صفحة الكاتب : عبد الكاظم حسن الجابري

يوم السلام مصبوغ احمر
عبد الكاظم حسن الجابري

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عزفت الأوتار أجمل ألحان, وصدحت الحناجر بأحلى الأناشيد, تتغنى بيوم السلام العالمي, وفي كل بقاع العالم, وحَشَدَتْ المنظمات العالمية الرسمية, كمنظمة الأمم المتحدة والاتحاد الأوربي, وكذلك منظمات المجتمع المدني جهودا كبيرة لإقامة احتفاليات وفعاليات متعددة ومتنوعة داعيةً لإشاعة السلام وثقافة التسامح والتعايش السلمي.
يوم 21 أيلول كان مختلف في بلدي, فمع ارتفاع أصوات الموسيقى والأناشيد تعالت أصوات الحقد الأعمى وأصوات الجهلة, أعداء الإنسانية تعالت أصواتهم بحزام ناسف وسيارة مفخخة وجسمين عفنين فَجَرا بحقدهم جمع من أبناء الشعب العراقي البسطاء, فلم يستهدف الانفجار موقعا حكوميا او مؤسسة أمنية, بل تجمع لأناس عزل اجتمعوا للعزاء لفقدهم أخ لهم ومن منطقتهم.
حقيقة إن الأمر لا يمكن أن يوصف وهول المصيبة لا يحده تعبير او تحيطه كلمات, فمشاهد الأشلاء المتناثرة, والجثث المحترقة, وصيحة تلك المرأة البسيطة التي كانت تنادي ابنها ولا تعرف بحاله وهي تصحيح بلهجتها الشعبية وبحرقة الأم المفجوعة "يمه عباس مو كلتلك لا تطلع" كل هذه المشاهد يهتز لها كيان الإنسانية, وكل ضمير حي.
صيحة أم عباس اختزال للمشهد القائم من مآسي وآلام, وحرقتها هي حالة كل عراقية مفجوعه بوليدها, وهذه الصيحة هي شهادة حية على ما يحصل في بلد العراق.
انفجار مدينة الصدر صبغ يوم السلام بدماء الشهداء المغدورين, فلم يعد للسلام معنى وأبناء العراق تُقَطَعْ أجسامهم, دون رادع من دين او وازع من ضمير, انحنى السلام أسفا لما حل بتلك المدينة البسيطة التي  يقطنها أُناس بسطاء, كل همهم أن يكسبوا قوتهم اليومي ويعيشوا بهدوء وسلام.
إن تفجير مدينة الصدر كشف الوجه الخبيث لمن يحكمون العراق الذين لم يكن همهم إلا أن يقللوا في أعداد الضحايا من شاشات التلفاز, وكأنما لو كان العدد 13 شهيد كما أعلنت وزارة الداخلية يعتبر انجاز لان المصادر الإعلامية والشعبية أشارت إلى أكثر من 70 شهيد سقط خلال التفجير المزدوج, أليس ال 13 شهيد - على افتراض صحة إعلان وزارة الداخلية - مصيبة عظمى ؟
وكان هم المتحدثين من الجانب الحكومي لترقيع موقفهم من خلال إظهار تأسفهم لما حدث بتعابير وجوههم البائسة, أليس التأسف لا يكفي ؟ أليس من العار عليكم أيها المتحدثون الحكوميون أن تحدث هكذا خروقات؟ الم توقعوا ميثاق شرف لحفظ الدم العراقي؟ ولو إني شخصيا اشك في أنكم تملكون شرفاً, حولتم صراعاتكم السياسية إلى مفخخات يومية تعصف بأبناء العراق, ولأخرج عن عادتي هذه المرة وأقول إن صراعكم تحول إلى محرقة يحترق فيها الشيعة دون غيرهم, وانتم تمسكون الزمام – اعني الحكام الشيعة – ولا يمكنكم حماية أبناء جلدتكم, انشغلتم بزيادة أرصدتكم في البنوك العالمية, وتكبير كروشكم وتحسين مؤخراتكم العفنة بملايين الدولارات من أموال الشعب وتركتموه يتلظى بنار المفخخات.
عذرا أيها المحتفلون بيوم السلام العالمي, عذرا منكم فان يومنا دامي, وأشلاءنا مقطعة, وجراحنا نازفة, عذرا لا يمكننا أن نشاركك احتفالاتكم, رغم أنا نباركها لكم ولكن نباركها لكم باشلاءنا الممزقة.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عبد الكاظم حسن الجابري
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2013/09/25



كتابة تعليق لموضوع : يوم السلام مصبوغ احمر
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net