الإسلام والحق الإنساني ح3
الشيخ عبد الرزاق فرج الله
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ عبد الرزاق فرج الله

الثاني: قانون الشعوب الأخرى؛ اي الأمم المملوكة لهم كما يزعمون، وهذا القانون هو الذي يقرر كيفية التعامل مع الشعوب فانهم يصنفون الأمم على اساسه الى امم وشعوب متحضرة، فهذه لها حقوق نسبية لا تصل الى مستوى الحقوق الرومانية، وأما الأمم والشعوب غير المتحضرة لابد وان تسحق فهي لا تستحق التمتع بأي حق من الحقوق الانسانية والفكرية والاقتصادية.
ب- الشريعة اليونانية: فهي الأخرى التي انعدمت فيها نظرية الحق الانساني وسحقت فيها حريات الآخرين وقد جاء على لسان قمة فلاسفة اليونان (أرسطو) قوله: (ان البرابرة غير المتحضرين لا ينبغي أن يعطوا ولو ادنى مستوى من الحقوق والمعاملة، وليس لهم نصيب في الحياة، ولا تقصر آراء افلاطون عن أرسطو في هذا الباب شيئا).
ج- النظام الأوربي المعاصر: بالرغم من مناداته بالتحضر، ودعوته الى رعاية الحقوق الانسانية ولكن ما أبعد تطبيق مبدأ الحقوق الانسانية عن الواقع الاوربي المعاصر، بل أن الحاصل هو الاستخفاف بالشعوب الاخرى ووصفها بالشعوب الهمجية. فذلك (جونستاوث مل) يقول: (ان الشعوب الهمجية من العبث ان يطبق عليها القانون الدولي الذي يعنى بالحقوق الانسانية).
اذن لابد على رأيه ان تترك هذه الشعوب بلا حقوق انسانية، حتى حقهم في العلم والمعرفة، ومما يبعث على السخرية والضحك هو: اتهام الأوربيين غيرهم من الشعوب بما أسموه نظرية التشارك، والتي هي نظرية استعمارية مفتعلة ضد شعوب الشرق وهي تعني (تشارك الانسان مع ظله في التأثير)، وذلك ان من يطرق على ظل عدوه بواسطة ما فانه ينال منه على حد زعمهم، فقال احد علماء الاجتماع الاوربيين: ان الشعوب غير الأوربية تؤمن بمنطق التشارك، وذلك عندما تقع عداوة بين اثنين فيأتي احدهما الى الفوال، ويطلب منه طريقة للقضاء على عدوه فيقول له الفوال: هاك ورقة واجعلها على ظل عدوك وهو واقف واضرب عليها فانه يموت؛ فالشعوب التي تؤمن بمنطق التشارك هي شعوب همجية لا تصلح ان تحكم نفسها بنفسها.
ثم قسم الأوربيون الشعوب الى قسمين شعوب متحضرة وغير متحضرة؛ وهي الشعوب المتصفة بالهمجية التي لا حقوق لها في نظرهم، والمنصف منهم نسبيا جعل التقسيم ثلاثيا، فأضاف قسما وسطا أسماه نصف المتحضرة، وهو بين الشعوب المتحضرة وغير المتحضرة.
والغريب: ان مؤسسة الأمم المتحدة والتي تمثل ضمير العالم على حد زعمها بعد الحرب العالمية الثانية بنت تعاملها مع الأمم والشعوب الاخرى على اساس هذا التقسيم، فلذلك أعطت العضوية الدائمة في هذه المؤسسة لشعوب قمة التحضر على حد زعمها المتمثل في الدول الكبرى التي لا تتعدى خمس دول، ممنوحة الحق الأعلى (الفيتو) الحر، واما دول العالم الثالث (النصف متحضرة) فعضويتها محدودة لا يتعدى فيها حقها الادلاء بالصوت فقط، الذي لا يحالفه الحظ بالقبول في غالب الاحيان ما لم يتفق مع أصوات الدول والقوى الكبرى.
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat