صفحة الكاتب : عنان عكروتي

ظلــــــــــم الخطــــــوات
عنان عكروتي

((منذ تلك الشهقة
لبست برقع الحزن الذي أحرقته 
في زمن العتمة
وانتعلت شقاء الخطوات المهزومة
لأنزوي في عتمة الأحلام
أطرز من حرير هزيمتها
أهزوجة النصر المنتظر))

لملمت هزبمتي وانتعلت شجني وخرجت الى الشارع بخطى هاربة حتى لا أسمع تنهيدة وجعي.هرولت مسرعة أبتعد عن استفساراتي التي تلاحقني بعيون تملؤها العتمة ويسكنها السؤال الأزلي.أسرعت أكثر لأخترق حاجز الزمن الكاتم على نفسي باحثة عن سرعة الضوء لأجد نفسي في مكان آخر وزمن آخر لا تفترس فيه الأحلام الجديدة.
حذائي كان أبكما لا يتكلم لكن حكاياتي تتداولها الأرصفة وتتهامس بها الجدران. ولا تتعب من تكرارها كواليس الغرف المظلمة.يبدو أن الأمكنة عشقت وجع حذائي و أطربتها تنهيدته المتكررة فأغواها أن تتجسس على ممراته الداخلية وتقتحم عالمه الرهيب.
ما أقساه زمني المفقود وخطواتي المنتعلة حذائي الصامت تبحث عنه.تعبت من الخطوات اللاهثة و زمني مازال نائما لا يصحو تغشاه عتمة الأموات وتلفه وحشة القبور.سأصبر على ضياعي أكثر ربما مازال زماني بعيدا أو منتظرا على أحد الشرفات التي لم أنتبه اليها حاملا وردة حمراء بيده وأمنية تائهة تأمل أن يحالفها الحظ يوما وتفتح لها أبواب السماء ولو خطأ حتى تمارس حياة حلمت بها طويلا.
أنهكني التعب وحذائي لازال صامدا لا يصرخ ولا يتكلم وأنينه مكتوم يداريه خلف أنفاق عميقة وسراديب لا أصل اليها ..لكن وفاءه عجيب .رفيق يلازمني ولا يفترق عني.
طلبت استراحة قصيرة ألملم فيها أنوثتي المبعثرة وأمنحها بعض الكبرياء الهارب عنها.أتلو عليها طقوسا حفظتها من مخزون الحكايات المتسللة ,أحيانا تنفع هذه الأساطيرالعجيبة لجمع أشلائنا وحفظها من التوهان.
اجتاحت قدمايا المثقلتان ببحثي العجيب أول مقهى للعناد وجلست على أول كرسي صادفها ترمي بتعبها عليه وتحمله شقاءها المتواصل.قدم النادل وقدم لي كأسا مملوؤة حتى النصف لأطفأ حرقة العطش القاتلة وأرطب شفاهي بقطرات من الأمل العذب..صمتي كان غريبا ربما تعلمته من حذائي الأبكم..حتى عبارات العرفان نسيتها ,,شرودي يكبلني وزمني أراه بعيدا بعيدا جدا والطريق اليه لا يمكن اختزالها ..يجب اكمالها خطوة خطوة.صمتي مرسوم بعناية فائقة نسجته يد فنان عظيم وارهاقي يتسلل عبر كل الفجوات ليعلن العصيان علي ومفتاح تحكمي أضعته في فوضى الوقت ..فتشت في حقيبة يدي المنهوكة من تعسفي عليها وأنا أركن فيها كل أشيائي التي تصورت أني أحتاجها في رحلة بحثي..تئن صامتة مثل حذائي.
يا لي من ظالمة أحمل كل أحبتي فوق طاقتهم لا أعبأ لأنينهم لأواصل هدفي.هل يغفرون لي زحمة الوقت و سباق الزمن ذلك البعد المفترس الذي لا نقوى أمامه على شيءتقودنا اليه المتاهات والطرقات التي هي مجرد تضاريس عمياء.
نسيت في لخبطة أحاسيسي النادل الواقف بأناقة ينتظر طلبي وابتسامة بلهاء تعلوه ولم أفق الا على سمفونية نحنحته العجيبة..لماذا هؤلاء الندال أغبياء يتحركون كالأصنام لا حياة فيهم..عفوا ليس كالأصنام ففينوس لازالت رمزا للجمال وعشتار رغم كل الأزمنة تعطي الخصب.انه أقرب الى الانسان هذا الكائن البشع الذي يمتهن وجع الآخر وتعتليه مازوشية بغيضة.نظرت اليه والى بقية المقهى الذي تختلط فيه الأجساد والأجناس واللغات.كوكتال عجيب من الأشياء المتطايرة التي لا يجمع بينها سوى هذا المكان الذي احتلته.اختنقت من هذا الاحساس الذي يمارس سطوته علي و لم أعد قادرة على التنفس.فجأة لاح لي البحر من نافذة المقهى المقابلة لي.كيف لم أنتبه أني وصلت الى هناك .غمز لي وأشار لي بالقدوم .حبيبي على بعد خطوات مني وأنا لا أراه ..يا ربي كم أنا جاحدة ..خرجت أجري أتعثر بالأجساد المبعثرة هنا وهناك ..وصلت الشاطئ رميت حذئي الذي لا يفارقني وألقيته بعيدا عني..كم كبلني وهذا وقت الخلاص منه.نزعت ثيابي ,كدت أمزقها وألقيتها لا أعرف أين..ارتميت في أحضانه أعانقه و هو يعانق لهفتي..وانقشع الغيم الصباحي لتعانق الشمس منتصف الحلم.


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


عنان عكروتي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2012/04/27



كتابة تعليق لموضوع : ظلــــــــــم الخطــــــوات
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 

أحدث التعليقات إضافة (عدد : 1)


• (1) - كتب : الشاعر سامح الجميل ، في 2012/05/02 .

اذا أردتِ الكتابة ****
تحياتي






حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net