أرقام وملاحظات عن الوضع السكاني للعراق 2023 !!
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
باسل عباس خضير
المقالات لا تُعبر عن وجهة نظر الموقع، وإنما تعبر عن رأي الكاتب.
من المعروف للجميع إن العراق كان يجري تعدادا عاما للسكان كل عشرة أعوام ، واستمر هذا التقليد في السنوات 1947 - 1997 ، ولأسباب غير مقنعة ( للجميع ) توقف التعداد العام للسكان الذي كان من المفترض إن يقام ( كل 10 سنوات ) في عام 2007 و2017 ، فبعد 2003 كلما اقترب موعد التعداد العام للسكان وأعطوا وعدا وموعدا لإجرائه إلا وتأجل عاما بعد عام تحت مختلف الأعذار والأسباب وكأن هناك ( رغبة او إرادة ) بعدم إجراء التعداد العام بشكله العلمي المطلوب ، وقبل أيام نشرت وسائل الإعلام المحلية خبرا مفاده إن وزارة التخطيط أعلنت عن تأجيل التعداد السكاني في البلاد إلى شهر تشرين الأول من العام 2024 ، وقال المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية عبد الزهرة الهنداوي، بان تأجيل التعداد العام للسكان في عام 2023 سببه تأخر إقرار الموازنة لستة شهور فهناك حاجة إلى تخصيصات مالية لتغطية عملية التعداد السكاني لذلك تم تأجيل هذه العملية إلى العام 2024 بشكل اضطراري، ومن حق أحدا إن يسال لماذا إجراء الانتخابات النيابية او لمجالس المحافظات التي تجرى مرة كل أربع سنوات ممكنا وتوفر لها التخصيصات المالية في حين إن تعداد السكان الذي يجرى كل 10 سنوات لا تتوفر له ما يحتاجه من نفقات ؟ ، ورغم التأجيل المستمر والمتكرر للتعداد السكاني إلا إن وزارة التخطيط لم تتوقف عن إصدار مختلف الإحصاءات المتعلقة بالسكان وغيرها من قبل الجهاز المركزي للإحصاء او تشكيلاتها الأخرى ، وفي بداية العام الحالي أعلن المتحدث باسم التخطيط ، إن عدد سكان العراق بنهاية العام 2023 قدر بـ43 مليوناً و324 ألف نسمة ، وأشار إلى أن نسبة السكان بعمر أقل من 15 سنة بلغت 41% من مجموع السكان ، بينما كانت نسبة السكان للفئة العمرية 15-64 سنة 57% ، في حين بلغت نسبة السكان بعمر 65 سنة فأكثر 3%، وبلغ معدل النشاط الاقتصادي للسكان بعمر 15 سنة فأكثر 40% ، وقد بلغت نسبة الذكور النشطون اقتصاديا 87%، فيما كانت نسبة الإناث النشطات اقتصاديا 13% .
ولكون البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط يمكن التعويل عليها كونها المصدر الرسمي للإحصاءات وأرقامها الأقرب للواقع في ضوء الأدوات التي تستخدمها في استخراج تلك الأرقام والنسب رغم غياب او تغييب التعداد الفعلي منذ 26 عام ، فان من الممكن مناقشة بعض الأمور المهمة التي تخص ( واقعنا ) السكاني ، وأول ما يمكن الاهتمام به هو معدل الزيادة السكانية حيث تبلغ بنسبة مقدارها 2.6%، وهي عالية إذا قورنت بباقي دول المنطقة التي لا تتجاوز 2% ، وهذه النسبة تشير إلى زيادة عدد الولادات وانخفاض نسبة الوفيات رغم تأشير حالة الفقر في البلاد وتدني الحالة الصحية التي من المفترض أن تزيد فيها حالات وعدد الوفيات ، علما إن العديد من الدول تتجه لتقليل الزيادة السكانية ، إذ شهد عام 2023 تغيراً هاماً في ترتيب الدول من حيث معدل النمو السكاني على مستوى العالم الذي بلغ 1.0 ٪ ، ويصل المعدل في الدول الأكثر تقدماً إلى 0.1 ٪ ويكون بالسالب في دول مثل أسبانيا -0.1%، ألمانيا -0.04٪، في حين يرتفع المعدل في الدول النامية مثل النيجر 3.7%، الكونغو 3.2% ، وهناك اختلافا واضحا من حيث الفئات العمرية عند المقارنة مع التركيبة السكانية في العالم ، ففي العالم تبلغ نسبة السكان بأعمار من 0-14 سنة 26.3٪ في حين إنها في العراق 41% وهذا يؤكد ارتفاع عدد الولادات الحديثة في العراق ، وفي الاعمار من 15-64 سنة تبلغ النسبة العالمية 65.9٪ بينما تبلغ عندنا تبلغ 57% وربما يعني ذلك ارتفاع الوفيات عندنا في هذه الفئة العمرية ، أما الفئة العمرية 65 سنة فما فوق فإنها تبلغ 7.9٪ وعندنا لا تتجاوز 3% ، ورغم إن تقرير التخطيط لم يبين متوسط عمر الإنسان في العراق ، إلا إن دراسة أعدها البنك الدولي كشفت ، عن معدل عمر الإنسان العراقي يتراوح بين 69 - 73 عاما وعلى وفق الدراسة فان العمر المتوقع بالنسبة للذكور من العراقيين عند الميلاد هو 69 عاما فيما يبلغ العمر المتوقع للإناث عند الميلاد 73 عاما ، وان معدل الوفيات من البالغين الذكور في العراق يبلغ 184 من بين 1000 ذكر بالغ ، فيما يبلغ معدل الوفيات من البالغات من الإناث 128 أنثى لكل 1000 أنثى بالغة ، وما يحتاج التفسير أسباب انخفاض من عمرهم 65 فأكثر ل%3 وكم تبلغ نسبة الذكور للإناث بعد أن حصدت الحروب أرواح الكثير من مواليد 1957 فأكثر في الحروب ؟ .
