صفحة الكاتب : صالح الطائي

إلى الشباب (5): لا تلم غيرك على خطأ أنت ارتكبته
صالح الطائي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

إن العمل الرديء ومهما كان متسافلا سيبدو أحيانا في عين فاعله صحيحا، ولذا لا يلوم فاعله نفسه على النتائج المترتبة على ذلك العمل؛ مهما ألحقت من أذى بالناس، بل نراه غالبا يلوم الذين تسبب لهم بالأذى، وأنا هنا لن أتحدث عن الدواعش وجرائمهم الحمقاء لمجرد أنهم يعتقدون بصحة منهجهم وبطلان المناهج الأخرى، وسأكتفي بأن أضرب لك مثالا ذكره (دايل كارنيج) في كتابه (فن التعامل مع الناس)، فقال: في السابع من مايو سنة 1931 وفي مدينة نيويورك تم القبض على (كرولي ذو المسدسين) السفاح بعد هجوم بالغازات السامة والأسلحة الرشاشة على بيت صديقته الذي كان متواجدا فيه. وفي الوقت الذي كان رجال الشرطة مشغولون بحصار ومهاجمة المنزل كان هو منكبا على كتابة رسالة عنونها (إلى من يهمه الأمر) قال فيها: "إن بين ضلوعي قلبا حزينا، ولكنه ينبض بالرحمة، قلبا لا يحمل حقدا ولا يضمر أذى لأحد". وحينما أرادوا تنفيذ حكم الإعدام فيه، قال: "هذا هو جزائي لقاء دفاعي عن نفسي".

ثم نقل قول المجرم (آل كابوني) زعيم أخطر عصابة أمريكية: "لقد أمضيت كل حياتي في إسعاد الناس ومساعدتهم لقضاء أوقات فراغهم فكان ثوابي سعي الشرطة لاعتقالي وسفك دمي". فهو حتى مع كل تلك الجرائم القبيحة يرى نفسه مصلحا اجتماعيا ولكن الناس لم يفهموه.

معنى هذا أن العمل الذي تقوم به يوجب عليك أن تتحمل النتائج التي تترتب عليه، وهذا ليس في الجانب السلبي فحسب، بل وفي الجانب المادي أيضا، فأنت حينما تتبرع بمبلغ من المال إلى أحد الفقراء أو إلى مؤسسة خيرية أو جهة ثقافية سوف تشعر براحة في أعماقك وسعادة غريبة لذيذة وممتعة قد تعجز الكثير من الأمور الأخرى عن تحقيقها لك. كذلك حينما تقوم بمخالفة مرورية أو إلحاق الأذى بشخص أو التحايل على القانون، أو التهرب وظيفيا، أو سرقة المال العام، أو التقصير الوظيفي، سوف تشعر بتأنيب الضمير والإزعاج حتى ولو لم يلمك أحد على فعلتك، وحتى لو لم يشاهدك أحد تقوم بها.

معنى هذا أن أمام النجاحات المتاحة لك هناك الكثير من محطات الفشل، وأن النجاح الدائم لا يُحصنك ضد الفشل في أحيان أخرى، وأن قبالة الصحيح الذي تقوم به  هناك خطأ محتمل قد تقع فيه، المهم أن تعرف كيف تحافظ على نجاحاتك، وتصحح أخطائك، وتفيد من الخطأ الذي ارتكبته، وأن لا تلم أحدا على خطأ أنت ارتكبته، ولا تبقى حبيس هذا الشعور زمنا طويلا، فتخسر أشياء أخرى لا تتمنى خسرانها، فالحياة تجربة مستمرة، وأنت بيدك أن تكون فأر التجارب فيها، أو تكون القائم بالتجربة.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


صالح الطائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2017/09/15



كتابة تعليق لموضوع : إلى الشباب (5): لا تلم غيرك على خطأ أنت ارتكبته
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net