صفحة الكاتب : كريم شلال نعمه

ملحمة الغدير... إبحار في لجج الجمال المحمدي ورسو على شواطئ علي ع ح3
كريم شلال نعمه

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
  ملحمة عيد الغدير هي أول ملحمة عربية وفق ما أجمع عليه معظم نقاد الأدب العربي، وهي تتناول أهم نواحي التاريخ الإسلامي من الجاهلية إلى آخر دولة بني أمية، وملحمته التي دفعها إلى مطبعة النسر في بيروت، وصدرت في كانون سنة 1947 ثم تكرر طبعها، ومنها طبعة أخرى سنة 1961 وطبعة أخرى سنة 1999. في ملحمته المكونة من سبع وأربعين قصيدة، تحتوي بمجملها على (3415) بيتاً. طرق (بولص سلامة) أبواب التاريخ الإسلامي بدءا بالفترة التي سبقت ميلاد النبي الأكرم محمد ص مروراً بميلاده وانبثاق الرسالة السماوية ثم فصول التاريخ الإسلامي التي كان عليٌ عليه السلام أكبر صناعها، فيصور ميلاده في بيت الله، ومرافقته لنبي السماء، ونهله من روي ماء محمد وكيف صاحبه وكان أول المؤمنين به. وتتفجر عبقرية (بولص) وهو يصور مشاهد خلدتها صفحات التاريخ وطمسها الحاقدون، أبدع في تصوير حادثة الغدير محور ملحمته، وجاد بكل ما أُودع من بيان، ثم يصور تفجع الدنيا لرحيل آخر أنبياء السماء وبداية زمن الزمهرير، ويصور حال الأمة وهي تقتسم إرث السماء وعليٌ يودع محمد...
لو تخيّرنا بعض مشاهد هذه الملحمة لبدأنا بالصور الرائعة لبولص سلامة لأمجاد بني هاشم وعزهم أيام الجاهلية، وكيف كانوا نبراساً في دنيا الجاهلية المظلمة، وفي هذه القصيدة يقول:
 
كان في ذلك الزمان القاتم... في رمال الحجاز شعب عارم
راح في لجة الضلالة يهوي... ليس يدري أي الفعال مآثم
  ثم يتنقل بولص بين دفاتر التاريخ الإسلامي، ويعاصر بقصائد ملحمته أيام الإسلام الأولى فيصور حال البلاد، وهي تستقبل محمداً النبي ص بعد أن عهدته الأمين الهاشمي الكريم، يسافر بولص من ضفة لأخرى، فتراه يبحر في لجج الجمال المحمدي، ويرسو على شواطئ علي، وما عليٌ من محمد؟!! وهاهو على منضدته يسطر ملحمةً بيراعه يحرر فيها الروح لتسافر عبر الأزمنة لتشهد ملحمة صنعها علي بعين محمد، ملحمة بدر الكبرى حيث المجابهة العسكرية الأولى بين معسكر النور ومعسكرات الديجور، ولأي شيء تُصارع الظلمةُ النورَ وهي موقنةٌ بالهلاك؟
يقول بولص مصوراً عزم علي الذي بدد طغيان قريش:
 
حال في حومة البراز علي...      جولة الليث في قطيع الشاء
يخسف السهل والجبال ويبقي... وعيه الفذ في السنا والصفاء
 
وفي القصيدة التالية يأخذ الشاعر في الحديث عن وضع الناس في الجاهلية، وعبادتهم للأصنام وشربهم للخمر وممارستهم لأنواع المنكر. وفي القصائد التالية يتحدث عن قريش وهاشم وعبد المطلب وصلاة الاستسقاء التي أقامها الأخير حين أجدب الناس، ثم يذكر ميلاد الرسول "ص" وحماية عمه أبي طالب له وبعثته الشريفة. وبعد أن يفرغ الشاعر من ذلك يصف مولد الإمام علي ع داخل الكعبة، وبزوغ فجر الإسلام على يدي رسول الله ص وهجرته إلى المدينة ثم لحاق الإمام به بعد مبيته في فراشه ص ثم تتوالى قصائد أو فصول الملحمة مع ذكر أهم المحطات في تاريخ الإسلام من ذكر الغزوات المتعددة مروراً بيوم الغدير الذي نصب فيه الرسول ص الإمام علياً ع خليفة له على المسلمين. ثم يذكر الشاعر ما جرى من بني أمية ضد أهل البيت عليهم السلام وواقعة كربلاء المفجعة، ليختم ملحمته بقصيدة يقول فيها:‏ 
 
يا أمير الإسلام حسبيَ فخراً‏ * أنني منك مالئ أصغريّا‏ 
جلجل الحق في المسيحي حتى‌‏ * عُدَّ من فرط حبه علويا‏ 
فإذا لم يكن علي نبياً‏ * فلقد كان خلقه نبويا‏ 
 
فإذا كانت الإلياذة قد ترجمت خمس عشرة ترجمة، كان من الأولى أن تترجم ملحمة الغدير إلى أكثر من لغة ليتسنى للعالم أن يتعرف على الدور الريادي لآل بيت النبوة في نشر الرسالة النبوية لخاتم الأنبياء والرسل الذين ضحوا بأنفسهم من أجل إعلاء كلمة  (لا اله إلا الله محمد رسول الله) ، ويذكر أن للشاعر الكبير بولص سلامة أعمالا أخر غير ملحمة الغدير منها: الأمير بشير، تحت السنديانة، حديث العشيّة، حكاية عمر حمدان، البدوي زاية من لبنان، الرياض، علي والحسين سلام الله عليهما، الصراع في الوجود، عيد الغدير، فلسطين وأخواتها، ليالي الفندق، محمد ص، مذكرات جريح، ملحمة عيد الغدير، مع المسيح).
ونقول أن بولص سلامة ليس بعيداً عن الإسلام أبداً بل أن لاعتناقه الإسلام قصة طويلة يقال انه كان يعاني من مرض ما حيث أرقده في فراشه لعدة شهور؛ ولأنه كان متيقناً بأن محمدا ص قد جاء بالحق، وأن أهل بيته قد أكملوا الرسالة وأتموها، لذا ناجى الإمام علي عليه السلام وتوسل به ومضت أيام معدودة حتى زال المرض من جسمه، وكأنه لم يعي من قبل!! وإن كانت تلك الأحداث الحقيقية وراء إسلامه فأنا لا استبعد هذا، فبيت النبوة كانوا ومازالوا نوراً نتشبث به عند الظلمات، نوراً لا يخيب من يترجاه سلام لله عليهم.

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


كريم شلال نعمه
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2021/06/04



كتابة تعليق لموضوع : ملحمة الغدير... إبحار في لجج الجمال المحمدي ورسو على شواطئ علي ع ح3
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net