في وسط مجتمع يغط بالكفر، قد اغتصبت كل إشكال الحقوق فيه، ليعيش الناس بين كبت الحرمان وضياع هويتهم الإنسانية، وفي ظل الافتقار لسمات السماحة، مُلئت حياتهم الخشونة، في ذلك الوقت انفجرت أروع معاجز الله تعالى، معجزة على شكل إنسان حاز أعظم آيات الإنسانية الشكل الكامل للكمال على كل مستويات الموجودات، مرآة جمال الباري بأحسن صور الجمال، ذلك الجمال الذي غطته حدود بشرية حتى لا يعجز الخلق على تأمله، "اللهم إني أسالك من جمالك بأجمله وكل جمالك جميل"(1).
رسول الله(ص) مشعل الرحمة هو من أحيا جسد الأمة المتفسخ والميت، ليصلح المجتمع بشكل تدريجي، المجتمع لم يؤمن بدعوة الرسول محمد (ص) للصلاة والطواف حول البيت الحرام وغيره، المجتمع آمن بالإسلام كنظام يساوي بينهم تحت ظله ليشبعوا لأول مرة، آمنوا به كحامٍ لهم من جور الفاسدين، الناس قارنوا بين الله تبارك وتعالى وآلهتهم، فوجدوا آلهتهم لا تغني من جوع ولا تدفع عنهم ضيم معتد، لذلك كسروا كل مواريث الآباء ليعبدوا ربا لم يعهدوه سابقا، والقرآن أشار إلى حالة تقليد الأعمى للآباء كظاهرة تسلب حصة العقل في إرشاد الانسان للطريق الصحيح، وتسكت فم المنطق من البوح بالحق، ولكن الكثير من الناس في ذلك الزمن تقبلت الإسلام واعتنقته ورمت مواريث الآباء جانبا.
الإمام علي (عليه السلام) يبوح لنا بحكمة عظيمة حيث يقول: "لولا الخبز لما عُبد الله"، فالإمام بيّنَ بأن الناس يروا الله رازقهم وحاميهم وراعيهم ومربيهم الحقيقي، فهو ربهم العظيم. بالأصل الرب هو المربي الذي أنشأ الشيء شيئا فشيئا حتى يكتمل(2).
فالإسلام قدم نظاماً حرك رؤوس الأموال بين الناس، ولم يجعلها حكرا على مجموعة معينة، وأنصف الفلاحين، وضخ الشباب بكل ساحات العمل المختلفة، مما جعل الناس تؤمن به كراعٍ لكراماتهم، ومساوٍ بينهم، لذلك حاربوا بصفه وماتوا في سبيله، هذا كان من اهم الأسباب التي ساعدت بنشر الإسلام لتأتي بعدها الدلائل التي لجمت كل الشكوك.
وبنى النبي(ص) عقيدة الإسلام حجراً على حجر ليكمل المسير آل محمد(عليهم السلام) وبعدهم العلماء، فتتالت أجيال بعد أجيال، ترى الإسلام نظاماً أفسح لنفوسهم، لترتقي من حظيرة الوهم إلى سماء العلم.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) دعاء البهاء – مفاتيح الجنان للشيخ القمي.
(2) المفردات للشيخ الأصفهاني: ص248.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat