صفحة الكاتب : ثامر الحجامي

فاسيلي في بغداد !
ثامر الحجامي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

    فاسيلي زايتسيف؛ أو ( الأرنب البري في اللغة الروسية )، ذلك القناص الأسطوري للجيش الأحمر الروسي، والذي نسجت حوله كثير من الأساطير، تناقلتها النسوة والأمهات الروسيات لرفع معنويات السوفييت،  والعنوان الكبير لمعركة ستالينغراد، التي قتل فيها 225 ضابطا وجنديا ألمانيا.

   كُرِم النقيب فاسيلي بشارة " لينين " وحصل على لقب " بطل الإتحاد السوفيتي " وخلدت بطولاته في الفلم الشهير " العدو على الأبواب " الذي عرض قصة فاسيلي وصراعه مع القناص الألماني حول محطة القطارات الرئيسية  في ستالينغراد، وما زالت بندقيته الشهيرة معروضة في متحف الأسلحة الروسي.

   يبدو أنه بعد 28 عاما من إعلان وفاته، قد ظهر فاسيلي في بغداد! محاولا تطبيق نظرياته في فن القنص، وهذه المرة ليس على الجنود الألمان، بل على المتظاهرين العزل! المطالبين بأبسط الحقوق التي تؤمن لهم العيش الكريم، وبدلا من " إصطياد ستة " فإن العدد وصل الى 105 متظاهر وربما أكثر.

    لم تظهر براعة " قناص بغداد " في قتل هذا العدد الكبير من المتظاهرين في خمسة أيام فحسب، بل في عدم إكتشافه من جميع صنوف القوات الأمنية التي ملأت الشوارع ، فلا جيش ولا شرطة إتحادية أو محلية، ولا أستخبارات أو أمن وطني، ولا طائرات مسيرة أو كاميرات مراقبة، إستطاعت أن تكشف ذلك القناص الخفي، الذي جسد ظاهرة خطيرة ربما تقف خلفها كيانات سياسية مشاركة في الحكومة، بعد أن كانت تمارسها عصابات مسلحة على رؤوس الأشهاد.

    مشاهد فظيعة فاقت التصور وتجاوزت الحدود، تلك التي شهدتها المظاهرات الأخيرة في العراق، حيث سقط الآلآف بين شهيد وجريح، في بغداد والناصرية والديوانية وبابل وميسان، تحت مرأى ومسمع القوات الأمنية، التي لم تحرك ساكنا لحماية المتظاهرين من القناصين، أو للدفاع عن المنشآت الحكومية من المنفلتين، مما أعاد الاذهان الى تلك الصور التي لا تفارق مخيلة العراقيين، الذين عاشوا حقبة ذلك النظام الدكتاتوري الظالم.

   حين يسود منطق اللادولة على منطق الدولة ومؤسساتها الدستورية والقانونية، فإننا سنرى مثل هذه الجرائم التي يندى لها الجبين، والتي تحتاج الى وقفة ومراجعة شاملة من الحكومة والكيانات السياسية المشكلة لها، عن الإجراءات التعسفية الى واجهت ممارسات ديمقراطية كفلها الدستور العراقي، رغم الخروقات التي شابتها من قبل عناصر منفلتة إستغلت ضعف الأجهزة الأمنية.

    لذلك لا مناص من إجراء تحقيق شامل، عن العناصر التي إستهدفت المتظاهرين، وتسبب بإراقة الدماء البريئة، وتقديمهم الى المحاكمة العادلة، والكشف عمن أمر بذلك أمام الرأي العام، مهما كانت إنتماءاتهم ومواقعهم، وعدم التسويف في هذه القضية مهما كانت الأسباب.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


ثامر الحجامي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2019/10/13



كتابة تعليق لموضوع : فاسيلي في بغداد !
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net