الحركات الارهابية المتوحشة شكل آخر من أشكال الراسمالية المتوحشة
وداد فاخر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
وداد فاخر
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الراسمالية المتوحشه كانت التمهيد الحقيقي لظهور حركات متطرفه متوحشه تمثلت اولا في ظهور دويلة اسرائيل ومن ثم تتابعت الدكتاتوريات في المنطقة العربية والشرق وافريقيا . ثم جاءت موجه بربرية جديدة صنعت بدقة من قبل الراسمالية لاشغال الشعوب بالحروب الداخلية وتدمير الحضارات البشرية وطمس معالم التاريخ الحقيقي فيها اولا باسم القاعدة التي فرخت من بعد ذلك مجموعات ارهابية تفوق العد والوصف خاصة اثر احتلال العراق وفتح حدوده وفق نظرية الفوضى الخلاقة أمام عتاة الارهابيين ليكون العراق وفق النظرية الامريكية الارض البديلة لصراع مخابراتي عالمي ضم معظم مخابرات العالم ووحوش الراسمالية الجدد من اتباع الاسلام الامريكي .
والتوحش الجديد اتخذ اشكالا عدة والغاء للذاكرة الشعبية في المنطقة بالغاء مكونات حقيقية من تشكيلاته المجتمعية كما حصل في العراق بتهجير مكونات عديدة وبصورة شبه قسرية اتخذت اولا شكل الاحتلال الامريكي الذي بدا بضخ عناصر الارهاب وتشكيلاته داخل العراق ، وفتح معسكرات لتدريبهم بحجة وضعهم في السجون التي دربتهم ونظمتهم وخرجتهم ارهابيين متكاملين فيما بعد فكانوا البعثيين الجدد البديل للبعث الفاشي القديم ولكن بلباس ديني سلفي وهابي .
والإسلام الراديكالي في طوره المتأخر موجته الثالثة، إنما هو النموذج الذي تعيد خلقه الرأسمالية المتوحشة والاستعمارية، وهنا الصورة متقاربة وموحدة الغرب الرأسمالي الاستعماري المتوحش ومولوده في المنطقة إسرائيل، والإسلام الذي يعود لنا مرتديا هذا الفلكلور، الذي هو مزيج بين اللكنة الانجليزية واللحية المطلقة وقطع الرؤوس وسط صرخات "ا لله واكبر" بطريقة متوحشه خالية من الانسانية والرحمة .
ان أسامة بن لادن والظواهري وابو مصعب الزرقاوي وابو بكر البغدادي وغيرهم من القتلة والذباحين هم صنيعة الرأسمالية المتوحشة ومن يعملون ويعتقد انهم حفارو قبرها على حد سواء . حيث تمت صناعتهم صناعة راسمالية ووفق معايير لا اخلاقية اتخذت الدين منهجا والذبح سبيلا جديدة .
فبدل الحروب بالقوة والجيوش رأينا حروبا من نوع آخر اطلق عليها “الحروب الناعمة او ما اصطلح على تسميتها بالحروب بالوكالة التي استخدمتها الراسمالية المتوحشة كتكتيك جديد لتدخلها في الدول المستقلة وطريقة حديثة لابادة البشرية وتخريب التراث الانساني ومحاولة طمسه .
لذلك نرى الدول الرأسمالية توظف الجماعات الارهابية من الاخوان المسلمين وداعش والنصرة وبيت المقدس وبوكو حرام الى آخر هذه المسميات الفسفورية لتمزيق الشرق العربي, واستنزاف ثرواته, وقدراته, وتاريخه في حفلات نحيب ودماء ودمار واختلاط للاوراق والادوار, لكن حسب الجدلية التاريخية فان الضعفاء في هذا العالم لهم قوة التحدي, وهم بانتظار الجزء الثاني من فيلم طويل وتراجيدي عنوانه وجوهره "هذه هي الرأسمالية المتوحشة" .
وقد لاحظ ماركس ورفيقه انجلز في البيان الشيوعي ان الرأسمالية وهي تتجه الى غزو القارات والمحيطات لفتح أسواق جديد لبضاعتها، إنما تقوم في غضون هذه العملية التاريخية بإعادة تشكيل نظام العالم القديم، وأينما تتجه على صورتها بحيث تعيد قلب هذا العالم رأسا على عقب. ولكن لينين تلميذ ماركس هو الذي تحدث عن التحولات داخل النظام الرأسمالي نفسه في مرحلة متأخرة، حين لاحظ ان الإمبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية.
ويعود تفسير الرأسمالية المتوحشة إلى الأساس الذي قدمه جون مينارد كينز في بداية القرن العشرين حيث ساد الفكر الاقتصادي التقليدي اعتقاد راسخ أن الادخار والاستثمار سيتساويان بالضرورة عن طريق آلية سعر الفائدة، وسيتحول بالضرورة كل ادخار إلى استثمار عند تغير سعر الفائدة، لاعتقادهم أن هناك قوانين طبيعية تعمل على إعادة التوازن الكلي للاقتصاد كلما تعرض للاختلال، ومن ثم فلا داع لتدخل الدولة .
ووجدت الامبريالية في الاسلام السياسي عملية اجبار وخضوع للنصوص الدينية واجبار المتلقي على الخضوع لها ، بدون اي خيار آخر ، خير مطية لاستخدامه في ما سمي بـ " الحروب الناعمة " .
الحقيقة المؤلمة ان هذا الارهاب بكل فرقه واشكاله من الاخوانجية والداعشية والنصرة, وبيت المقدس, وانصار الشريعة, وكل هذه السلالات المقيتة, وفي موجاته القديمة, والجديدة, زرعته بعض الدول العربية قبل اكثر من قرن ففتحت له المدارس, والجامعات, وصار له امراء, ومناهج, ودعاة ، ثم جمعيات خيرية تجبي الاموال من الناس الابرياء بطرق ملتوية باسم الاسلام ونشر الاسلام في العالم , واستغلال دور العبادة, وكانت الحكومات تغض النظر عن هذه الجريمة البشعة, بحق شعوبها ومجتمعاتها . وجاءت فرصة الامبريالية المتوحشة في افغانستان عندما روجت بواسطة علماء السلاطين لمحاربة الاتحاد السوفيتي “الملحد” تحت مسمى “القاعدة”. فهذا الارهاب الاجرامي العبثي والعدمي ليس نبتا شيطانيا, او تنظيمات مستولدة بالانابيب, وهو ليس لقيطا منقطع الجذور, ففي اربعينات القرن العشرين قدم “ابو الأعلى المودودي” في الهند التنظير الاساسي للاسلام السياسي من خلال مقولته في “الحاكمية” واعتبار المجتمعات القائمة في العالم جاهلية توجب محاربتها ، واكد هذه النظرية سيد قطب في كتاب “معالم في الطريق” ليشكل مرجعية فكرية اضافية، ثم جاء تنظيم “التكفير والهجرة” الذي قاده شكري مصطفى وانضم اليه تيار الاخوان المسلمين الذي تمدد في العالم من قبل حسن البنا , وقبلها مجموعة الجهاد الاسلامي التي قادها عبود الزمر, والتي اغتالت السادات. وفي الجزيرة العربية كان جهيمان سيف العتيبي الجندي في الحرس السعودي وله مجموعة رسائل, وفتاوى, وقاد مئات من المسلحين واعتصم في الحرم المكي ولغته وفتاواه قريبة من جماعة “الخوارج” .
والسبب في ظهور كل هذه المجموعات التكفيرية هو في غياب الديمقراطية عن الاسلام السياسي المؤدلج ، الذي يتقوقع ضمن حدود النصوص الجامدة التي لا تماشي العصر، ووقفت حائلا ضد الكثير من الاصلاحات الاجتماعية والسياسية ، وبالضد من الديمقراطية . وليست قضية الشورى التي يروج لها البعض كنوع من الديمقراطية فيما يدعيه المتاسلمون سوى الاستشارة التي يمكن أن ياخذ بها أو لا ، وهي تخضع اصلا اما للمزاجية السياسية للحكم والحاكم ، او تخضع للنصوص الدينية وتفسيراتها الجامدة . كونها تخضع تماما للنص القرآني الذي يقول " وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالاً مُّبِيناً (36) الأحزاب36.
واستغلال الراسمالية للعالم المتخلف ، او الفقير ادى لزيادة كبيرة ومخيفة في عدد الجياع في العالم . ويقول تقرير منظمة الجوع العالمية بان عدد الجياع في العالم أكثر من مليار نسمة في عام 2010 ممن لا يجدون قوت يومهم يتركز معظمهم في آسيا وأفريقيا.
اذن فنحن امام استغلال بشع واهانة للانسانية والانسان ، وتسخير نصوص دينية او مجتمعية لقيادة عمياء لجموع بشرية بدات تحس بالهلع والخوف نتيجة ارتفاع صرخات المتوحشين ممن ربتهم مخابرات الدول الراسمالية واطلقتهم باسماء متعددة كالزرقاوي وابو عمر البغدادي وابو بكر البغدادي وابو قتادة وابو صهيب وباقي الابوات المتخلفين. ودربتهم سينمائيا ووفق الطريقة الهوليودية على عمليات القتل والذبح والحرق بملابسهم السوداء ، ووجوههم الملثمة وسط صرخات " الله واكبر " أمام احدث انواع التكنلوجيا السينمائية الحديثة لبث الهلع والخوف في نفوس الناس ، وصرفهم عن التفكير الحقيقي في امورهم المعيشية والحياتية والمطالبة بحقوقهم السياسية والاجتماعية .
فالولايات المتحدة وحلفاؤها خليجيون وأوربيون صنعوا "تنظيم داعش" من رحم حزب البعث المنهار ، ومن إجل تفجير طائفي للمنطقة وتمزيق دوله وشعوبه . وقدموا كلّ التسهيلات للإلتحاق بصفوف " الجهاديين " ضدّ "نظام الكفر" في دمشق وضدّ "الروافض" من حزب الله وايران وحكومات العراق الشيعية ، مع كافة انواع الابادة البشرية من اسلحة متطورة ومتقدمة باسم تقديم الاسلحة لما سمي بـ " المعارضة السورية المعتدلة " ، التي تتسرب من بعد ذلك للجماعات والتنظيمات الارهابية . وهي دليل ثابت على توحش الراسمالية ونيتها المبيتة في تخريب خريطة المنطقة ، والهيمنة على ثرواتها ، وطمس تاريخها الحضاري والانساني ، وقد راينا مشروع داعش المتوحش في محاولة طمس الحضارات في كل من سوريا والعراق ، فهدمت المراقد الدينية والاثار التاريخية ، وسرقت الاثار ، وخربت الكنائس القديمة وازيلت معالم حضارية تاريخية قديمة بغية محو ذاكرة الشعوب وفق واقع متخلف جديد تصنعه ازلام مخابرات امريكا والدول المتحالفة معها .
لذلك يتطلب وقفة انسانية شجاعة بوجه المد المتوحش في منطقتنا ولجم الارهاب وقواه المحركة ، وهي السلفية الوهابية وقيمها الاانسانية المتخلفة المتحالفة مع بقايا حزب البعث الفاشي وبقايا ضباط ومخابرات وفدائيي صدام المنهارين ، ووضع حد لهذا التنظيم المتوحش بشتى الطرق والاساليب دون خوف او وجل . فمصير اجيالنا وتاريخنا وتراثنا مهدد بالانقراض اذا ما استمرت حالة التوحش المدفوعة الثمن هذه من قبل السعودية ودول الخليج التي تحس بالغيض ويتركبها عامل النقص كونها تعيش الفراغ الحضاري الذي لا ارث تاريخي له لدويلات تشكلت حديثا ولا يزيد تاريخ اقدمها على 50 سنه اصبحت مطية لمخططات الراسمالية المتوحشة واسواقها التجارية ومعامل اسلحتها المدمرة .
والمطلوب من كل الحركات الاسلامية اي كانت والمرجعيات الدينية ان تبين مواقفها بكل وضوح وجديه بعيدا عن الميوعة والكلام الانشائي بترديد لازمة مملة وممجوجة وهي بان هؤلاء المتوحشين لا يمتون للاسلام الحقيقي بصله فهذه كلها مواضيع لا تغني ولا تسمن من جوع ، ولا تلبي رغبات المجتمعات التي ابتلت بالارهاب باسم الدين الذي استغل بعض النصوص الدينية الاسلامية لترسخ مفاهيمه الاجرامية و" الاقتداء " بالسلف الصالح كما تقول .
وان يتم اتخاذ مواقف جادة وشجاعة من الداعمين الحقيقيين لداعش وكل الحركات الاسلاموية التي يمولها التحالف الغربي الصهيوني الذي يروج لاسلام امريكي صهيوني جديد باسم ربيع عربي او ثورات عربية بدأها التحرك الامريكي في اول خطواته بخطاب اوباما في جامعة القاهرة .
لذا فالمطلوب في هذه المرحلة الخطيرة وعي ثقافي جمعي ، للجم السرعة المخيفة التي تقوم بها المجاميع المتوحشة التي ربتها مخابرات دول ودويلات لازالة كل التراث الانساني والحضاري وتغيير خريطة الدول ، وديموغرافية مجتمعاتها المتشكلة منذ القدم، وتغيير المفاهيم المجتمعية . وحذف النصوص الدينية المحرضة على الغاء الاخر ونفيه والتحريض على قتله ونهب ثروات المنطقة. ورسم خطوط حمراء أمام كل قوى التوحش ومن يدعمها ويمدها بالمال والسلاح والرجال ، ولو تطلب ذلك تشكيل فيالق وطنية للقتال وكنس المنطقة من شرورهم كما حصل في تشكيل الحشد الشعبي في العراق الذي اذهل تحركه الشعبي امريكا ودواعشها .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat