صفحة الكاتب : مصطفى الهادي

الطواف بقصر يزيد.
مصطفى الهادي

المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.

 على طول التاريخ كان لكربلاء أسماء شتى منها : (كربلاء ، والغاضرية ، ونينوى ، وعمورا ، وشاطئ الفرات ، وشط الفرات، وورد منها في الرواية والتاريخ أيضا بإسم : مارية ، والنواويس ، وألطف ، وطف الفرات ومشهد الحسين والحائر ، والحير). ولكن لم تتجسد كربلاء إلا بعد أن دفن الحسين وأصحابه فيها، فظهر إلى الوجود اسمها وتسلل إلى القلوب حبها. وقد وصف جده العظيم النبي محمد (ص) أرض كربلاء في حديث صحيح بأنها بقعة من بقاع الجنة. فعن النبي (ص) قال عن كربلاء : (هي أطهر بُقاع الأرض وأعظمها حرمة، وإنها لمن بطحاء الجنة).(1)
إن لقول النبي (ص) دلالات عميقة جدا في حديثه الذي يقول فيه: (إن زيارة قبر الحسين تعدل عشرين حجة وأفضل من عشرين عمره). (2)
فالحسين (ع) مهوى الأفئدة وربيع القلوب. ولذلك نرى الحسين (ع) عندما شدّ الرحال إلى مكة عازما على الحج عدّل عن رأيه ولم يحج .فالحسين لم يذهب إلى مكة للحج عندما رأى أن أميرها يزيد وواليها خادم ليزيد ، وإمام حرمها تابعا ليزيد.وولاة الدولة الإسلامية كلهم من الموالين ليزيد ، فسّاق ومنافقين وانتهازيين.
الحج في جوهره رفض للشرك والنفاق والظلم وعبادة الأشخاص (وأذانٌ من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله بريءٌ من المشركين ورسولهُ).(3) ، فإن لم يرفض الحاجّ الظلم والظالمين وينبذ الشرك والمشركين، فهو لا يطوف إلا بأحجار، فرأى الحسين ان ترك الحج أولى لأنهُ تحول إلى (طواف بقصر يزيد، وولاء ليزيد)،لا بل ان دنيا الإسلام كلها أصبحت تطوف بقصر يزيد فقال قولته الشهيرة : (فعلى الإسلام السّلام إذا ابتُليت الأمة براع مثل يزيد).(4) فلم يذهب إلى الحج لأنه لا يُريد ان يطوف بقصر يزيد ولا أن يؤدي المناسك ليزيد ، وتوجه صوب مصرعه في كربلاء فحج إلى واد طوى فختم مناسكه بالشهادة فجعل الله تعالى أفئدة من الناس تهوي إليه وتزور مصرعه وتطوف بقبره وتتأسى به.لقد أرسى الحسين (ع) بحركته هذه قواعد الحج الصحيح وثبّت بذلك دعائم الإسلام الصحيح الرافض لزعامة الظالمين ، وأرسل رسالة إلى كافة المسلمين مكتوبة بالدم مغلّفة بالشهادة لازال صداها ينتقل عبر الأجيال المخلصة (هيهات منا الذلة) حتى يستلمها المنتظر لإقامة الأمتِ والعوج ، المُرتجى لإزالة الجور والعدوان.(5)
المصادر :
1- بحار الأنوار ، العلامة المجلسي . ج98 ص : 115.
2- فروع الكافي الجزء الأول ص : 324. و ثواب الأعمال ص : 52.
3- سورة التوبة آية : 3.
4- في كتاب الفتوح لأحمد بن أعثم ج5 ص : 17. (التقى الحسين (ع) بمروان بن الحكم وقد عارضه في طريقه إلى مكة، فقال: أبا عبد الله! إني لك ناصح فأطعني ترشد وتسدد، فقال الحسين: وما ذلك قل حتى أسمع! فقال مروان: أقول إني آمرك ببيعة أمير المؤمنين يزيد . قال: فاسترجع الحسين وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد).
5- في بحار الأنوار - العلامة المجلسي - ج ٩٩ - الصفحة ١٠٧، في دعاء الندبة يقول : (أين بقية الله التي لا تخلو من العترة الهادية، أين المعد لقطع دابر الظلمة، أين المنتظر لإقامة الأمت والعوج، أين المرتجى لإزالة الجور والعدوان أين المدخر لتجديد الفرائض والسنن، أين المتخير لإعادة الملة والشريعة، أين المؤمل لإحياء الكتاب وحدوده، أين محيى معالم الدين وأهله، أين قاصم شوكة المعتدين، أين هادم أبنية الشرك والنفاق، أين مبيد أهل الفسوق و العصيان والطغيان، أين حاصد فروع الغي والنفاق، أين طامس آثار الزيغ والأهواء، أين قاطع حبائل الكذب والافتراء، أين مبيد العتاة والمردة، أين مستأصل أهل العناد والتضليل والإلحاد، أين معز الأولياء ومذل الأعداء أين جامع الكلم على التقوى، أين باب الله الذي منه يؤتى، أين وجه الله الذي يتوجه إليه الأولياء، أين السبب المتصل بين الأرض والسماء، أين صاحب يوم الفتح وناشر راية الهدى، أين مؤلف شمل الصلاح والرضا، أين الطالب بذحول الأنبياء، أين المطالب بدم المقتول بكربلا، أين المنصور على من اعتدى عليه وافترى، أين المضطر الذي يجاب إذا دعى، أين صدر الخلائف ذو البر والتقوى).


قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat


مصطفى الهادي
 (للدخول لصفحة الكاتب إضغط هنا)

    طباعة   ||   أخبر صديقك عن الموضوع   ||   إضافة تعليق   ||   التاريخ : 2023/07/20



كتابة تعليق لموضوع : الطواف بقصر يزيد.
الإسم * :
بريدك الالكتروني :
نص التعليق * :
 



حمل تطبيق (كتابات في الميزان) من Google Play



اعلان هام من قبل موقع كتابات في الميزان

البحث :





الكتّاب :

الملفات :

مقالات مهمة :



 إنسانية الإمام السيستاني

 بعد إحراجهم بكشف عصيانها وخيانتهم للشعب: المرجعية الدينية العليا تـُحرج الحكومة بمخالفة كلام المعصومين.. والعاصفة تقترب!!!

 كلام موجه الى العقلاء من ابناء شعبي ( 1 )

 حقيقة الادعياء .. متمرجعون وسفراء

 قراءة في خطبة المرجعية : هل اقترب أَجلُ الحكومةِ الحالية؟!

 خطر البترية على بعض اتباع المرجعية قراءة في تاثيرات الادعياء على اتباع العلماء

 إلى دعاة المرجعية العربية العراقية ..مع كل الاحترام

 مهزلة بيان الصرخي حول سوريا

 قراءة في خطبة الجمعة ( 4 / رمضان/ 1437هـ الموافق 10/6/2016 )

 المؤسسة الدينية بين الواقع والافتراء : سلسلة مقالات للشيخ محمد مهدي الاصفي ردا على حسن الكشميري وكتابيه (جولة في دهاليز مظلمة) و(محنة الهروب من الواقع)

 الى الحميداوي ( لانتوقع منكم غير الفتنة )

 السيستاني .. رسالة مهدوية عاجلة

 من عطاء المرجعية العليا

 قراءة في فتوى الدفاع المقدس وتحصين فكر الأمة

 فتوى السيد السيستاني بالجهاد الكفائي وصداها في الصحافة العالمية

 ما هو رأي أستاذ فقهاء النجف وقم المشرّفتَين السيد الخوئي بمن غصب الخلافة ؟

 مواقف شديدة الحساسية/٢ "بانوراما" الحشد..

أحدث مقالات الكتّاب :


مقالات متنوعة :





 لنشر مقالاتكم يمكنكم مراسلتنا على info@kitabat.info

تم تأسيس الموقع بتاريخ 1/4/2010 © محمد البغدادي 

 لا تتحمل الإدارة مسؤولية ما ينشر في الموقع من الناحيتين القانونية والأخلاقية.

  Designed , Hosted & Programmed By : King 4 Host . Net