كارثة الديون والاقتراض ثقل كبير على مهام اي حكومة
كامل حسن توفيق
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
كامل حسن توفيق

هذا ما جرى للدول العاجزة عن تسديد الديون-من المكسيك التي ظلت لعقود تعاني اثار التخلف عن السداد، الى روسيا التي اثقلتها الديون وكان عليها الانتظار 12 عاما لتستطيع الاقتراض من المؤسسات الدولية.
المكسيك 1982-في 22 آب/اغسطس من ذلك العام، تلقت المراكز المالية العالمية ونحو ألف دائن برقية تبلغهم بأنّ المكسيك وصلت إلى واقع التخلّف عن سداد الدين. كان الدين قد وصل إلى 86 مليار دولار والفوائد الى 21 مليارا.بعد ذلك، منحت الولايات المتحدة جارتها الجنوبية قروضا مرحلية بعدة مليارات دولار. وجاء صندوق النقد الدولي بدوره بمساعدات ولكن في مقابل إجراء إصلاحات قاسية.في 1995، عاد صندوق النقد مجدداً لإنقاذ المكسيك، مانحاً إياها قروضا بـ18 مليار دولار من ضمن برنامج إنقاذ دولي، قدّرت قيمته ب50 مليارا.
روسيا 1998- في 17 آب/اغسطس، خفضت الحكومة قيمة العملة المحلية، وأعلنت وقفا أحاديا لسداد الديون الخارجية وتخلفت عن الوفاء بالتزامات تجاه دائنين محليين.وتوجب على روسيا التي كان يبلغ دينها العام بالعملات الأجنبية 141 مليار دولار ودينها الداخلي 50,6 مليارا، الانتظار 12 عاما قبل التمكن من الاقتراض مجدداً في الأسواق الدولية.
الأرجنتين 2001- بعد ثلاث سنوات من الركود الاقتصادي، بدأت الأرجنتين باعتماد خطط تقشفية وفقدت السيطرة على دينها الخارجي.وفي بداية كانون الأول/ديسمبر، أقرت الحكومة سقوفا على عمليات سحب النقود من المصارف.في 23 منه، أقرّ الرئيس الانتقالي ادولفو رودريغيز سا إرجاء دفع ديون داخلية ما أنتج تخلفا عن سداد نحو 100 مليار دولار لدائني القطاع الخاص، وهذه أكبر عملية تخلف عن السداد في التاريخ. وافق بعض الدائنين على إعادة هيكلة للدين في 2005 و2010.وفي بداية 2016، عادت الأرجنتين إلى الأسواق المالية الدولية.
الاكوادور 2008- في 12 كانون الأول/ديسمبر، علّقت الاكوادور سداد نحو 40% من دينها الخارجي، البالغ نحو 9,9 مليارات دولار، أي ما يعني نحو 19% من الناتج المحلي الإجمالي.وكان الرئيس رافايل كوريا اعتبر أنّ جزءا من الديون غير قانوني إذ إنّها تضخمت خلال آخر مفاوضات بشأنها جرت في عام 2000. وكانت المرة الثالثة في 14 عاما التي تعلن خلالها الاكوادور وقفا احاديا للسداد.
اليونان 2015- في نهاية حزيران/يونيو ومنتصف تموز/يوليو، تخلّفت اليونان عن السداد مرتين لصندوق النقد الدولي. وكان المبلغ الإجمالي ملياري يورو.
غير أنّ قرضا عاجلا من الأوروبيين أتاح لأثينا التطلع مجددا إلى دعم مالي من صندوق النقد.وفي آب/اغسطس، أبعد اتفاق بين اليونان التي كان دينها يناهز 180% من الناتج الإجمالي المحلي، والدائنين على خطة ثالثة تقدّر ب86 مليار يورو وتمتد لثلاث سنوات، خطر التخلف عن السداد الذي كان من شأنه هز تماسك منطقة اليورو.
فنزويلا 2017 و2018 - في 14 و15 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلنت وكالتا التصنيف الائتماني "اس بي غلوبل رايتينغ" و"فيتش" أن فنزويلا متخلفة جزئيا عن سداد الديون.أثار هذا الإعلان المخاوف بشأن قدرة كراكاس على الاستمرار في سداد ديونها الخارجية المقدّرة بنحو 150 مليار دولار، في وقت كانت الدولة الفنزويلية تعاني من انخفاض أسعار النفط في الاسواق العالمية ويعيش السكان وسط نقص حاد في الغذاء والأدوية.في 2 كانون الثاني/يناير، جرى إعلان فنزويلا مجدداً متخلفة عن سداد ديون سيادية.
على الرغم من الأزمات المتكرّرة والتكاليف الهائلة لسداد الديون، لا تزال العديد من الدول المثقلة بها تواصل تسديد ديونها الدولية؟»، حتّى عندما تكون التكاليف الاجتماعية كبيرة «على نحو سيقود حتماً إلى الانهيار المالي». التعثّر ليس «هدفاً» تسعى الحكومات إليه، بل خطوة تُجبَر على الإقدام عليها. وحين تقف أمام مفترق طرق: الدفع أو التعثّر، يعني ذلك أنّها مُفلسة، أو بالحدّ الأدنى لا تملك ما يكفي من سيولة تُغطّي كلفة الدين والتكاليف الاجتماعية والاقتصادية في الوقت نفسه، وإلّا ما كانت تردّدت في الدفع. لذلك، يُعتبر «تهوّراً» أن تختار الرضوخ لضغوط «عصابة الإقراض» وتُفرغ محفظتها، عوض أن تُحدّد أولوياتها في خدمة شعبها واقتصادها. خاصةً أنّه خلافاً لما يُروّج له «حزب الدَّين»، تسديد قيمة السندات لن يُنجّي الدول من الويلات، ولن يحفظ «صورتها» أمام الخارج، ولن يقود إلى أيّ نموّ. ثمة تجارب كثيرة تاريخياً، وفنزويلا لا تزال مثالاً حيّاً. في كانون الثاني 2018، كتبت الـ«ايكونوميست» أنّه ربما تكون فنزويلا لم تتخلّف عن سداد ديونها وفوائدها المحلية، «لكنها تخلفت بلا شك عن الالتزام بعقدها الاجتماعي، لا سيما أنّ النسبة الأكبر من سكّانها لا تستطيع تأمين غذائها، كما خسرت العملة المحلية قرابة 60% من قيمتها». جيروم روس، الكاتب والمحاضر في «كلية لندن للاقتصاد» (LSE)، يشرح كيف أنّ التخلّف عن السداد يؤدّي إلى «إلحاق كوارث بالخطط التي تعمل النخب بموجبها». هي إذاً معركتهم هم بالدرجة الأولى، لإجبار الحكومات على تبديد ثروتها على الديون، ثمّ إغراقها بقروض جديدة، حفاظاً على امتيازاتهم. أي إجراء آخر من قِبل الحكومات، سيدفع «الكارتيل» إلى اختلاق فوضى، وتوظيف الأسواق المالية العالمية وشركات التصنيف وصناديق الاقتراض، لتهديد الحكومة المتعثرة بشتّى الإجراءات التي تحفظ رأسهم، وتؤدّي إلى تحميل الطبقات الشعبية تبعات الأزمة. للدائنين سلطة «سامية»، تتفوّق على كلّ مفاهيم الديمقراطية وسيادة الدول، التي يُغرق «الغرب» شعوب العالم بها. حين يقترض فردٌ من مؤسّسة مالية، ويفشل في تسديد ما يتوجّب عليه، تتخذ المؤسسة تدابير قاسية بحقّه لتضمن حقوقها. الأمر نفسه ينطبق على الحكومات المتعثرة، التي ستحتاج إلى سنوات قبل التعافي وتواجه تداعيات عدّة: رفض إقراض البلد قبل مدّة معينة، أو تكاليف اقتراض عالية، وكالات التصنيف الائتماني ستُحذّر من الاستثمار في البلد وستُخفّض تصنيفه، تدني قيمة العملة المحلية، انخفاض أصول الدولة ومحاولة الحجز عليها. إلا أنّ تدنّي قيمة العملة، سيكون له مردود «إيجابي»، بانخفاض قيمة السلع في البلد المعنيّ، وارتفاع الطلب على تصديره. تكرّر حالات التعثّر داخل البلد نفسه، يعني أنّه يتخطّى «الإجراءات العقابية» المُتّخذة بحقه. فالمستثمرون، ولا سيّما المُغامرين، الباحثون عن فوائد مرتفعة سيُقرضون البلد مُجدّداً طالما أنّهم يحصلون على مردود لمُخاطرتهم. ففي روسيا والبرازيل والمكسيك، مثلاً، زادت أسواق الأسهم بعد أزمة السندات. ويُشير كين روغوف إلى أنّ المقرضين لا يتوقّفون عن التعامل مع بلد ما، على العكس من الأعمال التجارية أو الأفراد. ولكن يُستحسن «إذا لم تستطع الحكومة تسديد قروضها، أن تفعل ذلك بطريقة مُنظّمة مع الدائنين. على المدى البعيد، هذا أفضل لمستقبل البلد»، بحسب الكاتب والصحافي الأميركي بول بلوستين.
الأرجنتين، ايسلندا، غرينادا، بورتوريكو، نماذج لدول عانت من التخلّف عن سداد الديون، نستعرض تجربتها في ما يلي:
الأرجنتين: صندوق النقد يُغرق البلاد
من البلدان «الأشهَر» في التخلّف عن سداد الديون السيادية. أكبر عجز شهدته الأرجنتين كان سنة 2001، حين علّقت مدفوعات الفوائد وتسديدات رأس المال على 152 إصداراً بقيمة اسمية تبلغ قرابة 100 مليار دولار. يومها، أعلن الرئيس أدولفو رودريغيز سا تعليق سداد ديون البلاد، مُعلناً «التزام الدولة مع شعبها». اتّخاذ القرار بالتوقف عن السداد ليس سهلاً. ما الذي تُعلّمه التجربة الأرجنتينية؟ يتناول جون هارتلي هذا الموضوع في مقال نُشر في «فوربس» سنة 2014. أولاً، التوقف عن السداد مرتبط بانخفاض في الناتج المحلي الإجمالي وانخفاض قيمة العملة وارتفاع معدلات التضخم. في الأرجنتين، بعد أزمة 2001، انخفض الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 4.4 ٪ في 2001 وبنسبة 10.9 ٪ في 2002. تقلّص الناتج المحلي الإجمالي للأرجنتين 0.5٪ في الربع الأخير من عام 2013 وبنسبة 0.8٪ في الربع الأول من عام 2014. صحيحٌ أنّه نتج عن قرار التعثّر انهيار اقتصادي، وإغلاق المصارف منعاً من هروب رؤوس الأموال، وفُرضت قيود على السحب ما دفع بالناس إلى الشارع. كما انهارت قيمة البيزو نسبةً إلى الدولار، فانخفضت كلفة المنتجات الأرجنتينية في الأسواق العالمية. ولكن لم يخلُ الأمر من الإيجابيات. الصادرات ارتفعت، تحديداً فول الصويا والقمح، ما أدّى إلى دخول الأموال إلى البلد.
عام 1979، لم تتمكّن الولايات المتحدة من دفع 122 مليون دولار من الديون
عام 2005، أعلنت الأرجنتين خطّتها لإعادة هيكلة هذه الديون بشروط قاسية، فعرضت سندات جديدة بقيمة صافية تُعادل 27% من السندات السابقة، وشطبت كلّ الفوائد المستحقّة سابقاً، مُعلنةً أنّها ستُلغي الالتزامات من جانب واحد مع الدائنين الذين سيرفضون الشروط. عادت الأرجنتين إلى الأسواق المالية الدولية سنة 2016، لتتجدّد الأزمة بعد سنتين في عهد الرئيس موريسيو ماكري، «صديق الأسواق المالية والمستثمرين». عام 2018، قَبِل الرئيس قرضاً من صندوق النقد الدولي بقيمة 57 مليار دولار، وخلافاً لـ«الأسطورة» لم يكن «الصندوق» مُنقذاً، بل أغرق الأرجنتين أكثر فأكثر: ركود اقتصادي، تضخم، خسارة سوق الأسهم... فاعتُبر قرار ماكري قبول القرض «مقامرة سياسية ضخمة». مرّة جديدة، أعلنت الأرجنتين رفضها دفع نصف سنت من الديون الدولية البالغة 100 مليار دولار، بما في ذلك 44 ملياراً لصندوق النقد. وأوضحت الحكومة أنّها لن تُقدّم عرضها لإعادة الهيكلة قبل نهاية آذار الجاري.
آيسلندا: تأميم المصارف بعد تركها تنهار
أكثر من 85 مليار دولار كانت قيمة الديون التي تخلّفت آيسلندا عن تسديدها سنة 2008، بعد أن بلغ الدين الخارجي أكثر من 7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي. الأزمة رفعت مستوى المخاطر على ثلاثة مصارف كُبرى: «كوبثينج»، «لاندسبانكي» و«جليتنر»، لم تتمكّن من تسديد ديونها القصيرة الأجل. يومها قرّرت «الهيئة التشريعية الآيسلندية» إصدار قانون الطوارئ لتتمكّن «هيئة الرقابة المالية» (FME) من السيطرة على القطاع وتأسيس مصارف جديدة ووضعها تحت الحراسة القضائية، وتركت الخسائر تلحق بمساهمي المصارف وبالدائنين الأجانب، فيما ركّزت جهودها على ضمان جميع الودائع المحلية مع فرض ضوابط على رأس المال لاستقرار قيمة العملة المحلّية (الكرونا الآيسلندية. أدّت الأزمة إلى انهيار سعر الصرف، وحوصر استخدام العملة الأجنبية لمدفوعات الواردات الأساسية. سهّلت العواقب الاستعانة بصندوق النقد الدولي، الذي وافق على برنامج لسنتين بقيمة 2.1 مليار دولار، صُرف نصفها مُقدّماً. وتضمّن البرنامج فرض ضوابط على رأس المال بسبب انهيار سوق الصرف الأجنبي، وإجراء عمليات إنقاذ للمصارف المحلية فقط. انتهى البرنامج مع صندوق النقد في 2011، أما القيود على رأس المال فلم تُرفع حتى آذار 2017.
تمكّنت آيسلندا من استعادة عافيتها، وكان لترك المصارف تنهار ثمّ تأميمها دورٌ كبير في ذلك، إلّا أنّ ما مرّت به كان له تأثير سلبي على اقتصادها. فقد شهدت كساداً اقتصادياً حاداً، وانخفضت قيمة العملة الوطنية، وتم تعليق معاملات العملة الأجنبية، كما انخفضت القيمة السوقية لبورصة آيسلندا بأكثر من 90%، وانخفض الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 10% بالقيمة الحقيقية بين 2007 و2010. بدأت حقبة جديدة مع نموّ الناتج المحلي الإجمالي الإيجابي في عام 2011، وانخفض معدّل البطالة تدريجياً، كما العجز في الموازنة العامة نسبةً إلى الناتج المحلي.
غرينادا: التعثّر بعد إعصارَين - عانى اقتصاد الجزيرة الصغيرة بشدّة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008. وتقلص الناتج المحلي الإجمالي أكثر من 8% بين 2009 و2012، وارتفع العجز المالي لأكثر من الضعف من الناتج المحلي الإجمالي. ولكنّ مشكلات غرينادا بدأت قبل عقد من الزمن، بعد إعصارَي إيفان وإيميلي عامي 2004 و2005، فكان التعثّر الأول للجزيرة. الإعصاران دمّرا الموردَين الاقتصاديين الأهمّ فيها: السياحة والزراعة ,
عام 2004، أعلنت الحكومة عزمها التعاون مع الدائنين، مع حاجتها إلى جهود كبيرة لإعادة الإعمار والتأهيل. سعت الحكومة للحصول على مساعدة من الدائنين متعدّدي الأطراف، كبنك التنمية الكاريبي، وصندوق النقد الدولي، والبنك الدولي، وبدأت مناقشات مع جميع الدائنين الثنائيين الرسميين. تمت إعادة الهيكلة، بعد تعليق عدد من الاستحقاقات، ما أدّى إلى خفض تصنيف غرينادا إلى «الإفلاس الانتقائي » (SD) من قبل وكالة «ستاندرد أند بورز».
سعت السلطات لإعادة هيكلة مديونية السندات الحكومية والقروض التجارية الخارجية والديون المضمونة، ولكنّ الدائنين الثنائيين طالبوا ببرنامج لصندوق النقد الدولي.
المرّة الثانية التي تخلّفت فيها عن تسديد ديونها الخارجية، كانت سنة 2013. استعانت غرينادا بصندوق النقد الدولي، خاضعةً لبرنامجه، وخضع كبار الدائنين لعملية «قص شعر» بنسبة 50%.
بورتوريكو: مستعمرة أميركية مفلسة- إنّها إقليم من الجزر المستعمرة من قِبل الولايات المتحدة الأميركية، لذلك تُعتبر «نموذجاً» فريداً في التعثّر. توقّفت في 2015 عن سداد الديون، خلافاً لما ينصّ عليه دستورها لجهة تأمين دفعات سندات الالتزام العام قبل أيّ مدفوعات أخرى. يومها، أعلن المحافظ أليخاندرو غارسيا باديلا، كما نقلت «CNN»، أنّ دفع رواتب المعلمين وموظفي الطوارئ وغيره من الاحتياجات الضرورية يجب أن يأتي أولاً. كانت قيمة السندات تبلغ 800 مليون دولار، تملك منها بورتوريكو نقداً 350 مليون دولار فقط.أربع سنوات عانت خلالها بورتوريكو من الإفلاس والركود وخفض المعاشات التقاعدية. وقبل أسابيع، توصّلت السلطات المحلية إلى اتفاق مع حملة السندات لتقليص حجم ديونها بمقدار 24 مليار دولار من أصل 35 مليار دولار. وذُكر أنّ الدائنين سيحصلون على 10.7 مليارات دولار، على شكل ديون جديدة، مقسّمة بين سندات الالتزام العام، وسندات الرهن العقاري الصغرى، بالإضافة إلى 3.8 مليارات دولار نقداً. وسيستفيد حملة سندات الالتزام العام الصادرة بعد عام 2012، من سعرٍ يفوق السعر الذي سبق التوصل إليه في التسوية الأولى في حزيران الماضي. وقد وصفت ذلك صحيفة «فاينانشال تايمز» بأنّه خطوة أولى «للخروج من الإفلاس الذي بلغ عامه الرابع»، على العكس من حاكمة الجزيرة، واندا فاسكويز، التي عارضت الاتّفاق.
العراق يدخل دائرة الخطر بسبب تضاعف الديون المترتبة عليه وارتفاعها، أن سياسة الاقتراض أصبحت خطرة على العراق وستبلغ الفوائد التي يجب على العراق أن يسددها سنة 2022 نحو (60%) من عائداته، أي انه سيكون عاجزا عن تسديد ديونه وعن تسديد الفوائد المترتبة عليها أيضا ، العراق يسير نحو كارثة حقيقية لا توليها الحكومة أي انتباه.ان العراق خلال عامي 2014 و 2016 أهدر (202) مليار دولار، جاءت من (36) مليار دولار قروض اجنبية، و (23) مليار دولار انخفاض احتياطي البنك المركزي، و (33) مليار دولار ارتفاع الدين الداخلي، و (120) مليار دولار عوائد نفطية.وان العراق يحتاج الى (30) عاما لتسديد ديونه الداخلية والخارجية، وهو ما سيخضع مقدرات العراق النفطية لسنوات طويلة تحت رهن البنوك والدول الدائنة.وفي ذات السياق، اكد مختصون ما ورد في تقرير إخباري حديث ومهم اكد ان أكثر من (4) ملايين موظف حكومي و (3.7) مليون متقاعد، يُضاف إليهم (2) مليونا عراقي مسجلون، في إطار ما يُعرف بشبكة الإعانة الاجتماعية ويحصلون على مرتبات شهرية لانتشالهم من الفقر.وزارة التخطيط وفقا للأرقام والإحصائيات ، تدق ناقوس الخطر الذي بدأ يهدد جسم الدولة العراقية ومستقبل التنمية ، في بلد تضطر حكومته إلى الاقتراض وللعام الثالث على التوالي لتأمين (42) بليون "مليار" دولار سنوياً لتغطية موازنتها التشغيلية ، ووصف خبراء القطاع الخاص بالمنقذ ، في حال شرعت الدولة بدعمه وحضه على العمل مجدداً في السوق المحلية.و موازنة 2019 كونها غير منطقية ، وهناك مبالغة بالأرقام التشغيلية ، مستغربا سياق توزيع النسب على المحافظات والوزارات ، ولفت الى انه كان يتوقع ان تضغط النفقات ، لا ان تعظم ، واضاف ان الموازنة بحاجة الى تعديل كبير لأن ما فيها من زيادة كبيرة يعد انتحارا ، لما فيها من عجز كبير واقتراض، مؤكدا انه في عام (2022) لن يستطيع العراق سداد الديون الخارجية إلا بدفع (60%) من وارداته !! واكد اقتصاديون وخبراء، ان مشروع قانون موازنة (2019) المقترحة ، يتبين لأي متابع بأن العراق غارق في ديونه وفوائد الديون السابقة ، التي قد تصل الى حد انه سيفقد اكثر من 15% من ميزانيته لتسديد هذه الديون، ولولا صعود اسعار النفط ، لكان من الممكن ان تكون هذه الديون وتسديداتها تأخذ حيزا يصل إلى (70%) من موازنة العراق السنوية.وإنه منذ عام 2003 وإلى اليوم، ترتبت على العراق ديون كثيرة بسبب السياسات الخاطئة للحكومات المتتالية، وان الحكومات التي استلمت دفة الحكم ليس لديها حكمة بإدارة السياسة المالية والنقدية للبلد، وكانت الموازنات السابقة للعراق موازنات متضخمة، وتفتقر إلى التدبير، ولم تقم على أساس الدراسة والتخطيط، إنما قامت على أساس ما يطلق عليه ملء الفراغات، ان الأجيال القادمة ستتحمل أعباء الديون الحالية.إن الديون التي أثقلت الاقتصاد العراقي أسبابها الفساد المستشري في البلاد، ودخول العراق الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، يضاف إلى ذلك قيام المسؤولين والأحزاب التابعة لها بالاستيلاء على مشاريع ضمن صفقات فساد.ويبلغ المجموع التقريبي لهذه الفوائد والتسديدات على العراق نحو 12423.5 مليار دينار عراقي، أي ما يساوي حوالي 12770 مليار دولار أميركي.
متى يكون الاقتراض إيجابي ؟! اقتراض الدول يمكن أن يكون مفيدا وإيجابيا في العديد من الحالات أبرزها:
• ان تكون للدول خطط وأهداف للاقتراض ، مع أسبابها ومدياتها ومصادرها وليس لأجل الترقيع.
• أن لا يكون الافتراض بضمانات سيادية وبشكل يضمن وحدة البلاد ، وعدم التدخل في شؤونها.
• أن يكون الافتراض لضرورات ملحة كما في الحروب أو للاستثمار لتعظيم العوائد.
• أن تتوفر للدولة القدرات الأكيدة على خدمة الديون وتسديدها بآجالها المحددة دون تجديد.
• أن تكون الدولة المقرضة ميسرة وتستطيع ان تعطي بعض السموحات كإعادة برمجة القروض.
• أن لا يكون الاقتراض مع دول طامعة أو لها أهداف معادية أو تدخر ضغينة مع المقترضين.
• أن تتوفر النوايا المسبقة في إعادة جدول القروض أو إطفائها أو تسويتها وديا دون إذعان.
• أن يكون الاقتراض بقرار جماعي تضامني وليس استنادا إلى رأي فردي وينطوي على فساد.
• أن تتوفر الإرادة الحقيقية لتسديد القروض بمواعيدها وليس التوسل لتأجيلها عاما بعد آخر.
اللجنة المالية العراقية: لم تضع اللجنة المالية النيابية تصنيفا للقروض الخارجية التي تزيد قيمتها عن (70) مليار دولار، فالبعض منها من الديون (البغيضة) التي احتسبت ديون رغم انه قدمت من باب الدعم في حرب الخليج الأولى، كما ان بعضها يمكن تسويتها في نادي باريس للديون، وهناك ديون أخرى يمكن التفاوض بشان إطفائها أو تحويلها الى استثمارات أو أية صيغة يتم الاتفاق عليها، باعتبار ان جزءا من غاياتها سياسية وعسكرية، وتمت مع نظام سياسي انتهى ولا يمكنه الوفاء بأي دولار، ووفقا للبيانات المقدمة من العراق عام 2012، فإنه يقع في الترتيب الـ(60) بين الدول من حيث المديونية، وهو ترتيب جيد فيما لو كانت هناك سياسات جادة لمعالجة الديون، ولكن واقع الحال لا يبشر بالخير، فالقروض الخارجية والمديونية الداخلية تتكاثر عاما بعد آخر، ففي مشروع الموازنة الاتحادية لسنة 2018، تم التخطيط لمعالجة العجز في الموازنة الذي يبلغ (12) ترليون دينار، عن طريق تخويل وزارة المالية بإيجاد مصادر خارجية للاقتراض، فضلا عن إدراج فقرات للنفقات يتم تمويلها من خلال القروض المتفق عليها سابقا، مع ترك الباب مفتوح للاقتراض من البنك المركزي بحوالات الخزينة والسندات والائتمان والوسائل المتاحة الأخرى.ويعني ذلك، ان القروض تتوالد سنويا على أمل ارتفاع أسعار النفط ، وهو احتمال صعب التحقق، إن لم يكن مستحيلا، لأن بدائل النفط باتت ممكنة، وباستطاعتها الحؤول دون أية أزمات لإمداد الذهب الأسود (النفط)، بعد أن أصبح هناك إمكانيات أوسع للتصدير، والحد من أزمات ارتفاع الأسعار، والأمر الأخطر في الموضوع، هو ان صندوق النقد الدولي أصبحت له اليد الطولي في العراق، وبإمكانه التأثير على الحكومة لاتخاذ قرارات لا تراعي مصالح الفقراء الذين يزداد عددهم سنويا، كما ان الإجراءات للإصلاح الاقتصادي، وزيادة الدخل القومي، بحاجة إلى إدارة وإرادة غير متوفرتين حاليا، وهناك حاجة فعلية إلى (200) مليار دولار، لكي تعاد الأمور إلى نصابها المهترئ، ما يتطلب الاهتمام بهذا الموضوع قبل فوات الأوان.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat