صفحة الكاتب : احمد لعيبي

 فرحان ... يرهن نفسه...!!
احمد لعيبي

وانا أبحث عن قدح اضع فيه الشاي في آخر القاعة المظلمة سمعت صوت بكاء يعلو ويخفت مثل عجوز يحتضر في انفاسه الاخيرة ..
كان الظلام دامسآ ومصباح القاعة ينطفأ ويشتغل ثم يخفت ضوئه فجأة..
أقتربت من مصدر البكاء وإذ به جندي يضع رأسه بين ركبتيه ويبكي ويحكي مع نفسه كلامآ لم افهم منه شيئا ..
كان ليل منطقة خط اللاين غرب سامراء طويلا لو بقي الانسان يبكي فيه لمات من الحزن ...
وضعت يدي على كتف الشاب وقلت له (الله يساعدك خويه ..استهدي بالرحمن وكول يالله ..كلشي يهون ابن عمي..)
ما ان رفع رأسه ليحدق بوجهي حتى سقطت من يده صورة كان يضع جبهته عليها ثم مسح دمعه بكم قميصه ليقول لي (لا خويه على بختك بس ساعة شوك لأمي وجهالي واني صارلي هنا شهرين ونص ما نازل الهم)..
كانت فردتي حذائه تختلف احداهما عن الاخرى ..
ابتسم بعد ان شعر بأني انتبهت لحذائه فقال لي (ترة ما مشتبه بس ما عندي غيرهن وشوفت عينك حتى الحذاء لابسها تك وتك وبدون جواريب ...!)
سألته مجددآ عن سبب بكائه فقال لي بعد ان قلت له انا احمد لعيبي شروكي واعشق قصص الرجال (اني اسمي فرحان بس عمري ما شفت الفرح من السماوة وحظ ما عندي خويه احمد ..ابني اللي جانت صورته بإيدي بيه مرض توحد وامه كالتلي اليوم بالتلفون معيب على جدته لأن واكع سنها الكدام ...وامي كايمه تبجي وما محاجيته ...بكى فرحان ثم اكمل كلامه مسرعا ..تدري من صارت حرب داعش كلشي ما عندي ..امي بالف زلمة ..هاي الحذاء،مالت ابوي كل فردة شكل حطتها بعلاكه وكالت روح للجبهة وهناك البسها ...ما عندي كروة امي نزعت جلابها اللي بالشيلة وكالت بيعه وروح للجبهة ولا تظل يمي ..من طلعت امي صاحت وراي ..رجعت ..
مدت ايدها بحلكها وشلعت سنها الذهب وخلته بايدي وكالت خله عندك يفيد خاف تشتري بيه سلاح وي ربعك...!!
مرتي تكلي امي حلكها مورم عمت عيني من جرة السن ومحمل جراحه ..!!..واني كلبي انشعب ..)..
فقلت له...يعني ومن كل عقلك عندك كل هالبلاوي وجاي تحارب ...
ضحك ضحكه ميتة وقال لي (خل اشوفك الضيم الثاني)..
واذا به بساق واحدة والاخرة مبتورة فوق الكف بقليل ...!!
بقينا فترة من الزمن اصدقاءكلما ذهبت للاين شاهدت فرحان وتجاذبنا اطراف الحديث ...
وفي آخر مرة ذهبت ولكني لم اجده بين المقاتلين وعندما سألت عنه قالوا لي انهم تسللوا مع مجموعه داخل قرى سامراء وكان فيها مدنين رهائن وكان فرحان مع المجموعه ..
وكان الدواعش في احد المنازل يحتجزون اطفالا ثلاثة مع جدتهم فعرضنا عليهم ان يسلمونا الرهائن ولهم الامان فطلبوا احدنا للامان ..
وكان فرحان هو الشخص الذي طلب ان يذهب لانه تذكر امه في هذه العجوز ..
سحبنا الاطفال والعجوز وبقي فرحان معهم ولكن سرعان ما انفجرت الدار على الدواعش قبل مغادرتهم وكان معهم فرحان...!!
فرحان لم يجدوا من جسده شي سوى فردتي حذائه ...!!

 


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


احمد لعيبي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/02/02



كتابة تعليق لموضوع :  فرحان ... يرهن نفسه...!!
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net