صفحة الكاتب : د . رزاق مخور الغراوي

مبحث البراءة عند الشيخ الوحيد البهبهاني-قد-
د . رزاق مخور الغراوي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

المقدمة

           إن البحث الأصولي يختلف من حيث الأهمية من مورد لآخر ولذلك فأن بعض المباحث الأصولية حظيت باهتمام كبير من قبل الأصوليين على الرغم من كونها أصلا عمليا كما في أصالة البراءة الذي هو معتمد المكلف عند الشك بأصل التكليف كما لو دار الأمر في الحكم الشرعي بين الحرمة والإباحة أو الوجوب والإباحة والمعبر عنه في لسان الأصوليين بالشبهة التحريمية أو الشبهة الوجوبية .

         ويمكن اعتبار البحث عن هذا الأصل من أهم البحوث الأصولية نظرا لارتباطه بتحديد الوظيفة الشرعية عند الشك.

         وقد ذكر علماء الأصول أن الاستناد إلى البراءة مشروط وليس واقعا في عرض الأدلة اللفظية بل إن مورد إجراء أصل البراءة هو حالة اليأس عن وجود دليل يؤدي إلى معرفة الحكم الواقعي في الموضوع الذي يقع فيه الشك.

    ومن العلماء المجددين في هذه المباحث الوحيد البهبهاني الذي يعد من المؤسسين لبعض النظريات الأصولية في القرن الثالث عشر الهجري .

     وتكمن مشكلة البحث الحالي في ان الكتب الأصولية تمثل المحل المناسب لمعرفة ما يذكره العلماء في المسائل الاصولية، إلا أن الوحيد البهبهاني لم يؤلف كتبا أصولية على طريقة التأليف المتبعة في هذا العلم بل إن ما كتبه البهبهاني في هذه المسائل هي مجموعة من الرسائل والفوائد التي تعرض فيها إلى هذه المسألة وفق رأيه الذي يعد فتحا من فتوحات هذا العلم أما بقية كتبه التي كتبها كحواشي على بعض كتب الأصول كالقوانين والمعالم فلم يتم الحصول عليها وتم الاكتفاء بكتابيه السابقين لعدم توفر غيرهما في المطبوع من كتبه لذلك فان البحث الحالي يتضمن التعرض لرأيه في المسالة الأصولية –البراءة-،وكيفية استدلاله عليها وصياغة المسألة بحسب رأيه والذي أصبح رأيا معروفا بين الأصوليين.  

وتأتي اهمية البحث من عدة امور منها:

1)    اهمية بحث البراءة لعلمي الاصول والفقه لكونه مرتبطا بتحديد الوظيفة الشرعية عند الشك.

2)    في كون الوحيد البهبهاني من المؤسسين لبعض النظريات الاصولية، كما عدت بعض مؤلفاته فتحا علميا في علم الاصول.

ومن ثم فان البحث الحالي يهدف الى :

1)    دراسة بحث البراءة عند الاصوليين.

2)    دراسة سيرة الوحيد البهبهاني

3)    دراسة بحث البراءة عند الوحيد البهبهاني.

 

 

ولتحقيق اهداف البحث ،سيتضمن المباحث الاتية:

المبحث الأول: بحث البراءة عند الاصوليين

المبحث الثاني: سيرة الوحيد البهبهاني

المبحث الثالث: بحث البراءة عند الوحيد البهبهاني.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الأول : البراءة عند الأصوليين

تمهيد:

     لقد ذكر العلماء بحث اصالة البراءة  وقد كادت انّ تكون إجماعية في العصر الثالث من عصور العلم أي منذ زمن الوحيد البهبهاني ( قده ) وقد اكتسب هذا الأصل صيغة فنية تحت قاعدة عقلية سميت بقبح العقاب بلا بيان ، وبحسب الحقيقة قد شكلت هذه القاعدة أحد الأسس الرئيسية للتفكير الأصولي المعاصر وطرازه ولهذا استحكمت القاعدة استحكاما شديدا، فقبل الشيخ الصدوق ( قده ) لم يكن لهذه القاعدة عين ولا أثر وامّا في عصره فيظهر منه انه يقول بالإباحة عند الشك في الإلزام ولكن لم يظهر منه انه يقصد البراءة العقلية فلعل مراده الإباحة الشرعية. واما فيما بعد الصدوق فالشيخ المفيد والطوسي (قده) لم يظهر منهما تبني هذه القاعدة العقلية بل قد يستشم من كلامهما العكس فانه كانت هناك مسألة أصولية يبحث فيها عن حكم الأصل في الأشياء هل هو الحظر أو الإباحة فيما إذا لم يستقل العقل فيه بالقبح أو الحسن فقيل فيه بالحظر لأنه لا يؤمن من وقوع المفسدة بسبب الإقدام وهذا الطرز من التفكير لا يناسب مع قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

وبعد الشيخ الطوسي(قده) بفترة قرن من الزمان تقريبا نجد انّ ابن زهرة ( قده ) يذكر البراءة العقلية ولكن بحسب الظاهر لم يكن يقصد بها قبح العقاب بلا بيان بالمعنى المعروف حاليا وانما كان يقول بقبح التكليف مع عدم العلم لأنه من التكليف بغير المقدور ومن هنا تحير المتأخرون عنه في كيفية تفسير ذلك وانه كيف يكون الجهل موجبا لانتفاء القدرة فحملوا كلامه على انّ المقصود انّ الامتثال التفصيليّ غير مقدور.

وبعد ذلك جاء دور المحقق ( قده ) فاستدل على البراءة بتقريبين[1] :

الأول ـ استصحاب حال العقل ، وفي هذا التقريب ارجع البراءة إلى كبرى الاستصحاب ، ومن الواضح انّ الاستصحاب غير قاعدة قبح العقاب بلا بيان.

الثاني ـ انّ التكليف بشيء مع عدم نصب دليل عليه قبيح وعدم وصول الدليل دليل على عدم وجوده ، وهذا أيضا غير القاعدة.

وبعد المحقق شاع إدراج البراءة في الأدلة العقلية ، لأنّ كلا التقريبين المتقدمين عن المحقق يدرجها في الأدلة العقلية لأنّ الاستصحاب عندهم كان بحكم العقل كما انّ التقريب الثاني عقلي وقد ذهب صاحب المعالم ( قده ) إلى التقريب الثاني ونقل في الرسائل ذلك عن القواني.

ثم بعد ذلك في العصر الثالث من علم الأصول تبلورت البراءة العقلية بعنوان قاعدة قبح العقاب بلا بيان ، ثم شكك جملة منهم في جريانها في الشبهات المفهومية لأنّ البيان العرفي قد يكون تاما فيها على تقدير شمول المفهوم وانّ كان غير تام عند الشاك ، ورد من قبل الآخرين بأنّ المراد من البيان العلم عند المكلف نفسه فلا بدّ من تمامية البيان عند الشاك. كما انه ذهب بعضهم إلى عدم جريانها في الشبهات الموضوعية لأنّ المولى ليس من وظيفته بيان الموضوعات وتعيين المصاديق ، وردّ بأنّ المقصود العلم بالمجعول وهو غير حاصل في الموضوعات أيضا وليس المقصود البيان والخطاب الشرعي لكي يقال بأنّ ذلك مختص بالشبهات الحكمية.

والوظيفة المقررة بواسطة البراءة هي السعة وعدم لزوم امتثال التكليف المشكوك ومجرى هذا الاصل هو الشبهات البدوية الحكمية والموضوعية فمورد هذا الاصل هو الشك في التكليف لا الشك في المكلّف به إذ انّ الثاني مجرى لاصالة الاشتغال ، ثم انّ الشك في التكليف والذي هو مجرى لأصالة البراءة ـ أو قل هو موضوع لجريان هذا الاصل ـ يمكن تقسيمه الى ثمانية أقسام كما ذكر الشيخ الانصاري ، وذلك لأن الشك تارة يكون في الوجوب وعدمه ، وتارة يكون الشك في الحرمة وعدمها ، وكلّ واحد من القسمين ينقسم الى أقسام أربعة ، إذ انّ الشك في الوجوب وكذلك الشك في الحرمة تارة ينشأ عن فقدان الدليل وتارة ينشأ عن اجماله وثالثة ينشأ عن تعارض الأدلة وعدم وجود مرجّح لأحدهما على الآخر ، وقد يكون الشك ناشئا عن اشتباه الامور الخارجية.

وصاحب الكفاية استعاض عن تقسيم أنحاء الشك بإعطاء ضابطة عامة وهي انّ مجرى أصالة البراءة هو الشك في التكليف وهو يشمل تمام الأقسام المذكورة ، إلاّ انّه استثنى من هذه الاقسام قسما واحدا لم يرتض جريان البراءة في مورده ، وهو ما لو كان منشأ الشك هو تعارض النصين حيث يبني هو على انّ المرجع في حالات التعارض هو التخيير اعتمادا على مجموعة من الروايات.

وأما السيد الخوئي فأورد على الشيخ الانصاري بأنّ مجرى أصالة البراءة ليس منحصرا في هذه الأقسام الثمانية ، إذ قد يكون الشك دائرا بين الوجوب والحرمة والإباحة ، ولا ريب في جريان أصالة البراءة في هذا المورد أيضا ، وبه تكون الأقسام اثني عشر قسما ، لأنّ هذا النحو من الشك ينشأ أيضا إمّا عن فقدان الدليل أو إجماله أو تعارض الأدلة أو اشتباه الامور الخارجية.

وأما الاخباريون باستثناء الاسترآبادي فالأقسام عندهم منحصرة في خمسة ، وذلك لبنائهم على عدم جريان أصالة البراءة في موارد الشك في الحرمة إلاّ أن تكون الشبهة موضوعية.

وأشار العديد من الأصوليين إلى أهمية بحث البراءة  لشدة الارتباط الواضح بين القاعدة وبين تحديد الوظيفة الشرعية والبراءة تطلق على البراءة الشرعية والبراءة العقلية  وهي من تقسيماتها.

   التقسيم الأول: البراءة الشرعية

أولا: معنى البراءة الشرعية

      فقد عرفها الاصوليون في كتبهم  الاصولية [2]ويراد به تلك الوظيفة الشرعية النافية للحكم الشرعي في حالة الشك مع اليأس عن التحصيل ، هي البراءة المستفادة بواسطة الأدلة الشرعية وهي الكتاب والسنة وكذلك الاستصحاب ، فإنّ كبرى حجية الاستصحاب مستفادة عن الشارع ، ولذلك صحّ ان يعد الاستصحاب من الأدلة الشرعية على حجيّة البراءة.[3]

      ووقع الاختلاف في سعة حجيتها فذهب الأصوليون من علماء الشيعة إلى اعتبار حجيتها مطلقا ، بلا فرق بين الشبهات الموضوعية أم الحكمية ، وسواء كانت الشبهة وجوبية أو تحريمية، وذهب الأخباريون إلى اختصاص حجيتها بالشبهات الوجوبية دون التحريمية .

ثانيا: أدلة اعتبار البراءة مطلقا

          لقد استدل القائلون بحجية البراءة مطلقا بأدلة عديدة، والأدلة تختلف في مدى حجيتها على المطلوب كما أنها تختلف في مستوى الخلاف الواقع فيها بين علماء الأصول أنفسهم , وهي متنوعة الأول:لأدلة الأربعة من القران والسنة والإجماع والعقل وهي:

الدليل الأول :القران

      تعددت الآيات القرآنية التي استدل بها على البراءة ومنها:  

1 - قوله تعالى : ( ولا يكلف الله نفسا إلا ما آتاها)[4] وبالرغم من ظهور معناها في الدلالة إلا أن تلك الدلالة لم تكن بعيدة عن النقد ؛ولذلك ذهب البعض من العلماء إلى أن اسلم تلك التقريبات (أن يقال إن المراد من الوصول في ( ما آتاها ) ، هو الحكم ، والمراد بالإيتاء فيها هو الوصول ، فيكون مفاد الآية نفي التكليف بالحكم غير الواصل ، أي أن الله لا يكلف نفسا إلا بالحكم الذي يصل إليها )[5].

ويكون المقصود من نفي التكليف ليس نفي ثبوته في حق العالم والجاهل وإنما نفي الآثار الأخروية والمؤاخذة عن الإنسان كما هو مقتضى مبنى المخطئة.

2 - قوله تعالى : ( وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا)[6]  , بناء على أن بعث الرسول الأخبار والإنباء التي توجب نقل الأحكام من الرسول إلى الأمة فإذا لم يجد المكلف من الرسول نقلا من الأحكام لم يكن الله ليعذبه على التكليف وبهذا تثبت البراءة عند الشك في الحكم المجهول فيما لا نص فيه .

      ومقتضى الثاني: في الآية أن المراد من نفي التعذيب هي العقوبة الاسئصالية الدنيوية من جهة تكذيب الأمم أنبياءهم فان الله برحمته اخبر بأنه لم يكن يعذب قوما في الدنيا حتى يبعث الرسل والمنبهين إتماما للحجة البالغة لله تعالى[7] .

الدليل الثاني :السنة :

     استدل القائلون بالحجية بروايات كثيرة في هذا المبحث ,ولكن أشهرها بعض النصوص المعروفة بين علماء الفقه والأصول بأسماء خاصة منها : 

1 - حديث الرفع :

             وهو حديث صحيح ورد عن الإمام الصادق عليه السلام : ( عن حريز عن أبي عبد الله( عليه السلام ) قال : قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ،وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة)[8].

     والمستفاد من هذا الحديث الصحيح قد وقع الحديث فيه بين العلماء وتعددت الأنظار فيه بحسب مقاطع الحديث والثابت من خلال الفقرات المتعددة هو تحصيل المومن من العقاب وهذا ما دل عليه الحديث .

وتقريب الدلالة أن المقصود من رفع الحرمة عن الأمة ليس رفعها واقعا وحقيقة فان ذلك يلازم اختصاص الأحكام الواقعية بالعالم دون الجاهل وهو مخالف لما ثبت ضرورة من كون الأحكام مشتركة بين الجميع وعليه يكون المقصود من الرفع هو الرفع الظاهري أي رفع وجوب الاحتياط بلحاظه وبهذه الطريقة يمكن الاستدلال بهذا الحديث على المطلوب .

2 - رواية السعة :

ونص الرواية : ( الناس في سعة ما لا يعلموا)[9]  , وقد قرئت هذه الرواية بصيغتين مع التنوين لكلمة(سعة) و مع الإضافة للاسم الموصول وبناء على القراءة الأولى يكون المقصود أن الناس في سعة خلال مدة عدم العلم بالتكليف لان الله لم يشغل ذمة احد بالتكليف غير المعلوم, وبناء على القراءة الثانية يكون المقصود أن الناس في سعة من جهة الحكم الذي لايعلمون به ويكون بناء على هذه القراءة مطابقا لحديث الرفع المتقدم .

   والفرق المستفاد بين القرأتين إن حديث السعة يكون مؤكدا لقاعدة (قبح العقاب بلا بيان) لأنه قد جعل السعة حكم للمكلف الذي لم يصل إليه البيان هذا بناء على القراءة الأولى وأما بناء على القراءة الثانية فان مفاد هذه الرواية مطابقا لمفاد حديث الرفع .

    وقد أشار بعض العلماء[10] إلى أن الصحيح دلالة الحديث على البراءة الشرعية هو المتعين وهو شامل بإطلاقه للشبهات الموضوعية والحكمية .

3 - رواية كل شيء مطلق:

ونص الرواية ( كل شيء مطلق حتى يرد فيه نهي)[11], والظاهر من مفاد هذا الحديث من كلمة مطلق أي إطلاق على الحلية قبل إثبات النهي وذلك لان المحرمات الشرعية من محكمات الكتاب المفصلات في السنة وهي محدودة على كل حال فان اتفق في مصداق ملحوظ في نظر الفقيه انه مشكوك الحرمة ولم يجد نصا على حرمته فهو من مصاديق الإطلاق في عدم وجوب الاحتياط حتى يثبت من أدلة الاحتياط ما يمكن به الاستدلال على النهي بنحو التقييد .

     وقد وقع الاختلاف في المراد من لفظة ( يرد ) الواردة فذهب البعض إلى أنها بمعنى الصدور  , وبناء على هذا يكن معنى الرواية (كل شيء مطلق ومباح حتى يصدر من الشارع في حقه النهي) وعلية تكون أجنبية عن محل الكلام , وذهب البعض الآخر إلى أن المراد من الورود هو الوصول ، وبناء عليه يكون المقصود ( كل شيء مطلق و مباح ظاهرا حتى يصل إلى المكلف فيه نهي ).

الدليل الثالث الإجماع :

       وتم تصوير الإجماع في المقام من عدة وجوه :

الأول: ملاحظة عبارات المتقدمين في كتبهم والناطقة بكون الأصل في الأشياء هو الإطلاق حتى يرد فيها نهي وهي دعوى معارضة بوجود قائلين بأصالة الحظر والاحتياط بقول مطلق.

الثاني: نقل الإجماع كما ورد ذلك في باب الاستصحاب من معارج[12]  المحقق الحلي حيث ادعى إطباق العلماء على العمل بالأصل .

الثالث: ادعاء الشيخ الانصاري الإجماع العملي على ذلك بعد نقله كلام المحقق الحلي في المعارج[13] .

الدليل الرابع: العقل :

          وعمدة ما يستدل به هنا هو قاعدة قبح العقاب بلا بيان وقد استقل العقل بالحكم بذلك والتساؤل المطروح هل أن قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل تصلح أن تكون بيانا؟ أجاب العلماء بعدم كونها بيانا وذلك لان الضرر إن فسر بالعقوبة فلا مجال لاحتماله بعد حكم العقل المتقدم وبناء على فرض احتماله لا توجد حاجة إلى القاعدة وإنما استحقاق العقوبة يكون في حالة المخالفة اتفاقا حتى بناءا على عدم القول بوجوب دفع الضرر المحتمل.

    وان فسرت بغير العقوبة فالمتيقن منه فضلا عن المحتمل لا يجب دفعه شرعا ولا عقلا ضرورة عدم وجود قبح عقلي في تحمل بعض المضار لبعض الدواعي فيكون ذلك جائزا.

 

 

 

التقسيم الثاني:البراءة العقلية

أولا: معنى البراءة العقلية

البراءة العقلية فيقصد بها (الوظيفة المؤمنة من قبل العقل عند عجز المكلف عن بلوغ حكم الشارع أو وظيفته )[14]،أوهي المستفادة بواسطة ما يدركه العقل من قبح العقاب بلا بيان ، وهو من مدركات العقل العملي المقتضي لتحديد حق الطاعة للمولى جلّ وعلا.[15]

       وقد أسس العلماء قاعدة عقلية يستدل بها لهذه القاعدة وهي قاعدة:(قبح العقاب بلا بيان واصل من الشارع ).

      وذلك من خلال ما صاغه الوحيد البهبهاني عندما ارسى معالم مدرسته الأصولية من خلال دعوى إدراك العقل لقبح معاقبة المولى للمكلفين إذا لم تصلهم تكاليفه وخالفوها مع فحصهم عنها

بغض النظر عن أسباب الاختفاء مع حصول حالة اليأس عن بلوغ تلك التكاليف .

والقاعدة المذكورة قد تطابق عليها العقلاء على اختلاف الملل والمذاهب واختلاف المستوى الاجتماعي والبيئة التي ينحدرون منها .

وهي القاعدة التي (عبر عنها بعض المشرعين المحدثين بقوله: ( لا عقاب بغير قانون ).

وبالطبع إن مراده بالقانون هو خصوص القانون المبلغ بوسائل التبليغ المتعارفة وإلا فإن التشريع وحده لا يكفي في إيقاع المواطنين تحت طائلة العقاب , وربما كان غرض القائلين بأن ( الأصل براءة الذمة ) هو الإشارة إلى هذه القاعدة العقلية )[16][.

     ولقيت هذه القاعدة مناقشة من قبل  عدد من الفقهاء ، بدعوى كونها غير تامة من جهة معارضتها بقاعدة عقلية أخرى ، تقتضي من المكلف الإلتزام بالمحتمل وهي قاعدة هي وجوب دفع الضرر المحتمل .

       والقاعدة المعارضة أيضا قد تطابقت عليها آراء العقلاء بدعوى أن العقل متى احتمل

وجود ضرر في شيء ما حكم بلزوم تجنبه دفعا لذلك الضرر المحتمل.

ومحل (التعارض بينهما إن القاعدة الأولى مع احتمال التكليف وعدم تنجزه بالوصول ، تنفي العقاب من الشارع وتمنعه ، والأخرى لا تمنعه بل تصحح صدوره منه وتلقي التبعة على المكلف إن قصر في امتثاله ، فالأولى مؤمنة من الضرر ، والثانية غير مؤمنة وموضوعهما واحد )[17] .

      ورد الكلام السابق بان العقل هو الذي اصدر هذين الحكمين المتعلقين بموضوع واحد ولا يمكن أن يتناقض حكم العقل في مثل هذه الحالة بالضرورة.

    ولهذا فقد فرق البعض من الاصوليين بين القاعدتين بالرتبة معتبرا أن قاعدة دفع الضرر المحتمل بيان من الشارع ويزول معها موضوع القاعدة الثانية.

واجيب عن ذلك[18] :

أولا: إن زوال موضوع القاعدة الثانية دائم لان موضوع القاعدة هو حالة الشك في التكليف وهي حالة لا يزول معها الاحتمال وعلى هذا لا يوجد موضوع لقاعدة قبح العقاب فكيف تطابقت آراء العقلاء على قاعدة ليس لها موضوع ؟؟؟

ثانيا : إمكان ادعاء العكس بدعوى ورود قاعدة قبح العقاب على قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل ؛لأنها تؤمن احتمال الضرر وعند تامين الضرر لا موضوع لقاعدة دفع الضرر المحتمل.

وعلى هذا يمكن ان تتبادل القاعدتان حالة الورود بالنسبة للأخرى ولا يزول الإشكال في مثل هذه الحالة.

      وقد رأى بعض العلماء [19]ان الحل في مثل هذه الحالة (هو الرأي الذي تبناه بعض

مشايخنا العظام على غموض نسبي في أداء بعض مقرري بحثه ).

والظاهر أنه يريد هذا المضمون في : - دفع الاشكال ، فإن لم يكنه فهو قريب منه في أكثر خطوطه - وهو اعتبار القاعدتين منفصلتين عن بعضهما موردا ، ولكل منهما مجال .

وفي هذه الحدود لا التقاء بينهما ليلزم التعارض ، وبشئ من التحديد للمراد من كلمة الضرر يتضح هذا المعنى .

كما يطلق الضرر ويراد به النقص الذي يدخل على الانسان بسبب عمل أو ترك شئ ما سواء كان روحيا أم ماديا ، وهو على قسمين دنيوي وأخروي ، ولكل من هذين القسمين حساب بالنسبة إلى موضع بحثنا )[20].

     اما بالنسبة لاحتمال الضرر الدنيوي فان كان على درجة كبيرة من الاهمية، وكان الضرر المحتمل لا يتسامح فيه عادة ، فان العقل يدرك لزوم الاحتياط على ما معه ، ومنه يدرك رأي الشارع بالزامه به حتى لا يقع المكلف في الامر المبغوض للشارع ,ومثالها البارز هي الدماء والفروج والأموال على بعض المباني .

والعقوبة في حال المخالفة بسبب التجري وعلى هذا ، (فقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل قائمة هنا ، ومنها يكتشف البيان الشرعي ، فتكون واردة على قاعدة قبح العقاب بلا بيان واصل إذ لا تبقي لها موضوعا ليرد الحكم العقلي عليه)[21].

وأما احتمال الضرر الأخروي فليس له اثر في جعل الحكم الشرعي  ومعه لا يمكن تصور لا تقع في العقاب للزوم التسلسل الواضح بداهة .

      وعلى هذا (فالقاعدتان لا تعارض بينهما ولا تناقض في حكم العقل ؛وعلى هذا فقاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل إنما تختص في المواقع التي يمكن للشارع ان يجعل تكاليفه عليها- ولو كانت التكاليف احتياطية - .

وهي لا تشمل غير قسم من الاحتمالات لا ضرار دنيوية بالغة ، يعلم من الشارع بغض وقوعها من العبد ، وما عداها فقاعدة قبح العقاب بلا بيان تبقى قائمة ، وهي هادمة بقيامها للقاعدة الأخرى لتحصيلها القطع بالمؤمن الرافع لاحتمال العقاب .

نعم في الموارد التي لا تصلح للمؤمنية فيها ، كما في موارد الشبهات البدوية قبل الفحص - بالتقريب الذي ذكرناه سابقا - تجري هذه القاعدة - أعني قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل - لعدم المؤمن العقلي - كما هو واضح -)[22]   .

وكون البراءة العقلية وظيفة  أمر لا يحتاج إلى كلام ضرورة افتراض البراءة  عند اختفاء الأحكام الشرعية ، وليس فيها ما يكشف عن رأي الشارع ولا نظر إلى الواقع لأنها وظيفة ظاهرية للخروج من حالة الشك في التكليف ليس اكثر ؛ ولهذا قال الفقهاء ان البراءة وظيفة عقلية وليست شرعية .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثاني: سيرة الوحيد البهبهاني

يتناول المبحث الحالي سيرة الوحيد البهبهاني من حيث ولادته ونشأته ومؤلفاته.

أولا: الاسم والولادة

هو الشيخ محمّد باقر ابن الشيخ محمّد أكمل بن محمّد صالح الإصفهاني المعروف بالوحيد البهبهاني، وينتهي نسبه إلى الشيخ المفيد قدس سره كما نقل ذلك الشيخ الطهراني في «الكرام البررة»، بثلاث عشرة واسطة من طرف أبيه، أما من جهة أمه فيرتبط بثلاث وسائط فقط إلى المحدث الكبير  والعالم الرباني المجلسي الأول، ومن هنا عبر في تأليفه عن المجلسي الأول بالجدّ، وعن المجلسي الثاني بالخال كما وأن في ضمن حلقاته السببية نجد أمثال العالم الصالح العلامة ملا صالح المازندراني طاب ثراه.

وقد ولد في أصبهان سنة 1117 للهجرة[23] .

ثانيا: دراسته وتحصيله العلمي

تلقّى قدس سره بدايات علومه في حوزة إصفهان، وفي حدود 1135للهجرة سافر إلى النجف الأشرف لإكمال دراسته الحوزوية وتهيأت له الأسباب فيها لتحصيل وتكميل ما تعلمه من العلوم العقلية والنقلية عند العالمين العلمين السيد محمد الطباطبائي البروجردي – جد السيد بحر العلوم – والسيد صدر الدين القمي المشهور بالهمداني شارح كتاب وافية الأصول، وبعد استكمال أشواطه الدراسية، سافر إلى بهبهان ـ من نواحي خوزستان ـ وسكن فيها مدّة تقارب الثلاثين عاماً.

ثمّ سافر إلى كربلاء المقدّسة واستقرّ بها، فقام بأعباء المرجعية، ونهض بتكاليف الزعامة الشيعية ونشر العلم بها، فبرز تضلعه في العلوم وذاع صيته مطبقاً الآفاق.

وابرز من تتلمذ على يديه:

أبوه الشيخ محمّد أكمل، السيّد محمّد الطباطبائي البروجردي، السيّد صدر الدين الرضوي القمّي، الشيخ محمّد حسين الإصفهاني، السيّد محمّد باقر گلستانه، الشيخ محمّد القاساني.

أما تلامذته فأبرزهم:

السيّد محمّد مهدي بحر العلوم، الشهيد السيّد محمّد مهدي الخراساني المعروف بالشهيد الثالث، الشيخ جعفر كاشف الغطاء، السيّد محسن الأعرجي الكاظمي المعروف بالمحقّق البغدادي، الشيخ محمّد المازندراني المعروف بأبي علي الحائري، الشيخ محمّد مهدي النراقي المعروف بالمحقّق النراقي، الشيخ أبو القاسم الجيلاني المعروف بالمحقّق القمّي، السيّد صدر الدين محمّد الموسوي العاملي، السيّد محمّد جواد الحسيني العاملي، السيّد محمّد مهدي الشهرستاني، السيّد علي الطباطبائي، السيّد محمّد حسن الزنوزي الخوئي، السيّد محمّد قصير الخراساني، الشيخ محمّد تقي الإصفهاني، السيّد أحمد العطّار البغدادي، السيّد محمّد باقر الشفتي، الشيخ أسد الله التستري، الشيخ أحمد النراقي.

ثالثا: آثاره ومصنفاته[24]

ـ الحاشية على مجمع الفائدة والبرهان 1ج .

ـ الرسائل الأصوليّة 1ج .

ـ الرسائل الفقهيّة 1ج

. ـ الحاشية على مدارك الأحكام 3ج

. ـ مصابيح الظلام في شرح مفاتيح الشرائع 11ج

. ـ الرسائل الكلاميّة 1ج.

ـ حاشية المعالم 1ج.

ـ التعليقة على منتهى المقال

 . ـ التحفة الحسينية 1ج

ـ الفوائد الحائرية 1ج.

ـ التعليقة الفوائد الرجالية

ـ الحاشية على الوافي

رابعا:شواهد العلماء بحقه

1)الشيخ عبد النبي القزويني قدس سره[25]:

«فقيه العصر، فريد الدهر، وحيد الزمان، صدر فضلاء الزمان، صاحب الفكر العميق والذهن الدقيق، صرف عمره في اقتناء العلوم، واكتساب المعارف والدقائق، وتكميل النفس بالعلم بالحقائق، فحباه الله باستعداده علوماً لم يسبقه أحد فيها من المتقدّمين، ولا يلحقه أحد من المتأخّرين إلّا بالأخذ منه، ورزقه من العلوم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت، لدقّتها ورقّتها ووقوعها موقعها، فصار اليوم إماماً في العلم، وركناً للدين، وشمسا لإزالة ظلم الجهالة، وبدر الإزاحة دياجير البطالة، فاستنارت الطلبة بعلومه، واستضاء الطالبون بفهومه، واستطارت فتاواه كشعاع  الشمس في الإشراق، مد الله ظلاله على العالمين، وأمدهم بجود وجوده إلى يوم الدين.

 

2) قال السيّد محمّد مهدي بحر العلوم في بعض إجازاته : ( شيخنا العالم العامل ، العلاّمة وأُستاذنا الحبر الفاضل ، الفهّامة المحقّق النحرير ، والفقيه العديم النظير ، بقية العلماء ، ونادرة الفضلاء ، مجدّد ما اندرس من طريقة الفقهاء ، ومعيد ما انمحى من آثار القدماء ، البحر الزاخر ، والإمام الباهر).

3) العلامة النوري صاحب المستدرك:

«أولهم وأجلهم وأكملهم: الأستاذ الأكبر مروج الدين في رأس المائة الثالثة عشر المولى محمد باقر الإصبهاني  البهبهاني الحائري، قال الشيخ عبد النبي القزويني في تتميم أمل الآمل بعد الترجمة: فقيه العصر إلى يوم الدين... إلى أن قال: وبالجملة، ولا يصل إليه مكثنا وقدرتنا انتهى»[26].

خامسا:وفاته

تُوفّي قدس سره في التاسع والعشرين من شوال 1205ﻫ بمدينة كربلاء المقدّسة، ودُفن في رواق حرم الإمام الحسين صلوات الله عليه ممّا يلي أرجل الشهداء رضوان الله عليهم[27].

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

المبحث الثالث : البراءة عند الوحيد البهبهاني                  

تمهيد:          

   كان زمان الوحيد زاخرا بأسباب التطور العلمي في المباحث العلمية كنتيجة طبيعية للحاصل من الاختلاف الفقهي بين علماء الأصولية والإخبارية وتعتبر بعض مؤلفات الوحيد إرثا علميا كبيرا لاحتوائها على فتوحات علمية في أهم القضايا الأصولية سبق بها الوحيد علماء الشيعة.

      فقد كان الفضل الكبير للوحيد البهبهاني في التفريق بين الأمارات والأصول حيث أن الفقهاء قبل زمانه لم يكونوا يفرقون بين الامرين وقد اكد على هذه الحقيقة الشيخ مرتضى الانصاري في بداية المقصد الثالث من فوائده الاصولية ؛ الا ان نسبة ذلك بالدقة إلى الوحيد البهبهاني يحتاج إلى مراجعة شاملة لبقية كتبه للظفر بمستند هذه القضية[28]  .

       ومن خلال تتبع التاريخ العلمي للوحيد يبدو واضحا الدور الذي سجله لنفسه فی علم الاصول بالخصوص لما شهده عصره من صراع علمي حول بعض القضايا المرتبطة بعلم الاصول والخلاف الكبير حول جدوى الاعتماد على الدليل العقلي.

      ومن ابرز اعماله الفكرية في علم الاصول هو ابتكار التفريق بين الامارات والاصول وكان السبب وراء هذا التوجه من قبل الوحيد انه وجد ان الادلة الموصلة على نحوين وليست على نحو واحد فالنحو الاول هي الادلة التي توظف من قبل الفقيه من اجل الوصول إلى الحكم الشرعي الواقعي من قبيل السنة والاجماع مثلا .

      وهذه الادلة قد تصيب الأحكام الواقعية وحالة الاصابة هذه ليست يقينية بل ظنية وقد اصطلح عليها الوحيد البهبهاني بالادلة الاجتهادية والنحو الثاني من الادلة هي التي تكون في طول النحو الاول وتوظف من اجل تحديد الوظيفة الشرعية عند الجهل من قبيل البراءة وتسمى هذه الادلة بالادلة الفقاهتية .

     وبناء على الطولية بين الادلة المذكورة فان الادلة من النحو الاول ستقدم على الادلة من النحو الثاني بسبب حالة الطولية

       ولم يكن الاهتمام واسعا ببحث الشك في الدراسات الاصولية قبل زمان الوحيد البهبهاني ولعل الشيخ الانصاري هو مؤسس التنظير الخاص بمباحث الشك وان كان الوحيد هو مؤسس التقسيم المعروف عند الاصوليين بالشك في التكليف والشك في المكلف به .

       ولاشبهة ان هذا التقسيم كان امرا مهما في تاريخ علم الاصول في القرن الثاني عشر الهجري ولم يكن الوحيد مسبوقا به من قبل .

 وكان الوحيد يرى ان الشك يقسم إلى قسمين : شك في التكليف وشك في المكلف به وكانت الوظيفة التي خلص اليها الوحيد في هذا البحث لكل من القسمين هي البراءة عند الشك في التكليف والاشتغال عند الشك في المكلف به .

     وکان الوحید يرى ان الشك من حيث المتعلق ليس نوعا واحدا بل نوعان وان للعقل حكم في كل مورد من الموردين فحكم في احداهما بالبراءة وهي حالة الشك في التكليف وفي الاخرى بالاشتغال بناء على قاعدة اليقين بالاشتغال لا يزيله الا يقين مثله [29].

       وقد اصبح هذا المنهج العلمي في الأصول العملية وجعلوا التمييز في المتعلق هو الفاصل بين حكم البراءة [30]أو الاحتياط.

     وبقي الأمر على هذا المنوال إلى ان خالف في ذلك السيد محمد باقر الصدر عندما خالف المشهور القائلين بقيمة هذه القاعدة إلى عدم الاعتداد بقيمة هذا النهج لرفضه القيمة العلمية لقاعدة قبح العقاب بلا بيان[31], وقد ناقش راي الاصوليين في ذلك فذهب إلى انه ليس جائزا قياس حق الله تعالى على عباده بحق غيره من الموالي بسبب ذاتية مولوية الله وجعلية مولوية الموالي العرفية ولايمكن تنزيل الذاتي منزلة الجعلي .

     ووفق هذا الكلام فاذا وصل الامر الالهي للعباد فبها ونعمت والا فلا يمكن غض النظر عن حقه في التكاليف المحتملة فتكون مولوية الله تعالى شاملة لما يقطع به ولما يحتمل من التكاليف .

        ويقول السيد الصدر بناء على هذا (فالقاعدة العملية الاولية هي اصالة الاشتغال بحكم العقل ما لم يثبت الترخيص الجاد في ترك التحفظ على ما تقدم في مباحث القطع )[32].

       وقد نوقشت هذه النظرية التي عرفت بمسلك حق الطاعة في قبال مسلك قبح العقاب بلا بيان من قبل العلماء في البحوث التخصصية بعدة مناقشات منها :

اولا : ان حق المولى غير منفي في المقام وأما مجرد الاحتمال مع عدم ثبوت الحق فلا يثبت حقا للمولى وهو امر بديهي .

وثانيا : ان العقل يقبح المعاقبة على امر غير ثابت من قبل المولى فان حقه غير الثابت لا يجيز العقل المعاقبة عليه , وغير ذلك من المناقشات التي ذكرت في البحوث التخصصية[33].  

    وقد بين الوحيد البهبهاني رايه في مبحث البراءة في قبال راي المدرسة الاخبارية بقوله   ( أنّ المجتهدين ذهبوا إلى أنّ ما لا نصّ فيه، و الشبهة في موضوع‏ الحكم، الأصل فيهما البراءة.و المراد من الثّاني: أنّ حكم الشي‏ء شرعا يكون معلوما، لكن وقع الشّبهة في موضوعه. مثلا: «الميتة حرام البتّة»، و «المذكّى حلال كذلك»، و لكن وجد لحما لا يدرى أنّه فرد الميتة أو المذكّى)[34].

       وهذا الراي هو مخالف لما ذهبت اليه المدرسة الاخبارية حيث ذهبت بحسب كلام الوحيد الى اربعة مذاهب اولها الراي المشهور عندهم وهو التوقف وثانيها الحكم بالحرمة ظاهرا وثالثها الحكم بالحرمة واقعا ورابعها وجوب الاحتياط [35].

ادلة البراءة عند الوحيد البهبهاني :

     واشار الوحيد الى ان العلماء المجتهدين يستدلون للاخذ بالبراءة بعدة امور منها [36]:

الاول: حكم العقل .

الثاني:الايات الكثيرة .

الثالث : الاحاديث المتواترة

الرابع : الاجماع[37] .

الخامس: السيرة الجارية:واستدل الشيخ الوحيد[38] ايضا بالسيرة الجارية منذ زمن النبي (ص) على عدم الزام النبي للمسلمين في حالة عدم التبليغ بالحكم الشرعي (و نجزم أيضا: أنّ الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم يوم بعث لم يلزمهم على ذلك، بل كان يبلغهم التكليف، لا أنّه صلى اللّه عليه و آله و سلم يبلّغهم الرّخصة و الإباحة، و رفع التكليف بالتوقّف أو الحرمة كما يقول الأخباريّون.)[39].

    واخذ ببيان ادلة المتوقفين وبدا بالاحاديث[40] الدالة على التوقف في حالة الجهل بالحكم كما يرى الاخباريون ورد هذه الحجة بقوله (أنّ المجتهدين قائلون بمضمونها، بل أساس اجتهادهم و مذهبهم على مضامين هذه الأخبار، إذ عرفت أنّهم- من جهة أنّ الفتوى لا بدّ من أن تنتهي إلى العلم- يقولون: إنّ الحجّة ظنّ المجتهد الجامع الشرائط، لا ظنّ غيره، لوجود العلم و اليقين بحجّيّة ظنّه)[41].

      ورد ايضا بقية الاحاديث التي احتجوا بها ومنها قوله (ص) : (حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك فمن ترك الشبهات نجا من المحرمات ومن اخذ بالشبهات ارتكب المحرمات من حيث لا يعلم)[42], بعدة امور منها [43]:

اولا : عدم كون الرواية دالة على المطلوب اصلا بل هي دالة على امر اخر مخالف من حيث المضمون مع راي المستدلين به .

وثانيا: ان الخبر يصرح بوضوح ويفرق بين الشبهة والحرام وانها بين الحلال والحرام .

     والاقرب عنده ان الحديث دال على كون المكلف على وشك الوقوع في الحرام لا انه واقع في الحرام فعلا بمجرد ارتكابه للشبهة , يضاف الى ذلك ان الصيغة الواردة هي صيغة ارشاد ووعظ مع كون الخبر وارد ايضا فيما تعارض فيه نصان ولا يجب التوقف فيه .

وثالثا : موافقة الحديث لمذهب المجتهدين لانه يجعل الحكم ثلاثيا حلال وحرام بين وشبهة مكروهة وهو لا ينسجم مع راي المتوقفين .

ورابعا ان الحديث بناء على هذا سيكون شاملا للشبهة في الموضوع وما احتمل الوجوب وغير الحرمة من الاحكام .

وخامسا : ان اعتبار ما لا نص فيه من باب الشبهة التي تستدعي التوقف اول الكلام ومصادرة على المطلوب لخروجه عن الشبهة بموجب ما تقدم من الادلة .

وسادسا: دلالة الاخبار[44]  عى عدم وجود عقاب على ارتكاب الشبهات .

وسابعا:عدم وجود مقاومة من هذا الحديث لادلة المجتهدين في المسالة , وغير ذلك من الوجوه.

شروط الاخذ بالبراءة 

وذكر الوحيد الى ان التمسك بالبراءة لا يكون الا بعد توفر عدة شروط ذكرها بقوله: ( ثمّ اعلم: أنّه ذكر لصحّة التمسّك بأصل البراءة شروط:[45]

الأوّل: أن لا يكون مثبتا لتكليف من جهة أخرى، و هو ظاهر، ...

الثّاني: أن لا يكون في مقام الإضرار بمسلم أو بمن في حكمه لأنّ عموم «نفي الضّرر و الإضرار» الّذي هو ثابت عقلا و شرعا يمنعه، بل لا بدّ من الحكم بالتدارك لو فعل الضّرر.

الثالث: أن لا يكون المتمسّك فيه جزء عبادة مركّبة لأنّها توقيفيّة:

فإن ورد النصّ بالإجزاء فلا يمكن التمسّك في النّفي بالأصل، و إلاّ فلا يمكن أيضا، لأنّ اشتغال الذمّة بها يقينيّ‏، فلا يرفع بمجرّد الاحتمال، و لأنّ الأصل عدم كونه عبادة.

إلاّ أن يقال: لا نسلّم اشتغالها بأزيد من القدر اليقينيّ الّذي ثبت من‏ الإجماع أو غيره.

و فيه أنّ التكليف إذا وقع بالإتيان بفعل مجمل: فإن لم يمكن الإتيان به فلا يكون تكليف به، بل لا بدّ من البيان، و إن أمكن الإتيان به بارتكاب مقدّمات لا مانع منها شرعا فلا مانع من التكليف به حينئذ، فالمقتضي موجود، و المانع مفقود.

نعم لو وقع الإشكال: في أنّ المقدّمات مانعة مبطلة أم لا، فيكون من قبيل الأوّل)[46].

وعقد[47]فائدة تحت عنوان تمسك المجتهد باصل البراءة ذكر فيه الشروط السابقة والكلام فيها تفصيل للحالة التطبيقية للتمسك بالبراءة في الفقه ...

نتائج البحث :

يمكن اجمال نتائج هذا البحث في عدة امور وهي :

1-اهمية البراءة من الناحية الفقهية جعلت الخلاف الحاصل فيها امرا خطيرا ومؤثرا وكاد ان يكون حالة سالبية .

2- ان الاختلاف الفقهي والاصولي عندما يجند في خدمة الحركة العلمية فانه يثمر نتائج مهمة كما حصل في حركة التصحيح التي قادها الوحيد البهبهاني .

3- ان الاختلاف ليس فقط ينمي الذهنية الفقهية والاصولية بل يجعل العلماء اكثر قدرة على صياغة الافكار التي يكتبون فيها بطريقة منضبطة علميا .

4-ان الصراع الفكري بين العلماء كان سببا من اسباب انتشار ثقافة الاختلاف بين علماءالمذهب الواحد

5- ان الوحيد البهبهاني كان رائدا من رواد علم الاصول ومبتكرا لاهم افكارها ويمثل مدرسة مستقلة ليس فقط في قبال التوجه الاخباري بل في قبال المدارس التي تجتر ما يقوله السابقون فقد اثبت الوحيد من خلال سيرته العلمية انه من عظماء مبتكري النظريات الاصولية في القرنين  السابقين .

 

 

 المصادر والمراجع :

1-  القران الكريم

2-  الاصول العامة للفقه المقارن – السيد محمد تقي الحكيم ،دار الفقه للطباعة،1431هـ،قم،ايران.

3- بحار الانوار- الشيخ محمد باقر المجلسي،مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،1432هـ،لبنان.

4- الخصال – الشيخ محمد بن علي الصدوق،مؤسسة اخوانيان،1408هـ،قم.

5- وسائل الشيعة – الشيخ محمد بن حسن الحر العاملي، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،1403هـ،لبنان.

6- الفوائد الحائرية ،والرسائل الاصولية– الوحيد البهبهاني،مؤسسة آل البيت،1376هـ،قم.

7-  التذكرة لاصول الفقه – الشيخ محمد المفيد،دار الكتاب،1404هـ،لبنان.

8- العدة – الشيخ محمد الطوسي،مطبعة الهدى للنشر والتوزيع،1409هـ،قم.

9- معارج الاصول – المحقق الحلي،تحقيق محمد حسين الرضوي،مؤسسة آل البيت،1403هـ،قم.

10- الاعتقادات – الشيخ محمد الصدوق،مطبعة دار العلم للنشر والتوزيع،1409هـ،لبنان.

11- مستدرك الوسائل – الميرزا حسين النوري الطبرسي،مؤسسة آل البيت لاحياء التراث،1402هـ،قم.

12- التوحيد – الشيخ محمد بن علي الصدوق،تحقيق السيد هاشم الطهراني،1411هـ،قم.

13- الكافي – الشيخ محمد الكليني،مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،1405هـ،لبنان.

 14- فرائد الاصول-الشيخ مرتضى الانصاري،مؤسسة الاعلمي للمطبوعات،1411هـ،لبنان.

15- دروس في علم الاصول،السيد محمد باقر الصدر،دار الاضواء،1430هـ،لبنان.

16- بحوث في علم الاصول-السيد محمود الهاشمي،تقريرات محمد باقر الصدر،دائرة معارف الفقه الاسلامي،1426هـ،قم.

17- اعيان الشيعة-السيد محسن الامين العاملي،دار التعارف للمطبوعات،1986م،لبنان.

18 - تتمة أمل الامل-السيد محمد آل أبي شبانة البحراني،تحقيق عبد العزيز علي آل عبد العال،1409هـدمشق،سوريا.

19- مرآة الاحوال-رزق الله حسون الارمني،مؤسسة احياء التراث،2000م،دمشق،سوريا.

20- المعجم الاصولي-محمد صنقور علي البحراني،مؤسسة الاعلمي،1412هـ،لبنان.

 

 

 

[1] بحوث في علم الاصول،السيد محمود الهاشمي،ج2،ص26.

[2] راجع كتابي بحوث في علم الاصول،للسيد الشاهرودي ج2،وكفاية الاصول في اسلوبها الثاني،للشيخ الايرواني ج4،.

[3] المعجم الاصولي،محمد صنقور البحراني،ج1،ص404.

[4] الطلاق – الآية (7)

[5] السيد محمد تقي الحكيم في كتابه  الأصول العامة للفقه المقارن ص482 

[6] الاسراء – الاية (15)

[7] لم يكن الاستدلال بالايات مقتصرا على الايات المذكورة بل كانت هناك عدة ايات وردت في كتب الاصوليين منها : (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ ...(286)من سورة البقرة) وقوله تعالى (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْمًا بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّى يُبَيِّنَ لَهُمْ مَا يَتَّقُونَ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ (115)من سورة التوبة) وقوله (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ (42) من سورة الاية) وقوله (وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ (119) من سورة الانعام) وغيرها من الايات التي استدل بها في مبحث البراءة .

 

[8] التوحيد للصدوق باب التسعة ح9 ص353,وسائل الشيعة كتاب الجهاد باب 56 من ابواب جهاد النفس ,ح1.

[9] مستدرك الوسائل,كتاب الحدود.باب 12 من ابواب مقدمات الحدود ح4

[10] الاصول العامة للفقه المقارن ص489

[11] وسائل الشيعة كتاب الصلاة باب 19 من ابواب القنوت ح3

[12] معارج الاصول ص208 الفصل الثاني من الباب العاشر وهي خاتمة الكتاب المسألة الثانية  الوجه الرابع مما استدل به على الاستصحاب.

 

[13] حكاه الشيخ الانصاري في فرائده ج1 ص334 الوجه الثاني من ثاني وجهي تقرير الاجماع على البراءة, والمعارج ص205 الفصل الثاني من الباب العاشر المسالة الاولى الوجه الرابع مما احتجه به القائلون بالاباحة 

[14] الأصول العامة للفقه المقارن ص513

[15] المعجم الاصولي،محمد صنغور، ج1ص421

[16] المصدر نفسه ص513-514

[17] الاصول العامة للفقه المقارن ص514

[18] نفس المصدر 516"بتصرف من الباحث".

[19] نفس المصدر 517.

[20] الاصول العامة في الفقه المقارن ص515-516

[21] الاصول العامة للفقه المقارن  ص516

[22] المصدر نفسه  ص518

[23] مرآة الاحوال: ج1، ص.130.

[24] أنظر اعيان الشيعة: ج9، ص182،ومقدمة الرسائل الاصولية.

[25] في تتميم أمل الآمل ص75

[26] مستدرك الوسائل: ج3، ص384.

[27] مقدمة الرسائل الاصولية للشيخ البهبهاني.مجموعة المدرسين،قم المقدسة.

[28] لان هذا المصطلح لم يتم العثور عليه صريحا في كتابيه الفوائد الحائرية والرسائل الاصولية القديم والحديث .

[29] نقل بتصرف من الرسائل الاصولية للشيخ الوحيد،البراءة.

[30] لقد ذكر الشيخ البهبهاني في الفوائد الحائرية تعريف الاصل لغة وهو ما يبنى عليه الشيء ،وفي اصطلاح الفقهاء على ما قاله الشهيد الثاني يطلق على معاني اربعة:الدليل والراجح والاستصحاب والقاعدة ولا كلام في الاول ولا ثاني ...فقد بين الاصل دون البراءة في تعريفه،وكذلك لم يقسم البراءة الى عقلية وشرعية لان في وقتها لا يوجد تقسيم للبراءة،نعم ناقش الاخباريون بأدلة عقلية على أثبات البراءة قبل الشرعية..

[31] يرى البعض ان رفض السيد الصدر للقاعدة ليس شيئا جديدا وأما هو استنساخ لراي المدرسة الاخبارية  لراي بعض اساتذته  كما أشار إلى ذلك الشيخ الفياض في لقائه مع الباحث في 3/12/2014.

[32] دروس في علم الاصول  القسم الثاني من الحلقة الثالثة ص33-34

[33] مقدمة الشيخ الاصفي لكتاب الفوائد الحائرية  من ص68 إلى  ص78

[34] الفائدة الرابعة والعشرون من الفوائد الحائرية ص239-240

[35] المصدر السابق ص240

[36] وقد اوردناها بشيء من التفصيل بالمبحث الاول .

[37] قداشار إلى ذلك بقوله (دليل المجتهدين: حكم العقل بقبح التكليف و المؤاخذة ما لم يكن بيان، و «الآيات» الكثيرة، و «الأخبار المتواترة» المتضمّنة لنفي التكليف‏ و المؤاخذة ما لم يكن بيان و علم، و أنّه لا يخلو الزّمان عن إمام ليعرّف النّاس ما يصلحهم، و ما يفسدهم إلى غير ذلك. و «الإجماع» نقله جمع منهم: الصدوق رحمه اللّه‏ في اعتقاداته، و المحقّق، و العلاّمة، و كثير من المتأخّرين، و هو الظاهر من كلام الكليني‏، و المفيد رحمه اللّه‏، و الشيخ رحمه اللّه‏) الفوئد الحائرية ص240-241

[38] وهذا الاستدلال انفرد به الشيخ الوحيد البهبهاني،ولم يقوله غيره حسب علمي،الباحث.

[39] الفوائد الحائرية ص241

[40] وسائل الشيعة الباب 19من ابواب صفات القاضي ح1و21

[41] وسائل الشيعة الباب 19من ابواب صفات القاضي ،ص242ح1و21

[42] اصول الكافي ج1 ص67و68

[43] بتصرف من قبل الباحث من كتاب الرسائل الاصولية،البراءة.

[44] بحار الانوار ج44 ص139 ح6

[45] الرسائل الاصولية والفوائد الحائرية،البراءة،للشيخ البهبهاني.

[46] الفوائد الحائرية ص250

 

[47] المصدر نفسه ص252


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . رزاق مخور الغراوي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/02/03



كتابة تعليق لموضوع : مبحث البراءة عند الشيخ الوحيد البهبهاني-قد-
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net