صفحة الكاتب : حسن كاظم الفتال

يجافون البر ويزعمون أنهم أبرار
حسن كاظم الفتال

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

بسم الله الرحمن الرحيم

( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ـ البقرة / 44

لعل من أبرز وأهم سمات ومعالم ومظاهر وبراهين ودلائل ومصاديق الإيمان الحقيقي الصادق سمةَ توافق وتطابق القول مع الفعل أي أن نفعل ما نقول ونقول ما نفعل ولا يخالف فعلُنا قولَنا .

الكثير منا تفيض من مزاعمه وإدعاءاته أقوال ما أنزل الله بها من سلطان إنما هي مزاعم فحسب خاوية المصاديق حيث منا من يزعم ويدعي ويظهر غير ما يضمر يتظاهر بالخير وهو يضمر في نفسه من الشر ما إذا أظهره أحرق اليابس والأخضر.

الإدعاءات كثيرة والمزاعم تفوقها ولكن ما أقل البراهين والمصاديق .

لا غرابة أن يلمس البعض حقيقة أصبحت أوضحَ من سطوع الشمس يلحظها القاصي والداني ألا وهي شيوع ظاهرة انعدام تطابق القول مع الفعل في معظم مناحي الحياة ومفاصلها في هذا الزمن الذي اعتدت على تسميته بـ(الأغبر) . ولعل أبرز وأهم المواقع التي عششت فيها سمة انعدام تطابق القول بالفعل أو كرست فيها حضورها بعض المؤسسات التي يطلق عليها أصحابها تسمية ( دينية ) ويزعمون ما يزعمون وهم يضمرون في مكنون أنفسهم العكس وما هو مخالف للحقيقة .

لعل البعض يحسب أن الحديث عن التأريخ القديم والنظام المباد وفترته المظلمة أصبح أشبه بمن يدير اسطوانة مشروخة لذا لا أرغب بالحديث عنه إنما هي إشارة لذلك الزمن الذي أصبح كل منا يترنح ويتبجح غاية التبجح ويدعي بأنه كان مضطهدا وكان متحمسا لأن يقدم ولم يتح له ذلك وقد كتم إنجازاته الأدبية والثقافية الفريدة من نوعها . و..و..و.. إلى آخره من الإدعاءات .

نعم في ذلك الزمن أصبح بعض الأدباء والمثقفين عرضة للكثير من المتاعب والمخاطر والمساءلات حيث جال قسم منهم بكل ثقة في رحاب ساحة الخدمة الحسينية .

وقد أُعدَّ ذلك تحديا يعرض الفرد به نفسه إلى المساءلة وربما إلى أشد العقوبات أحيانا وانطبق عليهم وصف من يحمل روحه على كفه أو يحمل خشبته على كتفه .

ذلك زمن ولى وباد إنما بقي ما قدمناه حيث دوَّنه التأريخ في سجلاته المشرفة مثلما قيد أسماء الذين كانوا يعتكفون في صومعات حذرهم وخشيتهم وتسليمهم للأمر لضمان سلامتهم من أي ضرر يصيب الآخرين . كانت أقبية اختبأ خلفها أفراد يسترقون النظرات من خلال كواتها الضيفة لعلهم يظفرون ببصيص نور يوفر لهم الفرج . حتى انفرج الحال وتسابق الجميع بكل تهافت على اقتحام كل الميادين دون استئذان إن لم نقل أحيانا دون خجل ووجل. ولعل أبرز وأول الميادين التي غصت وازدحمت بتواجد المساومين ومعتكفي الأمس هي ميادين الأدب والثقافة والإعلام .

حصل التغيير وراحت جداول الأعذار تنشف وتنضب وأشرقت شمس الحقيقية ليتبين للناس القصد الأسود من الكذب الأبيض وآن أوان تقديم البراهين والمصاديق وكل يرفع النقاب عن منجزه الإبداعي ويكشف ستار برهانه على خوضه لأشرس معركة أدبية والخروج منها منتصرا يصفق له سفر الجهاد بكل فخر .

استيقظ في نفوسنا الأمل الجميل وتنفس كل منا الصعداء وانسل يسلك سبيلا يواصل المسير غير راجٍ أو منتظرٍ من أحد جزاءً ولا شكورا .

طموحنا ليس أكثر من إشغال موقع يتيح لنا مواصلة العطاء بعمل دؤوب وانتاج ما هو أفضل من أي منجز إبداعي .

وإذا بنا نفاجأ بإحاطتنا ( بزعاطيط ) الثقافة والإعلام والأدب الذين رقنت قيودهم من سجلات الجهاد فتلقفتهم فوضى الزمن واحتضنهم تخبط المسؤولين فصيروهم ملّاكا لبعض المؤسسات الثقافية وخولوهم لأن يكونوا أمراء يتحكمون بمصير من يكبرونهم عمرا وتأريخا وثقافة وأدبا وفنا وعقيدة وصلابة .

وبما أن الحل والعقد اقترن بوجود هؤلاء فليس بوسع أحد أن يعترض . ولو تجرأ واعترض فما من أذن واعية سامعة وهل يجني المعترض أو الرافض للمسخرة إلا الخيبة والإنتقام والعقاب الشديد . وهذا ما يجعلنا نتساءل : لماذا يخمد تسلطهم أصواتنا ؟ لصالح من هذا التسقيط أو التهميش والإقصاء والإبعاد ؟ لِمَ هذا الصمت والتجاهل والتغافل من قبل رواد الثقافة والإعلام ؟ لِمَ يُسَقَّط القدوة ويُنَصَب ( الفتوة )أو ( الشقاوة ) ؟

لقد أقصينا وعلى مرأى ومسمع من قبل الجميع . أقصانا من لم يمسك بيده في الماضي لا قلما ولا ورقة ولم يره أحد في أي محفل أدبي أو ثقافي أو أي حضور في تلك الأيام العصيبة التي كان يشارك فيها الحاملون الأرواحَ على الأكف .

بعد أكثر من مسيرة أربعة عقود بعمل فعلي في الساحة الأدبية الثقافية وعمل اثنتي عشرة سنة في أكبر مؤسسة إعلامية يكون الحصاد إقصاءً وتهميشا وتجميدا وإبعادا عن العمل لا لشيء إلا حقدا وحسدا وغاية في النفوس الضعيفة وما يثير الأسف أن يحدث كل ذلك دون أن يعترض أو يحرك أي مثقف أو أي أديب ساكنا .

بل دون أن يكلف أحد نفسه ليستفسر عن السبب.وهذا أضعف المقاصد .

( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلا تَعْقِلُونَ ) ـ البقرة / 44

تعسا لدنيا تهين الثقافة والمثقفين وتكرم الجهل والجهلة وتسيدهم .


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


حسن كاظم الفتال
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2018/04/23



كتابة تعليق لموضوع : يجافون البر ويزعمون أنهم أبرار
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net