صفحة الكاتب : زينة محمد الجانودي

تجديد الخطاب الدّيني
زينة محمد الجانودي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 التّجديد: في اللغة العربيّة من أصل الفعل" تجدّد" أي صار جديدا، و"جدّده" أي صيّره جديدا، فالمعنى اللّغوي لكلمة تجديد، تخلق في الذّهن تصوّرا معناه، أنّ التجديد هو إحياء وإصلاح والتّفاعل مع الأصول، لأنّ الشيء المجدّد هو في الأصل موجود والنّاس على عهد به. 
الخِطاب: كلمة عربيّة فصيحة مستخدمة، وهو مايصلنا من أفكار وتصوّرات، مسموعة كانت أو مكتوبة، بمختلف أشكال التّعبير اللّغوي، وبكلّ وسائل التوصيل التقليديّة أو المستحدثة.
الدّين: هو مجموعة من المبادئ والمفاهيم والمعايير، التي يعتنقها الفرد والجماعة.
والخطاب الدّيني هو الذي يعتمد على مرجعيّة دينيّة في مخاطبته وأحكامه، سواء كان ذلك من خلال الخُطب أو المحاضرات أو التّأليف أو الإعلام، ومعنى" تجديد الخطاب الدّيني" يبدأ أوّلا بتحديد مفهومه ومداه،فهو في حقيقته تجديد لحال المسلمين ولعلاقتهم بالدّين،وتجديد للطّرق والأساليب والقوالب والمناهج التي تعتمد في تبليغ مبادئ الإسلام وأحكامه للنّاس، ولا يعني إطلاقا أيّ إضعاف أو هدم أو تبديل في الدّين أو الشّرع، أو طمس هوّيتنا وذاتيّتنا الإسلاميّة، فهذا هو إلى التّبديد أقرب منه إلى التّجديد، ولكن هذا لا يعني أنّه يجب علينا إغلاق أبواب العقول وذلك وفق معيار تجديد الاجتهاد وأشكال الدّعوة والإرشاد دون المسّ بالنّص، فتجديد الخطاب الديني لا يعني التّجديد لأصول الدّين وثوابته. 
وقد أثبتت الأيّام حاجتنا إليه، وخصوصا في هذه المرحلة الحاليّة التي نمرّ بها، في ظلّ تصاعد موجات التطرّف والعنف والإرهاب، وفي ظلّ انتشار خطاب الكراهية والخطاب العدواني والتّكفيري، الذي يحمل اسم الإسلام ولكنّه لا ينتمي إليه لا من قريب ولا من بعيد، بل ينتشر تحت دعاوى باطلة لاتمتّ للإسلام بصلة، الأمر الذي أدّى إلى واقع مليء بالسلبيّات، كتشويه لصورة الإسلام عند غير المسلمين الذين هم على جهل بالإسلام فوصلَ إليهم بهذه الطّريقة السلبيّةوالمشوّهة، فهذا كلّه يستدعي بنا  نحو ضرورة الدّعوة إلى تجديد الخطاب الدّيني، وجعلها قضيّة تتصدّر القضايا المهمّة. 
فنحن بحاجة إلى خطاب دينيّ واعٍ ومعاصر وواقعيّ ومنضبط، قادر على تبليغ ونشر رسالة الإسلام العادلة والتنويريّة والسّمحة التي تهدف إلى بناء العقول وترشيد السّلوك، والتي تسعى إلى الخير للإنسانيّة جمعاء، لتجلو الحقيقة وتُدحض الأباطيل، وتُفنّد الشّبهات، وتتوضّح معالم الحقّ للمسلمين ولكلّ من يرغب في اكتساب المعرفة الصّحيحة بالإسلام، ولهذا فإنّ الغاية من تجديد الخطاب الدّيني هي الارتقاء به، وإكسابه مقوّمات التكيّف مع العصر والاندماج مع المحيط، واحترام المختلف في المعتقد والرّأي والموقف، والتّحاور معه ومعاملته بالحسنى، كما قال الله تعالى:{ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [ البقرة،آية:٨٣ ]. 
يجب العمل على هذا التّجديد، من قبل كلّ جماعة وكلّ مؤسّسة إسلاميّة وكلّ فقيه ورجل دين وكلّ من يملك المؤهّلات والقدرات والإمكانات التي تجعله عارفا بمقاصد الإسلام، ومؤثرا في محيطه، ومنفتحا على المتغيّرات التي يشهدها العالم، 
ويكون معتصما بسعة الشّريعة، وبعيدا  عن ضيق الرأي والمذهب، وكما يكون قادرا على إزالة الغشاوة عن حيطان أفكار بعض النّاس حول المفاهيم والقناعات التي يعتبرونها من تعاليم الإسلام وهي تكوّنت وترسّخت لديهم بفعل عوامل ومؤثّرات عديدة وتحوّلت إلى بيديهيّات جعلتهم ينطلقون منها مباشرة دون الرّجوع إلى أصلها ومدى سلامتها واتّفاقها مع المنهج الإسلاميّ الصّحيح، والأهمّ أن يكون لديهم القدرة والعزيمة على التصدّي ومحاربة خطاب الكراهية بكلّ الوسائل الممكنة كي نواجه ونقضي على التّحريض على العنف وعلى الأعمال العدائيّة والجرائم التي هي ضدّ الإنسانيّة، وننشر بدلا منه الثّقافة التي تسعى إلى الخير للإنسانيّة جمعاء وهي ثقافة التنوّع الديني والتعدّديّة، والمحبّة والسّلام والتّسامح.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


زينة محمد الجانودي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/01/28



كتابة تعليق لموضوع : تجديد الخطاب الدّيني
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net