في مبدأ الشراكة تكمن المشكلة
صلاح الهلالي
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
بعد أن تجاوزت الأزمة السياسية التي يمر بها البلد مرحلة الحوار بين الفرقاء وبعد أن ضاقت مساحة الخروج بحلول توافقية كتلك التي نتج عنها تشكيل حكومة المالكي الحالية أصبح البحث عن حلول جذرية أمرا ً ملحا ًولابد منه لمغادرة الواقع السياسي المرير وإفرازاته على كافة الصعد فصفة المحاصصة التي جملها السياسيون وأسموها ( الشراكة الوطنية ) كانت سمة عامة اتسم بها المشهد السياسي منذ عام 2003 بل ذهب البعض إلى ابعد من ذلك حيث شكلت لديه هذه المحاصصة خط أحمر لا يمكن تجاوزه في اشد الظروف حرجا ً, بالرغم من إنها وفي أحسن الأحوال شكلت حلولا ( توافقية ) سرعان ما ولدت أزمات أصعب من سابقاتها بسبب إفرازات هذه الحلول التي ينظر إليها البعض بأنها جاءت مفروضة وان فيها حقوقاً سلبت بعد أن رجحت كفة على حساب أخرى بسب تحالفات واصطفافات بنيت على مكاسب واتفاقات ووعود متبادلة بمباركة وتدخل أطراف خارجية , وهذا مذهبٌ قد تثبته الأزمة الحالية فبالأمس القريب تشكلت الحكومة بعد أن تحالفت كتل نيابية من أجل تحقيق أغلبية نيابية تؤهلها لتشكيل الحكومة متجاوزةً ما حققته القائمة العراقية في الانتخابات , إلا أن التقاطعات بين مكونات التحالف الواحد بقيت ساكنة لتتفاعل بمجرد توفر الحافز لذلك فما أن توترت العلاقة بين حكومة إقليم كردستان وحكومة المركز بسبب المشاكل المتعلقة بالتعاقد مع الشركات النفطية العالمية والزوبعة التي أثيرت حول انعقاد جلسة مجلس الوزراء في كركوك حتى جرى التحضير من قبل أطراف سياسية كردية والقائمة العراقية صاحبة الحق المفترض المتنازل عنه في تشكيل الحكومة والتيار الصدري الذي يرى في حكومة المالكي شكل آخر للتسلط والنهج التفردي في إدارة البلاد مما يشكل انحراف في مسار العملية الديمقراطية الأمر الذي يستوجب تصحيح سريع يضمن وحدة الشعب العراقي فكان الاجتماع الخماسي الذي خرج بمقررات جرى التوقيع عليها من قبل الاطراف المجتمعة ومهلة الخمسة عشر يوم للمالكي لتنفيذها أو تسحب الثقة منه , انتهت المهلة دون التوصل إلى أي شيء لينعقد اجتماع النجف الذي أكد ما خرج عنه اجتماع اربيل الأول وبدأت حملة جمع التواقيع اللازمة لسحب الثقة عن حكومة المالكي ثم اجتماع اربيل الثاني الذي أوصى بضرورة استمرار العمل وحشد القوى البرلمانية لتمرير ما جرى الاتفاق عليه في هذه الاجتماعات , بالرغم من معارضة رئيس الجمهورية جلال طالباني لمشروع سحب الثقة من حكومة المالكي كونه صاحب الحق الدستوري في ذلك يجري التحضير لتجاوز عقبة موقف رئيس الجمهورية من خلال جمع التواقيع المطلوبة لاستجواب رئيس الوزراء وتسليمها إلى رئيس مجلس النواب مباشرة تمهيدا ً لسحب الثقة عنه , أن حراكا ً كالذي جرى ويجري غير موجود في أي تجربة ديمقراطية في العالم يجني من ما ورائها شعب كل هذه المشاكل والتأخير في كافة جوانب الحياة وتأزم في المواقف والذهاب إلى المجهول إلا في العراق والسبب هو ما يسمى بالشراكة الوطنية التي اقرها الدستور فلو كان شأننا شأن تجارب العالم الديمقراطية المتوسطة التي تعتمد تشكيل الحكومات وفق الأغلبية السياسية ما وصلت الأمور إلى ما وصلت إليه ولحافظت هذه الآلية على ثروات الشعب العراقي من الفساد والهدر من خلال وجود المعارضة النيابية القوية ولتحقق التقدم في كل المجالات التي يعاني منها الشعب العراقي اليوم من خلال المحاسبة والإقالة عند الإخفاق واعتماد الكفاءة لا الحزبية والانتماء الطائفي والقومي , عندما يكون الحال في البلد بحاجة إلى علاج جذري يجب أن يكون التشخيص دقيق والتجربة أثبتت على طول الأعوام السابقة أن حكومة الشراكة الوطنية فاشلة وان التحالفات فيها متقلبة باتجاه المصالح الفئوية فبمجرد أن تجد كتلة ضالتها مع كتلة أخرى تنقلب الموازين وتتوالد الأزمات واحدة ً تلو الأخرى , إن انتشال البلد من هذا الوضع المأساوي يتطلب وقفة تصحيحية جريئة من قبل الجميع تأخذ على عاتقها تصحيح المسار الذي اثبت فشله طوال حقبة الأعوام الماضية خطوات تصحيحية تبدأ من تعديل مواد الدستور ذات الشأن وإبداء التنازلات من قبل الأحزاب والكتل السياسية عند المصلحة العامة , والاهم من كل هذا أن يكون للمواطن العراقي موقف حاسم إزاء كل مما يجري لأنه المتضرر الوحيد.
قناتنا على التلغرام :
https://t.me/kitabat
صلاح الهلالي

قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat