جواز الوقف (ج) وتطبيقاتها من آيات سورة االأعراف (ح 3)
د . فاضل حسن شريف
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . فاضل حسن شريف

الوقف الاختياري ذو العلامة (ج) هو أن يقف القارئُ على كلام تام متعلق بما بعده في المعنى دون اللفظ. وعادة يكون غير متعلق معه من ناحية الاعراب. علامة الوقف الجائز جوازًا في الوقفَ والوصل، ليس هناك أولوية بينهما، والافضل للذي لا يعرف تفسير الآيات التي يقرأها أن يلتزم بعلامات الوقف الموجودة بالمصحف. الوقف الاختياري يسمى ايضا الوقف الحسن لانه يؤدي المعنى الذي يحسن الوقف عنده. وقيل (من لم يعرف الوقف لم يعرف القرآن). قال الله تعالى "وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ (ج: جواز الوقف) قَالَ لَنْ تَرَانِي وَلَكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي (ج: جواز الوقف) فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا (ج: جواز الوقف) فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ" (الأعراف 143)، "وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الْأَلْوَاحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْهَا بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِهَا (ج: جواز الوقف) سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ" (الأعراف 145)، "سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا (ج: جواز الوقف) وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ" (الأعراف 146)، "وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ (ج: جواز الوقف) هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (الأعراف 147).
جاء في ملتقى الخطباء عن إضاءات للأئمة حول الوقف والابتداء في القرآن الكريم للشيخ عبدالرحمن بن إبراهيم العليان: الوقف والابتداء وسط الآية الواحدة، وهذا القسم الكلام عليه أكثر، ذلك أنه أكثر ما يعنى في تقسيمات العلماء حين قسموا الوقف إلى تام وكاف وحسن وقبيح، ونحو ذلك من التقسيمات، وهو أيضا أكثر إهمالا من القسم الأول، وفي الوقت ذاته يجري فيه ضد الإهمال من الإفراط والتكلف. فتجد بعض الأئمة - وفقهم الله - لا يلقي للوقوف من هذا النوع أيّ بال، بل يقف حيث ساعده النفس، ويكمل من حيث وقف، ويترك الوقف التام والكافي، فلا يقف عندها ثم يقف وقفا قبيحا، كأن يقول: (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى) (الأنعام 36)، ثم ربما يعيد، وإعادته أمر حسن، ولكن تركه للوقف عند المعنى التام عند (يسمعون)، ووقفه حيث يفيد معنى قبيحا هو فعل عن الصواب بمعزل. وهناك بعض الأئمة هداهم الله ربما تعدوا في الوقف وغلوا في تكلف المعاني التي لا يدل عليها السياق، ولا تساعد عليها اللغة، بل تردها ردا بينا، وهؤلاء بلا شكّ من غير العارفين بتفسير ولا لغة، وليتهم أدركوا هذا فقلدوا غيرهم من القراء المعتبرين، أو التزموا بعلامات الوقف في المصحف الشريف، وذلك مثل قراءة أحدهم لقوله تعالى: (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا تقتلوه) (القصص 9)، فقرأها: (وقالت امرأة فرعون قرة عين لي ولك لا)، ولا شك أن هذا غلط، لم ينتبه فاعله إلى حقيقته، وسيأتي بيانه إن شاء الله. قال الله جل جلاله "وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ (ج: جواز الوقف) أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا (م: لزوم الوقف) اتَّخَذُوهُ وَكَانُوا ظَالِمِينَ" (الأعراف 148)، "وَلَمَّا رَجَعَ مُوسَى إِلَى قَوْمِهِ غَضْبَانَ أَسِفًا قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ (ج: جواز الوقف) قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ" (الأعراف 159)، "إِنَّ الَّذِينَ اتَّخَذُوا الْعِجْلَ سَيَنَالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا (ج: جواز الوقف) وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُفْتَرِينَ" (الأعراف 152)،
الوقف الاختياري يسمى أيضا الوقف الحسن لأنه يؤدي المعنى الذي يحسن الوقف عنده، وقيل (من لم يعرف الوقف لم يعرف القرآن) كما في الآيات المباركة "وَاكْتُبْ لَنَا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ إِنَّا هُدْنَا إِلَيْكَ (ج: جواز الوقف) قَالَ عَذَابِي أُصِيبُ بِهِ مَنْ أَشَاءُ (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ (ج: جواز الوقف) فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ" (الأعراف 156)، "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ (ج: جواز الوقف) فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ (لا: النهي عن الوقف) أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ" (الأعراف 157)، "وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا (ج: جواز الوقف) وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ (ج: جواز الوقف) وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى (صلى: الوصل اولى مع جواز الوقف) كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ (ج: جواز الوقف) وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ" (الأعراف 160)، "وَإِذْ قِيلَ لَهُمُ اسْكُنُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ وَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ وَقُولُوا حِطَّةٌ وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا نَغْفِرْ لَكُمْ خَطِيئَاتِكُمْ (ج: جواز الوقف) سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ" (الأعراف 161)، "وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ (لا: النهي عن الوقف) لَا تَأْتِيهِمْ (ج: جواز الوقف) كَذَلِكَ نَبْلُوهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ" (الأعراف 163).
كان كثير من العلماء المتقدمين على ابن الجزري يطلقون كلمة (الوقف) و (القطع) و (السكت) في كلامهم ويقصدون غالباً (الوقف) ولا يريدون بها غير الوقف إلاّ مقيّدة وأمّا عند المتأخرين وغيرهم من المحققين فقد فرّقوا بين هذه الاصطلاحات الثلاثة. فـ (الوقف) قد مرّ تعريفه لغة واصطلاحاً أما ( القطع ) لغة: فهو الإبانة والإزالة. واصطلاحاً: ( فهو عبارة عن قطع القراءة رأساً، فهو كالانتهاء، فالقارئ به كالمعرض عن القراءة والمنتقل منها إلى حالة أخرى سوى القراءة وهو الذي يستعاذ بعده للقراءة المستأنفة أدباً ولا يكون إلاّ على رأس آية لأنّ رؤوس الآي في نفسها مقاطع ). وأما السكت لغة: فهو الامتناع، يقال: سكت فلان عن الكلام إذا امتنع منه. قال الله عز من قائل "فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ (ج: جواز الوقف) أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِمْ مِيثَاقُ الْكِتَابِ أَنْ لَا يَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ وَدَرَسُوا مَا فِيهِ (قلى: الوقف اولى) وَالدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ (قلى: الوقف اولى) أَفَلَا تَعْقِلُونَ" (الأعراف 169)، "وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (ج: جواز الوقف) فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ (ج: جواز الوقف) ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا (ج: جواز الوقف) فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ" (الأعراف 176).
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat