صفحة الكاتب : علي بدوان

القلق المتزايد وحال الفلسطينيين في ليبيا
علي بدوان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
أدخلت الحالة العامة السائدة في ليبيا الآن، مجموع الفلسطينيين هناك ضمن دائرة جديدة من الأزمات، بعد أن كانوا قد تعرضوا لعدة أزمات كبيرة طوال سنوات وجودهم المؤقت فوق الأراضي الليبية، وكان من بين تلك الأزمات تعرضهم للترحيل من ليبيا، ودفعهم نحو الصحراء على تخوم الحدود مع مصر، في منطقة السلوم، فضلاً عن المزاجية التي سيطرت على طريقة التعامل الرسمي معهم تبعًا (لبارومتر) العلاقات السياسية الرسمية الليبية مع منظمة التحرير الفلسطينية، والتي شهدت تقلبات من حين لآخر. فما هي أبرز المحطات في سيرة اللاجئين الفلسطينيين الذين وفدوا إلى ليبيا من فلسطين ومن دول الطوق (سورية، لبنان، الأردن) بقصد الإقامة المؤقت والعمل.
كانت بدايات التواجد الفلسطيني في ليبيا، قد بدأت منذ استقلال ليبيا مباشرة، حين حطت فوق أراضيها مجموعات متتالية من المواطنين الفلسطينيين الذي قدموا إليها للمشاركة في بناء ليبيا بعد استقلالها، وتحديدًا من العاملين في قطاع التربية والتعليم. فقد وفدت إلى ليبيا أعداد جيدة من الفلسطينيين قدرت بنحو ثلاثة آلاف مواطن فلسطيني، من أبناء فلسطين من اللاجئين في الدول العربية المحيطة بفلسطين من الأردن وسوريا ولبنان، ومن قطاع غزة الذي كان تحت الإدارة المصرية، وكان على رأس تلك المجموعات اللاجئ الفلسطيني في سوريا وابن مدينة حيفا محمود المغربي، الذي وصل إلى ليبيا، ليسهم في ميادين العمل المختلفة، وليتبوأ عدة مواقع مرموقة متتالية في عهد الملك السنوسي، استنادًا لكفاءته ودوره المشهود في بناء ليبيا، وهو ما أهله كي يصبح أول رئيس وزراء في القطر الليبي الشقيق بعد "ثورة" الملازم أول معمر القذافي في سبتمبر 1969.
وبلغ الوجود الفلسطيني المدني في ليبيا، حجمًا متميزًا منذ أواخر سبعينيات القرن الماضي وصولاً إلى بداية التسعينيات، وما ساعد على تشكل هذا الجسم وازدياد حجمه، وجود تسهيلات متاحة لجهة دخول البلد وشروط الإقامة للفلسطينيين، كذلك نتيجة لوجود محفزات عدة ومنها على سبيل المثال (إعفاءات من الرسوم، تخفيف شروط الإقامة) وتقديم المنح الدراسية وخصوصًا لأبناء الأرض المحتلة، ومن بين تلك التسهيلات أنها فتحت الجامعات على مصراعيها أمام الطلبة الفلسطينيين الذي قدرت أعدادهم في سنة من السنوات بـ (2000) طالب وطالبة وفي مختلف الكليات الجامعية، فضلاً عن تسهيل دخول حملة وثائق السفر من اللاجئين الفلسطينيين (الوثيقة السورية واللبنانية والمصرية والعراقية) الذين طالما عانوا من تمنع العديد من الدول العربية التي ما زالت حتى الآن لا تسمح لحملة الوثائق الفلسطينية بدخول أراضيها إلا تحت شروط قاسية، ومن بينها مصر التي تمنع حتى حملة الوثيقة المصرية من دخول أراضيها إلا بشق الأنفس.
ومع ذلك، فإن حال الفلسطينيين في ليبيا تأرجحت على الدوام، وذلك بفعل المتغيرات السياسية التي طرأت على مسار العلاقات الرسمية الفلسطينية الليبية، فيما احتفظت ليبيا على الدوام بعلاقات استثنائية مع بعض الفصائل كالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة).
وما فاقم من تلك التأرجحات انطلاق بعض (الفقاعات والمواقف) المؤذية من الرئيس معمر القذافي، حين "يجتهد كعادته"، وبأفكاره المفاجأة التي ما تلبث أن تخرج دون مؤشرات مسبقة، وهو ما وقع مثلاً حين تعرض الفلسطينيون في ليبيا لبعض الإجراءات التي مست وجودهم المؤقت هناك كأسر مقيمة للعمل وتحصيل لقمة العيش ما أثر على مختلف نواحي حياتها الاقتصادية والاجتماعية وعلى قدرتها بالتنقل والإقامة وقدرتها على العودة إلى فلسطين أو مخيمات اللجوء في لبنان وسوريا، وأدى ذلك إلى نزوحهم التدريجي من ليبيا، لتصل أعداهم الآن إلى ما وصلت إليه من انخفاض واضح قياسًا لسنوات السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي.
فقد كان الرئيس القذافي قد اتخذ قرارًا في (30/8/1995) يقضي بتسفير جميع الفلسطينيين المقيمين في ليبيا الذين قدر عددهم في حينها بنحو (7000) عائلة، وإخراجهم من ليبيا، باعتبار أن سلطتهم الوطنية قد قامت في فلسطين ولم يعد من ضرورة لبقائهم في ليبيا، فرمى بهم على تخوم الصحراء الليبية في منطقة السلوم عند الحدود المصرية الليبية، فيما لجأت أعداد منهم إلى السفر بحرًا باتجاه مالطا بحثًا عن مكان آخر على ظهر المعمورة.
وبكل الحالات، إن ما تبقى من الفلسطينيين في ليبيا، والمقيمين بشكل مؤقت بقصد العمل، يعيشون الآن في حال من القلق، يترقبون مسار الأحداث في ليبيا، في ظل تقلص الخيارات البديلة أمام الغالبية الساحقة منهم، من الذين يفتقدون إمكانية العودة إلى فلسطين على ضوء إجراءات سلطات الاحتلال، أو بسبب من انتهاء صلاحية الوثائق التي يحملونها، ورفض البعض على تجديدها، وهو حال حملة الوثيقة المصرية من أبناء قطاع غزة.
إن الأوضاع المتفاعلة في ليبيا، تتطلب من الجهات الفلسطينية الرسمية، الإسراع من أجل وضع الحلول الممكنة لأزمة الوجود الفلسطيني في ليبيا في ظل وجود حالة اللا استقرار هناك.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي بدوان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2011/03/24



كتابة تعليق لموضوع : القلق المتزايد وحال الفلسطينيين في ليبيا
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net