صفحة الكاتب : باقر جميل

لمحة من ملامح وصايا السيد السيستاني للمجاهدين
باقر جميل

 

شيعة العراق ، هم قوم أذاقوا أعدائهم مرارة الهزيمة بشكل عجيب ، وهذا العجب  سببه عمق إيمانهم وحرارة ولائهم لعلي بن أبي طالب عليه السلام ، القوم الذين أضاقوا معاوية بن أبي سفيان مرارة الهزيمة مرارا وتكرار في صفين مع علي عليه السلام ، واليوم وفي مكان ليس ببعيد عن حرب صفين القديمة، رجع شيعة العراق ورجعت معهم بطولات وصولات أسد العراق و الحجاز أمير المؤمنين ، تحت ضل فتوة غيرة مفهوم الحرب والمعركة ،وقلبت قوانين النصر والهزيمة ، وكل ذلك من خلال كلمة واحدة صدرت من المرجعية العليا في مدينة حيدر الكرار السيد السيستاني (دام ظله) والمعروفة بـ(الجهاد الكفائي) ، لكن مع كل هذه الصولات والجولات التي يتفنن بها أبناء علي عليه السلام ، إلا إن المرجعية العليا لا يمكن أن تحيد عن منهج النبوة وقوانين علي عليه السلام في الحرب ، وهذا الأمر يتضح عند القادة الحقيقيين فقط ، فالكثير من القادة لديهم الشجاعة والإقدام والحنكة في  التدبير ، لكن قد يفتقدون إلى المروءة والإنسانية بأعلى تجلياتها .
لقد برزت مرجعية الإمامية المتمثلة في علمائها وعلى رأسهم السيد السيستاني، وأظهرت معها المعدن الحقيقي للتشيع والإسلام للعالم أجمع، و صورته الناصحة والمخفية عن الناس بسبب أفعال داعش أو المنافقين الذين يدسون في التراث الإسلام الكثير من التحريفات في الدين سابقا وحديثا .
ولعل من أبرز تجليات بياض الإسلام والشيعة الإمامية هو بقائدهم السيد السيستاني ، الذي أستطاع أن يعكس صور أهل البيت للعالم بطريقة عملية ونضيفه ، خالية من التزوير والتدليس .
ومن هذه الصور ما كان في وصاياه للمقاتلين والمجاهدين الذين هبوا للدفاع عن بلادهم وشعبهم وأهليهم ، وصايا عندما قرأتها لأول مرة ، تذكرت وصايا النبي  الأكرم في يوم فتح مكة ومعركة بدر عندما أمر أصحابه بألا يقطعوا شجرة ، ولا يقتلوا الأطفال ولا يحملوا وزر أحد على آخر ، وان الفتح هو يوم المرحمة ويوم تصان به الحرمة ، ومع أن فتوى الجهاد إنما  هي فتوة دفاعية لا هجومية ، لأننا لا نبدأ القوم بقتال على الإطلاق ، نرى قائدنا يشدد على المجاهدين بوصايا كبيرة في مضامينها ، قوية في فكرتها ، محمدية في منبعها ، وحيدرية في مروئتها ، تعطي لكل مجاهدا ميزان عمل يومي ، وبرنامجا متكاملا في جهاده المتنقل من منطقة إلى أخرى ، من دون أن يبخس حق أحد ، أو يخسر من عدو .
ولنعم ما شوهد من تطبيق لهذه الوصايا التي عمل بها المجاهدون قدر المستطاع ، ومن لم يعمل بها  فحكمه يتبين من خلال ما تحتويه الوصية بالتحديد التي نبينها لاحقا، إلا ان هناك فصائل بأكملها تطبق هذه الوصايا وهي في أعلى سعادة في قلبها ، لأنها تمارس الدور الذي مارسه أصحاب علي والحسين من الالتزام بوصايا نائب الإمام ، واسمحوا لي أن انقل لكم صورة واحدة واعتذر من عدم ذكر البقية لان هذه الحادثة حصلت بشكل مباشر، وهي أن لواء  المرجعية التابع للسيد حميد الياسري كان ماسك قرى تابعة لإخواننا أبناء  السنة في الأنبار، فقد قسم هؤلاء  المجاهدون العمل على رعاية المواشي في هذه الحقول وإرجاعها إلى حظائرها مملوءة البطون بكل إنسانية واحترام لحقوق الحيوان ، ولم يتعدوا على تمرة واحدة من البستان الذي هم فيه ، وقالوا إن المرجع الأعلى يحرم أكل ما في البستان من دون إذن صاحبه  ، مع أنهم عند وصول الدعم اللوجستي لهم في أحوج ما يكونوا للطعام والشراب .
الوصايا التي أطلقها المرجع الأعلى في الثاني والعشرين من شهر ربيع الآخر عام 1436 هـ والبالغة عشرون وصية، تحتاج الى بحث مفصل لكل واحدة منها ، بل تستحق أن يكون هناك مؤتمر دولي حول أهمية ومنطلقات هذه الوصايا ، وأنا هنا فقط أأكد على لفت الانتباه لها والتركيز في قراءتها بصورة جيدة ولأكثر من مرة ، لان ذكرها هنا هو بخس لقيمتها ، لكن أكثر ما شدني في هذه الوصايا هي عدة أمور منها :
الأول : أن الدين الإسلامي  الذي جاء به رسول الله ومن بعده وصيه علي بن أبي طالب والأئمة المهديين من بعده ، لم يترك أي حكما من دون أن يفصل كل دقائق أموره ، ومن دون ان يفصل في حدوده وواجباته ، فالإسلام لا توجد في قواميسه إباحة الأحكام بالشكل الذي يؤدي الى التفريط فيه ، ولا مقيد  بدرجة الإفراط  ، بل لكل شيء قوانين وحقوق وواجبات ، ومن هذه الواجبات هي الجهاد ، والتي ذكرها في أول وصية .
الثاني : ان هذه النصائح لا لحاجة أن يمدحنا طرف من هنا أو هناك ، ولا لكي يقال عن المجاهدين أنه ملتزمون بفنون الحرب وأخلاقياته ، بل هذه الوصايا نابعة من أعماق مذهبنا وديننا ، ولا يمكن التخلي عنها مع أي عدو كان .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


باقر جميل
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/07/14



كتابة تعليق لموضوع : لمحة من ملامح وصايا السيد السيستاني للمجاهدين
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net