أزمة الأخلاق ( لدى البعض ) في ممارسة الإدارة بشكلها المطلوب !!
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير

الإدارة كما يصفها الكثير علم وفن ، والإدارة في عصرنا الحالي واحدة من العلوم الرئيسية التي تتفرع منها عدة تخصصات ، والإدارة في كل المستويات وان كان لها الكثير من المحتويات ولكن وظائفها الرئيسة : التخطيط والتنظيم والتوجيه والرقابة ، والإدارة بمعناها الصحيح تنصرف لإدارة البشر أكثر من إدارة الأشياء فالبشر هم الغاية التي من خلالهم تستخدم الأشياء ، والأشياء هي مساعدات او أدوات او مستلزمات يوظفها الإنسان لتحقيق أهداف المنظمات ، وتلك ليست وجهة نظر فحسب وإنما أمور أثبتتها تطبيقات الإدارة عبر كل العصور ، ففي اغلب النظريات تعطى قيمة عليا للإنسان في ولوج الغايات بغض النظر عن درجة استخدام التكنولوجيا في تحويل المدخلات ( الموارد ) إلى مخرجات ( أهداف ) ، والإدارة حين انطلقت كعلم على يد ( تايلور ، فيول ، هرزبيرك ، ماسلو ، الخ ) في نهاية القرن التاسع العشر وجدت إن الإنسان و العلاقات الإنسانية هي الجوهر والداعم الأساسي لتحقيق أية أهداف ومن دونهما لا تكتسب الإعمال الصفة الشرعية للبقاء والنمو ، ومن نتائج التأثر بالموضوع فقد ظهرت مفاهيم المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility لتأكيد وجوبية الاهتمام بالإنسان منتجا ومستهلكا وفي كل الأحوال والحالات ، ومن تلك المفاهيم أدخلت الأخلاق كعنصر ملزم لممارسة الإدارة في اغلب النظريات والتطبيقات لتكون ( علم وفن وأخلاق ) .
والأخلاق ترتبط بالخلق وتعني مجموعة من القيم والمبادئ التي توجه سلوك الإنسان وتحدد ما هو صحيح وخاطئ او ما هو سلبي وايجابي ، وتتضمن السجايا والصفات الداخلية للنفس الإنسانية التي تدفعه إلى التصرف دون الحاجة إلى تفكير أو روية وقد تكون فطرية بالعادة ويمكن أن تكتسب بالتدريب ، ورغم إن وظائف الإدارة تفرض موجبات ومواقف تستدعي استخدام وظائف الإدارة بشكل ( ايجابي ، سلبي ) بما يتناسب مع الموقف والظرف والبيئة ، إلا إن من المفترض والمقبول أن يتحلى المدير بجوهر الأخلاق في معظم الحالات فالقرارات تكشف عن معدنه الإنساني ، والمدير الناجح هو من يستطيع السيطرة على سلوكه بإبعاد ذاته عنها أي يتعامل بالموضوعية اللازمة ، وتلك الأمور وان كانت تعبر عن المثالية أحيانا إلا أنها يجب أن تكون من السمات الظاهرة لكل مدير ، وعلى أساسها يتم الاختيار فليس كل الأفراد يصلحون للإدارة والقيادة والإمرة لأنها تختص بمن يحمل مؤهلات للقيام بتلك الأعمال ، وإذا كان واحدا من أسرار تقدم البلدان ونهضتها هي وجود إدارات فاعلة كفوءة راغبة وقادرة على تحقيق ما مطلوب فان سرها لا يكمن بما تحمله من خبرات وقدرات ومؤهلات وإنما بما تعبر عنه من قيم وأخلاق ، وإداراتنا ليست بمعزل عن العالم في وجود مثل هذه الإدارات بمختلف القطاعات والتخصصات ووجودها لا يشغل حيزا من معاناة من تتولى إدارتهم ( مجامع و أفراد ) .
و ما يثير الاهتمام لدرجة الحيرة والقلق والخوف ، ممارسة البعض للإدارة بمعزل عن جانبها الأخلاقي في غير الحالات والأوقات التي تستدعي ذلك بشكل تلقائي او مقصود ، حين يتعالى ( المدير ) ويتكبر ويتنكر ويكذب ويظلم ويرتدي وجها يغاير المألوف عنه ، فالبعض يعتقد إن استخدام السلطة ( الصلاحية ) بشكل مفرط يمكن أن يضمن التطبيق والولاء والبعض الآخر يميل للتساهل المفرط واللامبالاة في التعامل مع الحالات ، والبعض لديه صور مشوشة في التمييز بين الصحيح والخطأ فتضيع حقوق المؤدين ، كما إن هناك من يميل للشللية والتكتل وجمع من ينقل الأخبار والمعلومات عن الآخرين ليتم استلامها دون تمييز ، وهناك من يعاني ظلم الادارة بتفضيل هذا وذاك على أسس غير معقولة او مقبولة ، وفي بعض الحالات يجدون مديرا يقاد من قبل غيره وفي ضوء ذلك يصدر القرارات ، وهناك إشكال عديدة أخرى يصعب ذكرها جميعا لما تثيره من الاشمئزاز ، والحالات التي أشير لها والتي قد يعاني منها البعض لا يقتصر وجودها في منظماتنا المحلية فحسب فهي موجودة في العديد من الأماكن بدرجات ، ولعل ما يشخصونه عندنا حدة وجودها و ممارساتها في بعض الإدارات ، وهي حالات لا يجب التستر عليها او تجميلها بأي شكل لكونها سلوكيات مضرة للجميع إفراد ومجتمع ومؤسسات انطلاقا من مبدأ المسؤولية الاجتماعية التي يجب أن تتحلى وتلتزم بها كل الإدارات .
ووجود تلك الممارسات يستدعي وجود المعالجات ، والمنهج الصحيح لذلك هو التشخيص ثم وضع الحلول وأول ما يتبادر للذهن هو وضع الشخص المناسب في المكان المناسب ، وذلك مبدأ وليس شعارا ويتوجب استخدامه بكامل الشمول فعند تطبيقه تحل معظم المعضلات ، ومن المحتمل أن نجد مدراء يشغلون مواقع لا على أساس التوصيف الوظيفي وإنما استنادا لبعض الأسباب كالمحاصصة والعشائرية والطائفية والحزبية وغيرها ، وإذا سئل البعض هل يمكن اعتماد ذلك في الاختيار ؟! ، فنقول نعم انه من الممكن أن يكون صحيحا عندما يتم اختيار المدير الأفضل الذي تتطابق صفاته ومؤهلاته مع مواصفات الوظيفة ، فذلك شائع وجوده ( لضرورات ) في بعض الدول ولكن بشكل لا يغالط ما يجب إن يكون إلى حد بعيد ، فمن الممكن أن يكون المدير ينتمي لطرف إذا كان مؤهلا لذلك المكان وله توجهات في استخدام قدراته بالشكل الصحيح ، وإذا تم اختيار ( فلان) على وفق تلك الأسس ولم يمتلك الحدود الكاملة المطلوبة وبالإمكان تدريبه وتأهيله لإشغال الموقع ليكتسب ما مطلوب ، فلا ضير من ذلك فالمهم أن يتم الإشغال باستحقاق ، وبغض النظر عن الطريقة التي يتم بها إشغال مواقع الإدارة وكالة او أصالة او تسيير الأعمال ، فمن المفيد تذكر المقولة ( لو دامت لغيرك لما وصلت إليك ) ، والشاطر من يفكر في العودة لموقعه بعد المنصب وهو مرفوع الرأس بانجازات ومرتاح البال والضمير ، فكل المناصب تكليف وليس تشريف ولا يمكن لها أن تدوم .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat