الغاية تحدد مسار الحرب ح (1)
الشيخ عبد الرزاق فرج الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الرزاق فرج الله

وضع الإسلامُ في منهجه العسكري قبل كل شيء غاية مهمة، وركّزها في فكر الإنسان المسلم، وجعلها مركز اشعاع على تحركه، ومساره في كل شيء، فضلا عن الحرب التي لابد ان تتضح فيها الرؤية اكثر وتعطيها مشروعيتها.
فالغاية التي تحدد مسار القتال، جاء بيانها في قوله تعالى: (وَمَنْ يُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً) سورة النساء: 74
فقد حدّدها القرآن الكريم بـ(سبيل الله) وهو يشمل عدة قيم مقدسة ذات حرمة من منظور اسلامي، يُعنى الإنسان المسلم بالدفاع عنها، وهذه القيم هي:
اولا: العقل، وهو ثمرة وجود الانسان، وعنصر سعادته واصالته، ويتمثل الدفاع عنه، اما بتربيته واعداده على اساس العلوم والمعارف النافعة.. واما بالحرب على من يتعدى على حرمته، ويسرق حقه من العلوم والمعارف، كما هو هدف الاستعمار اليوم؛ اذ يكرِّس أساليبه لقتل المسلمين اولا من داخل ذاتهم، بالضرب على أيديهم وقتل حرياتهم في الابداع والصنع والاختراع، وتمرير سمومه وافكاره الإلحادية عليهم، ومحاولة تجريدهم عن عقيدتهم وايمانهم بالله عز وجل، وعن حبهم لوطنهم وارضهم.
فيعتبر العدو في هذه الحال، في حالة حرب على المسلمين، ولكنها حرب فكرية هدّامة تستدعي من المسلمين موقفا موحدا وقويّا وحاسما للحد من هذا الخطر.
ثانيا: العرض، وهو شرف الامة وسلامتها من التصدع: انما تتحقق بسلامة عنصر النزاهة والطهر فيها، ونشر طابع العفة في ابنائها؛ اما بمنع مادة الفساد والحد من التعديات على الاعراض بما سنه الله تعالى من عقوبة رادعة: (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ...) سورة النور:2
واما بمنع حديث الفاحشة والحد من نسبتها الى اعراض المجتمع بلا بيّنة لقتل عنصر النزاهة فيه: (إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ) سورة النور: 19
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَداءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمانِينَ جَلْدَةً وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهادَةً أَبَداً وَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ ) سورة النور: 4
ومن أهداف اعداء الاسلام هو الإساءة الى الاسلام والمجتمع المسلم بترويج مادة الفساد والتعدي على اعراض المسلمين، واسقاط عنصر العفة، واشاعة حديث الفاحشة، لإسقاط نزاهة وهيبة الامة... ويعتبر هذا الاسلوب عدوانا وحربا على الاسلام والمسلمين.
ولذا كان الفرق بين الكافر الحربي والكافر الذمي هو: إن الكافر الحربي هو الذي يتربّص بالمسلمين فرصة الحط من كرامتهم، والتعدي على حرماتهم. اما الكافر الذمي: فهو الذي بينه وبين المسلمين شروط من ضمنها: ان لا يتعدى على عرض من اعراض المسلمين او يهتك حرمة من حرماتهم، ليكون له ما للمسلمين وعليه ما على المسلمين، وإلا فيعتبر ناقضا للعهد محاربا، وللمسلمين حق العدي لخطره.
ثالثا: المال فانه ذو حرمة في الاسلام، اذا ما كان خاضعا لحدود وضوابط الشريعة وهو يشكل العنصر الحيوي لاقامة أود الفرد والمجتمع، فاذا ما تعرّض لخطر النهب والسلب او اي اعتداء آخر كان من حق الانسان الدفاع عنه، لأنه في جانب من جوانبه يشكّل عنصر القوة للحياة على الارض.
وان اية امة من الامم انما تبني وجودها، وتبسط قوّتها في كافة الميادين العسكرية والثقافية والسياسية عن طريق بناء اقتصادها اولا، ولذلك يحاول الاستعمار واعداء المسلمين تجريد المجتمعات الاسلامية عن امكاناتها الاقتصادية والسيطرة على مصادر الثروة ووسائل البناء والتنمية فيها، واتباع سياسة التجويع من اجل السيطرة؛ وهو اسلوب من اساليب الحرب الحاقدة على الامة، تستدعي من الامة ان تستنفر قواها للتصدي والدفاع عن حقوقها وثرواتها.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat