صفحة الكاتب : محمد علي مزهر شعبان

إنتفاضة شعبان ..... ربيع الثورات الحره... ج2
محمد علي مزهر شعبان

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

أنقضى زمن التأوهات والمرهون بالمنازلات التي تحصد مناجلها الرؤوس وولائمها أشلاء أجساد في مهب الريح , أعوام ثمان مرت كانت حاسمة والناس في حلوقهم شجى يتناولون الموت على جرعات، ويتجرعون السم على أنتظار آملاً في نهاية هذا الدهليز المعتم، وكلما مرت الدقائق خلال ثمان سنوات، فاجعة تلاحقها نكبة، إذ لم ينقطع صوت الحرب في معسكر قائدهم، سواء في وادي جبهات القتال أو الأودية الأخرى، تقابله قذائف إيران وما تغنم من حصاد. حبال المشانق وساحات الإعدام في كل معسكرات الحكومة، هكذا الآلاف تجثو فوق الآلاف، مشرحة جثث على أديم الأرض، المطرز بأعضائهم وأحشائهم بأبشع ما أستطاعت الرسوم أن تجسد مجزرة على أرض الواقع.

على هذا الأديم المغلف بالدخان المزروع بالأشلاء، الغارق بالدماء، كان هنا وطن مجروح امتلكه( صدام ) وطن لسان حاله ببغاء، إذا قال القائد كررت الببغاوات :    لقد قال العراق .

 حاكم أستبد حتى رسم زخارف الحياة بأبشع صورها، واسترق زخارفها الجميلة فأشبع منها جسداً ونفساً ومادة وشهوة، نفس مريضة فأطلق حبيسها في سلوك ندر مثيله, ففرش جناحيه عالياً وحلق في أثر لا تحدًه مسافة أو قياس، لابد أنه لم يخضع لموازيين تضبط أنفلاته، لقد طغى عليه الضجر من الممارسات الشاملة حتى شبع منها فيلجأ إلى أخرى.

الناس تعتاش التسول وهو يمنح كل زائر لبلده من دول لا ناقة لها ولا جمل ولا حلّ ولا ربط في ميدان السياسة وهيئة الأمم، يحملون مئات الملايين من الدولارات بسخاء القائد.

إن ركوب المتع يولَد متعا أخرى لقد أشبع نفسه بكل ما أوتيت نفس من شبق الاستعلاء والأحتواء ، من لذت الجنس إلى قارونية المال ، إلى تسجيله عقاراً اسمه العراق بأرضه وماءه وزرعه وموارده وناسه، حيازة وتملكاً . وليس من بدَ القول ، أن هذا الرجل كانت الدنيا هدفه، والخروج عن المعتاد ديدنه، ولكنه إذ أشبعت رغباته من أمتلاك زينتها، ساقته نفسه إلى هوى غرز في صباه ونمى في رجولته وهي الدماء، فمثلما ساقته هذه الرغبة نحو القتل، ساق شعبه إلى المحرقة، وساقه الشعب بغباء إلى تنامي عظمته وزهوه، حتى طفحت طائفة منتهزي الفرص لتمد إليه يميناً وشمالاً, قوافل تعلن الولاء فسلكت هوى الرياح تنشد المغنم  وصدحت الأصوات، وغنًت كل نشازاتها، وركّبت قوافي الشعراء على إيقاع طبول الزماريين، وأضحى التكرار بأسمه بسملة بل أضحت البسملة جزء من ترتيلة اسمه.

صفقت الأيدي لتنفض عنها فتالات الأوساخ، ولتقدم يداً ملوثة في أستجداء، ناس تنشد العافية الخئون فأتخمها، وآخرون المناصب فأعطاها وأقصاها وأخرى الحياة الكريمة فأنهاها.

جوقة إعتزلت الحياة الكريمة والوجود الفاعل والمنتج ، لكنهم فكروا بهوى القائد، وبكنه ما يبغيه وما يتودد إليه، الجيوش تتلاطم في رحى معركة مهلكة، والعدو فيها يتقدم والرئيس يحتفظ بروح النصر، الأجساد تلتصق وتتسع دوائر قتالها وهي لا تعرف علام تقاتل ولم تحارب ومن أجل أي شيء تموت ؟ الإعلام يعلن بأن الأمة على يد قائدها تتقدم وتنتصر، وستبلغ شواطئ الأمان في درء عدو شوفوني واصفر الريح ، يبغي أن يوقف زحف الأمة العربية نحو المعالي .

غنًت العاهرات بعد أن أضحين من الدرجة الثالثة، فلابد من عمل، ولا عمل إلا الغناء للرئيس. وقد غنى المتسكعون بعدَ أن وجدوا ضالتهم الذهبية في الوقوف أرتالاً في معبد أمون المقدس.

ازدهرت المقابر وأنتعشت بل فاضت جيوب الدفانين. أما الملاهي فكانت في موسم حجها العظيم، وإن أهل الملاهي يحيُون هذه الالتفاتة الكريمة في إرتياد النخب الحكومية وأولادهم وأصدقائهم إلى الصالات، وإنهم على أتم الاستعداد بجذب ما تشتهيه الأنفس من النساء بعد أن جالت الشوارع الكعوب واللعوب والشوادن والعواتق والعوانس والطوالق والأرامل والزهور ، يبحثن عن العمل المريح على مخادع السادة الحكوميين من أسرة الرئيس ومن تقرب إليها.

أنتهت ثمان سنوات والحال هو الحال، الناس تنتظر اليوم المأمول لخلاصها، حتى جاء الثامن من آب عام (1988) ليعلن أن السواد أكتحل باللازورد، وإن الصفحة المشرقة ستفتح آفاقاً جديدة للأمن والسلام، وظلت الحياة في ظل نور آخر النفق، ولمعة ضياء في عتمة أدهمت العمر... فكانت تلكم المقدمات الموجبه للانتفاضة


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


محمد علي مزهر شعبان
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2015/06/10



كتابة تعليق لموضوع : إنتفاضة شعبان ..... ربيع الثورات الحره... ج2
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net