وعلى المستوى العالمي فان التقديرات تشير إلى إن متوسط العمر المتوقع عند الميلاد 71 سنة للذكور، مقابل 76 سنة للإناث وفى الدول الأكثر تقدماً 77 سنة للذكور مقابل 83 سنة للإناث وفي الدول الأقل تقدماً 70 سنة للذكور مقابل 74 سنة للإناث وفى الدول العربية يبلغ المتوسط 69 سنة للذكور مقابل 74 سنة للإناث مما يعني إن معدل عمر العراقي ليس منخفضا كما يعتقد البعض ، ومن حيث الجنس ووفقا لمؤشر country meters العالمي ، فان عدد سكان العالم يصل لـ 8,045,311,447 مليار ، يشكل الذكور حول العالم بنسبة 50.5% بعدد 4.1 مليارات ، بينما سجلت النساء حول العالم 4 مليارات امرأة بنسبة 49.5% من العدد الكلي للسكان ، و حسب مصادر إحصائية متداولة يتوزع سكان العراق بواقع 50.5% للذكور و49.5% للنساء وهي نسبة مطابقة للنسب العالمية بهذا الخصوص رغم ما مر بالعراق من ظروف وحروب اضرت بالذكور أكثر من الإناث !! ، ووفقا لوزارة التخطيط 2023 تبلغ نسبة سكان العراق في المناطق الحضرية 69.9% ونسبة سكان الريف30.1%" ، وهي نسب تختلف عن الموجود في بعض البلدان ومنها مصر حيث تبلغ نسبة السكان في المناطق الريفية 55.4% من إجمالي عدد الأسر ونسبة الذين يقيمون في الحضر 44.6% من إجمالي عدد الأسر واختلاف النسبة في العراق يعكس واقع الهجرة المتزايدة للمدن والبحث عن الوظائف والأعمال الحكومية منها بالذات ، وتبقى هناك تساؤلات بخصوص الواقع السكاني في العراق منها ما يتعلق بان أسباب نسبة الذين أعمارهم 65 سنة فما فوق إلى 3% وبشكل لا يتناسب مع معدل عمر الحياة ، كما إن هناك تساؤلات يجب أن تقترن بالاهتمام والمعالجات عن أسباب انخفاض معدل النشاط الاقتصادي للسكان بعمر 15 سنة فأكثر إلى 40% رغم إن نسبتهم 57% من السكان ، ورغم ارتفاع نسبة الذكور النشطون اقتصاديا البالغة 87% و نسبة الإناث النشطات اقتصاديا 13% لان ذلك يؤشر ضعف الاستخدام الأمثل للموارد البشرية في سن العمل التي يتمتع بها بلدنا وتميزه عن كثير من البلدان سواء ما يتعلق بالذكور او الإناث الناشطين وغير الناشطين اقتصاديا ، وفي كل الأحوال فان ما تم التطرق إليه يؤشر حاجة بلدنا الماسة لإجراء تعداد فعلي وشامل للسكان خلال العام الحالي كما ورد في البرنامج الحكومي لوزارة التخطيط ، فمن خلال نتائج التعداد يمكن استخراج حقائق فعلية ومؤشرات لتكون الأساس في وضع الخطط والاستراتيجيات للسنوات القادمة ، فكفانا تقدير وتخمين وغياب لقيام التعداد السكاني لأسباب سياسية وغير سياسية ، سيما وان الدولة تقيم الوضع الأمني بأنه ( مستقر ) وهو من العوامل الأساسية لنجاح أي تعداد ، ويجب أن لا تكون التخصيصات المالية او غيرها من الأعذار عائقا في إجراء التعداد لأننا نعيش في ظل موازنة اتحادية انفجارية لثلاث سنوات ( 2023، 2024 ، 2025 ) وتتوفر فيها الأموال للتعداد .
قناتنا على التلغرام : https://t.me/kitabat