صفحة الكاتب : علي علي

ساستنا والمصطلحات الرنانة
علي علي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

  دأب المسؤولون على حقن الشعوب بأمبول المواعيد ومسكنات المشاريع الوهمية وبناء القصور في الهواء، مستخدمين لهذا مصطلحات رنانة وعبارات طنانة، الأمر الذي يحقق لهم أكبر منجز في الخيال يخدعون به شعوبهم الطيبين. وهذه قاعدة سائدة في كل البلدان والأمم، بتفاوت تختلف شدته حسب نفوس المسؤولين القائمين عليها، ودرجة حرصهم على بلدانهم، وقطعا هذا يعكس مدى استقامتهم ومصداقيتهم وأخلاقهم و (شرفهم). إذ من المؤكد ان الملايين تنتظر منهم نتائج أعمالهم ومشاريعهم لينعموا بها.

  في عراقنا لاسيما خلال الأعوام الستة عشر الخوالي، استعان ساسته ومسؤولوه بكل ما تفتقت به قريحتهم، وجادت به من تلك العبارات والمصطلحات التي أدمنت عليها أسماع العراقيين -وهي كثيرة بعددها عقيمة بفحواها- وهي ذاتها كانت في زمن الطاغية تدخل من اذن وتخرج من أخرى، أما بعد الطاغية فهي لاتدخل أي أذن منهما، ذلك أنها عديمة النغم واللون والرائحة والطعم. سأسرد بعضا منها في أسطري التالية:

(عنق الزجاجة): هو مكان وهمي يأبى السياسيون الذين اعتدنا السير خلفهم إلا ان يضعونا فيه، حيث يمنّون علينا بأنهم أخرجونا من قعر الزجاجة متفضلين.

(حلحلة الأزمة): هي عملية تخدير، يكون حينا موضعيا وأغلب الأحيان كليا، يكثر قادتنا إجراءها على أكثر من مريض يصل عددهم في العراق الى أكثر من ثمانية وثلاثين مليون مواطن في نفس الآن والآنية.

(شد الأحزمة): وهو مرحلة متقدمة من الحلحلة آنفة الذكر، يبلغ فيها السيل الزبى ولكن ليس للمواطن حول ولا قوة فقد ابتلعهما الساسة وأرخوا أحزمتهم (على الآخر).

(نهاية النفق): وهو شيء يشبه الى حد كبير (مـُلهـِّية) الأطفال، فحين يزعجك طفلك، تكون هي أقرب وسيلة كي (تسد حلگه) ومنها استنبط ساستنا فائدتها وأصبحوا يلوِّحون دوما بنهاية النفق لشعبهم.

 (الغد المشرق): وهو حلم غير قابل للتحقيق بتاتا، فهو لاينتمي الى أحلام المنام، ولا الى أحلام اليقين. يستخدمه الساسة حين يفلسون من أمسهم ومن يومهم.

(نزع الفتيل): وهو أكثر مصطلح يستعيره أغلب السياسيين (والعياذ بالله) ويصلح لعدة مواضع، ففي الازمات يستخدمون (نزع فتيل الأزمة). وفي المعارك (نزع فتيل الحرب). وحين يختلفون يكون المصطلح: (نزع فتيل الخلاف) وليتهم يقفون عند هذا الحد، فالعراقيون لم يبقَ لديهم فتيل آخر -إلا ماخفي- والخوف كل الخوف أن ينتزعوه منهم، وهو مالاطاقة لهم بحمله.

وكل هذه المصطلحات لاتعدو كونها أحرفا منسقة منمقة ليس منها نفع ولادفع، وليس لي وصف لها إلا قولي أنها تشبه الى حد بعيد أبيات الشعر التالية:

 الأرض أرض والسماء سماء  

      والمـاء مـاء و الهـواء هـواء

 والبحر بحر والجبال رواسخ 

         والنـور نـور والظـلام عمـاء

  والحر ضد البرد قول صادق 

       وجميع أشـياء الورى أشـياء

 والماء قيل بأنه يروي الظما

      واللحم والخبز للسـمين غذاء

 والمر مرُ  والحـلاوة حلــوة  

      والنــار قيـل بأنهـا حمـراء

 ويقال أن الناس تنطق مثلنا       

      أمـا الخراف فقولهـا مـأمـاء

 كل الرجال على العموم مذكر

     أما النسـاء فجميعهن نسـاء

aliali6212g@gmail.com


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


علي علي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/06/23



كتابة تعليق لموضوع : ساستنا والمصطلحات الرنانة
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net