بين طيات حرب الطف، هناك قصة زفاف لم تكتمل..!
شابٌ في مقتبل العمر، حمل وصية أبيه على عاتقه، كان نعم الابن الموافي لوالده، الموالي لعمه، والنهج الذي سار عليه جده. كان شمعة مضيئة في كربلاء، رؤيته تدخل السرور على قلب عمه المليء بمآسي الطف.
هو القاسم الذي تربى على يد أبيه كريم آل البيت الإمام السبط الحسن (عليه السلام) وترعرع في بيت النبوة.
لمعركة الطف أعدّه الإمام الحسن (عليه السلام) ليكون ذخرًا لعمه يوم العاشر من محرم، عندما ينادي: (هل من ناصر ينصرنا.. هل من معين يعيننا.. هل من ذاب عن حرم رسول الله (ص)).
خرج القاسم (عليه السلام) ملبيًا لنداء عمه، مستعدًا لفداء عمه بدمه الزاكي، طلب الإذن من الحسين (عليه السلام)، عانقه عمه، وعيناه تفيضان دموعاً، وقلبه مستعر بالنيران؛ لأنه يعرف أن مصير ابن الحسن (عليه السلام) الشهادة. أذِنَ له بالجهاد بعد إلحاحه، جاب ساحات المعركة بسيفه وهو يقول :
إن تنكروني فأنا شبل الحسن .. سبط النبي المصطفى والمؤتمن
هذا حسين كالأسير المرتهن .. بين أناس لا سقوا صوب المزن
كان النور يشع من وجهه، بل هو كل البدر بين ظلام قلوب الأعداء، قاتل قتال الابطال حتى قضى مولانا شهيدًا في أرض الطف .
عندما عرجت روح القاسم (عليه السلام) إلى السماء، تعالت أصوات الملائكة باستقبال مهيب، موكب ليس مثيل كيف لا وهو شهيد السماء، لكن العريس كان مازال عطشانا مخضبا بالدماء، رفض أن يشرب الماء الا بعد ان يلتحق به عمه وأخوته.
كان خجلاً من والده وهو يسأله عن وصيته حيث قال: له افتديت عمي بروحي يا أبي.
وأخذ يقص عليه مشهد من مشاهد يوم الطف، والحسن (عليه السلام) عالم بذلك، لكن هول المصيبة جعل إمامنا يبوح عما رأى ...
غاضت الأرض بما فيها، وتجلى السحاب عن معركةٍ تعالى فيها صوت صليل السيوف..
دماء حق تناثرت كبلور يملأ المحيطات والبحار..
توقفت الدقائق.. وفدى الأبناء آباءهم بالأنفس الزاكيات...
والآباء أجسادهم ملأت الغاضرية.. ومسلم في الكوفة قضى غريبًا..
تضحية فذة... عطش وجراح... جثمان مقطع...
أوصال متناثرة ...
وتابع قائلا: يا أبت تركت أمي ثكلى بي، وقد خضبت يداها من دمي وهي تواسي الزهراء جدتي (عليها السلام) وعمتي زينب والرباب وكل الثكالى فالفقد واحد والمصيبة عمت الجميع ولم يسلم أحد.
السلام عليك يا مولاي يوم ولدت، ويوم استشهدت، ويوم تبعث حياً..
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat