حياه نابضة لا تموت بموت عالمها/ سماحة الشيخ محمد هادي عرفة
د . تقى محمود السعدي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
د . تقى محمود السعدي

كلما أدرس في سيرة عالم من علماء الحوزة العلمية أشعر بأن هناك حياة نابضة لا تموت بموت عالمها، وهذا اللون من الدراسة يسلط الضوء على تجربة فكرية بدءا من السيرة الحياتية والتجربة العلمية.
واليوم نقرأ حياة عالم جليل هو سماحة الشيخ محمد هادي معرفة.
ولد في كربلاء عام 1930م وتوفى عام 2006 م وهو من أحفاد الشيخ عبد العالي الميس العاملي، ابن الشيخ نور الدين علي العاملي الكركي، والد الشيخ علي بن عبد الله العاملي.
مثل هذه الدراسات التي تعرف العالم بهوية العالم الحوزوي ليدرك القارئ عمق هذه المدرسة وشموخها، ولو ركز عليها الإعلام التربوي لكنا نتعرف على النهضة العلمية الحقيقية.
درس الشيخ محمد هادي معرفة في الحوزة العلمية، ومن أجل الاستفادة من دروس الخوئي توجه إلى الحوزة العلمية في النجف وبعد ذلك التحق بالحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة، وبعد فترة زمنية شارك في دروس ميرزا هاشم العاملي، وبعدها بدأ تدريسه كأستاذ رسمي في الحوزة العلمية في قم، نتابع التنقلات التي حدثت في حياته العلمية والتنوع الفكري من أستاذ لأستاذ ومن مادة لمادة ومن حوزة علمية لحوزة علمية، الحدود مفتوحة بين حوزة النجف-كربلاء- حلة- قم- وغيرها من الجامعات الحوزوية، نجده تعلم جامع المقدمات في مكتب التعليم لدى علي أكبر نائيني، وقسم من الدروس التمهيدية عند والده، ودرس السيوطي عند السعيد التنكباني ودرس الكفاية عند محمد حسن الماسنجراني، ولأجل أن يتعلم كتاب المطول التحق بدروس أديب النيشابوري، درس قسما من القوانين عند حسن آقا مير والأصول العالية، وقسما من دورة الاجتهاد لدى يوسف البيار جمندي الخرساني، وبعد دخوله الحوزة العلمية في النجف التحق بدروس أبي القاسم الخوئي كما أنه التحق بدروس علماء كبار مثل حسن آقا مير باقر ميرزا آغا مير وباقر الزنجاني، وحسين الحلي والسيد فاني، وطوال وجوده في النجف كان يحرصا على الحضور في دروس سماحة روح الله الخميني، وبعد هجرته إلى مدينة قم التحق بدروس ميرز هاشم الآملي لمدة سنتين وبعد ذلك استمر في التدريس بينما كان منشغلا بالتأليف.
نستطيع من خلال هذه السيرة أن نكتشف شكل البيئة العلمية في الحوزة ومساحتها وأساتذتها وحرية الدرس والتدريس والتركيز على أسس الارتقاء المنهجي من مدرسة لأخرى، ومن مدرس لأخر وقيمة التجربة وركائز التربية الأسرية، فهو ابن الشيخ علي بن محمد من الخطباء المعروفين في مدينة كربلاء، وعائلة الشيخ معرفة من العوائل العلمية العربية، هاجر جدهم من قرية ميس في جبل عامل إلى مدينه أصفهان وبعد ذلك هاجر إلى كربلاء المقدسة واستقر فيها.
من أسس السيرة هو التعرف على التجارب الحية وطريقة التعبير عنها وكل ما سيحدث، إن المفهومات الجماعية ستنعكس على تلك التجارب وتمنحها الهوية والانتماء.
اشترك الشيخ معرفة مع مجموعة من فضلاء الحوزة العلمية لتأسيس مجلة شهرية بعنوان أجوبة المسائل الدينية، هدف إلى إجابة أسئلة الناس الدينية، وقد انتشرت هذه المجلة انتشارا واسعا وخصوصا في الجامعات العراقية، ولاقت رواجا، كذلك في بعض الجامعات الكبرى خارج العراق.
أنا اعتقد أننا اليوم بأشد الحاجة لمعرفة سر القوة التي تمتلكها الحوزة علميا ومعنويا، بالإضافة إلى اشتغاله بالتدريس الفقهي والأصول، انشغل بالبحوث القرآنية أيضا، وقد أثمرت جهوده عن كتابة مجموعة من الآثار في القران وعلومه، كتاب التمهيد في علوم القران ستة أجزاء، كتاب التفسير والمفسرون في جزئين.
هجرته حكومة البعث قسرا عن العراق عام 1973، وأنتقل إلى حوزة قم المقدسة، وألف فيها كتاب صيانة القران من التحريف. تخرج على يديه مجموعة من العلماء مثل محمد علي رضاء الأصفهاني، عبد الكريم بهجت بور محمد خطاط النائيني، عباس البحراني، علي النصيري، إبراهيم الثقفي فاكر، ولديه الكثير من المؤلفات يصل العدد إلى 18 مؤلفا.
توفى في يوم 29 من ذي الحجه سنه 1427عن عمر ناهز 76 في مدينه قم المقدسة، ودفن في حرم السيدة فاطمة المعصومة وأقيم له مهرجان كبيرا تقديرا لجهوده في خدمة القران لنصف قرن في كلية علوم القران،
رحم الله شيخنا محمد هادي المعرفة.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat