الابتلاء ودوره في بناء الانسان ( 10 ) مهوى االافئدة
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
لا يدري من يريد ان يكتب عن هذا الامر أيعجب من النبي ابراهيم (عليه السلام) الذي سيفارق وليدا صغيرا كان ينتظره عقودا من الزمن، ام من هاجر (عليها السلام) ربيبة القصور التي تركت في ارض قفر ليس فيها اي مظهر من مظاهر الحياة.
ضربت السيدة هاجر (عليها السلام) اروع الصور طاعة الله تعالى والتسليم لأمره، والسير على نهج النبي ابراهيم (عليه السلام)، فأفاضت بصبرها وتسليمها على المجتمع البشري طاقة روحية كانت سبباً في جذب القبائل المحيطة بمكة الى عبادة الله والانابة اليه، فلم يمض من الزمن الا اليسير بعد مغادرة النبي ابراهيم (عليه السلام) مكة حتى جعل الله لهاجر وابنها (عليهما السلام) كرامة ابدية شاخصة عبر الاجيال وعلى مرور القرون والازمان، فانبع الله تحت قدمي صغيرها اطهر ينبوع ماء على الارض ـ زمزم ـ تلك المياه التي اكتسبت البركة الابدية حيث كانت اقدام اسماعيل (عليه السلام) اول جسم بشري تتشرف به، وتلاها كفي هاجر، ولعلها امتزجت بدموع الشكر التي انهمرت من عينيها لتقديم فرض الشكر للرب الكريم على فضله ونعمته ومننه، كان هذا النبع المبارك استجابة من الله لدعاء عبده النبي ابراهيم (عليه السلام) الذي سلم امره لربه تسليما، ولست ادري هل كان يتلفت الى ولده وزوجه وهو يغادر مكة الى الشام وقد تركهم بلا ماء ولا طعام والا انيس ولم يترك عندهم الا امله بالله وثقته به.
﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ ﴾
ومضت الايام وعرف المحيطون بمكة والقوافل التي كانت لا تمر بها انبثاق زمزم فأصبحت ممرا للقوافل، وطلب الناس الاذن بالسكن الى قرب ال ابراهيم (عليه السلام) حول مكة فأذنوا لهم، لقد كان ظهور زمزم ايذانا للناس ان المباركين في الارض قد حلوا بين ظهرانيهم، واول علامة على قدسيتهم ان الله تعالى بث الحياة في الارض الجرداء القاحلة بمجرد ان حلوا في تلك البقعة، وهكذا اصبح المباركون في الارض بعد البلاء الشديد الذي اجتازوه بصبر وتسليم ورضا بما يريده الله مثالا يحتذي به كل من اطلع على امرهم ووقف على مالهم من منزلة عند رب السموات والارض، وليمنحوا درسا لكل من على الارض من البشر ان من اثار التسليم لإرادة الله تعالى السعة في الرزق والفرج بعد الكرب والمقام السامي في القلوب ورفعة الذكر ورضوان عند الله اكبر .
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
السيد عبد الستار الجابري
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat