وقفاتٌ قيَميّةٌ مع نصوص الإمام الحُسَين (ع) في نهضته الشريفة الحلقة الرابعة
مرتضى علي الحلي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
مرتضى علي الحلي

بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين، وسلامٌ على الإمام الحسين (ع) في العالمين.. نتابع في هذه الحلقة شرح مضامين خطاب الإمام الحسين (ع): (وخُيِّرَ لي مصرعٌ أنا لاقيه).
خُيِّرَ: هو فعل ماضٍ مبنيٌ للمجهول (إشارة الى تعظيم الفاعل المحذوف، وهنا في المقام هو الله تعالى: بمعنى إختار اللهُ تعالى لي مصرعاً أنا لاقيه). هذا على مستوى المعنى النحوي واللغوي. أما على مستوى المعنى القيمي والأخلاقي والعَقدي، فيكون المعنى أنّ الله تعالى هو من إختار للإمام الحسين (ع) هذا الدور الرسالي العظيم وهذه الشهادة الحتمية، وهذا الإختيار إنما جاء وفق ملاك عصمة الحسين (ع) ومحبوبيته وقدسيته عند الله تعالى، والحسين (ع) يعلم يقيناً بذلك الإختيار الإلهي الحكيم، لذلك سلّمَ به وأفصح عنه علنا.
ولسائل أن يسأل: لماذا هذا الإختيار وبصورة الشهادة والتضحية للدم من لدن الحسين (ع)، فممكن أن يكون الخطاب وإلقاء الحجة كافية في النهضة الحسينية آنذاك؟
الجواب: إنّ كلا الأمرين مطلوبان؛ الخطاب الرسالي، وإلقاء الحجة والتضحية بالدم.. فتارة لايجدي الخطابُ الرسالي وإلقاء الحجة على الآخر المتبع لمنهج الباطل والظلم والفساد، بفعل موت القلوب، وضلالة العقول، وفساد الأنفس.. فحينها تكون ممارسة دور التضحية والمواجهة العسكرية هي الخيار الأفضل في الميدان تحريكاً للساكن، وضخاً للحياة في الموتى من الناس؛ فاللهُ تعالى حينما اختار الحسين (ع) ليكون شهيداً لله تعالى وعلى الأمة، إنما إختاره من موقع الوجود القيمي والقدسي للحسين (ع) في نفوس المسلمين والمؤمنين، وبحكم كونه إمام الوقت والإنسان.
وهذا الوجود الكلي القيمي إذا نزل بنفسه الى الميدان، فسيُشكّل قوة دافعة آنياً ومستقبلياً في إمكانية التضحية بالنفس من أجل إبقاء الرسالة الإلهية صحيحة وقويمة، فضلاً عن ندب الله تعالى في الكتاب العزيز القرآن الكريم لقضية الجهاد والدفاع في سبيل الله تعالى، وإعطاء الإنسان الشهيد الأجر العظيم والحياة الحقيقية.
قال تعالى: (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) آل عمران: 169.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat