فتح خيبر ، بين الابعاد الاستراتيجية والحقائق المغيـّبة
عبير المنظور
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
عبير المنظور
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
فتح خيبر من الاحداث المهمة والمفصلية في تاريخ الاسلام من حيث اسبابه وتوقيته واحداثه ونتائجه وما تمخض عنه من قراءات طالتها يد التزوير والتشويه وخلط للاوراق .
وتتجلى اهمية فتح خيبر وانعكاساته المستقبلية على الرسالة الاسلامية في اسبابه فقد كانت خيبر تمثل بؤرة المؤامرات والتأليب على المسلمين بالتعاون مع مشركي قريش وحلفائها من القبائل خاصة بعد ان اجلى الرسول ص يهود بني النضير لخيانتهم العهد معه ص فاستوطنوا خيبر واخذوا يعدون العدة للانتقام من الاسلام ورسوله ، وكان لتوقيت الفتح دورا اساسيا في تحقيق النصر بذكاء الرسول المعهود ونظرته الثاقبة للاحداث المستقبلية حيث جعل الفتح بعد صلح الحديبية ووقف القتال بعد معارك ضارية مع قريش لاستعادة القوات الاسلامية قوتها وتوجيه ضرباتها نحو مكمن الخطر و العدو الاقرب الى حياض المسلمين وهم يهود خيبر لتعبيد الطريق نحو فتح مكة والتفرغ لنشر تعاليم الاسلام ، وكان لسلاح المباغتة في هذا الفتح ومحاصرة خيبر بليلة واحدة الاثر الكبير في كسر نفسية اليهود وخور عزيمتهم وقطع الامداد عنهم (١) .
تحوي خيبر ثلاث مجموعات من الحصون والقلاع المنيعة التي تقع على مرتفع صخري مما يصعب مهاجمتها بالخيول لذا استمر فتح خيبر لاشهر عدة من مطلع عام ٧ هـ حتى ٢٤ او ٢٧ من رجب على اصح الروايات (٢) حيث كان لصمود المسلمين وصبرهم وثباتهم طوال هذه الاشهر سببا رئيسا في تحقيق النصر. ، المجموعة الاولى من الحصون هي النطاة وتشمل حصن ناعم والصعب وقلعة الزبير . واول القتال كان في حصن ناعم حيث ارسل الرسول ص ابو بكر وعمر وسعد بن عبادة لفتح الحصن فعادوا بعد ثلاثة ايام يجبّن بعضهم بعضا (٣) حتى ارسل عليا ع بحديث الراية المشهور(٤) فحاصر الحصن عشرة ايام حتى فتح النطاة على يد الامام علي ع بعد قتله الحارث ومرحب وياسر وعامر ابطال وحماة حصن ناعم وقلع باب الحصن بمفرده بعد ان عجز عن فتحه عشرات الرجال وفتح بقية حصون هذه المجموعة وتوجه نحو المجموعة الثانية وهي حصون الشق والتي تضم حصن ابي وحصن النزار وفتحها جميعا ع ، وتوجه نحو حصون الكتيبة وهي المجموعة الثالثة من حصون خيبر والتي تضم حصون عزيزة الجانب والقموص والوطيح وسُلالم ، والقموص هو الحصن الامنع وهو حصن خيبر الاعظم(٥) الذي دام حصاره ٢٠ ليلة حتى فتح على يد الامام علي ع مما اثار ذعر اليهود وتحصنوا في الوطيح وسلالم مع الذراري والنساء ١٤ يوما دون قتال حتى طلبوا الهدنة من الرسول ص وتمت المهادنة وفتحت خيبر بشجاعة وبطولة علي ع (٦) وكان النداء السماوي الذي زلزل الاركان لا سيف الا ذو الفقار لا فتى الا علي (٧) .
وبلحاظ ما تقدم من فتحٍ بهذا الثقل المادي والمعنوي وما له من ابعاد استراتيجية كبيرة على الساحة انذاك فقد ركز المؤرخون على تلك النتائج الكبيرة وتعاموا بحقدهم عن الدور البطولي للامام علي ع الذي فتح الله على يديه معقل اليهود ومركز سطوتهم وزعزع حصونهم وقتل ابطالهم وناوش ذؤبانهم فقتل رجال يهود وسبعانها ، لا بل حاولوا طمس تلك الحقائق وتشويه العديد منها من خلال يد الدس والتحريف في وقائع احداث الفتح و اشراك الصحابة في قتل شجعان اليهود فنسبوا قتلهم الى محمد بن مسلم والزبير بن العوام وابي دجانة وفتحهم بعض حصون خيبر وتمسك بعض اصحاب التواريخ والسير بهذه الروايات الضعيفة المردودة من قبل علمائهم قبل علمائنا حيث صرح كبار علمائهم كمسلم في صحيحه وغيره بان الروايات الصحيحة هي التي تنسب ذلك لعلي ع(٨) .
ويبقى فتح خيبر رمزا للقوة والبسالة الحيدرية وكسر شوكة اليهود وعلو شأن المسلمين وستظل آماقنا ترقب خيبر اخر الزمان مع حفيد الكرار لتحقيق الوعد الالهي واعلاء كلمة الاسلام .
الهوامش :
(١) انظر المغازي للواقدي، ج 2، ص 637؛ السيرة النبوية لابن هشام، ج 3، ص 343-344.
(٢) راجع بحار الأنوار للمجلسي ، ج 97، ص 168 - 384 .
(٣) راجع المغازي للواقدي، ج 2، ص 653 .
(٤) راجع بحار الانوار للمجلسي، ج 21، ص28 عن الخرايج والجرايح، ج 1، ص 159 وايضا المغازي للواقدي، ج 2، ص 648-649، 652-654؛ السيرة النبوية لابن هشام، ج 3، ص 349؛ انساب الاشراف للبلاذري، ج 2، ص 86، 92-93 وجمهرة انساب العرب لابن حزم، ص 213 وكذلك جامع الأحاديث للسيوطي، ج 1، ص 396، ح: 1508 بالفاظ مختلفة .
(٥) انظر تاريخ الخميس في احوال انفس نفيس للدياربكري، ج 2، ص 48ومعجم ما استعجم للكبري الأندلسي، ج 2، ص 522.
(٦) انظر السيرة الحلبية لابن هشام، ج 3، ص 41؛ تاريخ الخميس للدياربكري، ج 2، ص 48؛ الصحيح من سيرة النبي الاعظم ص لجعفر مرتضى العاملي، ج 17، ص 218- 219 و220 .
(٧) راجع بحار الانوار للمجلسي، ج 21، ص40 عن مشارق أنوار اليقين، وراجع: حلية الأبرار للبحراني، ج 2، ص 162 وإحقاق الحق، ج 8، ص 319 ومجمع النورين، ص 178 - 194.
(٨) انظر الكامل في التاريخ لابن الاثير، ج 2، ص 219؛ أسد الغابة في معرفة الصحاب لابن الاثير، ج 4، ص 331 وشرح مسلم للنووي، ج12، ص186 والسيرة الحلبية لابن هشام(ط دار المعرفة)، ج2، ص7.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat