صفحة الكاتب : صلاح غني الحصبني

الشعوب تتجه نحو الدولة ونحن نتجه نحو العشيرة !!
صلاح غني الحصبني

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا غرابة في ذلك .. لو وقفنا على السبب الذي دفع غالبية العراقيين بالاتجاه نحو العشيرة او القبيلة وأصبح الولاء لها اكثر من الولاء للدولة رغم ان الدولة تعتبر تنظيم سياسي يكفل حماية القانون وتامين النظام لجماعة من الناس تعيش على ارض معينة بصفة دائمة ، وتجمع بين افرادها روابط تاريخية وجغرافية وثقافية مشتركة  ، وكون طبيعة الفرد الاندفاع نحو من يوفر له الامن والأمان ومن يسانده  بالسراء والضراء ، وبدافع عن حقوقه ، ويحقق له العزه والكرامة ، وهو يعتز بمن يوفر له الاعتزاز ، لكن تلك الملامح لم تكن واضحة في الدولة العراقية وقد حس الفرد
 بوجودها داخل العشيرة او القبيلة وراح يلجآ اليها في كل صغيرة وكبيرة بغض النظر ان كانت تسبر في جادت الصواب او الخطأ ، لتكن ملاذه الامن وجعل منها خاتمة لاسمه بتفاخر بها بين الاخرين ،   
ربما جاء هذا الشعور نتيجة لتخلي الدولة عن توفير تلك الاساسيات والتقاعس بتوفيرها للكافة من مواطنيها خصوصآ الضعفاء منهم وعجزها عن ايجاد حاله من الطمأنينة في نفوسهم يكمن بالحماية القانونية او المدنية ومنحهم الحقوق المكتسبة كإفراد يعيشون تحت طائلة القانون ، والاعتقاد الخاطئ لرجال الدولة باعتبار عملهم فظل على المواطن وليس واجب ملقاة على عاتقهم وخلق حاجز بين افراد الدولة وأفراد المجتمع تبرز ابسط صوره حين يروم الفرد الدخول لأي مؤسسة تابعة للدولة  لابد من رفع ذراعيه الى الاعلى وتفتيشه من رأسه حتى اخمص قدميه ، بالإضافة للتدخل  المفرط بخاصية الفرد لمجرد طرق باب من ابواب الدولة فانه يطالب بمعلومات كاملة عنه وعن زوجته  وأقاربه حتى الدرجة الرابعة خلاف ما جاء في الانظمة والقوانين الدولية وحتى ما جاء به الدستور العراقي النافذ ، وأعطت لنفسها الحق بالحصول على اسرار خاصة بالفرد كان اخرها ما قام به جهاز الامن الوطني بتوزيع استمارة معلومات تظم كل شاردة وواردة عن العائلة العراقية بالوقت الذي ترفض فيه اعطاء اي معلومة تخصها ، لذالك تحولت نظرة الفرد الى الدولة على انها نظام للذل والإهانة وهدر للكرامة والشعور بالعزلة فجعلت عامة الناس تفترق عن الدولة لما تقترفه من  ذنب بحقها  ، وكان لابد ان يتمسك الفرد بمن يلملم شتاته ويشعره أنه يعيش وسط جماعة مع الرغبة الموجودة بداخل الانسان اساسآ  ، فكانت العشيرة او القبيلة هي السبيل الوحيد الية  ربما يخالفني البعض في ذلك ويعتبر قولي مبالغ به ، عندها اتسال هل القانون يطبق على الكافة دون تميز بين هذا وذاك ؟ ، وبين منتمي لحزب وأخر غير منتمي ، وبين مسؤول في الدولة ومواطن عادي؟ ، وهل يعالج المريض في مستشفيات الدولة مثلما يعالج في المستشفيات الاهلية ؟ ، وهل يعلم الدارس في المدارس الحكومية مثلما يعلم في المدارس والجامعات الاهلية ؟ وغيرها من التناقضات ، إذا كان الجواب انها على  مستوى واحد ، فلماذا لم نجد سجين ينتمي الى حزب  ولماذا هذا الكم الهائل من المستشفيات الاهلية ، ولماذا اندفع العديد صوب المدارس والجامعات الاهلية ، هذا  بعني ان الدولة لها ناسها الخاصين والبقية وان انخرط البعض متهم  في مؤسسات تابعة للدولة إلا انهم لم يكونوا بمستوى اناس الدولة ، قد لا يكون ذلك سببآ لاتجاه الفرد نحو العشيرة إلا انه دليل عن انعزال الدولة عن الفرد والذى فقد  ما يحتاجه فاتجه صوب العشيرة .. 
ان ميول الفرد العراقي الى العشيرة او القبيلة وانتماءه المفرط لها  لا خلاف علية ويبرز بوضوح في المجتمع العراقي وهذا ليس من نقاط الخلل بل له الدور الكبير في ترسيخ الكثير من المفاهيم الاخلاقية والثوابت والقيم التي تدعوا الى الاعتزاز بها ، إلا ان ما يجب الوقوف علية ان لا تلغي الدولة دورها في تحمل المسؤولية وانعزال الفرد عن الدولة وقادتها ، على خلاف الشعوب الاخرى المتجه قليآ وقالبآ نحو دولهم وذلك لما تحققه من منجزات وتحمل كامل المسؤولية تجاه افرادها وجعل القانون هو الحد الفاصل والسيد الذي يخضع له الكل ، وعدم التفرقه بين هذا وذاك  ،  غني او فقير ، قوي او ضعيف الكل متساوين في الحقوق والوجبات حيث السكن والعلاج والتعليم والدفاع عن ابسط حقوقه ،  ليكن الانتماء والاعتزاز بالهوية الوطنية لا يوازيه اي انتماء ...
 

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صلاح غني الحصبني
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/09/06



كتابة تعليق لموضوع : الشعوب تتجه نحو الدولة ونحن نتجه نحو العشيرة !!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net