صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

صيام عاشوراء ، منشأ الأسطورة ، الجزء الثاني .
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
 بمجرد أن انتهت عملية تصفية الأمام الحسين (ع) في صحراء كربلاء بتلك الصورة المأساوية المفجعة ، وسوق أهل بيت الرسول (ص) أسارى إلى الشام أحس النظام الأموي بخطورة عمله هذا وقدر الأضرار التي ستصيب كيانه نتيجة تلك المجزرة لأن المسلمين كانوا يعرفون من هو الحسين بن علي بن أبى طالب من هو جده ، ومن هو أبوه ، ومن هي أمه ، ومن هي جدته ، ومن هو أخوه... . وبالمقابل كانوا يعرفون من هو يزيد بن معاوية بن أبى سفيان وكانوا يعرفون جيدا الفرق بين البيت الهاشمي والبيت الأموي . وكذلك سمع المسلمون الأحاديث التي وردت عن رسول الله (ص) بحق الحسين بن علي (ع) والأحاديث الواردة بحق الشجرة الملعونة بنو أمية . فتحرك الأمويون بسرعة لتفادي المشكلة .
 
ادعى رأسهم يزيد بن معاوية أن لا علم له بمقتل الحسين وانه سيعاقب قتلته وبمجرد أن صدر هذا الكلام من طاغية بني أمية ، انفتح بيت مال المسلمين ليغدق العطايا ويصب الأموال صبا على وعاظ السلاطين ليبرروا فعل الخليفة والتقليل من وقع الحادثة على أذهان المسلمين . 
 
فأنتشر هؤلاء في أرجاء الدولة الإسلامية يخترعون الأحاديث على لسان أصحاب رسول الله (ص) هذه الأحاديث التي لم ينزل الله بها من سلطان ولم ترد على لسان النبي الأمي جد الحسين (ع) فقيل : أن الحسين قتل بسيف جده رسول الله (ص) ، وان الحسين طامع في الخلافة ،وانه من خرج على إمام زمانه فاقتلوه كائنا من كان ، وان من حكم المسلمين يوما واحدا فقد حصل على براءة من النار . 
ولكن لما وضعت قواعد علم الحديث وأصوله وعلى ضوء هذه القواعد اثبت بطلان هذه الأحاديث وأنها من الموضوعات التي لا أساس لها من الصحة .
 
من بين ذلك الكم الهائل من الأحاديث الموضوعة اخترنا حديث ( عيد وصيام يوم عاشوراء ) فقد نسبوا هذا الحديث إلى رسول الله (ص) وانه قد أمر بصيامه والتوسعة على العيال وانه يوم عيد من أعياد المسلمين. 
والغاية معروفة من وضع هذا الحديث ، هو محاولة الهاء الأمة بصيام هذا اليوم والانشغال بالتوسعة على العيال لأن هذا اليوم من الأيام العظيمة عند الله تعالى فتختفي مظاهر الحزن من قلوب المسلمين على مر السنين وينسى الناس مقتل الحسين بن على(ع) . وغايتنا من الاستدلال بهذا الحديث . هي انه لا تزال الأمة الإسلامية تحتفل بيوم عاشوراء وتعتبره عيدا من أعيادها . 
وكذلك بيان سعة عملية التشويه المتعمدة لتاريخ امتنا الإسلامية من خلال وضع الأحاديث الكاذبة ودسها في مصادر المسلمين وستدهشك أولا عملية التنوع المذهل في كيفية سرد الحديث ، وصياغة مبناه بتلك الطريقة المتقنة بحيث يصعب على الناس التمييز بين الصحيح من السقيم .
وستذهلك ثانيا عملية كشف هذا الحديث والطرق المتبعة في ذلك . وسنبدأ من التعريف ليسهل علينا تناول موضوعه فيما بعد .
 
1-عاشوراء في اللغة : 
 
قال ابن الأثير في النهاية : ( عاشوراء أسم إسلامي ) .(1) 
وقال ابن دريد في الجمهرة : ( إنه اسم إسلامي لا يعرف في الجاهلية ) .( 2)
وعاشوراء :اسم مؤنث على وزن فاعولاء معدول عن عاشرة للمبالغة والتعظيم ، فإذا قيل : يوم عاشوراء فكأنه قيل يوم الليلة العاشرة .
 
إذن : فعاشوراء اسم ليلة عاشرة في الشهر ذات ذكرى مبالغ في تعظيمها. ولا يوجد خلاف في أنها ليلة العاشر من شهر محرم الحرام والذكرى هي شهادة الأمام الشهيد الحسين بن علي عليه السلام في يومها ، إذن فهو يوم مأتم وعزاء وحداد . 
 
وقال آخرون ما مجمله : أن في عاشوراء ذكريات عظام هي : أن عاشوراء هو يوم خلق الجنة والأرض وآدم عليه السلام ، ونجاة نوح من الغرق ونجاة إبراهيم من النار ،ونجاة موسى وبني إسرائيل من الفراعنة .
 
إذن ففي نظر هؤلاء أن يوم عاشوراء هو يوم عيد خلق الأرض وآدم والجنة ويوم خلاص الناس من الظالمين .
 
2- الأحاديث الواردة في عاشوراء :
 
ورد في بعض كتب الحديث ما نسب إلى رسول الله (ص) من أخبار حول عاشوراء وهي كثيرة أهمها :
أ- أن يوم عاشوراء معروف في الجاهلية وكانت الناس تصومه قبل الإسلام من غير تعيين الأسباب 
ب ـ أن الناس كانت تصومه قبل رمضان من غير بيان للأسباب .
ج ـ أن اليهود كانت تصومه ، فهو يهودي وسبب الصيام يهودي .
3-الأحاديث :
1- عن عائشة قالت : (( كان عاشوراء يصام قبل رمضان فلما نزل رمضان من شاء صام ومن شاء أفطر )) . (3) 
2- عن عائشة أيضا : (( كان رسول الله (ص) أمر بصيام عاشوراء فلما فرض رمضان كان من شاء صام ومن شاء افطر )). (4) 
 
3-عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبى سفيان ، يوم عاشوراء عام حج ، على منبر رسول الله يقول : يا أهل المدينة أين علمائكم !؟ سمعت رسول الله يقول : هذا يوم عاشوراء ، ولم يكتب الله عليكم صيامه ، وأنا صائم ، فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر . 
4- عن عائشة قالت : (( كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية ، وكان رسول الله يصومه في الجاهلية ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما فرض رمضان ترك يوم عاشوراء ، فمن شاء صامه ومن شاء تركه )). (5)
5- وعنها قالت : (( كان يوم عاشوراء تصومه قريش في الجاهلية وكان النبي يصومه ، فلما قدم المدينة صامه وأمر بصيامه ، فلما نزل رمضان كان رمضان الفريضة وترك عاشوراء ، فكان من شاء صامه ومن شاء لم يصمه )). (6) 
6- وعنها أيضا : (( كانوا يصومون عاشوراء قبل أن يفرض رمضان وكان يوما تستر فيه الكعبة ، فلما فرض الله رمضان قال رسول الله : من شاء أن يصومه فليصمه ، ومن شاء أن يتركه فليتركه )). (7)
7- عن أبن عباس قال : (( قدم النبي المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء ، فقال :ما هذا ؟ قالوا :هذا يوم صالح نجى الله بني إسرائيل من عدوهم فصامه موسى ، قال: أنا أحق بموسى منكم ، فصامه وأمر بصيامه )). (8)
8- وعنه أيضا ((أن النبي لما قدم المدينة وجدهم يصومون يوما ـ يعني يوم عاشوراء - فقالوا:هذا يوم عظيم وهو يوم نجى الله فيه موسى واغرق آل فرعون فصام موسى شكرا لله، فقال :أنا أولى بموسى منهم فصامه وأمر بصيامه )).( 9)
9- وعنه أيضا ((لما قدم النبي المدينة وجد اليهود يصومون عاشوراء فسألوا عن ذلك فقالوا : هذا هو اليوم الذي اظهر الله فيه موسى وبني إسرائيل على فرعون ،ونحن نصومه تعظيما له ،فقال رسول الله :ونحن أولى بموسى منكم فأمر بصومه)).(10)
10- وعن أبى موسى قال : (( دخل النبي المدينة وإذا أناس من اليهود يعظمون عاشوراء ويصومونه ، فقال النبي : نحن أحق بصومه فأمر بصومه )). (11) 
11- وعنه أيضا قال ( كان يوم عاشوراء تعده اليهود عيدا قال النبي : فصوموه انتم )).(
انتهى الجزء الثاني ويليه الجزء الثالث وهو بعنوان : تحليل الأحاديث :

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2014/11/15



كتابة تعليق لموضوع : صيام عاشوراء ، منشأ الأسطورة ، الجزء الثاني .
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net