ما الأمر يا خالد؟ أجابني:ـ ليس هناك شيء غريب في الأمر، أي غرور هذا الذي تصفني به؟ وأنا مذ فتحت عيني أرى أهلي يبذرون فينا حقد آل محمد..! قلت:ـ انا اسألك انت، كيف تجيز لنفسك هذا الموقف الذي لا يجلب لك سوى اللعنة؟ هو لم يكن صراعا مثلما تظنون، فالصراع ينتهي عند موت احد الطرفين، انتم مشكلتكم حتى الموت لا يكفي لانتقام هذا الحقد الذي يكمن في صدوركم، تتمادون في أذاكم، ولا كرامة عندكم لمهابة الموت وجلاله.
ابتسم حينها خالد بن عبد الملك وقال:ـ قد تستغرب من جوابي، نحن نعرف اهل البيت اكثر منكم، ونعرف انهم لا يموتون وان رحلوا عن الحياة، هنا مكمن الصراع، اعرف انها حضرت الطف، لكن بعد مضي 56سنة عن واقعة الطف، يعني انها حضرت الطف كشاهدة والناس يدرون بمظلومية اهلها، وأوصلت صوتها الى العالم اجمع، لم يشغلها شيء في حياتها عن الدعوة لبغض آل أمية، وكشف مكامن الجريمة كما تدعي، وسعى بالمقابل اهلنا الى تشويه سمعة اهل البيت بالأباطيل التي طبل لها رواتنا واتباعنا، مثلاً نسبة تعدد الازواج لسكينة بنت الحسين، لم يغب عن قومي مقاييس العلم، لكنهم قاتلوا بما يملكون علم أهل البيت، ولم يبالوا بقيم الأمانة والأخلاق، فورثنا عن اهلنا الافتراءات عليهم، قلت له:ـ انا اعرف مقدار الحقد وأكثر، لكني اندهش ان ارى المناصب التي تعتلوها بدل ان تحملكم مسؤولية الوجدان، تغريكم فتتصرفون بأسوأ ما يمكن ان يتصرفه عقل انسان.
ماذا فعلت بيوم وفاتها؟ كيف شئت ان تستقبل جنازتها، ألا تستحي من الله يا خالد؟ أجابني بصلافة الطغاة:ـ هل تريدني أن اقر لك بذنب، أم تريدني ان احدثك عن ضميري الذي قلعته؟ اني اردت ان اهين جنازتها، فارسلت لهم ان خالد بن عبد الملك حاكم المدينة يريد الصلاة بجنازتها، وأخلفت الموعد، مما جعل محمد بن عبد الله ابا النفس الزكية ان يشتري عطرا وعودا بأربع مائة دينار كما يقولون ليحرقها حول النعش، ثم صلى عليها اخوها ورحلت.
ولو أني أعرف ان مثل هذا الحوار يجلب لي الرحمة، لزيفت قولا مؤثرا، لكني اعرف ان جرائمنا كبيرة بحق اهل البيت (عليهم السلام)، واعتقد لو أعيد لنا الزمان لفعلناها ثانية وثالثة وألفاً..! نحن لا نطيق آل رسول الله..!
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat