معلمة تحبس تلميذ حتى الموت
صلاح الهلالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لعلكم سمعتم أو قرأتم عن الحدث المؤسف المدمي للقلب الذي أودى بحياة تلميذ بعمر الزهور أثر عمل أهوج بربري لأحدى معلمات المدارس الابتدائية في محافظة ميسان حيث عاقبت هذه المعلمة احد التلاميذ بحبسه في المرافق الصحية وعبثا نسميها صحية فنسته فيها وعادت الى بيتها في نهاية الدوام وفي منتصف الليل تذكرت إنها نست التلميذ محبوسا فاتصلت بمدير المدرسة الذي هرع مسرعا وفتح أبواب المرافق ليجد التلميذ قد فارق الحياة
ذوو التلميذ جن جنونهم فهجموا بالرشاشات على بيت المعلمة وقتلوا اثنين من أشقائها فرد عليهم والد المعلمة ليقتل جد التلميذ الميت أما المعلمة فقد تم تهريبها تحت جنح الظلام الى جهة مجهولة. وهنا لا نريد تهييج المواجع بتصويرنا اللحظات والدقائق والساعات التي مرت على هذا الطفل الذي مهما فعل فهو بريء تجاه مئات الجرائم التي ترتكب في مجتمعنا يوميا وعلى كل المستويات وأرفعها درجة كيف مر الوقت عليه ؟ ..وما هي ردة فعله ؟.. هل اكتفى بالبكاء بصوت خافت ؟.. وكيف كان حاله عندما حل سكون المدرسة في نهاية الدوام ؟..هل تشبث بالحياة دون مغيث ؟.. أم غابت عنه الحيلة لصغر سنه واكتفى بالبكاء بانتظار من يمنحه الحياة من جديد ؟.. أم أنه استسلم لواقع حبسه المرير مع حلول الظلام ليواجه مصير لا تقره الأعراف ولا القوانين السماوية والوضعية ؟.. كيف كانت لحظاته الأخيرة وهو يصارع الموت بسبب الخوف الرهيب بالظلمة المعتمة ؟.. في كل الأحوال توفي الطفل دون ذنب أو جريرة لتكون صفحة سوداء في تاريخ التعليم في العراق إن لم نقل في تاريخ العراق نفسه , وبعيدا عن العاطفة التي أنعم الله سبحانه وتعالى بها على بني البشر كما أنعم بها على مخلوقاته الأخرى لتكون سبب في ديمومة الحياة , الجميع يعرف إن حضارة بلاد ما بين الرافدين وقبل 3000 سنة قبل الميلاد كانت أشعاعا للمعارف والعلوم والقوانين ولعل أول القوانين المكتوبة منذ النشأة الأولى هي تلك القوانين التي عرفت بمسلة حمو رابي , واستمرت عجلة المعرفة بالدوران حتى اشتهرت بلاد العرب بشكل عام والعراق بشكل خاص في الأدب والشعر والرياضيات والفلك والطب ولم نسمع أو نقرأ مثل الذي يحدث في أيامنا العجيبة هذه , بعد تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1920 اختلفت طرائق التدريس مع اختلاف الزمن وتطور الوسائل فيها فكبار السن مازالوا يتناقلوا طبيعة العلاقة بين المعلم والتلميذ وبقائها في إطار اكتساب المعارف حتى مع التشدد من قبل بعض المعلمين في طريقة عقوبة التلميذ غير الملتزم والتي لم تتجاوز في أقصى حالاتها عقوبة ( الفلقة) المرفوضة في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي مع هذا تخرجت على أيديهم أجيال مازالت تشكل منهلا في الأدب والشعر والعلوم الأخرى حتى منع الضرب بشكل نهائي في سبعينيات القرن الماضي إلى يومنا هذا , السؤال الأهم هنا على من تقع مسؤولية هذه التصرفات أذا جاز لنا وصفها بالتصرفات اللامسؤولة في وسط مهم تتعامل معه كل أسرة بل كل فرد فمن منا لم يدخل المدارس في حياته حتى التاركين بالتأكيد انتظموا بالدوام ولو لفترة , أصبحنا اليوم نسمع قصص لا يقبلها العقل قبل أيام قام مدير مدرسة في أحد مناطق محافظة واسط بضرب أحد التلاميذ حتى الإغماء واليوم معلمة تحبس تلميذ فارق الحياة على اثر ذلك كيف للعائلة العراقية أن تطمئن بعد اليوم على فلذات أكبادها في مدارس لا يتمتع القائمين عليها بأبسط ملامح الإنسانية , إن المخالفات في الوسط التربوي بلغت حد لا يمكن السكوت عليه ويتطلب وقفة جادة وسريعة لمعالجة هذه المؤسسة وتشديد الرقابة عليها بدء من التدريس الخصوصي الذي بات يشكل حمل يثقل كاهل العائلة العراقية رغم الرواتب المجزية التي يتقاضاها المعلم وانتهاء بتصرفات تندرج تحت عنوان الجرائم تتطلب وقفة من أعلى سلطة تنفيذية متمثلة بمجلس الوزراء ووقفة من السلطة التشريعية خدمة لهذا الشعب الذي عانى حتى وصلت المعاناة على أطفاله في مدارسهم .
Helalysalah@yahoo.com
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
صلاح الهلالي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat