التخطيط ليوم الغدير - ج٢
الشيخ محمود الحلي الخفاجي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
الشيخ محمود الحلي الخفاجي

إن الشخصية التي تملئ الفراغ الذي سيتعقب رحيل خاتم النبوات (صلى الله عليه واله ) هذه الشخصية لابد أن تتمتع بخصائص وصفات توفر لها القدرة الكافية لإدارة ومعالجة ازمات المجتمع ومشاكله، وهذا ما نراه واضحا في التصريح الذي صدر من النبي (صلى الله عليه واله) وهو يضع خارطة المستقبل لصيانة المشروع الالهي من خلال القيادة الشرعية( العنصر البشري) التي ستكون بثقلها الفكري والعقائدي مساوية، لاطروحة السماء ( القران الكريم ) بقوله (صلى الله عليه واله) اني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي اهل بيتي).
حيث اشار (صلى الله عليه واله) الى أن العترة عليهم السلام هي الثقل الموازي للقرآن الكريم والتي ستقوم بتطبيق وتنفيذ مفاهيم القرآن واحكامه بحذافيره في صفحة الواقع، ومعنى هذا انها ستشكل الضمانة الكافية بعدم وقوع الانحراف.
فالتشخيص للقيادة المنتخبة التي أعلن عنها في يوم الغدير، جاء كونه كشفا إعلاميا وتصريحا رسميا لها لغرض اكتمال مباني الدين ومفاهيمه وصيانته من ثقافة البيئة انذاك (بيئة الجاهلية) .
حيث ان هذه الشخصية التغيرية التي ستقوم بهندسة جديدة وتصميم جديد لتلك المجتمعات وادامة ذلك الزخم العقائدي واستمراره في النفوس، حيث أن المجتمع ينقسم الى عدة اتجاهات، (منه ما يتسم بكونه مجتمعا قبليا، ونقصد الفكر العشائري والقبلي الذي يعيشه ومنه ما يتسم كونه مجتمعا جاهليا وهيمنة الأفكار الجاهلية عليه، ومنها ما يستم كونه مجتمعا يعيش حالة النفاق، ومنه ما يتسم بكونه قد محض الكفر محضا ونصب العداء للإسلام) .
لذا فأن الإعداد لتشخيص خلافة النبوة وحمل مواريثها هو تشخيصٌ لأهداف هذا الدين وحفظ لهذه الأهداف من خلال تعيين الوسائل التي لها القدرة على تحقيق تلك الأهداف.
فالتخطيط للمرجعية التي ستعقب غياب خاتم النبوات(صلى الله عليه واله) هو في حقيقته شعور بوجود أخطار حقيقية عند رحيل خاتم الأنبياء (صلى الله عليه واله)، وأن الفراغ الذي سيتركة هذا الغياب ستملئهُ تلك الزعامات الهزيلة والتي تشكل قاعدة واسعة اجتماعيا (الحزب القرشي، المنافقون، الحزب الأموي، المشركون) وأهم دليل على ذلك هو انقلاب السقيفة.
إذن.. إن إعلان يوم الغدير معناه انتقال الصلاحيات الشرعية الى المكمل والحامل الشخصي لمواريث تلك النبوات الذي عُد مسبقا لهذه المهمة. فان انتقال تلك الصلاحيات الشرعية جاء وفق قاعدة اجتماعية اشار اليها القرآن الكريم(اخلفني في قومِ واصلح ولا تتبع سبيل المفسدين) حيث أن النبي موسى (عليه السلام) قال لأخيه هارون (أخلفني) ليكون خليفة من بعده لحفظ الرسالة الإلهية، وبنفس الملاك فان خاتم الأنبياء (صل الله عليه واله) قال: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) حيث وفق القواعد الاجتماعية والسنن الالهية اعد النبي (صلى الله عليه واله) من يكمل وظيفته (صلى الله عليه واله) في صيانة المشروع الالهي وحفظه من التزييف والإنحراف٠
شيخ محمود الحلي الخفاجي ٢٠ ج٢ /١٤٤٢ هج
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat