شيعة العراق والقوة الناعمة ( 1 )
رشاد العيساوي

(ماء وبسكوت وعصير وقبلة هذه معركة لكسب القلوب والعقول على الطريقة العراقية أعضاء في منظمة بدر اقوى مجموعة شيعية تقاتل داعش يوزعون الامدادات الغذائية على سكان بلدة سنية تقع شمال تكريت ……. ويبدو ان العقول والقلوب قد تم اكتسابها في الوقت الراهن حيث وصف زعيم البلدة المقاتلين الشيعة بأنهم جيدون حيث انهم يأخذون المرضى الى الطبيب حتى وان كان ذلك في الصباح الباكر ولولاهم لما تمكنوا من البقاء على قيد الحياة ومع سقوط تكريت من يد داعش فان محاولات كسب العقول والقلوب سوف تنتقل من الضواحي الى وسط المدينة)
http://arabic.cnn.com/me-140315-wedeman-iraq-hearts-minds
بهذه الكلمات زين مراسل قناة CNN العربية والذي كان اجنبيا تقريره عن معارك تحرير صلاح الدين ولاحظت يوما اثناء تصفحي لمواقع الانترنت مصطلحا لم أكن مسبوقا به وهو مصطلح (القوة الناعمة) فأخذت اتجول في محرك البحث أسبر اغوار الشبكة العنكبوتية باحثا عن هذا المصطلح الجديد فكان جل ما وجدته من تدوينات تتحدث عن استخدام أمريكا للقوة الناعمة في السيطرة على الشعوب والحكومات وبعض قليل منها يتحدث عن استخدام إيران لهذا الأسلوب ولكن ما فزع الى ذهني بسرعة واخذ يسيطر على تفكيري هو جانب اخر تغافل عنه قوم وغفلنا نحن عنه أيضا وهو اننا نمتلك هذه ( القوة الناعمة ) وجالت الأفكار في ذهني وانا اطالع فوجدت الموضوع حريا بالاهتمام ويحتاج الى تسليط الاضواء عليه في المرحلة الراهنة التي نمر بها لما له من الأهمية والمساس بسلوكنا اليومي بل وحتى تقييمنا لما يدور حولن من احداث قد نقع في أخطاء في تفسيرها وتحليلها الامر الذي يوقعنا في مطبات كبيرة تكون نتيجتها ان نتجاهل هذه القوة ونحرم انفسنا من آثاره العظيمة ولكني وجدت الموضوع يحتاج الى بحث مطول قد لا يسعفني الوقت الى طرحه مع ما اجده من حاجة ماسة اليه ومع ضغط الاحداث المتسارعة آثرت وانا في حالة قريبة من الاضطرار ان اجمع مادة بسيطة تعطي للقارئ تصورا وان كان مقتضبا عن الموضوع على ان اترك للباحثين امر اعداد بحث اكاديمي عنه او ان اوفق ببركة دعاء الصالحين لإعداد هذا البحث فكانت هذه السطور المتواضعة اضعها بين ايدي القراء مع شديد توسلي ان يغفروا لي ما فيها من هفوات
مفهوم القوة الناعمة
تعني القوة الناعمة أن يكون للدولة قوة روحية ومعنوية من خلال ما تجسده من أفكار ومبادئ وأخلاق ومن خلال الدعم في مجالات حقوق الإنسان والبنية التحتية والثقافة والفن، مما يؤدي بالآخرين إلى احترام هذا الأسلوب والإعجاب به ثم اتباع مصادره وهذا التعبير اول من استعمله جوزيف ناي من جامعة هارفارد لوصف القدرة على الجذب والضم دون الاكراه أو استخدام القوة كوسيلة للإقناع. في الآونة الأخيرة، تم استخدام المصطلح للتأثير على الرأي الاجتماعي والعام وتغييره من خلال قنوات أقل شفافية نسبياً والضغط من خلال المنظمات السياسية وغير السياسية.

القوة الناعمة في تعاليم اهل البيت عليهم السلام

لعل ابسط مطالعة لروايات أئمة الهدى عليهم السلام في باب العشرة تظهر للمطالع مدى اهتمامهم عليهم السلام بهذا الموضوع وحث شيعتهم على التحلي بمحاسن الاخلاق وكل ما يجعل الشيعي محل قبول من الاخرين وتحقيق اعلى درجات الاندماج مع المجتمعات التي يعيشون فيها وهذه نماذج منها: -

1- محمد بن يعقوب، عن محمد بن إسماعيل، عن الفضل بن شاذان، وعن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار جميعا، عن صفوان بن يحيى، عن معاوية بن وهب قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): كيف ينبغي لنا أن نصنع فيما بيننا وبين قومنا، وفيما بيننا وبين خلطائنا من الناس؟ قال: فقال: تؤدون الأمانة إليهم، وتقيمون الشهادة لهم وعليهم، وتعودون مرضاهم، وتشهدون جنائزهم
بل في بعض النصوص يطالب الأئمة عليهم السلام اتباعهم بان يكونوا في المراتب العالية من حسن الخلق والمعاشرة والورع
 2-قال الإمام الصادق (عليه السلام): ليس من شيعتنا مَن يكون في مصر يكون فيه آلاف ويكون في المصر أورع منه وقال أيضا
يا شيعة آل محمّد، إنّه ليس منّا مَن لم يملك نفسه عند الغضب، ولم يُحسن صحبة مَن صحبه، ومرافقة من رافقه، ومصالحة مَن صالحه، ومخالفة مَن خالفه
3-عن عبد الله بن خالد الكناني، قال استقبلني أبو الحسن موسى بن جعفر (ع) وقد علقت سمكة بيدي، قال اقذفها إني لأكره للرجل ان يحمل الشيء الدنى بنفسه، ثم قال (ع) انكم قوم أعداؤكم كثير يا معشر الشيعة، انكم قوم عداكم الخلق فتزينوا لهم ما قدرتم عليه

4 -صحيحة هشام الكندي قال سمعتُ أبا عبد اللَّه الإمام جعفر الصادق: عليه السّلام: يقول: إيّاكم أن تعملوا عملاً يُعيِّرونا به فإنَّ ولد السوء يُعيَّر والده بعمله كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا صلوا في عشائركم وعودوا مرضاهم واشهدوا جنائزهم ولا يسبقوكم إلى شيء من الخير فأنتم أولى به منهم. والروايات في هذا المجال كثيرة جدا. والملاحظ منها ان الائمة عليهم السلام يريدون من شيعتهم امور
الاول-ان يتحلوا بمكارم الاخلاق والورع والاجتهاد في الدين
الثاني – ان يحققوا تمام الاندماج مع المجتمعات التي يعيشون فيها
الثالث – ان تتحلى الشخصية الشيعية بعناصر الجذب وسحر الشخصية الذي يصطلح عليه اليوم (الكاريزما )
الرابع – ان يتنزه اتباعهم عن الرذائل بل وكل ما يشين الشيعة وبالتالي ائمتهم عليهم السلام
الخامس – الترفع عن كل ملا يناسب الشخصية الرفيعة المستوى اجتماعيا ولو ان يحمل الشيعي بيده شيئا لا يحبب حمله كالسمكة

يتبع ان شاء الله تعالى

الموضوع السابق المرجعية والنازحون

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat