهؤلاء عقدوا العزم بان لا تغير و لا تطور و لا تسامح و لا اتفاق حتى على اكثر المواضيع خطورة و اهمية، وكأنهم يسيرون عكس دوران الكرة الارضية حول محورها، ومسيرتها على مدارها حول الشمس (ورحم الله كوبرنيكوس!). كثير منهم يدعي الانتماءا للديمقراطية و يرفضها في نفس الوقت، و يرفض  نتائجها ان لم تكن كما يشتهي. فاصبح مثلا حكم الاكثرية الانتخابية طريق للدكتاتورية والتفرد بالسلطة منذ يومها الاول، و اصبحت الاكثرية الانتخابية دكتاتورية الاكثرية، و انفرادها بالسلطة رغم أنهم مشاركون في هذه الحكومة وصنع القرارات السياسية.

عند ملاحظة هذه التغيرات الحادة والكبيرة في السياسة العالمية، يحق لنا، نحن من أشرنا الى سلامة تصرف، وعقلانية السياسة العراقية، ان نتساءل اليوم و بكل فخر: متى ستفتخرون مثلنا و معنا بوطنية و حصافة بعض القادة السياسية العراقية على قلتها؟  نحن لا نتوخى منهم الاعتراف بالفشل، و لا الاعتراف بالخطأ في تحليلاتهم كما كانوا يشتهون. المهم هنا وكل ما نتمناه منهم هو دعمهم للوطنية العراقية. اتهم احدهم، و ما يزال، الجيش العراقي بالعمالة للأمريكان و يتمادى اكثر، بأنه لا يسترجي اي خير من جيش تربى تربية امريكية، و اكثر من ذلك حين يتهم  السيد المالكي بالعمالة للامريكان، و بالأخص بعد زيارته الاولى الى الولايات المتحدة الامريكية، و ان كان الخلاف و اضحا بينهما و اعترف به الرئيس الامريكي لما يخص القضية السورية وحتى بعد تغيير سياسة امريكا و اعترافها بعبثية الحل العسكري للقضية السورية اي اعتراف صريح و واضح بصحة وجهة نظر الحكومة العراقية، يصر هذا البعض على موقفه الخاطئ فتأخذه العزة بالإثم، وهو يتهم المالكي بشتى الاتهامات، ولا يتمكن هؤلاء من اثبات ما يدعون ولم يقدموا مثالاً واحداً  لنقول لهم عفى الله عما سلف، في وقت ينوبون عن العباس (ع)  في مقارعة الظلم، كما يدعون، ولكنهم كدونكيشوت  في مقارعة طواحين الهواء بسيوفه الخشبية.

تتغير السياسات كما هو معروف  مع تغير الزمن والمصالح و الاحداث و الثوابت، و لكن يبقى هؤلاء صامدين لا تتغير اراءهم فمازالوا  يصرون على أن الأرضة مسطحة وثابتة حتى عند اثبات دوران الارض حول نفسها  و كرويتها. 
هذه امراض الماضي، نتمنى لهم الشفاء منها كما نتمنى لهم الاستعانة بالثوابت عند النظر الى الامور الوطنية .
مازالت السيدة هناء ادور تتكلم عن التظاهرات والاحتجاجات و  منصات الاعتصام في الرمادي و مناطق اخرى من العراق و كان الارهاب يغذّى و يفخخ و يحدث في الوجه المظلم من القمر. و من الغريب عندما تكلمت في الندوة التي اقامتها لها منظمة الحزب الشيوعي في لندن و بمشاركة الآنسة ميسون الدملوجي (عضو فعال في القائمة العراقية) في يوم ٢٠/١٠/٢٠١٣ كدليل على عدم انحيازها، تكلمت عن رفضها  التعاون و المساهمة مع منظمة مدنية اخرى، قالت انها تعود للمجلس الاسلامي الاعلى بقيادة عمار الحكيم، بحجة ان منظمتها (جمعية الأمل) حرة لا ارتباط لها مع اي حزب. ولا اعرف كيف تناست جلوسها في صدر القاعة مع الآنسة ميسون الدملوجي وهي الساعد الأيمن لأياد علاوي، و ارتباطاتها بفخري كريم، و كونها عضو سابق في الحزب الشيوعي العراقي، و ارتباطها الحالي الدائم مع الحزبين الكرديين وهي ترتبط و تتقاضى و تستلم منذ سنوات رواتب تقاعدية بدرجة وزير من أموال الشعب الكردي، و  هي لم تشغل أية وظيفة لدى حكومة الإقليم .كيف يكون الانحياز اذنْ/ و كيف نفسر الجمود العقائدي المحنط  كالديناصورات؟
لا شئ اذنْ يتغير بالنسبة لهؤلاء في العراق ان لم يكن من صنعهم و من افكارهم و من تحليلاتهم ، و ربما الاجدر عندهم ان لا نتغير نحن كذلك و ان نبقى نراوح في مكاننا  خارج دائرة التاريخ كما قال الشاعر الكبير اودونيس . كيف ولماذا يحدث هذا في وقت واحد  لليسار العراقي و للإسلام السياسي؟
ان التغير و التطور و السير الى الامام من سنة الحياة، وحتمية التاريخ التي يتغنى بها بعض الماركسيون قولاً ولكنهم يخالفونها عملاً . ومن يقف عقبة في وجه التغيير سيسحقه التاريخ بعجلاته الثقيلة بلا رحمة. الفتغير والتطور الحضاري حاجة نابعة من الطبيعة البشرية وعلى مدى العصور و منها هذا التطور المذهل في جميع المجالات. فلماذا نتعمد التخلف عن غيرنا؟ يعلمنا التاريخ ان الثوابت و الشواهد الباقية اليوم من تاريخ اهلنا انما هي حركة التطور التي ساهموا بها بدون خوف بل برغبة جامحة للتطور،  فلماذا نرفضها اليوم ، هل هو تعمد في ايقاف عجلة التاريخ و التطور و التعلم و التوسع في العلم و المعرفة ؟
ان الحكومة الحالية هي حكومة العراق كله مع كل الحسنات و السيئات، و من يرفضها عليه ان يأتي لنا اليوم و ليس غدا، بالبديل الأفضل والممكن عملياً عبر صناديق الاقتراع، و ان يضع الحلول للتطور لا ان يضع العقبات و العثرات و العصي في عجلة التغير. هذا هو مجتمعنا و هذا هو شعبنا و هذه هي حالتنا و من يرغب بالتغير عليه ان يساهم فعليا بالتغير، فالانتقاد كعادة و شهوة و تسقيط  دون وضع البديل الأفضل هو التخلف بعينه. انه العقم  الفكري الذي لا ينتج الا الاحباط و وأد العزائم عند الذين يعملون لخير هذا الشعب. و عندما تسترشد الآنسة ميسون الدملوجي بحصافة و ديمقراطية السيد صباح الساعدي و السيد مقتدى الصدر و ببسالة السيدة مها الدوري، لنقرأ السلام  على التقدمية التي تدعي الالتزام بها.
لقد اصبح الحقد السياسي بين الغرماء كالمبالغة بكحل العيون حتى بفقدان البصر،  فكيف يرفض الانسان البصيرة و النظر الى المستقبل وهو فاقد البصيرة، دعك عن الامل بالانفتاح على الغير وعلى العلم  و العالم المتقدم اذا كان الاصطفاف إلى جانب جاهل كمقتدى الصدر عنوان للوطنية والتقدمية. فلنتعلم و نتعود منذ الان على قراءة السلام على العراق.
طلع تقرير مالي عالمي عن التطور في الاقتصاد بين الدول  عند الخمسين بعد الالفين يقول بان الصين ستصبح الدولة الاولى في اقتصاد العالم المتطور، و أن اقتصاد بريطانيا سيتسلق  ليعلو على اقتصاد المانيا ليصبح اعلى اقتصاد في اوربا. لم تعتمد هذه الدراسة على التنجيم وضرب التخت، و لا على الرغبات والتمنيات، بل على تحليل علمي لمسيرة العالم و عن بعد نظر و استشراف للاحداث.

بيت القصيد ، مهما يكن نجاح العراق في اي قضية داخلية ام خارجية  ومهما يتقدم البلد ولو بابسط الخطوات، سيبقى في نظر البعض تخلفا يراوح على حافة الهاوية. تعترف السيدة هناء ادور في ندوتها تلك بكل مجال مساهمات منظمات المجتمع المدني طبعا بقيادتها وتعترف  بتعاونها مع السلطات التنفيذية و التشريعية و مع وزارة المرآة، و تعترف بل وتتبجح بفرضهم (اي منظمات المجتمع المدني) بفرضهم كثير من التغيرات في مضمون و سن القوانين، و في مساهماتهم في تقارير الأمم المتحدة، ورغم كل ذلك، تعود لتقول ان الوضع في العراق سائر نحو الانحطاط والإنهيار، و لا توجد حكومة، و لا برلمان و لا ادارة، وأن  الوضع مزري و ظلامي و يهدد اي تقدم للعراق. وتضيف ان حال العراق لا يشبه  حال اي دولة مدنية.
لكنها تعترف بان بعض السجينات اخبرهن بان خلايا الارهاب ناشطين في السجون و بالأخص سجن النساء و يقومون بتثقيف و تدريب الفدائيين، يا سلام ، فأنتِ تدافعين عن من إذنْ؟  و  بعد اكثر من ثمانية شهور من الافراج عن كل السجينات من السجون لم تتمكن من الاعتراف بتسوية هذا الامر ولا حتى ضمن نشاط جمعيتها.
اما نحن ، فكما علمتم ، فهل لشفائنا من معاد ؟
 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الصاحب الناصر
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/12/28



كتابة تعليق لموضوع : وتبقى مسيرة العراق على الطريق الصحيح
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net