صفحة الكاتب : يحيى غازي الاميري

صدورٌ مثخنة بالجراح تئن ، من مسلسل إعصار لا يهدأ 6
يحيى غازي الاميري
وجوهٍ متجهمةٍ وعيونٍ باكية ٍحزينة
جَلستْ مجموعة من النسوةِ
في إحدى خيامِ معسكرِ النازحينَ
أغلبهنَّ توشحنَ بالسواد
مُطلِقاتٍ العنانَ للطمِ الصدورِ،
ولمواويلِ النواحِ
ولسيولِ الدموعِ تحفرُ أخاديدَها
بعدَ تَوالي النَكباتِ والفواجع
صمتٌ يقطعُ النواحَ
إحداهنَّ يُغمى عليها 
تشيرُ إحدى النسوةِ الواقفاتِ بيدِها
التزمنَ الصمتَ و الهدوءَ
لتستنشقَ المزيدَ من الهواء
 مسحتْ الأخرى وجهَها بالماءِ
وأحضرتْ أخرى علبة عطرِ
علَّهُ يفيقها من الإغماء
بعدَ ساعةٍ من الوقتِ، فاقتْ من غَيبوبتها
ناولتها إحدى زميلاتها التي تتحزمُ بعباءتها السوداء،
قدحاً من الماء ِشربتْ منهُ جرعةً وجرعةً ثانيةً 
وأعادتْ القدحَ إليها
أدارتْ وجهَها في المجلسِ
وتسمرتْ عيناها على ملابسَ ملونةٍ لطفلَتيها
اللتين انتزعتهما منها بقوةِ السلاحِ 
جحافلُ من الكلابِ السودِ المسعورةِ
المدججةِ بالحقد ِالأعمى
الذي أفقدهم البصرَ والبصيرة
 مولعينَ متلذذينَ بالقتلِ الهمجي البربري
تلك التي كانت قد هاجمتْ المدينة
مع خيوطِ الفجرِ الأولى
أغمضتْ عينيها،
وبدأتْ تنوحُ بصوتٍ خافتٍ ممزوجٍ بشجنٍ
وهي تلطمُ صَدرها ووجهها بإحدى يديها ،
فيما
تحتضنُ بالأخرى صُرَّة الملابس:
ــ هذه الدنيا أرتنا العجب
و كل أنواع القتل بلا ذنبٍ ولا سبب،
 وأرجعتنا مجدداً
إلى عصورِ
غنائمِ الحربِ
و النهبِ
والجلدِ
والسبي (1)
يُغمى عليها مَرة ثانية، فتعاودُ النسوةُ الكرة
لمُساعدتها ونجدتها!
إحدى النسوةِ تعيدُ على الأخرياتِ قص حكايتها،
ـ لقد أنقذناها أنا وأختي، تشيرُ إلى أختها التي تجلسُ بجانبها:  
هَربت معنا، كانتْ تركضُ كالمجنونةِ
حافية القدمين مع طفلتيها،
هربت مع مجموعة كبيرة من أهلِ المدينةِ الهاربين
كانتْ صُرَّة صغيرة من الملابس فوق رأسها،
وكانت تقبضُ بقوةٍ بكلتا يَديها على معصمي طفلتيها
 فتعقبتها مجموعة من تلك الكلابِ السوداء
أوقفتها
لم يشفع لها بكاؤها وتوسلها،
 وقتل زوجها وجدُ أطفالها.
كلبٌ أسودُ بهيم، انتزعَ من يديها طفلتيها،
وكلبٌ أسودُ بهيم أخر
 يقفُ بجانبهِ ذو شعرٍ طويلٍ أسودَ
ولحيةٍ شعثاءَ غبراءَ،
وملابسَ حالكةِ السواد
 ضَربها بعُنفٍ
على رأسها بأخمصِ بندقيتهِ
طرحها أرضاً  تتضرجُ بدمائها
وهو يصرخُ بها بصوتٍ مُخيفٍ
كافِرَة.. كافِرَة
تساندهُ أصوات مجموعته
وهي  تصرخُ
بالجموعِ  المذعورةِ الهاربةِ
كُفَّار.. كُفَّار..
كَفَرَة.. كَفَرَة..
 
هذيان مع الفجر/ مالمو – مملكة السويد
آب 2014
 
(1) ورد في قاموس لسان العرب تعريف
السَّبيُ: النَّهبُ وأخذُ الناسٍ عبيداً وإماءً
والسَّبِيَّة: المرأَة المنْهوبة

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


يحيى غازي الاميري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/09/03



كتابة تعليق لموضوع : صدورٌ مثخنة بالجراح تئن ، من مسلسل إعصار لا يهدأ 6
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net