صفحة الكاتب : د . محمد تقي جون

الكرد الفيليون/ الحلقة السادسة نظرة في الأدب الكردي
د . محمد تقي جون

حين دخل العرب المسلمون إيران لم يجدوا عند أهلها شعراً، سوى ما جاء في الاﭭستا من (گاتها = گاتات) وهي عظات زرادشت بشكل منظوم(1)، وقطع منظومة أخرى في الاﭭستا تسمى (يشت) و(يسنا) و(ونديداد). ونعتقد أنها الطريقة الشعرية التي كتب بها نشيد الإنشاد ومزامير داود، وهي طريقة لا تقوم على أساسات شعرية واضحة وثابتة، بل تعتمد على طريقة القراءة، وموسيقى داخلية كالتي في الشعر المنثور، ولغة شعرية مميزة. وتحتوي على عناصر غنائية كثيرة ولكن مضمونهما ليس شعراً، وقيمتهما الأدبية في البساطة وعفوية اللغة وليس في الصنعة الأدبية(2).

وكان الجاحظ، المثقف المطلع على ثقافات عصره المتنوعة والمعاصر لولادة اول قصيدة شعر بالفارسية، لا يرى عند الفرس في القديم شعراً لذا قال: " وفضيلة الشعر مقصورةٌ على العرب، وعلى من تكلَّم بلسان العرب"(3). على أنه أشَّر نوعاً من الشعر للعجم، يشبه الشعر العربي او يقترب من اسلوبه وملامحه في خطوطه العريضة، فقال ذاكراً أحد الفرس المشتهرين بهذا النوع " وكان أكثر ما يغني العجم الفهليد مع أيام كسرى أبرويز، وكان من أهل مرو، وكان من أغانيه مديح الملك، وذكر أيامه ومجالسه وفتوحه، وذلك بمنزلة الشعر في كلام العرب، يصوغ له الألحان، ولا يمضي يوم إلا وله شعر جديد، وضربٌ بديع. وكان يذكر الأغاني التي يستعطف بها الملك، ويستميحه لمرازبته وقواده، ويستشفع لمذنب، وإن حدثت حادثة، أو ورد خبره كرهوا إنهاءه إليه، قال فيه شعراً، وصاغ له لحناً، كما كان فعل حين نفق مركوبه شبديز، ولم يجسروا على إنهاء ذلك، فغنى بها وذكر أنه ممدود في آرية، ماد قوائمه لا يعتلف ولا يتحرك، فقال الملك: هذا قد نفق إذن. قال: أنت قلت ذلك أيها الملك، وكان يضطره بأشعاره أن يتكلم بالذي يكره عما له أن يستقبلوه به"(4).

ومن المحتم ان هذا (الغناء - الشعر) يشبه في غايته ما يقوم به شعراء العرب حين يمدحون ويقصدون الرؤساء، وعلى هذا الاساس وجدنا كسرى يلتقي الشاعر الجاهلي الاعشى ويسمع منه ويعطي رأيه في شعره (5). الا انه في كل الاحوال لا يناظر شعر العرب في ثبات اساساته ودقة صنعته، فلم يلتفتوا اليه استحقاراً له واعتزازا بشعرهم، والى ذلك أشار نشوان الحميري في قوله: "وللعرب الشعر الذي لم يشاركهم فيه احد من العجم، وقد سمعت للعجم كلاماً حسناً، وخطباً طوالاً يسمونها أشعاراً، فأما أن يكون لهم شعر على أعاريض معلومة وأوزان معروفة، إذا نقص منها حرف أو زاد حرف، أو ترك ساكن أو سكن متحرك، كسره وغيَّره، فليس يوجد إلا للعرب خاصة دون غيرهم"(6).

وتذهب الدكتورة إسعاد عبد الهادي إلى وجود أشعار غير دينية وهذه الأشعار ضاعت أو اختفت بسبب الفتح العربي، كما ذكرت أن الدراسات الحديثة كشفت عن وجود مقطوعات شعرية بالفهلوية الاشكانية مثل كتاب (بندهشن)  و(آياذگار زريران)، وبالفهلوية الساسانية مثل كتاب (جاماسب نامك)(7). ونرى جازمين أن هذه المكتشفات لا ترقى على النظم الاﭭستي.

لهذا السبب تبنى الفرس(8) بشكل كامل قوانين الشعر العربي الجاهلي بعدما قارنوها بهيِّن بضاعتهم الشعرية التي اسلفنا في وصفها، ليكتبوا شعراً فارسياً على غرارها، وهي الشكل الفني الذي لم يحل الإسلام دون استمراره شكلا للشعر العربي طيلة العصور الإسلامية العربية والى يومنا هذا. كما اثّر هذا الشكل في أمم الغرب ولاسيما التشطير واتخاذ القافية.

وقد انبهر الفرس بالشعر العربي وأساساته العظيمة: نظام الشطرين، الأوزان المتنوعة، القافية الموحدة، اللغة الشعرية، والموضوعات الشعرية(9) واستطاعوا على غرارها كتابة شعر فارسي بعد مائتي عام(10)، واتخذوا من الخط العربي أداة له(11). وتعود البداية إلى زمن المأمون وبتشجيع المأمون نفسه، ذلك انه حين التجأ إلى إيران بعد تولي أخيه الأمين الخلافة، مدحه أحد شعراء الفرس وهو (أبو العباس المروزي) (ت200هـ) بقصيدة منظومة باللغة الفارسية تقوم على أساسات الشعر العربي ففيها: نظام الشطرين والوزن والقافية الموحدة والموضوع الشعري واللغة الشعرية، ويرى بعض مؤرخي الأدب الفارسي أن (حنظلة البدغيسي) (ت229هـ) هو أول شاعر كتب شعراً فارسياً وكان في الدولة الطاهرية، وذهب آخرون إلى أن ابن الوصيف السجزي (ت بعد 278هـ) هو الأول وكتب شعره بالفارسية في مدح يعقوب الصفار(12).

ومن قصيدة أبي العباس المروزي في مدح المأمون قوله:

أي رسانيده بدولت فرق خود تا فرقدين

گسترانيده بجود وفضل در عالم يدين

مر خلافت را تو شايسته چو مردم ديده را

دين يزدان را تو بايسته چو رخ را دو عين

***

كس برين منوال پيش از من چنين شعري نـگفت

مر زبان پارسي را هست تا اين نوع بين

ليك زان گفتم من اين مدحت ترا تا اين لغت

گيرد از مدح وثناء حضرت تو زيب وزين

 

ترجمتها:

يا من أوصلتَ، بعظمتك، مفرقك إلى الفرقدين

وبسطت بالجود والفضل في العالم اليدين

أنت لائق بالخلافة مثل إنسان العين للعين

وأنت ملازم لدين الله لزوم العينين للخدين

***

لم يقل أحد قبلي شعراً على هذا المنوال

فاللغة الفارسية، منذ كانت، تختلف عن هذا النوع

ولكني قلت لك هذه المدحة حتى تأخذ هذه اللغة

حسنها وجمالها من مدحك والثناء عليك(13)

ويلاحظ أن هذه القصيدة تحتوي على وزن وقافية موحدة وتسير على هدي الشعر العربي في أسلوبها.

ونجد قريباً من هذا التاريخ أشعاراً فارسية كتبها أبو نواس (ت 198هـ) الذي عاصر الخليل بن أحمد الفراهيدي واضع علم العروض، يذكر اعياد الفرس، ومنها:

والمهرجان المدارِ            لوقته الكرارِ

والنوكروز الكبارِ             وجشن جاهنبار

وآبساڵ الوهارِ               وخرَّه ايران شارِ(14)

 

والوزن الشعري في مقطوعة أبي نواس هو (المجتث)، والقافية الراء.

وهكذا كانت بداية الشعر الفارسي بأساسات الشعر العربي الجاهلي. وقد أثرت الدول الفارسية المتلاحقة بوعي ثقافي وإرث حضاري يجب الاعتراف به، في إنضاج الشعر الفارسي والرقي به إلى مصاف الشعر العربي ثم تأتي مرحلة الاعتراف به عالمياً، فصاحب كتاب (تراث الإسلام) اختار شعراء فرساً كالفردوسي وحافظ الشيرازي وجلال الدين الرومي من ضمن كبار الشعراء المسلمين(15).

ومن أهم الدول التي شجعت الشعر وعملت على بنائه بدافع قومي صرف الدولة السامانية الفارسية، ولاسيما في زمن السلطان نوح، والدولة الغزنوية ولاسيما في زمن السلطان محمود الغزنوي، فقد شجع هؤلاء السلاطين على كتابة الشعر الملحمي، وبالفعل كتبت ملاحم كثيرة باسم (شاهنامه) ولكن لم يكتب لها الشهرة مثل: شاهنامه أبي المؤيد البلخي، شاهنامه أبي علي البلخي، شاهنامه أبي منصور(16). وفي عهد السلطان محمود الغزنوي ولدت ملحمة الفرس الكبرى وأعظم قصيدة فارسية إلى اليوم وهي (شاهنامه) الفردوسي. وقد تعاورها شاعران: (الدقيقي) كتب منها (1000) بيت، ثم (الفردوسي) (ت 411هـ) أكملها فأوصلها كما يزعم إلى (60000) بيت، ولكن قراءة الملحمة تبين أنها من (50000) بيت. وتعرِّف هذه القصيدة القومية بتاريخ ملوك إيران بشكل يفصح عن حقائق كثيرة، منها أن الدافع الشعري الفارسي هو دافع قومي أولا؛ فملاحم شاهنامه كتبت بطلب شخصي من السلاطين الفرس. وكذلك نجد في شاهنامه الفردوسي أبطالا ميديين (كرداً) استحوذت عليهم وضمتهم إلى الأمة الفارسية وهذا الأمر يمارسه الفرس إلى الوقت الحاضر.

على أن الشعر الفارسي لم يقف على حدود قواعد الشعر الجاهلي، بل راح يكوِّن له خصوصية وتفرداً عن الشعر العربي، فزاد في الأوزان كالمجتث والدوبيت والمقتضب والخبب وكلها نقلت إلى الشعر العربي، ونوَّع في القوافي فصارت تتغير بعد كل بيت وهو (المزدوج)، أو بعد مقاطع ذات عدد من الأبيات وهو (المسمط)، أو تتكرر القافية في ثلاثة أو أربعة أشطار متتالية كما في الدوبيت، وهذه نقلت إلى الشعر العربي ايضاً واستعملت في الشعر الحديث. وأهم انجاز شعري فارسي الاشتغال على المعنى بدل اللفظ الذي كان ميدان اشتغال الشعر العربي منذ الجاهلية إلى العصر العباسي. وقد أدت هذه السمة إلى حراك نقدي كبير ولدت إثره نظريات كبيرة كنظرية (المعاني المطروحة) و(الألفاظ والمعاني) و(الطبع والتكلف) وغيرها، وقد صارت حقيقة لم يجد الشعر العربي بداً من الاخذ بها منذ العصر العباسي، وقد سمى المتنبي نفسه (شاعر المعاني الدقاق)، وكان كبار شعراء العصر يوازنون في العناية بين اللفظ والمعنى، إلا أن اطرادها في العصور اللاحقة وزيادة تقديسها وتسيدها أنتج شعراء معنويين فقط كابن الوردي فهبطوا في ميزان الشعر؛ لان الشعر العربي لا يمكن له التخلي عن اللفظية كلياً. ثم صارت أساس منطق (الحداثة) لدى شعرائنا الحداثويين الذين قلدوا الشعراء الغربيين، ذلك أن الشعر الفارسي يلتقي مع الشعر الأجنبي عموماً في الاشتغال على المعنى. وفي مجال اللفظ اشتغل الشعر الفارسي على التزويق والتلوين بدل الجزالة العربية وهذا دفع إلى بروز ظاهرة (البديع) التي فاضت في العصر العباسي شعراً ونقداً.

 

بابا طاهر عريان الفيلي

 

مثلما قلد الكرد الفرس في إقامة الحكومات والدول في العصر العباسي، قلدوهم في كتابة الشعر بلغتهم الكردية المستقلة(17). إلا أن الإمارات الكردية التي قامت بتأثير الإمارات الفارسية لم تكن بالوعي الحضاري الذي كانت عليه قدوتها الفارسية، فاغلب هذه الإمارات كانت إقطاعية، وعاشت على الرعي والزراعة، وهذا جعلها غير محفزة للأدب، فضلا عن خفوت الحس القومي عند الكرد بشكل عام في العصور الإسلامية. ولكن ليس معنى هذا عدم وجود شعر فيلي في الإمارات الفيلية إلا أنها لم تنتج برقي الشعر الفارسي وكثرة شعرائه مما يدلل على قلة العناية والاهتمام.

ويعد بابا طاهر الهمداني أول شاعر فيلي معروف يكتب شعراً فيلياً وأول الشعراء الكرد قاطبة في كتابة شعر كردي أيضاً فلم يسبقه أحد. ولما كان من شيوخ الصوفية والدراويش وأحد أركان عقيدة أهل الحق، فانه كتب شعره على شكل رباعيات عرفانية هي محترمة جداً من قبل أهل هذه العقيدة(18).

أما لغته فقد أشكلت على النقاد فهي بين اللرية والفهلوية (المتأخرة) وبين أن تكون خليطاً من لهجات كثيرة(19) ففيها عملياً الفاظاً همَدانية وگورانية(20). ونرى انه كتب رباعياته باللهجة الفهلوية واللرية، لذا أسمى رباعياته (الفهلويات) وهو مصطلح ذو دلالتين: لغوية ودينية؛ فاللغوية إشارة إلى اللغة الفهلوية التي كتب بها رباعياته، والدينية أشارة إلى الاڤستا كتاب زرادشت الذي يحوي أناشيد صوفية، أي انه أراد أن يقول: إن رباعياته تجمع التصوف الزرادشتي والتصوف الإسلامي فكانت (الفهلويات) مصطلحاً جامعاً للدلالتين، ولاسيما أن مذهب أهل الحق يجمع بين الديانة الإسلامية وبقايا ديانات قديمة منها الزرادشتية كما قلنا في الوردة الاولى.

تمتاز الفهلويات ببساطة الألفاظ وقرب المعاني وخلوها من التكلف، وهي مكتوبة على بحر الهزج المسدس المحذوف(21)، وهو تحوير لبحر الهزج العربي الرباعي (أربع تفعيلات). 

ومن فهلويات بابا طاهر عريان الهمداني:

موآن اسـپـيدة بازم همداني

لانه در كوه دارم در نهاني

ببال خود برم كوهان يكوهان

بـچنك خود كرم نخـچـيراني

***

موآن رندم كه نامم بي قلندر

نه خان ديرم نه مام ديرم نه لنـگر

چو روز آيه بـگردم گرد كويت

چوشو آيه بخشتان وانهم سر

ترجمتها:

أنا البازي الأبيض الهمذاني

ولي عش خفي في الجبل

أطير جناحي من جبل إلى جبل

وأقبض بمخالبي على صيدي

***

أنا ذلك الصوفي المسمى بالقلنداري

لا بيت لي ولا مال ولا مرساة

حين يجيء النهار أطوف حول حيك

وحين يجيء الليل أتوسد اللبن(22)

 

أول شعر كردي مزعوم

 

لسنا على أدنى ثقة بالأبيات التي عثر عليها مكتوبة باللهجة الگورانية على جلد غزال، وهي تستبشع الفتح الإسلامي وتصوره على انه غزو همجي قتل الناس وهدم معالم الحياة، ويزعم أنها قيلت زمن الفتوحات الإسلامية وهي:

هـۆرمزكان رمان

ئاتران كوژان

ويشان شار دووه

گوره گوركان

زۆركار ئه‌ره‌ب

كردنه خاپور

گوناي پاله

هه تا شاري زور

شنو وكه نيكان وه ديل بشينا

ميرد ئازا ته لي وه رووي هـۆينا

رۆي زه رشـۆتر مانوه بي که‌س

بزيكا نيكا هـۆرمز وهيـچ که‌س(23).

 

وترجمتها:

المعابد هدمت/ النيران أطفئت/ كل نفس اختفت/ حتى كبير الكبراء/العرب الظالمون/ دمروا من قرية بالة حتى مدينة شهرزور/ النساء العذارى أخذن سبايا/ الرجال الأبطال خضبوا بدمائهم/ شيخ الزرادشتيين بقي وحده/ لم يعطف او يرحم الرب أحداً منا.

وسبب رفضنا أن تكون هذه الأبيات قد قيلت زمن الفتح أو بعده بقليل، أن هذا الشعر يمتلك سمات الشعر الفارسي والكردي الذي أسس على أسلوب الشعر العربي: التشطير، الوزن، القافية، وهذا الأسلوب ظهر بعد قرنين كما تقدم (في العصر العباسي)، كما أن الكتابة باللهجة الگورانية أكثر تأخرا، فيكون محتماً أن هذا الشعر كتب في زمن متأخر بكثير عن زمن الفتح، ونستبعد أن يكون قد كتبه شاعر كردي؛ فالمعروف عن الكرد عمق إيمانهم ورسوخ إسلامهم، وهذا شعر متطرف قومچي. لذا يكون أول شعر كردي فيلي وكردي معروف هو شعر بابا طاهر عريان الهمداني.

 

 

شعراء أربيل

 

تأخر باقي الكرد في كتابة الشعر الكردي الفني، وقد أتيح لإربل (أربيل) في القرن السابع الهجري أن تقود حركة الشعر بعد تراجع بغداد فسقوطها على يد المغول، إلا أنها قادت الشعر العربي لا الكردي سوى قصيدة ملمعة للشاعر الكردي انوشروان الضرير المسمى (شيطان العراق) التي هجا بها أربيل، فانه ضمنها نتفاً من كلام العرب والكرد وقتذاك ومطلع القصيدة وأولها:

تبّاً لشيطاني وما سوّلا

لأنّه أنزلني إرْبلا

نزلُتها في يوم نحسٍ، فما

شككتُ أنّي نازلٌ كَرْبلا

وقلتُ: ما أخطا الذي مَثّلا

بإربلٍ إذ قال: بيتُ الخلا

هذا وفي البازار قومٌ إذا

عاينتَهم عاينتَ أهل البلا

من كلِّ كرديّ حمارٍ ومن

كلّ عراقيّ نفاه الغلا(24)

 

ثم يذكر أنموذجاً من كلام العراقيين (العرب) وأنموذجاً من كلام الكرد ومنه:

والكردُ لا تسمَع إلاّ چيا

أو نـچيا أو نتوى زنْكلا

كلاّ وبوبو عَلّكوُ خُشْتري        

خَيلو وميلو مُوسكا منكلا

ممو ومَقو مَمّكي، ثم إن        

قالوا بُويركي نـچـي؟ قلتُ:لا(25)

 

وقد اعتذر الشاعر لاحقاً بقصيدة طويلة عما قاله ومدح إربل (أربيل) ولم يكتف بمدحها بل ذمَّ نفسه وأهله تكفيراً عن ذمها ومنها:

قد تاب شيطاني وقد قال: لا

لا عدتُ أهجو بعدها إربلا!

كيف وقد عاينتُ في ربعها

صدراً رئيساً سيّداً مِقْولا

مولاي مجدَ الدين يا ماجداً

شرّفه الله وقد خَوَّلا

عبدك نوشروان في شعره

ما زال للطيبة مستعملا

لولاك ما زارتْ رُبى إربل

أشعارُه قطّ ولا عَوَّلا

ولو تلقّاك بها لم يقل

تبّاً لشيطاني وما سَوَّلا

هذا وفي بيتَي ستٌّ إذا

أبصرها غيري انثنى أحوْلا

تقول: فَصِّلْ كازرونيّ

وأنطاكي وإلاّ ناطح الأبَّلا

فقلت: ما في الموصل اليوم لي

معيشةٌ! قالت: دَعِ الموصلا

واقصدْ إلى إربل واربعْ بها

ولا تقلْ ربعاً قليل الكلا

وقلْ: أنا أخطأت في ذمّها

وحُطَّ في رأسك خلع الدِّلا(26)

وظهر في شمالي العراق في القرن السادس عشر الشاعر ملا جزيري(27)، وعلي تيرموكي. وأول شعر نابه يعتز به كرد كردستان ملحمة (مم وزين) لأحمدي خاني (ت 1706م). وتلاه ظهور شعراؤهم الكبار في العصر الحديث مثل: مولوي (ت1892م) وكووي (ت1892م) وفايق بي کەس (ت1948م) وبيره ميرد (ت1950م) وعبد الله گۆران (ت1962)، وتستمر القائمة بشعراء كرد حداثويين وأهمهم شيركو بي کەس.

واليوم بعد أن اعتنت حكومة كردستان بالشعر والشعراء وجعلت لهم اتحاداً للأدباء صارت حركة الشعر الكردي في تطور وصعود، وهو ما لم يتحقق للكرد الفيليين، لذا صار شعرهم شبه منقرض. كما أن محاربة لغتهم جعلت اغلب شعرائهم يكتبون بالعربية.

 

 

الشعر والشعراء الفيليون الجبليون

 

الغالب على الكرد القدماء أنهم لم يدونوا آثارهم بسبب الوضع البدائي الذي عاشوه، فالثقافة التي سادت في الإمارات الكردية عربية وفارسية، إذ كتبت شرفنامه بالفارسية وجميع الأشعار التي وردت فيها بالفارسية. وان أقدم نصوص نثرية كردية مكتوبة تعود إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر(28)، وأقدمها كتاب (قواعد اللغة العربية باللغة الكردية) لعلي تره‌ماخي، ثم الأعمال الشعرية لأحمد جزيري وعلي حريري وفقي طيران وأحمدي خاني(29).

وقد عوَّض الإبداعُ الشعبي المنقول شفاهاً الأدب المكتوب(30)، وأدبياتهم الشفاهية يعلم عنها كل كردي الشيء الكثير، ويرددها حتى البسطاء كقصة البطل رستم والعاشقين شيرين وفرهاد عند الفيليين في إيران والعراق، وهناك قصص فلكلورية عند فروع الكرد جميعاً كقصة (مم آلان) التي استثمرها أحمدي خاني في كتابة أول ملحمة باللغة الكرمانجية وهي (مم وزين) واسطورة (پيري مام شوان = العم الراعي) عند كرد روسيا. وعموماً " يتجلى التراث الفكري للأكراد في الغناء الشعبي – الفلكلور – وليس في الأدب المكتوب"(31). وقد دوِّن الأدب الشعبي في النصف الثاني من القرن الماضي(32). واذكر ان والدي كان يقرأ لنا أشعاراً كثيرة ترتبط بقصة او بغير قصة، ولا يوجد فيلي لم يسمع من والده أو جده أشعاراً مماثلة.

وقد صار الشعر الفيلي يكتب باللهجة الگورانية منذ عهد الدول الكردية المستقلة، ونرجح ازدهاره في القرن الرابع الهجري صعوداً؛ اذ ان اكبر شعراء الفيليين (بابا طاهر) كتب بغيرها، مما يعني ازدهارها بعده. وقد استمر الشعر باللهجة الگورانية حتى انقراض الدولة الاردلانية والبابانية(33). ثم اشتهرت اللغة السورانية لغة للشعر والأدب بعد ظهور دولة مهاباد. واستمر باطراد شعراء السوران يحققون المجد الشعري الكردي.

وكان للعلي اللهية أدب وافر باللهجة الـگورانية ومنه (سه‌ره‌نجام)(34)، ويذكر ب. ليرخ وجود أدب للبختياريين أسوة بعشائر لور ولك(35)، كما يذكر أن لديهم فضلا عن الأغاني الشعبية مثل أغنية (ليلى جان) الحزينة، وأغاني (شيرين وفرهاد) نتاجات أدبية مترجمة للملاحم الشعرية المعروفة للفردوسي ونظامي وغيرهما، وللبختياريين أدبهم المعروف، ووجد لأهالي كرمنشاه قصائد مدح في الشاه الإيراني(36). ويرى أبو ڤينان أن الأدب الكردي الشعبي قد خطا خطوات رائعة، وبلغ الكمال اللازم، ويؤكد أن كل كردي ذكراً كان أم أنثى هو شاعر بفطرته، فالكرد يتغنون بكل بساطة خالية من التعقيد بوديانهم وجبالهم وبشلالات المياه والجداول والسواقي، وبالأزهار والسلاح والخيول والمآثر الحربية، وبجمال وفتنة فتياتهم الحسناوات، وقصارى القول يتغنون بكل شيء تبلغه مشاعرهم وتدركه مفاهيمهم(37).

وفي إيران شعراء فيليون قدماء ومحدثون، فمن القدماء: غلامرضا (غلام رضا) خان أركوازي، هوشاكه، وخان منصور. ومن المحدثين: ولي محمد أميدي، ظاهر سارايي، بهروز سپيد نامه‌، فرهاد شاهمراديان، وبهروز ياسمي.

 

 

 

الشعراء الفيليون العراقيون

 

أنجبت الأمة الفيلية شعراء كباراً وكثاراً، وأغلبهم يكتبون باللغة العربية. ومنهم من تصدر شعراء العربية كـ(شاعر العرب الأكبر) الجواهري (التقيتُ في اللواء 444 أحد أقاربه فعرفت انه من (التبعية)، وقد ذهب بعضهم كالأستاذ عبد الواحد فيلي إلى انه فيلي من عشيرة (شبانكاره)، والرصافي وحسين مردان وزاهد محمد صادق زهدي. ومنهم من يكتب بالعربية والكردية، أو بأكثر من لغة  كالقاضي فؤاد جواد (موجود حاليا في امريكا) فهو يكتب بالعربية والكردية والانجليزية. وأهم الشعراء الفيليين بشكل عام الذين نشروا أو طبعت أشعارهم: ابراهيم جهانبخش، أمل عبد اللهي، عبد الستار نور علي، الملا شعبان رحيم الفيلي، حيدر الحيدر، محمد البدري، عباس البدري، زينب خالد فيلي، حسين يحيى المندلاوي، سمرقند الجابري، محمد حسن برزو، إسماعيل الباوي، محمد دارا المندلاوي، ظاهر بندنيجيني، ملا نامدار تيموري مندلاوي، داري ساري، مراد زنكنه، حسن كنوش، إبراهيم كريم، حسن هياس، كنعان حسين سعد الله، منصور خداداد، شهاب احمد باجلاني، ملا جليل الكوتاوي... وآخرون. فضلا عن شعراء الكوت: د. رعد طاهر كوران، عبد النبي مجيد، طه الزرباطي،  شاكر النعماني، د. محمد تقي جون.

 

قصيدة فيلية لنجف جليليان

 

انتخبنا قصيدة للشاعر الفيلي (نجف جليليان) أنموذجاً للشعر الفيلي، وقد ترجمها مشكوراً الأستاذ عبد الواحد فيلي حرفاً بحرف وقمنا بصياغة الترجمة. القصيدة بعنوان (هه‌ي هه‌ي) بمعنى (آه آه) وهي تخلط الشكوى الشخصية بالحكمة ومرارة الحياة.

* هه‌ي هه‌ي له هاوار وه‌جاي نه ‌ڕه‌سيم

- آه آه من استغاثتي التي لا تصل

* هه‌ي له‌ بي که‌سي وه‌ي له‌ که‌م ده‌سيم

- آه من فقدي المعين، آه من قصر يدي

* هه‌ي هه‌ي له‌ ده‌رون خه‌ياڵ خامم

- آه آه من نفسي الواهنة

* کاره‌يل فه‌ره‌ وگشت نه‌تمامم

- فأعمالي كثيرة وكلها لم تنجز

* هه‌ي هه‌ي له‌ سوزه‌ ده‌رد گرانم

- آه آه من ضرم ألمي المبرِّح

* که‌م که‌م سوزني بي ده‌نگ سقانم

- قليلا قليلا وبلا صوت يشعل عظامي

* هه‌ي هه‌ي له‌ گه‌ردين چه‌رخ زمانه‌

- آه آه من دوران فلك الزمان

* چـۆ ئابادي يه‌ل که‌يد وه‌يرانه‌

- يحيل المكان الآهل إلى خراب

* هه‌ي هه‌ي له‌ شوار وه‌ختي ليد شيم بو

- آه آه من طول الليل حين يصير موحشاً بعدك

* ڕه‌ختخواو کوري نار جه‌حيم بو

- فيصبح الفراش كورة نار جهنم

* هه‌ي هه‌ي له‌ دوسيل ده‌ور سفره‌ وخـۆوان

- آه آه من أصدقاء متراصين حول المائدة

* دوسيل فروشن وه ‌يه‌ێ لوقمه‌نان

- وهم يبيعونك بلقمة من رغيف

* هه‌ي هه‌ي له‌ خاسي دونياي بي به‌قا

- آه آه من لذيذ دنيا فانية

* نه‌ ڕام ها دڵي نه‌ زه‌ڕه‌ي وه‌فا

- لا ثبات في قلبها ولا ذرة وفاء

* هه‌ي هه‌ي له‌ ئه‌ولاد له‌ که‌س وکارد

- آه آه من الأولاد والخواص

* بارد بار نه‌که‌ن بان بون وه‌بارد

- لا يحملون العبء بل يصبحون  جزءاً من العبء

* هه‌ي هه‌ي له‌ واده‌ ئه‌گه‌ر وه‌ جا نه‌وه

- آه آه من الوعد الذي لا يكون في محله

* کاره‌يل وه‌خاتـڕ رزاي خـودا نه‌وه‌

- والأعمال التي لا تكون لنيل رضا الله

* هه‌ي هه‌ي سه‌ي نه‌جه‌ف حه‌وسله‌ دجي بار

- آه آه يا سيد نجف وسع صدرك

* ناو ده‌سه‌ نازه‌يل له‌ لاي که‌سي نار

- لا تجلب ذكراً قاسياً لأحد

 

 

 

نقد الشعر الكردي

 

الشعر الكردي كعامة شعر الأمم غير العرب شعر يعتمد الغوص والبحث عن المعنى والتصرف بذلك غاية التصرف لأنه المجال الذي يتحرك فيه الشاعر، وان كان اختيار اللفظ واستشعاره واستبناؤه ضرورة في كل شعر ومنها الكردي إلا أن الغالب الاشتغال على المعنى.

وقد دعا الاشتغال على المعنى إلى خلق عالم جمالي معنوي خلاب يوازي عالم اللفظ الذي أبدع فيه وتفرد الشعر العربي ولاسيما الشعر الجاهلي والأموي. وقد اشتغل أكثر الشعر العباسي على المعنى مع الاحتفاظ بأهمية اللفظ كالمتنبي وأبي تمام وابن الرومي ومن تلاهم من الزمان وجاؤوا بالرائع العالمي. وقد ترجم هذه الحقيقة المثل الفيلي القائل (قسه‌ کوردي مني شه‌که‌ره‌س، بس له‌فزي له‌فزي عه‌ره‌به‌س = الكلام الكردي يشبه السكَّر ولكن جمال الألفاظ للغة العربية).

قدم الشعر الكردي روائع مشهوداً لها بدليل العناية المفرطة بها فهناك شروح كثيرة على فهلويات بابا طاهر. وانطلق هذا الشعر في سماء عالية من التجسيم والتشخيص والصور الشاعرية الخلابة المعهودة في شعر العالميين كشكسبير وبودلير وت.س اليوت.

والشعر الكردي كالشعر الفارسي حذا حذو الشعر العربي وتبنى أساليبه وأساساته كنظام الشطرين أو التشطير والوزن والقافية. واغلب موضوعاته العرفان، فضلا عن الغزل والمدح. كما انه أحيا الأدب الشعبي والأساطير الشعبية المتوارثة، وهذا يعني انه نهض بعد الأدب الفارسي وجعله قدوته في تقليد شعر العرب واضاف اليه ما ميزه وأعطاه خصوصية وابداعاً متفرداً.

وعرف الشعر الفيلي الملحمة، الا انها كانت ملحمة غرامية اكتسبت شهرة عالمية وهي ملحمة (شيرين وفرهاد). وهذه الملحمة تجمع الحب والفروسية، وبطلها العاشق بطل صنديد استطاع بمفرده وبمعول بسيط (قلـنگ) أن يحفر درباً وسط الجبل العملاق (بيستون)، وفرسه (شه‌وديز) كأفراس الأسطوريين يقوم بما لا يقدر عليه أقوى الأفراس الحياتية. وعثر في زهاو على مخطوط بعنوان (شيرين وفرهاد) مكتوب باللهجة الـگورانية يتكون من (1667) بيتاً(38).

كتبت ملحمة شيرين وفرهاد باقلام ادباء فضلا عن الروايات الشعبية التي استفاد منها الأدباء حتماً، وكتبت بلهجات مختلفة، ومنها اللهجة السورانية من قبل محمد أمين عصري ومن أبياته:

 

وتي أي قلنگ ره‌فيقي چۆڵـم

خـۆت بده له‌سه‌ر که‌ڵـه‌ي كاپوڵـم

أي قلنگ چه‌ن وه‌خته‌ هه‌رتو يارمي

تو دايك وباوكم تو غه‌م خوارمي

ومعناه: أي المعول يا صديقي في البراري انت اضربني على أمّ رأسي. أيها المعول كم من الوقت كنت فيه صديقي الوحيد، وكنت أمي وأبي ومزيل همي.

كما كتبت بلهجات فيلية مختلفة كما في هذا النص المشهور:

فرهاد العاشق يسأل العجوز عن سبب الصراخ والهيجان الذي يصله من المدينة:

 

 

 

 

* کيوانو پيري وه‌ مانه‌ سالان

- سيدتي الكبيرة صاحبة العمر المديد

* قال وقيل چه‌سه‌ له‌ کورده‌ مالان

- ما هذا الضجيج القادم من دور الكرد

* له‌ شيرين وه‌ دير کوڵ به‌ري تالان

- لتسلم حبيبتي شيرين ويفنى الباقون

فتجيبه العجوز:

* فه‌رهاد ژارگه‌ي ره‌نج برده‌

- فرهاد يا مسكين يا متلقي المحن

* سه‌رت سلامه‌ت شيرين فه‌ۆت کرده‌

- تسلم أنت حبيبتك شيرين ماتت

 

وقد أشار شرف خان البدليسي الى كردية فرهاد وعدَّه من أبطالهم، وتؤكد فيليته أن قصر شيرين مدينة فيلية وقد سميت بهذا الاسم نسبة إلى القصر الربيعي الذي بناه الملك الساساني (الفيلي) خسرو پرويز لزوجته او سريرته شيرين(39). فقصة شيرين وفرهاد ترجع إلى العصر الساساني وترتبط بأحد ملوكهم (خسرو) وتوجد ملحمة اسمها (خسرو وشيرين). وفي قصة أو ملحمة (شيرين وفرهاد) نجد (الملك خسرو) منافساً لفرهاد وهو يضع النهاية المأساوية للحبيبين،.

وكتبت الملحمة بالفارسية ايضاً ومن شعراء فرس مثل: وحشي البافقي، والنظامي الـگنجوي(40). واذ تكون شيرين قاسماً مشتركاً في القصة، يبقى معرفة أي من خسرو وفرهاد البطل، أو كيف ترتب القصة؟ على أن ارتباط شيرين بفرهاد أشهر وأشعر.

ومن الشعراء الكرد الذي عثر لهم على شعر في مخطوطات زهاو (ملا أحمد باطي) (ت 1495م)، (خاناي قوبادي) و(فقي طيران) (ت 1375م).

 

 

فلكلور فيلي وزفة عرس

 بين پشتکو وبدرة

 

 

 

* دۆڵـکه‌ي باوي

- يا أمّ العروس

* هفت لو مقنو ده سه‌رش

- يا من خمارها سبع لفات على رأسها

* بربر أۆيم

- الناس يأتون

* وانتظار دخترش

- ينتظرون ابنتك

* ئوله‌ي بـۆرۆي

- بعيداً من بدرة

* هـڒي صـۆزه ميـۆي

- صوت الموسيقى يأتي.

 

حكاية شعبية

 

دۆيـۆپير ودا فلس/ العجوز وعشرة الفلوس

 

* يه دۆيـۆي بي دا فلس دۆش.

- كانت هناك عجوز وكان عندها عشرة فلوس.

* وت: چـي بخـڕم ده؟

- قالت: ماذا أشتري بها؟

* بخـڕم ده خرمه چنجه ديري.

- إذا اشتري بها تمراً ففيه نواة.

* بخـڕم ده گوشت صخو ديري.

- وإذا أشتري بها لحماً ففيه عظم.

* خوتر بخـڕم ده په‌نير.

- الأفضل أشتري بها جبناً.

 

 

 

·        خـڕي په‌نير نويه ده بوني مه‌شکا‌.

- اشترت جبناً ووضعته فوق جود الماء.

* پشيا يات په‌نيرا برد.

- جاءت قطة فأخذت الجبنة.

* دۆيـۆپير تيشه دەلـۆي بي، شه‌نه‌ پشيا دمه‌که‌ي بريو.

- وكان لدى العجوز فأس، فقذفته على القطة، فانبتر ذيلها.

* پشيا چـي دەلـۆي پيغه‌مبه‌ر سليمان بن دواود (u) ئارزکرد ئه‌ڵ دۆيـۆكا.

- فذهبت القطة إلى النبي سليمان بن داود (u) تشتكي عنده على العجوز.

* وت: پيغه‌مبه‌ر سليمان دۆيـۆپير دمپليچقم بـڕي.

- قالت: يا نبي سليمان العجوز قطعت ذنبي.

* سليمان هه‌نورد ئه‌قه‌ دويوپير.

- أرسل سليمان بطلب العجوز.

* وت: دۆيـۆپير وارچه‌ دمه‌كه‌ي پشيا بـڕين؟

- قال: يا عجوز، لماذا قطعتِ ذيل القطة؟

* دۆيـۆپير وت: خـۆي په‌نيره‌که‌م برد من شه‌نم تيشا ئه‌ڵـه‌ دمه‌که‌ي بريا.

- قالت العجوز: أخذت هي جبني فرميت الفأس عليها فانقطع ذنبها.

* سليمان وت: پشيا بچو شير بيور وار دۆيـۆپير، دۆيـۆ دمپليچقت ديوەت.

- قال سليمان: يا قطة، اذهبي فاجلبي حليباً للعجوز لتعطيك ذنبك.

* پشيا چي ئه‌ڵ بزبه‌ل.

- ذهبت العجوز إلى العنزة.

* وت: بزبه‌ل شير بام، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم.

- قالت: يا عنز أعطني حليباً، لأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذيلي.

بزبه‌ل وت: بـڵـک خوزم.

قالت العنزة: أريد ورق أشجار.

پشيا چي ئه‌قه‌ چنـۆر.

فذهبت القطة إلى الشجرة.

 

 

 

 

 

* وت: چنـۆر بـڵـک بام، بـڵـک بزبه‌ل بم، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم.

- قالت: يا شجرة اعطيني ورقاً، لاعطي الورق للعنزة، العنزة يصير عندها حليب، فاعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذيلي.

* چنـۆر وت: ئه‌و خوزم.

- قالت الشجرة: أريد ماءً.

* پشيا چي وار چه‌شمه‌.

- ذهبت القطة إلى عين الماء.

* وت: چه‌شمه‌ ئه‌و بام، ئه‌و چنـۆر بم، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم. 

- قالت: يا عين اعطيني ماءً، لأسقي الشجرة، فتعطي الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذيلي.

* چه‌شمه‌ وت: ديتيل خوزم بـۆزي بكرن بونم.

- قال عين الماء: أريد بنات يدبكن فوقي.

پشيا چي وار ديتيل

ذهبت القطة الى البنات

* وت: ديتيل بيـۆن بـۆزي بكن، بـۆزي چه‌شمه‌ بكن، چه‌شمه‌ ئه‌و بي، ئه‌و چنـۆر بي، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم. 

- قالت: يا بنات ادبكن فوق عين الماء، لتعطي العين ماءً، فأسقي الشجرة بالماء، فتعطيني الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذيلي.

* ديتيل وتن: کلکۆنه‌ خـۆزين.

- قالت البنات: نريد محابس.

* پشيا چي وار زه‌رگر.

- فذهبت القطة إلى الصائغ.

* وت: زه‌رگر کلکۆنه‌ بام، کلکۆنه‌   ديتيل بم، ديتيل بـۆزي بكن، بـۆزي چه‌شمه‌ بكن، چه‌شمه‌ ئه‌و بي، ئه‌و چنـۆر بي، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم. 

- قالت: يا صائغ صغ للبنات محابس، ليدبكن فوق عين الماء، ليعطي العين ماءً، فأسقي الشجرة بالماء، فتعطيني الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذَنَبي.

* زه‌رگر وت: خـۆيه‌ خـۆزم.

- قال الصائغ: أريد بيضاً.

* پشيا چي ئه‌ڵ مرخيل.

- فذهبت القطة إلى الدجاجات.

* وت: مرخيل خـۆيه‌ بكن، خـۆيه‌ زه‌رگر بن، زه‌رگر کلکۆنه‌ بي، کلکۆنه‌ ديتيل بي، ديتيل بـۆزي بكن، بـۆزي چه‌شمه‌ بكن، چه‌شمه‌ ئه‌و بي، ئه‌و چنـۆر بي، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم. 

- قالت: يا دجاجات بضنَ، واعطين البيض للصائغ، فيصوغ الصائغ محابس فيعطيها للبنات، ليدبكن فوق عين الماء، ليعطي العين ماءً، فأسقي الشجرة بالماء، فتعطيني الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذيلي.

* مرخ وت: گه‌نم خـۆزم.

- قالت الدجاجة: أريد حنطة.

* پشيا چي ئه‌قه‌ خه‌رمن

- فذهبت القطة الى البيدر.

* وت: خه‌رمن گه‌نم بام، گه‌نم مرخيل بم، مرخيل خـۆيه‌ بكن، خـۆيه‌ زه‌رگر بن، زه‌رگر کلکۆنه‌ بي، کلکۆنه‌ ديتيل بي، ديتيل بـۆزي بكن، بـۆزي چه‌شمه‌ بكن، چه‌شمه‌ ئه‌و بي، ئه‌و چنـۆر بي، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم.

- قال: يا بيدر أعطني حنطة، لأعطي الحنطة للدجاجات، لتبيض الدجاجات، فيعطين البيض للصائغ، فيصوغ الصائغ محابس فيعطيها للبنات، ليدبكن فوق عين الماء، ليعطي العين ماءً، فأسقي الشجرة بالماء، فتعطيني الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذَنَبي.

* خه‌رمن وت: جـۆرو خوزم.

- قال البيدر: أريد مكنسة.

* پشيا چي ئه‌قه‌ گه‌سکو.

- فذهبت القطة إلى القصب.

* وت: گه‌سکو جـۆرو بام، جـۆرو خه‌رمن بم، خه‌رمن گه‌نم بي، گه‌نم مرخيل بم، مرخيل خـۆيه‌ بكن، خـۆيه‌ زه‌رگر بن، زه‌رگر کلکۆنه‌ بي، کلکۆنه‌ ديتيل بي، ديتيل بـۆزي بكن، بـۆزي چه‌شمه‌ بكن، چه‌شمه‌ ئه‌و بي، ئه‌و چنـۆر بي، چنـۆر بـڵـک بي، بـڵـک بزبه‌ل بي، بزبه‌ل شير بي، شير دۆيـۆپير بي، دۆيـۆپير دمپليچقم بيوەم.  

- قالت: يا قصب اعطني مكنسة، لاعطي المكنسة للبيدر، فيعطي البيدر حنطة، فاعطي الحنطة للدجاجات، لتبيض الدجاجات، فيعطين البيض للصائغ، فيصوغ الصائغ محابس فيعطيها للبنات، ليدبكن فوق عين الماء، ليعطي العين ماءً، فأسقي الشجرة بالماء، فتعطيني الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة، فيصير عندها حليب، فأعطي الحليب إلى العجوز، فتعطيني ذَنَبي.

* گه‌سکو وت: بچو تيشه‌ بيـۆر

- قال القصب اذهب واجلب لي فأساً

* پشيا چي ئه‌قه‌ ئـۆسنگه‌ر، وته: تيشه خـۆزم. 

- فذهبت القطة إلى الحداد، قالت له: أريد فأساً.

* ئـۆسنگه‌ر تيشه‌ دۆ، تيشه‌ گه‌سکو دۆ،  گه‌سکو جـۆرو دۆ،  جـۆرو خه‌رمن دۆ ، خه‌رمن گه‌نم دۆ، گه‌نم مرخيل دۆ، مرخيل خـۆيه‌ دۆن، خـۆيه‌ زه‌رگر دۆن، زه‌رگر کلکۆنه‌ دۆ، ديتيل بـۆزي چه‌شمه‌ كردن، چه‌شمه‌ ئوه‌ دۆ، ئوه‌ چنـۆر دۆ، چنـۆر به‌ڵـک دۆ، به‌ڵـک بزبه‌ل دۆ، بزبه‌ل شير دۆ، شير پشيا دۆ، پشيا شيرا برده وار سليمان بن داوود، سليمان بن داوود شيرا ده‌وه‌، وت: خوه‌ت بکره‌ په‌نير، دۆيـۆ دمپليچقه‌ دۆيـۆ سليمان، سليمان بقدرتي خدا دمبليچق گل له پشيا.  

- فوافق الحداد واعطى الفأس، فأعطت الفأس القصب، فأعطى القصب المكنسة، فأعطيت المكنسة للبيدر، فأعطى البيدر الحنطة، فأعطي الحنطة للدجاج، فبضن الدجاجات واعطين البيض للصائغ ، فأعطى الصائغ المحابس للبنات، فدبكن البنات على عين الماء، فأعطت العين ماءً، فسقى الماء الشجرة، فأعطت الشجرة ورقاً، فأعطي الورق للعنزة. فأعطت العنز الحليب للقطة، فأعطت القطة الحليب لسليمان بن داوود، فأعاد النبي سليمان (u) الذيل للقطة بقدرة الله الجليل.

 

 

أساطير وخرافات

 

توجد خرافات وحكايات كثيرة عن الحب والبطولة وأحاديث عن الجن، وهذه الأحاديث - لقربهم من تصديقها- كل من يقصها يدَّعي انها وقعت معه ويضيف إليها بقدر. أو يدعي انه رأى الجن فكأنها اذا لم تقع له الآن ستقع له في المستقبل، ومنها:

 

جنيّ الجبل

ومن ذلك ما روي عن شخص ادعى أن الحادث وقع له في جبال پشتكو، إذ يذكر المتحدث انه دخل في غار (ئشکه‌فت) ومعه غزالة صادها، وأخذ يقطع اللحم ليسلكه في سفّود (صيخ) من أغصان الشجر القوية. وإذا بجني يدخل عليه. كان قصير القامة جداً وعيناه بوضع طولي وشعره كثيف يصل إلى الأرض. وطفق يقلد حركاته بالضبط ويأكل معه وكأنه داخل مرآة في تقليده أي حركة وأي تصرف يقوم به هو. عندها خاف الرجل وتأكد بأنه جني (طنطل)، وانه سيقضي عليه لا محالة. وبعد تفكير توصل إلى تدبير، فمدَّ يده الى قطعة شحم، ثم قربها من النار حتى أخذت تذوب، ثم قربها من شعر رأسه. فما كان من الجني إلا أن فعل الشيء نفسه، ولكنه مسح الشحم بشعر رأسه الكثيف فعلا ولم يقربه كالرجل. وبعدها أخذ الرجل عوداً أشعله من النار وقربه من شعر رأسه أيضاً، فما كان من الجنيّ الا ان ادخل العود المشتعل في شعر رأسه، وعندها اشتعل شعره وصار الجني قطعة نار هائجة. حاول الجني أن يطفئ نفسه بلا فائدة، فخرج من الغار وهو يصيح بصوت قوي رددته الجبال وزاد من صداه الانفجاري الليل الساكن، وكان يصيح (من بخـۆم كردم = أنا فعل ذلك بنفسي)، عندها تخلص الرجل من جني الجبل.

 

الامثال الفيلية

ويقال للمثل باللهجة الفيلية (مَتَل) نقلا من اللفظ العربي. والمثل عند الفيليين ليس بدعة؛ فكل أمة لها أمثالها المتشكلة من تكوينها الثقافي وطبيعة حياتها. وهي شفاهية منقولة من الاب الى الابن، اذ لا يوجد للفيليين تدوين نثري لغير الشعر الى الان. وقد تأكدت بأن الفيليين الذين يمارسون حياة اللغة الفيلية في (پشتكو) يكتبون اشعارهم بالفيلية، ويكتبون النثر بمختلف صوره باللغة الفارسية. وفيما يأتي بعض الامثال الفيلية(41).

* يه‌ي يه‌که‌تر گورگ برده‌ي سگ ژار مل خوه‌ي شکان؟

- الحمل أكله ذئب آخر فلم كلب الصيد يكسر رقبته؟

يضرب على شخص يفعل وآخر يدّعي الفعل دونه

* ميه‌مگه نزاي و ميه‌مالي ناورد

- لاعمتي حملت ولا مام علي ولد

يضرب على عدم الجدوى

* منيته داول سه‌ر مه‌ره‌زه

- كأنك فزاعة في المزرعة

يضرب على شخص عديم الفائدة

* مناله‌يل چينه بازي دالگه‌يل چينه قازي

- الأطفال يذهبون للعب والأمهات يذهبن للقاضي

يضرب على عراك الأمهات بسبب الاطفال 

·        م ميرو ت مير، کي ده‌س بنه‌ي ده خه‌مير

- أنا أمير  وأنت أمير فمن يضع يده في الخمير أي الطحين ؟

يضرب على حب الرياسة من الجميع

* مژ ژير خوله کوو

- نار تحت الرماد

 يضرب على أخذ الحيطة والحذر

 

شعراء فيليون كتبوا بالعربية

 

قبل أن أتكلم على الشعراء الفيليين الذين كتبوا بالعربية لابدَّ أن أبدأ بنفسي، فأنا أصدرت في العربية مجموعة (لدنا والحب) و(قصائد خيّرة)، ولي أشعار كثيرة ضمن (منامات ابن سيا)، فضلا عن قصائد منشورة في الجرائد وأخرى غير منشورة. إلا أني لم أصدر محموعة بالكردية وليس عندي قصيدة كردية واحدة، بسبب عدم إجادتي التامة للكردية، إذ يتيح إتقان اللغة القدرة على اختيار ألفاظ شعرية معبرة، والغوص من خلال الالفاظ وظلالها إلى معانٍ عميقة لا تتاح لمن لم يتعرف أسرار اللغة ولا يملك رصيداً لفظيا جيدا منها. والشعر من الشاعر غير متقن اللغة هشّ واضح الضعف، لأنه ستسيره معرفته اليسيرة فيختار المتاح من الألفاظ وهي بدورها ترشح الفكرة فينساق خلفها الشاعر ليس همه إلا أن ينهي البيت بأية فكرة والفاظ، كما انه يمنع من الابتكار في الشكل والمضمون منعاً باتاً.

ومن محاولاتي كتابة شعر كردي، وفيه يتجلى الضعف الذي أشرتُ إليه، قطعة كتبتها في منطقة (باوەنور) أقول فيها:

ئه‌مه‌ باوه‌نوره‌

عالمي گشتي نوره

چه‌ن وه‌ختي بدلشادي

 تيپه‌ر بو ودڵ مسروره

بلام منم سجينم

ته‌ماشاکه‌م له دوره

لقد كتبتها بالسورانية التي تقدمتُ في معرفتها دون مستوى الإجادة، ووقتها لم أكن اعرف من الفيلية شيئاً مذكوراً. ويبدو الفرق الشاسع بين هذه القطعة محدودة المكنة، وقطعة كتبتها بالعربية تقصدتُ فيها الابتكار بالخروج على قوانين العروض والقافية، وذلك بسبب اجادتي الكبيرة للغة العربية واللعب على اوتار الشعر العربي وركوب قوانينه، وهي:

لا يا زمان الحب حقك تنمحي

لا أن تعود ولو بذكرى لن تعيدَكْ

وبمن تشفِّع؟ في حبيب غادر!!

يا خلُّ خلِّ الأمس ولتقصد سبيلَكْ

علمتك الحبَّ الكبير وأنت قد

علمتني الحقد الكبير فخذ شعورَكْ

أتجيء مهزوماً وكلك نجدة

عجباً تعثِّرني وتطلبُ أن أقيلَكْ

 

ففي المقطوعة الكردية التزمتُ قانون العروض والقافية العربية، في حين يكتب الكرد على المقطع وليس البحر الخليلي عجزاً مني، وفي القطة العربية أضفت حرفاً إلى تفاعيل الكامل، وجعلتُ الكاف، وقبلها حرف متحرك، قافية وهو مما لم يجوِّزه العلماء، تمكناً مني.

    

الشاعر زاهد محمد :

ولد الشاعر الدكتور (زاهد محمد صادق زهدي) عام 1929 في مدينة الحي / محافظة واسط، من عائلة كردية فيلية معروفة. أكمل دراسته الابتدائية في الحي بتفوق فأهَّله ذلك لأن يواصل دراسته الثانوية في كلية الملك فيصل الأول ببغداد وهي لا تقبل إلا الطلبة المتفوقين ومن عموم العراق وقتها. وفي تلك السن المبكرة تفتحت قريحته الشعرية فزج نفسه في النشاط الوطني والسياسي ففصل من تلك الكلية الخاصة بطلبة الدراسة الثانوية، وتعرض إلى السجن حيث أمضى فيه سبع سنوات وقام خلالها بتأليف عدد من الأغاني والأناشيد الثورية. وبعد قيام ثورة الرابع عشر من تموز عام 1958، عين مديرا لقسم البرامج والأحاديث السياسية في إذاعة بغداد وقام خلال تلك المدة بكتابة ونظم الكثير من الأغاني الوطنية ومنها: (أغنية عاش الزعيم) و(هه‌ر بژي كرد وعرب رمز النضال) وكتب الأغاني العاطفية ومنها: (مروا عليَّ الحلوين) (عين بعين عالشاطي تلاگينا) وقام أيضا بكتابة أشهر اوبريت غنائي في إذاعة بغداد حينها وهو (غيدة وحمد). اصدر دواوينه الشعرية: أفراح تموز 1960 – شعاع في الليل 1962 – حصاد الغربة 1993, 1994. وبعد عام 1963 استقر في لندن بعد أن حصل على شهادة الدكتوراه للتدريس الجامعي في بعض الدول وتوفي في لندن عام 2002. وهو لم يكتب بالكردية.

يقول في قصيدته (شياطين الشعراء):

يا سائلاً عني وعن شيطاني

في أي وادٍ مُقْفِر يلقاني

ومتى? وكيف يطوف بي إلهامُهُ

ليدير بالشعر البديع لساني

الجنُّ ما مرَّتْ بساح قريحتي

يوماً ولا أملَتْ عليَّ بياني

ما كنت مدَّاح الطغاة ولا انثنى

شعري ليمسح جبهة الطغيان

ما قلت يوماً للدعيِّ مكابرا

بالمجد! أنت منارة الأوطان

وشطرْتُ قلبي للعراق فنصفه

عند الضفاف قصائدٌ وأغاني

مازلت من عشْرٍ أنوء بحملِهِ

أطوي الديار وغربتي عنواني

عينايَ ترقبُ أن يُطلَّ من الدجى

فجرُ العراق معطَّر الأردان

وينثُّ عطراً في الفرات ودجلة

فيهبّ فوّاحاً على الشطئان

إذ ذاكَ لو حكَمَ الردى في أرضه

وعلى ثراه فُصِّلَتْ أكفاني

سأنامُ مرضيَّ الضمير وألتقي

ربّاً إلى الدربِ القويم هداني

 

 

الدكتور رعد طاهر گوران

الدكتور رعد طاهر باقر گوران من مواليد الكوت 1956، من قبيلة گوران، أديب متعدد المواهب، فهو شاعر وناقد وكاتب مسرحي وفنان، دكتوراه في الأدب العربي، يعمل حالياً عميداً لكلية الآداب/ جامعة واسط وأستاذاً في الادب الحديث. وهو: عضو الاتحاد العام للأدباء والكتاب العراقيين، عضو اتحاد المسرحيين العراقيين، مؤسس جماعة المسرح العراقي الحر 2003 بعد سقوط نظام الطاغية.

له الكثير من الدراسات والبحوث والمؤلفات (المنشورة والمخطوطة) مثل: صالح الجعفري شاعرا (دراسة فنية) وهي رسالته للماجستير، التناص في القص الروائي العربي الحديث في العراقي وهي أطروحته للدكتوراه، الزمن في الشعر (دراسة فنية تطبيقية)، الثقافة في مدن العراق (الحلقة 1 النجف)، طرفة بن العبد النظرة إلى الوجود (دراسة)، المناخ الأسطوري في رواية البير كامو (الغريب) (دراسة)، التأثر والتأثير بين النقد العربي والنقد الغربي (دراسة)، السينما والشعر (دراسة).

وفي المسرح كتب مسرحيات: عهد الياسمين، النزول عند رغبة مدينة (مونودراما مسرحية)، ابتداء من الخاتمة، الأسماء تشم النسيم، الصهيل، صراخ الأجنة. وفي الشعر اصدر مجموعتين هما: سيناريوهات لسيما الجسد، الجهات الخمس. وكتب شعراً باللهجة الفيلية، إلا انه ليس بمستوى وأهمية شعره العربي. وقد بقيت في ذاكرته الترجمة العربية التي قام بها لقصيدته التي كتبها بالفيلية المعنونة (غَزَل الأشياء والأمكنة..الخبز الهوراماني والسمك المسكَوف) وهي:

قبل أن:

تطويك المسافات في الطرق الجبلية الخضر

أو غابات البردي في أهوار (الجبايش)

وقبل أن:

يهديك جبل (ئه‌زمه‌ر) تحية الصباح المضمخة بعطر النرجس

وتحييك (الفواخت والحذّاف) وانت تقود (المشحوف) الى الشاطي عصراً

قبل أن:

تهلل أطيار الوادي المكتظ بألوان الحب، فرحةً بالجنوبيِّ الأسمر (حمد).

وينطلق الموال (المحمداوي) من جرف النهر

ليصل إلى مسامع عازف الناي (كاكه حه‌مه‌) في سفح (پيره‌ مه‌گرون).

يسألك الصبية عن موطنك،

وعن وجهتك

وهم يلوحون بأيديهم..

ويعرضون بضاعتهم من الخبز (الهوراماني) الشهيِّ.

والسمك (البني) وطيور الماء.

وقبل أن :

تمدّ ضاحية (ئه‌حمه‌د د ئاوه) ذراعيها لاحتضانك.

وتطل شجرة (أم ريعان)  بقامتها محيية.

وتنحني برفق أمامك أشجار الجوز.

(والصرائف) تدعوك الى وجبة من (السمك المسكوف).

فه رمو كاكا.. به سه رجاو.

تفضلوا.. العين فراش والجفن غطاء.

قبل أن:

تصطك قدماك بماء النبع الزلال،

في آب (اللهاب).

وتهب عليك نسائم الشمال في (هور الصحين).

ويعزف الهزار سيمفونيته الأخيرة قبل هجوم الشتاء.

ووشوشة القبَّرات تشي بانقضاء النهار.

وقبل أن:

تستلقي تحت ظلال أشجار التين،

وتشعل سيجاراً محلياً.

أو تستظل بـ(البرحيَّة) الشامخة.

قبل هذا..

وقبل ذاك..

هل مرَّ ببالك شيء جميل اسمه (وطن)؟

وهل فكرت.. أن تسأل الرصاص عن وجهته؟

وتسأل عطر البارود الذي (تشيّمنا) به السنين العجاف

عن مصيره؟

هل صار بمقدورك أن تسأل رائحة الدمار الآتية عن قربٍ من حلبجة الشهيدة

ومن قرى المؤنفلين عن الأطفال وعن لعبهم المصنوعة من أغصان شجر اللوز؟

أو تسأل البصريات اللواتي فقدن آباءهنَّ قبل مواسم الحصاد

عن ثيابهن الجديدة للعيد القادم؟

قل قررت أن تسأل؟

أم؟

ان مجرد التفكير بالسؤال يدفعك إلى البكاء؟

البكاء عما ضاع هباءً

بين

التراب الكافوري (وهلاهل) البنادق الزاخرة بالموت

ومشيتنا الأزلية صوب الحرب.

هل؟ لا تسأل!!

لم يبق للحرب مكان هنا

لم يبق للشمس سوى الشروق

لم يبق للشعر سوى الرحيل،

لأنه في حضرة الحياة.. يضجّ بالكسل.

 

السليمانية / ئه‌حمه‌د د ئاوه

27 آب 2004

 

سمرقند حمودي غلام الجابري

قاصة وشاعرة وتشكيلية
مواليد بغداد 1973
خريجة فنون جميلة 1998
عضوة نقابة الفنانين العراقيين
عضوة جمعية الفنانين العراقيين
عضوة اتحاد الادباء العراقيين
عضوة نادي نازك الملائكة
عضوة جمعية حقوق الانسان العراقي
عضوة الاتحاد العربي للصحافة والمراسلة
عضوة رابطة القلم الدولي / لندن
عضوة رابطة شعراء العالم
عضوة مؤسسة اور للثقافة الحرة
عملت في الاعلام والتدريس
عملت في اعداد وتقديم برامج الاطفال
صدرت لها:
(بصمات قلب) مجموعة شعرية 2007 دار التكوين، دمشق

(عشرون) مجموعة شعرية  بغداد، دار المغرب 1997

ولها مجموعة قصصية تحت الطبع

شاركت في معارض فنية داخل وخارج القطر
نالت جائزة الشارقة للابداع العربي بالمركز الاول عن جموعتها القصصية (دبان صغيران) 2008

من أشعارها قصيدة (نكرة) تقول فيها:

كعظام السمكة..

غدوتُ منبوذاً..

يا حبيبتي أنا الآن متروكٌ..

ساومت هواجس العُـتمة بشراء الشمس

حاربت دمعتك بضحكة منديل

طردت البرد بثورات أغنيتي…

ولكني الان ركام

سلبني الحاكم أوتاد طموحي

ماذا أزفُّ إليك من عروق المنافي؟

وكيف أنصحك بان لا تخافي

لا تعقدي الآمال الكبار..

فرقي في ذهنكِ رجوعي

كسروا أضلاعي

بحثا عن حلم وكلمات

استبدلوا بيقيني شعارات الضباب

مزقت دمي وبعته معلم الفارس

مرغت فضيلة الأمهات بالسخام

لن يكرهني الله..فاكرهيني

وسامحيني لو بصق عليّ العراق.

 

 

عبد الستار نور علي

 

*  من مواليد بغداد – باب الشيخ عام  1942             

 *  أصدر في السويد:

- على أثير الجليد – شعر (باللغتين العربية والسويدية، ترجم المجموعة إلى السويدية بنفسه)

- جلجامش – ترجمة،مسرحية شعرية للشاعر السويدي أبهلينده

- في جوف الليل – شعر

- باب الشيخ – مقالات

- شعراء سويديون-  دراسات ونصوص

ومن أشعاره قصيدة "الرحيل":

صرنا محطاتٍ حقائبَ

تسمياتٍ في جوازاتٍ مزورةٍ

خلعنا كل شيء غير اسمك

غلاف على اثير الجليد

​​من أين جئت؟

من العراق

وأين شبت؟

في العراق

وأي ثوبٍ ترتدي؟

نخل العراق

 

طه الزرباطي

 

ولد في زرباطية في 8/2/1963 ونشأ فيها، ومن أرضها وجوها تلقى الإلهام الفني شعراً وسرداً. وقد مكنته من الإبداع قريحة طيِّعة ولغة عربية مطواعة. وهذا جعل نتاجه العربي جماهيرياً، بينما ظل شعره بلغته الأصلية الكردية التي ورثها عن آبائه وفتح عينه عليها خاصاً به، فقد كتب شعراً فيلياً إلا أنه لم يبلغ فيه ما بلغه بنتاجه العربي، وهو في هذا داخل في عداد المحنة، ولكنه مع هذا يعدّ من الشعراء الذين كتبوا باللغتين. ونتاجه ذو نفس عراقي عام يتحسس أفراح وأتراح العراق والعراقيين دون تمييز. صدرت له أعمال عربية مشتركة مع زملائه في اتحاد أدباء واسط (ميسوبوتيميا) مجموعة شعرية، (هنا نلتقي) و(ثنائيات) في القصة القصيرة. ونشرت له دار بيفن في ملحق مجلتها مجموعة قصصية مشتركة أيضاً.

من شعره قصيدة: (تحت نصب الحرية)

توطئة : وَجَدوه ُ نائماً أو فاقِداً للوعي ،أو حالِمَاً ،أو مَجْروحَاً بِشظية من ثمار النصب

بـِدْءاً ظنوُهُ مَخمُورَاً.....

عَيْناهُ حَمْراوان ِكشمْسَي مَغيب ٍ

رأسُهُ مُثقلٌ بالأحلام ِ كنخل ٍ جَنوبيٍّ مُحَمَّلٍ بــ (العثوك)

صَمْتهُ الجَبارُ يَهزُّ الأرضَ نشيداً....

يعيشُ لَوْعَة ُ ساعةِ ِ الصفر الأخيرِ في عمْر ِالوَجَع ِ

******

على حائط ٍهَرِمٍ في ساحة ِالتحْريرِ ِ

يَتكئُ رَجُل ٌ على الماضي....

يَحْمِلُ في رأسِهِ ثورة ًمُزمِنة ً

يَصْرُخُ أنا دموزي آلهة ُالخيْر ِ

أما يُدِلـُني أحَدٌ على عِشتاري؟

هلْ ذبحوا آلهة َ الحُبِّ على الهويَّةِ؟

هلْ أطعموا جُثتها للنهر ِ قربانا ً؟

هل سحبتها خمبابا إلى الدرك ِ الأسفلْ؟

مِنْ أي مُعتركٍ يُولَدُ وطنُ الرافدين؟

على حائط ٍ صَلْدٍ في ساحَة ِ التحرير

يستثمرونُ نصب الحرية للدعايةِ كشاهِدٍ للعصر

رؤية:

سينبري رجلٌ أتخذ دجلة قبرا

رجلٌ أختصرَ ثورة الشعب في بانوراما

ثورة ًمن نحاس ٍ ،من زِنك ، ثورة مَعْدنية ً

عَلقوا دموزي الوسنان

على عمـــودِ أمانيهِ المُستحيلةِ

ضحكوا قتلوه بالضحك الكافر ِ

عَمَموا أسمَهُ في مُديريات ِالأمن ِ

مَجنوناً يُعاني ثورة ًفي الرأس ِ

رؤية:

رَجُلٌ يعتلي شمْسَا ً... يَحْمِلُ مِطرقة ً...يَعْتنِقُ فأسا ً

رجل ٌيحمِلُ حُلُما ً...ومزاميرَ..وصيحاتِ غِناءْ

رجلٌ ((يَدْبجُ)) يَهزُ الأرضَ

فتمطـُرُ رأسُهُ وهجَ سنابلَ

رجل ٌ في ساحة ِالتحرير ِ

يَسْتريحُ في ظل حُرَّيتهِ الأمِّ

يَرْسِمُ وَطنا ًبحدِّ المِنجل ِ

يَحْمِلُ يافِطـَة ً مَكتوبٌ عليها بخط ٍالمسماري

موعِدُنا في ساحة التحرير ياحبيبي

يقف تموزي...تـَرْفعُ  عشتارٌ سَعْفة ً

بينما خمبابا تنبتُ أذرُعَها في الإسفلت ِ

اذرعٌ في الطُرُقاتِ...في الحاراتِ بَحْثا ً عن دماء

في ساحة التحرير أصبح ثوريُ الأمس ِشرطيَّا ً

يَمْسَحُ شعاراتِ الثورة بخِرقةِ الأمس ِ

خِرقة ٍ مُشبعة ٍبدماءِ المارين

وأمواءِ بائعاتِ الهوى،

وبقايا قيء المَخمورين

الهاربينَ من الجيش الشعبي،

وجيش ِالقدْس

وجيشِ الله الأرضي،

وجيش عاهرات القصر الأسود

منذ ُأربعةِ عُقودٍ يَمرُ الأعداءُ تحت بانوراما الحُرَّية

شزرة نظراتـُهُم ؛ النصب يواصل التظاهُرة السِلميَّة

منذ أن غدروا الزعيمَ في ليْـل ٍ بغدادي طـــويل ٍ

سَمِعوُا النصُبَ  ينوحُ بأنشودَة ِِ الوَطن المُؤجَل ِ

منذ ُ أنْ استحْدَثوا الوطنَ القرية

منذ أن قتلوا (هلبجة)

حتى مَرروا جنازيرَ أمريكا الصَديقة فوْق نياط ِالقلبِ

مُذ ْ البَسوا الوطنَ حِدادا أزليا ًأسودَ

حتى القِيّامةِ يثورُ نصبُ الحرِّية بَحْثا ًعن حُرِيتِهِ

بَحْثاً عن دموزي، بَحْثاً عن عشتار، بَحْثاً عن رَجُل ٍلا يَمْلكُ قبراً،

لا يملكُ صَبْراً ،لا يملكُ بيتاً، لا يملِك ُسَيفا ً، لا يملك ُفلساً

لكنه يستحوذ على الذاكرة ِالعَطشى

بَحْثاً عن غدِنا المَذبوح في الأمس ِ

بَحْثاً عن وطن ٍلا يَقبلُ القِسْمَة على ثلاثة

 

شاكر النعماني

 

ولد في النعمانية عام 1966، ودرس فيها متفوقاً حتى السادس الإعدادي حيث هجِّر أقاربه، وعانى هو المطاردة والاعتقالات المتلاحقة. وبعد اشتراكه في الانتفاضة الشعبانية المباركة كان لابد له من الهروب إلى إيران وهو ما كان، وبعد اشتراكه بأعمال مشرفة هناك رجع إلى وطنه الحبيب بالعفو الذي أطلقه الطاغية، الا انه حال رجوعه تعرض الى التعذيب ومختلف السجنات والسجون.. أحب الشعر وقرأه، وكان يتأسف لأنه لا يجيد لغته الأم مثل بقية الفيليين. وقد اخترنا من شعره وهو غير مجموع أو مطبوع قصيدته (لقاء تحت عباءة الدين):

وجاءت والهوى جنحٌ يرفُّ

وفي الأحداق شوق لا يجفُّ

وفي طيَّات مبسمها انثيال

من القبلات منها لذَّ قطفُ

وفي الخطواتِ إيقاعٌ ودلٌّ

تخال كأنه رقصٌ وعزفُ

تقول: صباحك العسلُ المصفى

 

 

 

فأسكر حين أسمعها وأغفو

فتوقظني بلمسة إصبعيها

وتغريني بعينيها فأهفو

فنلهو ساعة لهوا بريئاً

ونعبث ساعة أخرى ونصفو

وتنهر إذ أمازحها فأقسو

وترضى باعتذاري ثم تعفو

وتعمد للتخاصم من دلال

لأرضيها، فترضى ثم تجفو

وأسرق قبلة عجلى بخبثٍ

أعلُّ رضابها فيطول رشفُ

فتبهت لا تمانع أي شيءٍ

فنسكر دونما خمرٍ ونغفو

فعش يا قلب لا يثنيك صدٌّ

ودم يا حبُّ لا يثنيك عرفُ

وغطِّي بالمحبة كلَّ بيتٍ

يلوَّنُ فيه جدران وسقفُ

فان العمر قد يمضي حزيناً

اذا لم يكسه حبٌّ وعطفُ

 

مستقبل الأدب الفيلي

 

لما كان الأدب مرتبطاً ارتباطاً وثيقاً باللغة المنتجة له، فإن إيجاد أدب فيلي شعراً ونثراً، يتطلب إيجاد لغة كردية فيلية. وتبعاً للوضع الراهن من عدم استقرار حال الفيليين المهجرين، والجهل باللغة المنطوقة أو اللغة الإبداعية في أحسن الأحوال من الفيليين الذين لم يهجروا، يعطي انطباعاً اولياً بصعوبة التكهن بولادة أدب فيلي رصين وفاعل في هذه المرحلة.

ونحن نطمح إلى وجود بيئة شاعرة لها برامج ثابتة وشعراء مرموقون فاعلون كالبيئة الشعرية في كردستان التي أنتجت شعراء لا يقلون عن شعراء العرب أهمية. وهذا الطموح الحلمي يحتاج إلى دعم حكومي وجماهيري، ورفع مستوى الثقافة باللغة الكردية في وقت لا يزال الفيليون لا يجيد اغلبهم لغة الحديث، بل ينكر أكثرهم كونه كردياً فيلياً، وهذا يعني عدم استعداده الحالي لتعلم لغته الكردية. إلا أن الاهتمام بهذا الجانب سيؤدي حتماً إلى ظهور شعراء محترمين يكتبون بالفيلية.

ومع وجود شعر فيلي وشعراء فيليين مغتربين وحدوديين ولاسيما في مندلي وخانقين، إلا أن ازدهار الشعر الفيلي يتطلب كتابته من شعراء كل المناطق الفيلية. كما ان انحصاره بمناطق معينة يجعله مبعثرا. وهذا يتطلب وجود اتحاد أدباء للفيليين أو مجمعات ثقافية تعنى بتنمية وتطوير الشعر الفيلي ومتابعته وتحقيق الاتصال والمواصلة مع الشعراء الفيليين المغتربين والذي يعيشون في الوطن. وعلى هذا الاتحاد السمو بالشعر لخلق الفحول والقصائد الخوالد وليس المراوحة على أنصاف شعراء وشعر تجريبي. كما على الاتحاد اضافة فنون اخرى اليه كالقصة والمسرحية والرواية والمقالات بأشكالها المختلفة.

وهذا الادب الوليد بحاجة إلى تزكية فنية من نقاد كبار؛ فالناقد ضروري لتزكية الشاعر والكاتب، فحيث يكون الاديب الحقيقي يكون الناقد. وحين لا يعدو الادب محاولات وتجاريب فالناقد يأنف من الخوض في تلك البدايات.

وعلى هذا فالادب الفيلي يحتاج إلى الرقيّ فلا يكون كمَّاً من الاعمال الهزيلة. وإذا نظرنا إلى شعراء كردستان ابتداءً من احمدي خاني في القرن الثامن عشر نجدهم يطَّردون جودة ونجومية وصعوداً إلى قمم الفن، كما نجد محاولات مطردة للابداع في ميادين الادب والفن الاخرى. وهذا يجعلنا أمام تحدٍّ كبير لتطوير الادب الفيلي ولاسيما الشعر، وجعله غاية تدرك باشاعته في الكتابة بين فيليي الوسط الجنوب وعدم حصره بالمغتربين والحدوديين. وهذا جزء من البرنامج الكبير لإعادة مجتمع فيلي حقيقي.

 

 

تم الفراغ من مراجعته يوم الجمعة الموافق 14/12/ 2012

 

الهوامش

(1) الثقافة الروحية في إنجيل برنابا، محمود علي قراعة (بلا معلومات) ص22.

(2) كيف نشأ الشعر، الحلقة الثانية، شبكة الفصيح، انترنت.

(3) الحيوان، ج1، ص74- 75.

(4) المحاسن والأضداد، أبو عمر الجاحظ، ط2(القاهرة، مكتبة الخانجي، 1994) ص236.

(5) ينظر: العمدة في محاسن الشعر وآدابه ونقده، ج1، ص81.

(6) الحور العين، ص217.

(7) فنون الشعر الفارسي، ص14- 15.

     (8) لا نقطع بفارسية الآثار الأدبية الساسانية لأنها كتبت بالفهلوية وهي لغة كردية فيلية كما أسلفنا، وعادة الفرس الاستحواذ على ارث الشعوب الإيرانية ونسبتها لهم. وحين قامت الإمارات الفارسية التي سعت إلى إعادة المجد الفارسي، عمل حكامها على ترجمة الآثار المكتوبة بالفهلوية إلى اللغة الفارسية لتصبح فارسية لغة وتاريخاً، ولو كان للفرس شعر لما انقطعوا مائتي سنة عنه، ويؤكد عدم ممارسة اللغة الفارسية الشعر قبل العصر العباسي قول المروزي الشاعر الذي سيرد متكلما عن شعره: (فاللغة الفارسية، منذ كانت، تختلف عن هذا النوع)، وهذا يبرهن على كردية الآثار الساسانية. فضلا عن أن الدولة الساسانية ليست فارسية بدليل أن اللغة الفهلوية (الكردية) كانت لغتهم الرسمية، وكانت عاصمتهم (كرمنشاه) كردية فيلية والى الآن، وقال لي نائب محافظ إيلام الدكتور طيب أفشار:(الساسانيون كرد فيليون). وكان ابن المقفع من رواد إعادة المجد الفارسي وترسيخ فكرة وجود فكر وثقافة فارسية أعظم مما عند العرب، لذا ترجم الآثار القديمة ونسبها إلى الفرس ماحياً منها أي أثر كردي، وقدمها لتكون مهاد الثقافة العربية الجديدة. وان الدراسات الكردية الحديثة تؤكد ان الساسانيين كرد، الا ان المؤرخين العرب يعدونهم فرساً.

(9) ينظر كتاب (أنا الشعر – دراسة في أساسات الشعر الجاهلي وصلاحيتها لعصور الشعر العربي).

(10) تاريخ الأدب العربي، كارل بروكلمان، القسم الاول، الكتاب الثاني، ص327.

(11) فنون الشعر الفارسي، د. إسعاد عبد الهادي قنديل ص13.

(12) فنون الشعر الفارسي، ص22- 32.

(13) فنون الشعر الفارسي، ص23- 24.

(14) أبو نواس- النصوص المحرمة، ص121.

(15) ينظر: تراث الإسلام، د. حسن نافعة وكليفورد بوزورث، ج2، ص18 وما بعدها.

(16) فنون الشعر الفارسي، ص44- 45.

(17) كتب الكرد الشعر دون النثر بلغتهم الكردية، وترجع أولى الكتابات النثرية إلى القرن الثامن عشر، وهي قليلة أو نادرة، والى اليوم يكتب الفيليون في پشتكو الشعر بالكردية والنثر بالفارسية. 

(18) مشاهير الكرد وكردستان في العهد الاسلامي، العلامة محمد أمين زكي بگ، ص135.

(19) فنون الشعر الفارسي، ص177.

(20) مشاهير الكرد وكردستان، 132- 133.

(21) فنون الشعر الفارسي، ص179.

(22) فنون الشعر الفارسي، ص180- 181.

(23) أوردت كتب المستشرقين ترجمتها فقط، وقد نقلناها عن الأستاذ عبد الواحد فيلي.

(24) معجم البلدان، ج1، ص139.

(25) معجم البلدان، ج1، ص139.

(26) معجم البلدان، ج1، ص139- 140

(27) ينظر: مشاهير الكرد وكردستان، ص449 حيث يؤكد ان الملا جزيري ولد بعد وفاة الشاعر (جامي ت 898هـ).

(28) تاريخ الدول والإمارات الكردية، مج2، ق2، ص251.

(29) تاريخ الدول والإمارات الكردية، مج2، ق2، ص251.

(30) الأكراد، أرشاك، ص222.

(31) الكرد، باسيل نيكتين، ص15- 16.

(32) تاريخ الدول والإمارات الكردية، مج2، ق2، ص251.

(33) شرفنامه، ص48 (هامش).

(34) الأكراد – ملاحظات وانطباعات، ص58- 59.

(35) دراسات حول الكرد، ص32.

(36) دراسات حول الكرد، ص36.

(37) دراسات حول الكرد، ص37.

(38) مخطوطات فريدة ومطبوعات نادرة، د. معروف خزنه دار، ج1، ص37.

(39) مذكرات مأمون بك بن بيـگـه بك، ص42(الهامش).       

(40) الذريعة الى تصانيف الشيعة، آغا بزرگ الطهراني، ص357.

    (41) الامثال الفيلية، موقع الصوت الفيلي - ده‌نگي فه‌يلي. 

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


د . محمد تقي جون
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/12/17



كتابة تعليق لموضوع : الكرد الفيليون/ الحلقة السادسة نظرة في الأدب الكردي
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net