صفحة الكاتب : الشيخ ليث الكربلائي

قراءة في كتاب تجربتي مع الامام المهدي عليه السلام للمستبصر الشيخ عصام العماد
الشيخ ليث الكربلائي

من الصعوبة بمكان ان يتنكر الأنسان لعقيدة غُرست في عقله وقلبه منذ نعومة اظفاره وتمرس فيها ودافع عنها بعد شبابه ،ففي الوضع الاعتيادي – من دون توفر اغراءات ومكاسب دنيوية – لا يُتوقع منه التخلي عن تلك العقيدة الا بعد توفر أدلة دامغة تُفحِم نموذجه (نمطه) العقلي السابق ،وتخمِدُ أوار عاطفته ،وتكسر شوكة العقل الجمعي الذي توفره بيئته ،هذا في حال هجرانه لعقيدة فاسدة أما في حال العكس فيُفترض ان هناك مجموعة شبهات أوجبت ضبابية فعلت فعل تلك الأدلة .
ولا أكون مغاليا اذا ما قلت ان توفر مثل تلك الادلة من دون ان يشوبها النقض والإبرام أمر في غاية الندرة سواء في مجال العلوم الدينية أو في غيرها ،كل ذلك يجعل تجربة اولئك المتحولين من عقيدة الى ضدها مادة خصبة تستحق التوقف عندها ودراستها بدقة لا سيما اذا كان هذا التحول عن دراية وتعمق في كلا العقيدتين كما هي الحال مع الشيخ الدكتور عصام العماد ففضلا عن حيازته شهادة الدكتوراه في علوم القرآن والحديث من جامعة الامام محمد بن سعود في الرياض واظب على دراسة العلوم الدينية عند بعض كبار شيوخ السلفية في اليمن وفي معهد صنعاء العلمي بالاضافة الى حضوره عند الشيخ عبد العزيز بن باز في السعودية ومشايخ آخرين ،أما من ناحية البيئة الاجتماعية فيكفيك معرفة انه ابن عائلة جلها من كبار مشايخ السلفية في صنعاء ،وبعد كل ذلك قرر العدول عن مذهب السلفية الى الزيدية ومن ثم عدل الى مذهب أهل البيت عليهم السلام ،وهو يصرح في هذا الكتاب ان عقيدة غيبة الامام المهدي عليه السلام مثلت عقبة كبيرة في طريقه الى المذهب الاثني عشري وكانت آخر مسألة حسم أمره فيها بعد دراسةٍ استمرت اكثر من عشر سنوات كان حاصلها كتاب (تجربتي مع الامام محمد بن الحسن العسكري ع) والذي اهداه المصنف للشيخ المفيد (ت413هـ) لان هدايته للعقيدة المهدوية وقناعته بها كانت بسبب مؤلفات المفيد رحمه الله ،وكيف كان يمكن قراءة هذا الكتاب على مستويين :
الاول: انه يمثل توثيقا اجماليا لرحلة بحثية عمرها 10 سنوات كانت نتيجتها تبني عقيدة (الغيبة) عن فهم ودراية
الثاني: يمثل هذا الكتاب خطابا موجها لطرفين اولهما السلفية اذ يبين قصور منهجهم البحثي في هذه المسألة ومكامن الخلل فيه وآلية اصلاحها ،وثانيهما الامامية اذ يُقدِّم لهم آلية عرض العقيدة المهدوية على الطرف الأخر بالشكل الذي يكون أكثر تأثيرا وانصع بيانا بناءً على تجربة خاضها العماد في رحلته بين ثلاثة مذاهب.
فبعد ان قدم مقدمة في بيان نتف عن دراسته وشيوخة ومراحل انتقاله الى المذهب الامامي وما واجهه خلالها من ضغوطات وتحديات بالاضافة الى سبب تأليف هذا الكتاب والغرض منه شرع بعد ذلك في مناقشة النموذج الوهابي في بحث العقيدة المهدوية والذي يرى انه يتصف بــ:
أولا: الدراسة التجزيئية اذ تتم دراسة كل حديث من احاديث المهدوية على حدة من دون ارجاعه الى رؤية كلية تمثل الاسس التي يبتني عليها الباب ،وهذا النوع من الدراسات يحجب الباحث عن الالتفات الى التهافت والتناقضات التي يقع فيها مهما كثرت ،لذا جاءت الصورة عن المهدوية في النموذج الوهابي مشوهة جدا ،ويرى المؤلف ان كبار اعلام السلفية من امثال ابن باز وغيره قد سقطوا في ظلمة هذه البئر الحالكة .
ثانيا: العقدة المؤامراتية حيث يتعاملون مع اغلب عقائد الشيعة ولا سيما العقيدة المهدوية على انها مؤامرة ضد الاسلام لذا يكون هدف احدهم نقضها وتوهينها مهما كلف الامر وبأي سبيل كان فالباحث منهم يحمل نتيجة بحوثه معه سلفا وهي فساد هذه العقيدة ومن ثم يفرضها على البحث ولو بليّ عنق النصوص ،وتوقف المؤلف في ص51 وما بعدها على مديات استفحال هذه العقدة الى درجة اتهام كل كتاب يذكر اخبار غيبة الامام بالتآمر على الاسلام وان كان من تراث ابناء السنة نفسهم ،بل اتخذوا منها ذريعة للتشكيك في اغلب تراث القرن الرابع !!
ثم عرج على أدلة غيبة الامام عليه السلام وهي خمسة أدلة تعقبها في بحث قيم تحت عناوين : 1- حقيقة مهدوية وغيبة الامام محمد بن الحسن العسكري في التوراة والانجيل 2- حقيقة ...في القرآن والسنة 3- حقيقة ...في كلمات الوهابية 4- حقيقة ....في كلمات علماء الاثني عشرية .
وقد اجاد المؤلف ايما اجادة في اختيار النصوص وتحليلها في كل واحدة من هذه الادلة مسلطا الضوء على تلك التي صرحت بغيبة الامام ع قبل وقوعها .
اما خاتمة البحث فكات في بيان موقعية امامة الامام المهدي عليه السلام وغيبته بالنسبة لسائر المنظومة العقدية عند الامامية الاثنا عشرية موضحا في ذلك ضرورة دراسة كل تلك المنظومة لاجل اتخاذ موقف من الغيبة لانها منظومة متسقة متكاملة بعضها يؤدي الى البعض الآخر
الكتاب: تجربتي مع الامام المهدي محمد بن الحسن العسكري عليه السلام
المؤلف: الشيخ الدكتورعصام العماد
الناشر: الرافد ،ط1


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


الشيخ ليث الكربلائي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2020/04/06



كتابة تعليق لموضوع : قراءة في كتاب تجربتي مع الامام المهدي عليه السلام للمستبصر الشيخ عصام العماد
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net